أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامح سعيد عبد العزيز - كيف غيرت حرب العاشر من رمضان (أكتوبر 1973) موازين القوى في الشرق الأوسط؟














المزيد.....


كيف غيرت حرب العاشر من رمضان (أكتوبر 1973) موازين القوى في الشرق الأوسط؟


سامح سعيد عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 8277 - 2025 / 3 / 10 - 17:28
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لم تكن حرب العاشر من رمضان مجرد مواجهة عسكرية بين مصر وإسرائيل، بل كانت زلزالًا استراتيجيًا هزّ موازين القوى في الشرق الأوسط وأعاد تشكيل المشهد السياسي والعسكري في المنطقة. ففي يوم السادس من أكتوبر عام 1973، الموافق للعاشر من رمضان، اندفعت القوات المصرية والسورية في هجوم كاسح على الجبهتين، محطمة أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر" ومغيرة معادلات القوة التي سادت منذ نكسة 1967. لقد أثبتت هذه الحرب أن الإرادة الوطنية والتخطيط الدقيق يمكن أن يكسرا الغطرسة العسكرية، مما أعاد للعرب ثقتهم في أنفسهم، وفرض واقعًا جديدًا على الساحة الدولية.
التخطيط العسكري والضربة المفاجئة
استندت حرب أكتوبر إلى استراتيجية عسكرية دقيقة، حيث استطاعت مصر وسوريا تحقيق عنصر المفاجأة التامة في توقيت مدروس بعناية، مستغلين صيام الجنود العرب وانشغال الإسرائيليين بعيد الغفران. انطلقت الحرب في الثانية ظهرًا بقصف جوي كثيف شلّ مراكز القيادة الإسرائيلية، أعقبه زحف بري بطولي عبر قناة السويس، حيث اخترقت القوات المصرية التحصينات الإسرائيلية المنيعة في ساعات قليلة، مكبدة العدو خسائر فادحة. تحطيم خط بارليف، الذي كان يُعد أقوى خط دفاعي في العالم، كشف عن ذكاء التخطيط العسكري المصري، الذي استخدم خراطيم المياه بدلاً من القنابل لفتح الثغرات في الساتر الترابي الضخم، في خطوة عكست مدى عبقرية التفكير العسكري المصري.
مظاهر بسالة الجندي المصري وتأثيرها على مسار الحرب
لعب الجندي المصري دورًا أسطوريًا في هذه الحرب، حيث جسّد معاني التضحية والإصرار على تحقيق النصر، متحديًا كل الصعاب التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي. ومن أبرز مظاهر هذه البسالة:
• الروح القتالية العالية: خاض الجنود معارك ضارية بروح معنوية غير مسبوقة، مدفوعين بحلم استعادة الأرض والثأر لكرامة الأمة.
• الابتكار العسكري والتكتيكي: استخدم المصريون تكتيكات غير تقليدية، مثل تدمير الدبابات الإسرائيلية بصواريخ "ساجر" المحمولة على الكتف، مما جعلها عاجزة عن التقدم في الميدان.
• الصمود البطولي في المواجهات المباشرة: كما حدث في معركة المزرعة الصينية، حيث تصدى الجنود المصريون لهجمات إسرائيلية متكررة، محققين إحدى أعظم ملاحم الصمود العسكري في العصر الحديث.
انعكاسات الحرب على موازين القوى في الشرق الأوسط
1- انتهاء أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهر
قبل حرب أكتوبر، كانت إسرائيل تتباهى بقدرتها العسكرية الفائقة، لكن هذه الحرب جاءت لتكسر هذه الصورة الزائفة، حيث تلقى الجيش الإسرائيلي هزيمة قاسية، وانكشفت نقاط ضعفه أمام العالم. لقد أدركت إسرائيل لأول مرة أنها ليست بمنأى عن الهزيمة، وأن العرب قادرون على إعادة رسم المشهد العسكري متى امتلكوا الإرادة والتخطيط الجيد.
2- إعادة الثقة للعالم العربي
أعادت حرب أكتوبر للعرب ثقتهم في أنفسهم، بعد سنوات من الشعور بالضعف والانكسار عقب نكسة 1967. كان هذا النصر بمثابة رسالة واضحة بأن الوحدة والتخطيط السليم قادران على قلب موازين القوى، وهو ما انعكس في تصاعد الحركات التحررية في العالم العربي، وتزايد الدعم للقضية الفلسطينية.
3- تغير موازين القوى الدولية
دفعت الحرب القوى العظمى، وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، إلى إعادة تقييم سياساتها في الشرق الأوسط، حيث أدركت واشنطن أن دعم إسرائيل المطلق قد يؤدي إلى فقدان نفوذها في العالم العربي، بينما سعت موسكو إلى تعزيز تحالفاتها مع الدول العربية. وأدى ذلك إلى تدخل الدبلوماسية الدولية بشكل مكثف، مما مهد لاحقًا لاتفاقيات مثل فك الاشتباك بين مصر وإسرائيل عام 1974، ثم اتفاقية كامب ديفيد في 1978.
4- الصدمة الاقتصادية لإسرائيل وأثر النفط العربي
لأول مرة في تاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي، استخدمت الدول العربية سلاح النفط بفاعلية ضد الغرب، حيث قررت منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) فرض حظر نفطي على الولايات المتحدة والدول الداعمة لإسرائيل. تسبب ذلك في أزمة طاقة عالمية، أضعفت الاقتصاد الإسرائيلي وأجبرت القوى الكبرى على إعادة حساباتها، مما عزز النفوذ العربي في الساحة الدولية.
5- بداية المسار الدبلوماسي لحل الصراع العربي-الإسرائيلي
لم تكن حرب أكتوبر مجرد انتصار عسكري، بل كانت أيضًا نقطة انطلاق لمسار دبلوماسي جديد. فبعد تحقيق مكاسب استراتيجية على الأرض، وجدت إسرائيل نفسها مجبرة على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، مما أدى إلى إعادة سيناء لمصر بموجب اتفاقية السلام عام 1979. وهكذا، أثبتت الحرب أن القوة العسكرية يمكن أن تفرض واقعًا سياسيًا جديدًا.
واقولها بشكل مؤكد لقد غيرت حرب العاشر من رمضان (أكتوبر 1973) موازين القوى في الشرق الأوسط، ليس فقط بانتصارها العسكري، ولكن بتأثيراتها السياسية والاستراتيجية العميقة التي استمرت لعقود. فقد أعادت للعرب هيبتهم، وأكدت أن الإرادة الوطنية قادرة على تحدي أقوى الجيوش، وأثبتت أن التخطيط الجيد يمكن أن يحقق المستحيل. سيظل هذا النصر علامة مضيئة في تاريخ الأمة العربية، ودليلًا على أن الشعوب التي تؤمن بقضيتها تستطيع فرض إرادتها، مهما كانت التحديات.



