حنان بديع
كاتبة وشاعرة
(Hanan Badih)
الحوار المتمدن-العدد: 8279 - 2025 / 3 / 12 - 13:07
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
نسمع مرار وتكرارا عن مصطلح الفاشية، لكن ما هي صفات الشخصية الفاشية، وهل هي موجودة بوضوح في شخصيات تعيش معنا وحولنا؟
الحقيقة أن الفاشية صفات شخصية تؤهل أي شخص يتصف بها ليكون فاشيا بامتياز، وهي فيروس يجتاح الإنسان العربي بالذات، فالشخص الفاشي لا يرتضي إلّا مصدراً واحداً يستقي منه المعلومات، ويمثّل إطاره المرجعي الوحيد، كما أنه لا يتردد في ادعاء إحتكار الحقيقة، فيعتقد لدرجة اليقين أنّه وحده الذي يمتلك الحقيقة، بل وكلّ الحقيقة.
إنّها الشيزوفرينيا التي نعيشها في مجتمعاتنا، فكلّنا ندّعي الديمقراطية، وننادي بها في مجالسنا، في حين نمارس فاشيتنا في بيوتنا ومدارسنا ومؤسساتنا في أبشع صوره!
فنحن لا نمارس الفاشية في السياسة والدين فقط، لكن الأخطر والأهم أننا نمارسها في حياتنا الإجتماعية،،
وهو ما يسمى ب "الفاشية الإجتماعية"، كأن يضرب الزوج زوجته، وأن يتحكم الأب بأبنائه، أو أن يرهب المدير موظفيه، أو أن يقاطع الجار جاره لأسباب طائفية وعنصرية.
هذه السيكولوجية للشخصية التي لا تقبل الآخر، لها أصل تاريخي ولغوي، فقد كانت صفة «الفاشي» و«الديكتاتور» لفظين يطلقان على كل مَن يتبنى أو يعبر عن آراء مخالفة للمنظومة القيمية للمؤسسة السياسية والإجتماعية والإقتصادية، وبكل الأحوال فإن أساس الفاشية هو الغاء حرية الفرد بالإضافة إلى إعلاء التقاليد ورفض الحداثة كما تؤمن الفاشية بأن النقد لا يبني، بل يتسبَّب في التفرقة، بعكس المجتمع الحديث الذي يشيد بالخلاف باعتباره وسيلة لتطوير المعرفة. والأهم هو اعتماد نظرية المؤآمرة واضطهاد المختلفين، وبذلك يمكن اعتبار الفاشيين عنصريين إلى حدٍّ كبير.
فإذا كانت الفاشية أسلوب حياة أكثر منها حركة سياسية، هل من حقنا أن نفكر ونسأل، ترى إلى أي مدى نحن ضحايا مجتمع أو أفراد فاشيين يعيشون معنا وحولنا وهل نحن منهم؟
#حنان_بديع (هاشتاغ)
Hanan_Badih#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