أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد ع محمد - في قبضة الذئاب














المزيد.....

في قبضة الذئاب


ماجد ع محمد

الحوار المتمدن-العدد: 8277 - 2025 / 3 / 10 - 01:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا شك في أنَّ أهالي الساحل السوري عاشوا ظروفاً عصيبة خلال الحملة العسكرية الأخيرة للأمن العام على فلول النظام البعثي البائد في مناطقهم، بما أنه في سياق حملة المداهمة على أوكار ومواقع الفلول وقعت جرائم كبيرة وجرت انتهاكات فظيعة بحق المدنيين العزَّل من الأطفال والنساء والرجال. فعدا عن مقاطع الفيديو التي وثَّقت تلك الاعتداءات بالصوت والصورة، ظهرت للإعلام شهادات عن التجاوزات البعيدة عن الإنسانية أدلى بها عناصر من الأمن العام التابعين للسلطة الجديدة في سورية، وقد تحدثوا بالتحديد عن الفظائع التي ارتكبها فصيلا العمشات(1) والحمزات(2)؛ وفي هذا الجانب هناك من يرى أنَّ الحديث فقط عن انتهاكات العمشات والحمزات يأتي في إطار تبرئة باقي الجهات المشاركة في الحملة، وكذلك الأمر لإبعاد الشبهة عن الجهاديين الأجانب من الإيغور والشيشان والأوزبك، ولكن ليس من باب الانحياز أو التحامل على طرف محدَّد، فثمَّة فئات من المسلحين السوريين حالهم حال العاملين في المسالخ وأسواق السمك، حيث أنَّ روائحهم الكريهة تسبقهم أينما حطوا رحالهم. والسؤال المطروح هنا: إذا كان في ثلاثة أيام فقط من عمر تواجد فصائل العمشات والحمزات في تلك المنطقة جرت كل تلك الانتهاكات والجرائم عدا عن التعفيش بالغصب والإكراه للممتلكات المنقولة، فكيف إذن هو حال مَن يعيشون في ظل هذه الفئات العدوانية منذ ست سنوات؟!
إذ عقب سقوط النظام البعثي في دمشق بأسابيع معدودة، وتراخي القبضة الأمنية في منطقة عفرين بعد سيطرة الهيئة على مقاليد الحكم في البلد، استطاع البعض من سكان المنطقة المقيمين في حلب وتركيا العودة إلى عفرين لزيارة الأهالي والاطمئنان على أحوال من تبقى منهم في المنطقة ممن لزموا بيوتهم ولم يغادروها رغم الأهوال التي تجرعوها على يد (دعاة الحرية) طوال السنوات الماضية! وبالرغم من أنَّ الظروف الاقتصادية التعيسة كانت عامة وشملت كل مناطق سوريا، بل الظروف الاقتصادية في الشمال السوري كانت نوعاً ما أفضل من مناطق النظام البعثي البائد، إلاَّ أنَّ زوَّار المنطقة لاحظوا أنَّ من بقيوا في عفرين طوال السنوات التي قضوها تحت حكم (دعاة الحرية) ولم يموتوا قهراً كبعض ذويهم ومعارفهم! هم أكثر شيباً وتغضناً من أقرانهم المقيمين خارج المنطقة، وملامح الكِبر ظاهرة عليهم، ووجوههم عابسة وكأن أصحابها كانوا من قاطني المقابر أو نزلاء سجن صيدنايا ولا يعيشون في ظل (أحرار سورية)!
لذا راح كل شخص منهم يُفسر الوضع على طريقته وتصوره، منهم من قال: إن بُعدهم عن أقاربهم ومعارفهم وأحبَّائهم هو السبب، ومنهم من قال: إنَّ الظروف المعيشية الصعبة وقلة التغذية تركت بصمتها الواضحة على ملامحهم، ومنهم من قال: إنَّ الحرب تترك أثرها في أي مكانٍ تعبر منه مرور الكرام فكيف لهؤلاء وهم يعيشون أجواء الحرب أكثر من 13 سنة، ولأن أحد المحسوبين على الفصائل كان حاضراً أثناء التواصل عن بُعد، فخجلوا من النطق بالحقيقة في حضرته، فيقولون إن أصل البلاء جاء وبدأ منذ عام 2018 أي منذ أن وطأ (دعاة الحرية) تلك المنطقة، ما دفعني للإدلاء برأيي فقلتُ للحاضرين: هل سمعتم بالقصة التي أوردها العالم ابن سينا كنوع من التجربة العلمية عن الخروف والذئب؟ باعتبار أن هناك تشابهاً كبيراً بين الحالة النفسية لأهالي المنطقة وضمور الخروف في تجربة ابن سينا، قالوا: لم نسمع بها، فقلتُ: سأقرأها عليكم كما وردت في المدونات، فجاء في القصة أن ابن سينا وضع خروفين في قفصين منفصلين، الخروفان متساويان بالوزن والعمر ومن سلالة واحدة، ويتغذيان من نفس العلف، ولكن وضع ابن سينا قفص الخروف الأوَّل بجانب قفص فيه ذئب يشاهده يومياً، ويسمع صوته، ويشم رائحته؛ بينما الخروف الثاني وضعه في مكانٍ بعيد جداً عن قفص الذئب، لكي لا يشاهده ولا يسمع صوته ولا يشم رائحته؛ وبعد عدة أشهر مات الخروف الأوَّل الذي يشاهد الذئب يومياً بسبب الضغط والقلق والتوتر والخوف، هذا بالرغم من أنَّ الذئب كان في قفصه محبوساً، أي لم يفعل له شيئاً؛ بينما الخروف الثاني الذي لم يشاهد الذئب عاش بسلام وبصحة جيدة وظل يتغذى جيداً، ومن هذه التجربة استنتج ابن سينا أنَّ الخوف والقلق والتوتر المستمر كفيل بتدمير الصحة والجسم وقد تؤدي تبعات المكوث قِبال الذئبِ إلى الوفاة.
فأضفت أنَّ تجربة العالم ابن سينا يا اخوان تماثل تماماً الواقع الحقيقي للنموذين الذين أشرتم إليهما، أي الباقين في عفرين وأقرانهم المقيمين خارج المنطقة ممن كانوا من نفس الأعمار، حيث أنَّ الحياة في ظل (دعاة الحرية)! كانت أشبه بالعيش في قبضة الذئاب التي كانت تتربص بهم ليل نهار، وحال عموم الناس في المنطقة خلال الفترة التي أعقبت الغزو كان كحال الخروف الأوَّل الذي وُضِع بجانب قفص الذئب والذي مات بسبب الخوف والقلق والتوتر، بما أنَّ أكبر نسبة للوفيات بسبب القهر والحرقة والحسرة كانت في تلك الفترة، وذلك نتيجة حرمان أهالي المنطقة من حق الدفاع عن النفس بأي وسيلة كانت في ظل الفوضى المدروسة من قبل الجهة التي أرسلتهم، وانتشار ثقافة السلب والنهب والسطو المسلح التي أنعشتها فُرق الهمج من أمثال العمشات والحمزات من وقت سيطرتهم على تلك المنطقة المسالمة التي لم تشهد مثيلاً لذلك التسلط المقيت منذ جلاء الفرنسيين عن سوريا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. العمشات: فرقة السلطان سليمان شاه، بقيادة الأخوين محمد حسين الجاسم الملقب بــ"أبو عمشة" وأخيه "وليد".
2. الحمزات: فرقة الحمزة، بقيادة سيف بولاد الملقب بـ"أبو بكر". وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد فرضت في 2023 العقوبات على الجماعتين العسكريتين وقادة ومسؤولين فيها لتورطهما في "انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في منطقة عفرين"، الواقعة في أقصى الريف الشمالي الغربي لسوريا.



