أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزالدين محمد ابوبكر - مقالات وجودية: هل يمكن دراسة ”السحر العربي“ وجودياً؟















المزيد.....


مقالات وجودية: هل يمكن دراسة ”السحر العربي“ وجودياً؟


عزالدين محمد ابوبكر

الحوار المتمدن-العدد: 8278 - 2025 / 3 / 11 - 23:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في البداية لماذا يكون السحر عربي؟ ؛ يكون السحر عربي ، عندما يكون النص السحري مدون بـ اللغة العربية ، أو فيه إشارات إلى هويّة الفرد المتحدث بـ اللغة العربيّة ؛ حيث نجد لـ السحر العربيّ جذورًا تاريخيّة عريقة ، ومؤثرات أجنبية ليست بـ القليلة ؛ بسبب احتلال العرب لبلدان الشرق والغرب ، لكن يجب الإشارة إلى وجود الكثير من التأثيرات اللغويّة ، في السحر العربيّ ؛ حيث نجد عند مطالعة المؤلفات المعاصرة المكتوبة في هذا المجال العديد من الكلمات الأجنبية ، البعيدة عن اللغة العربية ؛ مثل الألفاظ العبريّة والاراميّة ”الدخيلة“ ، على العربيّة ؛ وسبب وجود ، مثل هذه الألفاظ هو التفاعل الثقافي ، بين المتحدثين بالعربيّة ، وغيرها من اللغات الأجنبية ، مثل القبطية ؛ حيث نجد في اللغة العربيّة المصريّة ، العديد من الكلمات ذات الأصل القبطي ، وسبب ذلك هو عمليّة التفاعل بين الإنسان والآخر ؛ حيث تنتقل الكلمة من هذا إلى ذاك ، والعكس ؛ حتى تصل الكلمة لمرحلة الإنصهار وتفقد معناها الأساسي أو نطقها أو دلالتها ”الأولى“ ، بفعل الترجمة الركيكة أو التقارب الصوتي بين الحروف ، وعمليات الإبدال والشقلبة.

ويمكن القول بأن مصطلح "السحر العربيّ" ، يطلق على كل عمل سحري ، عثر عليه في حدود النطاق الجغرافيّ (للمتحدثين بـ اللغة العربيّة) ، وتم تدوينه بـ اللغة العربية ، عن طريق ساحر متحدث بـ تلك اللغة ، أو ساحر يستخدمها من أجل قوتها في الطقوس ، حتى وإن كان غير عارف لدلالة الكلمات والأسماء ، ويكون في هذا العمل ، من أساليب كتب السحر العربيّ القديمة من الزجرّات ، والتهديدّات ، والتعجلات .. إلخ ، والموتيفيات التاريخيّة والدينيّة المستمدة ، من القرآن الكريم أو التوراة أو الإنجيل وكتب التاريخ والسيرة ، أو من القصص الشعبيّة المأخوذة من الذاكرة العربيّة ، أو الثقافية لمكان صنع العمل السحري ، ومن المعروف أن الخامات المستخدمة في تدوين ، الكتابات السحريّة متعددة وتختلف من ساحر إلى آخر ، لكن تظل بعض المواد هي السائدة في بعض الأعمال السحريّة ، في عصر بعينه دون الآخر ، بفعل التغيرات المناخية ، أو الانتقالات السياسية ، أو الأزمات الدبلوماسية ، حيث تؤثر هذه العوامل ، على حركات التجارة وتناقل السلع ، مما يؤدي إلى تغيير الخامات ، وتبديلها بـ أُخرى.

أما بخصوص دراسة السحر ، من الناحيّة الفلسفيّة الوجوديّة ، فأجدها ممكنة ؛ حيث يمكن دراسة السحر العربيّ ، عن طريق دراسته وفهمه ، من المفاهيم الوجوديّة التاليّة :

• القفزة الإيمانية عند كيركجور ؛ حيث يقتضي الإيمان قفزة تجاوز كل ما نعرفه عن طريق اليقين العقليّ ، والإيمان في الأساس هو موقف قائم على الثقة والعهد (Trust & Commitment) ، ومن ثم فإن رجل الإيمان عند كيركجور ، هو من يتخذ مثل هذا الموقف في مواجهة العالم ، والعالم كـ كل هو سر غامض ، ولا يمكن إدراكة إلا على أنحاء جزئية ومفككة ، كي يولي هذا السر الغامض ثقته ، ويعطيه عهده ، لكن على الرغم من أن الإيمان ، يجاوز ما هو معروف فهو ليس شيئاً تعسفيًا اعتباطيًا ، وليس طريقته في تناول العالم قائمة على غير أساس ، فـ الإيمان ينشأ من استبصار جزئي ما ، وعلى أساسه يبني موقفه في الثقة والإلتزام تجاه الكل ، وكثير من الأديان تتحدث عن الإلهام ، وما الحادثة الملهمة إلا تجربة شديدة التأثير ، تخرج عن المسار المألوف للتجربة ، وتتخذ أساساً لتفسير الكل.¹