#سامح_سعيد_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أكتوبر 1973 الحرب التى غيرت مجرى التاريخ
- دور التخطيط الاجتماعي في مجتمعاتنا المعاصرة
- أفتحوا أبواب النجاح بمفاتيح الفشل


المزيد.....




- سيلين ديون تحذر معجبيها من الأغاني المزيفة بواسطة الذكاء الا ...
- -مجموعة أو دولة تقف وراءه-.. إيلون ماسك يعلن عن هجوم سيبراني ...
- بسبب ضغوط ترامب.. العراق يخطط لشراء الغاز من قطر وعُمان بدلا ...
- كوريا الجنوبية.. صدور نتائج التحقيق الأولي في قصف القوات الج ...
- البرلمان العربي يهاجم إسرائيل في بيان بعد قطع الكهرباء عن غز ...
- مصر.. اتهامات بالتحرش تلاحق أحد القساوسة
- إعلام: أكثر من 30 دولة تشارك في محادثات باريس بشأن أوكرانيا ...
- زاخاروفا تعلق على إعلان الدنمارك بشأن إرسال قواتها إلى أوكرا ...
- بعد 80 عاما.. أحد الناجين من قصف طوكيو عام 1945 يروي لحظات م ...
- صحافي فرنسي يقارن مجازر الاستعمار في الجزائر بالإبادة النازي ...


المزيد.....

- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامح سعيد عبد العزيز - كيف غيرت حرب العاشر من رمضان (أكتوبر 1973) موازين القوى في الشرق الأوسط؟