أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزالدين جباري - فَرْقُ ما بين الأخلاق والأخلاقيات














المزيد.....


فَرْقُ ما بين الأخلاق والأخلاقيات


عزالدين جباري
(AZEDDINE JABBARY)


الحوار المتمدن-العدد: 8278 - 2025 / 3 / 11 - 18:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


" لا يمكن أن ننكر وجود علم، يتخذ الأخلاق، يوصفها نسقا من المعايير موضوعا له، وهذا العلم يحمل اسم (الأخلاقيات أو الإيثيقا)، وإن هذا العلم – شأنه شأن سائر العلوم الأخرى – يتوجه شطر معرفتنا، في حين أن موضوعه، أي الأخلاق، بِعَدِّها منظومة معيارية، تتوجه شطر إرادتنا."
Hans Kelsen, théorie des normes générales, PUF, 1966, notes 99n p : 456.
" الإيثيقا هي العلم التطبيقي الذي يُعنى بدراسة أنحاء الوجود الإنساني، وليس هو الأخلاق."
Gilles Deleuze, Spinoza, philosophie pratique.


الأخلاق والأخلاقيات:
تشير الأخلاق Moraleبشكل عام إلى مجموعة من المعايير والقيم والمبادئ التي توجه سلوك الأفراد داخل المجتمع. إن الأخلاق بهذا الاعتبار تظل شخصية حيث إنها تتأثر بالثقافة والدين اللذيْن يهيمنان في المجتمع، وبنوع التربية والتعليم الذي نشأ عليه الفرد، وأيضا عن طريق تجارب التنشئة الاجتماعية والخبرات الذاتية.
ولذلك يمكن القول، إن الأخلاق هي منظومة من القواعد والمعايير التي تعتمدها المجتمعات أو الأفراد لتوجيه الأفعال الإنسانية وتقييمها على أنها صحيحة أو خاطئة، وفقا لسياقات ثقافية واجتماعية محددة، وبعيدا عن التأمل الفلسفي النظري.
أما الأخلاقيات Éthique، فيُنظر إليها عمومًا على أنها فرع فلسفي يدرس المبادئ الأخلاقية ويحللها نظريا.
و تسعى الأخلاقيات إلى فهم وتحليل وتبرير Justification الأنظمة الأخلاقية، وكذلك إلى حل المعضلات الأخلاقية les dilemmes moraux. فالأخلاقيات تفحص أسس الأحكام الأخلاقية، ومباني النظريات التي تستند إليها السلوكيات التي تعتبر صحيحة أو خاطئة من الناحية الخُلقية.
وقد ظهرت مدارس فكرية أخلاقية مختلفة عبر تاريخ الفلسفة. ومن أشهر هذه المدارس الفلسفية، نجد المدرسة المشّائية حيث طَوَّرَ "أرسطو" مفهوم "أخلاقيات الفضيلة" والتي تُسمى أيضا "أخلاقيات السعادة". يرى إأرسطو أن الأخلاقيات تهدف إلى تحقيق هدف واحد أساسي هو "السعادة" ، وذلك من خلال تطوير جُملة من الفضائل، والتي يُعَرِّفها بأنها صفات تُمكّن الأفراد من العيش بانسجام مع أنفسهم ومع المجتمع.
وعلى صعيد آخر نجد اتجاه الفلسفة النفعية، التي دافع عنها فلاسفة أمثال جيريمي بنثام وجون ستيوارت ميل وسيدجويك، والتي ترى أن الأخلاقيات يجب أن تهدف إلى تحقيق أقصى سعادة أو رفاهية جماعية :
Maximiser le bonheur ou le bien-être collectif
ووفقًا لهذه النظرية، يكون الفعل صحيحًا من الناحية الأخلاقية إذا أدى إلى تحقيق أكبر قدر من السعادة لأكبر عدد من الأشخاص.
ولقد ناقش الفلاسفة على امتداد تاريخ التفلسف أصل وطبيعة الأخلاق. فـ"ديفيد هيوم" على سبيل المثال، يجزم بأن الأخلاق بشكل أساس إنما تعتمد على المشاعر والعواطف البشرية، ويرفض الاعتقاد السائد الذي يقضي بأنها قد تُبنى على أساسٍ من العقل الخالص.
فوفقًا لِـ"هيوم"، فإن الأحكام الأخلاقية تنبع من ردود أفعالنا العاطفية تجاه الأحداث والسلوكات والمواقف، ولا تُستخلص ضرورةً من الاستنباطات المنطقية.
وغالبًا ما يرتبط الفيلسوف الاسكتلندي ديفيد هيوم في هذه المسألة بصياغته التي أصبحت مشهورة باسم "مشكلة الما - هو / الما - يجب" "is/ought problem"
والفكرة هي أن البيانات أو التصريحات الواقعية factual statements "ما هو موجود" لا يمكن أن تؤدي مباشرة إلى بيانات معيارية أو توجيهية من قبيل "ما يجب"، أو "ما ينبغي أن يكون"، دون مبرر ضروري إضافي.
وبمعنى آخر، فعلى الرغم من أننا نستطيع ملاحظة الحقائق حول العالم، إلا أن هذه الحقائق وحدها لا تخبرنا كيف يجب أن نتصرف أو ما الذي يجب أن نقدره كقيمة.
فلكي ننتقل مِمّا "هو كائن" إلى ما "يجب أن يكون"، يظل من الضروري أن نلجأ إلى القيم، أو المبادئ الأخلاقية، أو الأحكام التي لا يمكن أن تُستمد ببساطة من الحقائق نفسها.
إن مجرد ملاحظة وجود المعاناة لا يقتضي تلقائيًا وجوب إزالتها، ما لم يُضَف إليها مبدأ أخلاقي يُقر بأن المعاناة أمر يجب تجنبه.
وتثير هذه المشكلة أسئلة عميقة حول طبيعة الأخلاق وكيف نبني أحكامنا الأخلاقية.
وعلى الصعيد المقابل، نجد فلسفة "إيمانويل كانط" التي تقدِّم رؤية عقلانية للأخلاق تتميز بالضرورة الكلية، حيث طوّر مفهوم "الواجب " Devoir أو "الأمر المطلق" Impératif catégorique.
إن الأخلاق من وجهة نظر "كانط" تقوم على مبادئ كونية Universelles، وهي مبادئ في مُكْنة العقل البشري أن يكتشفها، بحيث يتعيّن اتباعُها على كل فرد، وتُعَدُّ مُلْزِمة له بغض النظر عن رغباته الذاتية أو مصالحه الشخصية. وسوف نعود لنوضح بشيء من التفصيل هذه النقاط حين نتناول بالتحديد نظرية الأخلاق الواجبة.
وإذا شئنا الاختصار فإننا نقول: إن الأخلاق والأخلاقيات هما مفهومان مترابطان بالرغم من كونهما مختلفيْن. ففي حين تشير الأخلاق إلى القواعد والمعتقدات التي توجه السلوك الفردي، تهدف الأخلاقيات إلى التفكير الفلسفي المنظم حول هذه القواعد والمعتقدات. كما إن الأخلاق والأخلاقيات يُكَوِّنان أساس الفهم البشري لما نعتقد أنه "صحيح" أو "خاطئ" في الإرادة والسلوك، ويقدمان أٌطُرًا معيارية لحَلِّ المعضلات الأخلاقية في حياة الأفراد الشخصية والاجتماعية.
المراجع:
موسوعة المفاهيم الأساسية في العلوم الإنسانية والفلسفة.
David HUME, Traité de la nature humaine : Essai pour introduire la méthode expérimentale de raisonnement dans les sujets moraux (1739), Livre ІІІ, De La Morale, Partie І Section І,.
Barbora Bard’urovà, Evolution and ethics, Electronic journal for philosophy 2015, Vol.22/N° 01..