• القلق الوجودي عند هايدجر ؛ يستخدم مارتن هايدجر تعبير "القلق" ، في مؤلفه المثير "الوجود والزمن" ، ويرى أن القلق هو الطريق الملكيّ (مصطلح مرتبط بـ حياة هايدجر الريفيّة) إلى الأصالة التي تلهم «الحضور الإنساني» بأن يسأل عن معنى الوجود ، ومعنى وجوده نفسه ، والفرد من هذه النقطة عندما يكون مفتقراً إلى الثبات ، فإنه يحاول أن يجعل وجوده أكثر أصالة ، وهايدجر يرى أن خبرة القلق هي خبرة أساسية لكل فيلسوف ، لأنها تمكنه من الابتعاد عن تيّار الحيّاة الرتيبّة البليده ، التي يفرضها العيش وسط الناس عليه ، وتؤثر في تفكيره وقد تضره.²

• عبثيّة الحياة ؛ يتفق ألبير كامو مع سارتر ونيتشه ، في أن عالمنا مهما كانت الغايّة التي يحويها ، فإن الأفراد هم من يخلقونها (يكونون مفاهيمها وأشكالها) سواء وحدهم أو في علاقاتنا الإجتماعية ، لكن يرى كامو أن هذا يُعد مصدرًا لقلقنا ؛ فنحن نشتاق إلى غاية يقدمها كون يهتم ، لكننا (نحن الإنسانيون) لا نجد إلا سماء خاويّة ، ونجد كامو في مؤلفه الذي فسر فيه أسطورة سيزيف وجوديًا ، يُقدم عزاءًا وجوديًا لكل إنسان شعر بـ عبثيّة هذا الوجود ، عن طريق أسطورة البطل الإغريقي سيزيف ؛ بروليتاري الآلهة ، الصاعد والهابط ، وهو حامل لصخرة على جبل ، تلك الصخرة هي جائزة بالنسبة إلى سيزيف ، لأنها دليل تمرده على المجمع الإلهي ، وسيزيف بطل لأنه حول قدره وما كان عليه إلى إرادته ، ورؤيته التي جعلت وجوده يزداد أصالة ، لمعرفته لذاته ولوجوده.³

- مثال لدراسة السحر وجوديًا :
يمكننا دراسة السحر العربيّ وجوديًا ، عندما نفسر السحر كـ رغبة في السيطرة على المصير الفردي ، في العالم العبثيّ واللاعقلانيّ ، ومثال اليوم هو من أكثر الأمثلة تواجدًا في المجتمع المصري ، حيث حالة اليوم هي "حالة رد المطلقة" ، وبطلة قصة اليوم هي سيدة من محافظة الإسكندرية ، قد قام زوجها بـ تطليقها بسبب مشاكل بينها وبين أخت زوجها تكررت أكثر من مرّة ، وعندما طلقها زوجها (شفوياً) ، ذهبت عند امها التي تسكن في إحدى المناطق الريفيّة على أطراف محافظة الإسكندرية ، وحكت لها ما حل بها من مصائب ؛ وقبل أن تنهي كلامها أخذتها أمها إلى بيت الشيخة المبروكة ، التي أعطتها ورقة عليها أشكال ورموز سحرية ، ومعها أثر المطلوب (وهو الزوج) ، وطلبت منها (أي: السيدة المطلقة) أن تضع الورقة والأتر فوق مبخرة ، بها لبان دكر وميعة سائلة ، وتبخر بها في الساعة الأولى ، من يوم الثلاثاء ؛ عندما يكون القمر في طور الزيادة ، وبعد ذلك تقوم بتعليقها في الهواء على غصن إحدى الأشجار ، من أجل أن يردها زوجها وهو ندمان على فعلته.