#ماجد_ع_محمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كمشة مفارقاتٍ سورية
- هل يأخذ عبدي بكلام البارزاني؟
- حفنة من كشكول المجريات
- عفرين لدى الإدارة الجديدة
- أيكون الشرع مانديلا سوريا؟
- الإرهاب المحبَّب والمكروه
- ما تبقى من سورية
- حذاقة الهيئة واستهتار الحُماة
- لو كان الداعي صادقاً
- في مديح العدو
- تفعيل ما تبقى من الطائف
- حياة الأوادم في الشمال
- التوافق على النكوص
- لأجل هذا خرجنا
- الامتثال لأوامر المعتدي
- مسارُ القطعانِ في السماء
- فعاليتكَ تُغيظ المتكلسين
- صفاقة المجلوب
- كونوا رحماء كالسيّاف
- الاستعراض الإيراني الناجح


المزيد.....




- -وول ستريت جورنال- تكشف هوية أقرب مستشار لنائب الرئيس الأمري ...
- في لحظة تاريخية مؤثرة.. عشرات الآلاف يلقون النظرة الأخيرة عل ...
- إيران تبدي استعدادها لمفاوضات نوويّة مع الترويكا الأوروبية.. ...
- لأول مرة في تاريخها - منظمة التحرير الفلسطينية تستحدث منصب ن ...
- نتنياهو: مستعدون لمواجهة إيران لوحدنا
- أوروبا.. توزيع التهم بين موسكو وواشنطن
- عراقجي يدعو لندن وباريس وبرلين للتفاوض
- شويغو: مجلس الأمن الروسي يعد مقترحات لتعديل استراتيجية الأمن ...
- الجزائر.. الحكم بالسجن 5 سنوات ضد المدير العام السابق للتشري ...
- الجثة الثامنة.. تجدد المخاوف من قاتل متسلسل في أمريكا


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد ع محمد - في قبضة الذئاب