#عزالدين_جباري (هاشتاغ)       AZEDDINE_JABBARY#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لغم الوجود
- منطق الفقهاء
- الحداثة وفراغ الوجود .
- الظاهر والباطن، أو محنة الوجود.
- الحرية نداء الوجود
- مساواة أم تماثل ؟ بحث في الرؤيا الكونية.
- هل كل خطاب يحمل حقيقته في ذاته ؟
- في الموقف الفلسفي، أو الموقف من الحقيقة .
- في ماهية القول الفلسفي وضرورته .


المزيد.....




- السعودية.. انزعاج من ظاهرة افتراش أرض الحرمين يثير تفاعلا وا ...
- واشنطن تعلن انتهاء حظر المساعدات العسكرية وتبادل المعلومات ا ...
- برلمانية أوكرانية: سيرسكي يقيل جنرالا تلاحقه روسيا جنائيا
- زيلينسكي: أوكرانيا مستعدة لوقف كامل لإطلاق النار لمدة 30 يوم ...
- مستشار أمريكي سابق: قيادة أوكرانيا ستحاول تعطيل وقف النار با ...
- ترامب يعاقب ولاية أمريكية رفضت تنفيذ أمر أصدره بخصوص المتحول ...
- البيت الأبيض: لا تسامح مع المنحازين لمنظمات إرهابية
- سفن حربية لروسيا وإيران والصين تتدرب على تحرير سفينة مختطفة ...
- خطأ شائع نرتكبه في المطبخ يمكن أن يسبب الخرف!
- المكسيك تقرّ تعديلا دستوريا لمكافحة التدخلات الأجنبية


المزيد.....

- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزالدين جباري - فَرْقُ ما بين الأخلاق والأخلاقيات