والسحر المستخدم هنا ، يستخدم خاصية الاقتران (Contagious) ، وتقوم فكرة الاقتران ، على أن الأشياء التي ترتبط ، ارتباطاً وثيقاً بالشخص المراد سحره ، تحمل قبساً منه حتى لو انفصلت عنه ، ونجد فكرة الاقتران هذه معروفة عند الساحر والعميل بـ الأتر ، وغالبًا ما تكون الملابس الداخلية أو الجوارب (الشارابات) ، هي المتصدرة لكن هناك ، من يستعمل بقايا الشعر ، والأظافر ، وهذا يتوقف على التعليمات الطقوسية المصاحبة للعمل ، أو التي تكون نصًا مرجعيًا للساحر ، وغالبًا ما تكون أسماء الأشخاص مستبدلة بـ لفظ "فلان" ويكون الطلب "كذا ... وكذا ..." ، وفي الحالة الأخيرة يكون المطلب هو "رد فلانة إلى فلان ابن فلانة" ، وتكون متبوعة بـ أسماء ، أو كلمات ، أو رموز سحريّة ، لها قوة طقوسية وتتبعها صيغة الاستعجال ، ومن خلال بحثي وجدت عملاً سحرياً ، تتشابه صيغته وهدفه مع العمل سابق الذكر ، وهو مذكور في كتاب السحر الأحمر (وهو من كتب السحر الحديثة) ، لمؤلفه عبد الفتاح السيد الطوخي ، صـ ٨٠ ؛ ويستخدم فيه البسملة و أوائل سورة يس من أجل إمداد العمل السحري ، بفاعلية وقوة الآيات أما عن تعليق العمل في الهواء على غصن شجرة وتبخيره قبل وضعه⁴ ، فالمقصود هو جعل الزوج يأتي لزوجته ويردها ، طالما بقى العمل معلقًا في الهواء ، لكن إن سقط العمل السحري أو قام أحد بـ إفساده ، فهذا يعني عودة الزوج إلى حالته الأولى أي وهي كرهه لزوجته ، ولكي تتفادى الزوجة وقوع الأمر فعليها أن تقوم بـ تجديد فعالية العمل السحري ، عند الشيخة المبروكة ، التي تتقاضى آلاف الجنيهات بالمناسبة ؛ كل أول شهر عربي ، ومن ما سبق يتبين أن السحر ؛ قد يكون مثالاً على محاولة الفرد ، لخلق معنى (حتى وإن كان زائفًا) ، في عالم بلا معنى ، أو يمكن أن يكون تمرداً رمزياً على قوانين الطبيعة ، ومحاولة لإعادة تعريف الواقع ، وتغييره مما يشير إلى وجود رغبة لإعادة السيطرة من قِبل الفرد في هذا العالم العبثي ، لكن نجد الفرد الذي يؤمن بـ السحر هو فرد لديه قناعة (حتى وإن كانت خاطئة وغير عقلانية) ، تختلف عن قناعات القطيع البشري (تذكر الدلالة النيتشاوية للمصطلح) مما قد يجعلنا نعتقد أن الفرد ، في هذا الموقف يقترب من الوجود الأصيل ، لكن وجب الإشارة إلى أن غرض المقال هو غرض تعليمي ، يشير إلى وجود تراث غريب ومثير غير مسلط الضوء عليه ، ولعل تدوينة اليوم تكون دافعًا لدراسات أكثر توسعًا ، للسحر العربي وممارساته ومؤلفاته.

الهوامش :
1- صـ ١٠٢ ، الوجودية ؛ تأليف جون ماكوري ، ترجمة إمام عبدالفتاح إمام.
2- صـ ١٩٨١٩٩ ، مصطلحات الفلسفة الوجودية عند مارتن هايديجر : معجم ودراسة ؛ محمد عناني ، نسخة رقمية صادرة عن مؤسسة هنداوي عام ٢٠٢٣.
3- صـ ٥٥ ، الوجودية : مقدمة قصيرة جداً ؛ تأليف توماس آر فلين ، ترجمة مروة عبدالسلام.
4- صـ ٨٠ ، السحر الأحمر : دعوات ، تسخير ، استحضار ، فوائد مجربة ، وغير ذلك ؛ جمع وتأليف عبدالفتاح السيد الطوخي ، المكتبة الثقافية ، بدون تاريخ ، بيروت.



#عزالدين_محمد_ابوبكر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقالات وجودية: كيركجور ومواقفه الفلسفية
- مقالات وجودية: «المتصوف الغريب» ... مقاربات وجودية الجزء الث ...
- مقالات وجودية: «المتصوف الغريب» ، النِفَّريّ مقاربات بين الو ...
- «المتصوف الغريب» ... بدأ من العراق وانتهى في مصر: النِفَّريّ
- وقائع من العصر الذهبي المصري القديم : الجزء الثاني
- مقالات وجودية: هل يمكن قيام تفسيرية ”وجودية“ للآثار المصرية؟
- مقالات وجودية: كيركجور حياته وأثرها على فكره
- وقائع من العصر الذهبي المصري القديم
- هل سوف يُنهيها آتوم؟


المزيد.....




- -لا يوجد حل عسكري لهذه الحرب-.. روبيو يُعلن قبول أوكرانيا لو ...
- ترامب يشعل تفاعلًا بعرض سيارات تسلا أمام البيت الأبيض وأسهم ...
- الكشف عن مصير طيار بريطاني كاد يسبب -كارثة- فوق مصر
- القضاء الفرنسي يحاكم معلّمة بتهمة التحرش بتلميذة أقدمت على ا ...
- تصعيد جديد... ترامب يهدد كندا ويزيد الرسوم على الصلب والألوم ...
- موسكو: ملتزمون بالتعاون مع جميع بلدان القطب الشمالي بما فيها ...
- رئيس وزراء أستراليا يرفض الرد بالمثل على الرسوم الجمركية الأ ...
- غرينلاند.. المعارضة تفوز في الانتخابات البرلمانية
- لافروف: روسيا لن تقبل بوجود دول الناتو على الأراضي الأوكراني ...
- لارا ترامب: على الأمريكيين تقبيل أقدام إيلون ماسك ودونالد تر ...


المزيد.....

- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزالدين محمد ابوبكر - مقالات وجودية: هل يمكن دراسة ”السحر العربي“ وجودياً؟