كريمة مكي
الحوار المتمدن-العدد: 8273 - 2025 / 3 / 6 - 14:21
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
و هاهي بية تفاجئني بخبر السفر و مازلت لم أسعد بعد بنجاحها في الباك الذي جاء كبلسم لجراح تتوالى بلا هوادة.
لم تخبرني بنيّتها للسفر و كانت تعد له من سنتين.
كانت كتومة كوالدها و زاد اهتمامي الزائد بها في نفورها مني و إخفاء مخططاتها عني.
حاولت أن أضع مسافة بيننا بعد أن شيّبتني بخروجاتها و سهراتها ففشلت و كان تفوقها الدراسي عادة ما يشفع لها فأعود أراضيها و ألبي طلباتها المادية التي لا تنتهي.
هل دللتها أكثر من اللازم؟؟؟
هل كنت أستطيع أن افعل غير ذلك؟!
كانت تتأفف من تدخلي في شؤونها و مراقبتي إياها و اختارت معهدا غير المعهد الذي أُدرّس فيه لتكون على راحتها.
كنت لا أقبل و إلى الآن لا أقبل كيف أن مراهقة تسهر خارج البيت إلى منتصف الليل.
انغلبت على أمري و كنت في تفكير مدمّر فيها: هل نامت جيدا، هل أكلت جيدا... و هل ...و هل
و أطبخ لها فتترك أكلي و تأكل خارج البيت!!
و أشتري لها ثياب و أشياء أخرى فتتركها و تطلب مني المال لتشتري على كيفها.
كنت أخاف على صحتها و أتألم كيف يكون هكذا أسلوبها في الأكل و النوم و أرجح أن جينات أبيها غالبة عليها فذلك أيضا أسلوبه في الحياة الذي أتعبني.
فأنا أحبذ النوم الباكر و الصحو الباكر و لا أحبذ أكل المطاعم إلا نادرا لأني أتخيله دائما وسخا بأيادي عمال غير نظيفين و بمطابخ قذرة.
حاولت كثيرا أن أثنيها عن ذلك بأن أثير قرفها من محلات تبدو راقية و فخمة و مطابخها متسخة فتمتعض قليلا ثم تستمر في نهجها.
في الحقيقة أنها تفعل ذلك منذ صغرها: ترمي اللّمجة التي أعتني كثيرا في إعدادها لها و تذهب لأقرب محل أمام المدرسة لتشتري منه.
كذلك كان أبوها إذا ما جاءته دعوة لغداء أو عشاء ترك لي الطبق و خرج!! لولا أنه مذ داهمته الأمراض و صار متوجسا من تأثيراتها عرف قيمة الأكل الصحي الذي أجتهد فيه بعد أن أجمع علوم الأوّلين في التغذية و المعاصرين.
لماذا أنا هكذا؟!
لماذا هم هكذا؟!
لماذا لم يجمعني الله بمن هم مثلي أم أنه مكتوب عليّ أن أجتمع بمن يعذبني لأذوق طعم الشقاء و يطول، رغم الحب، بيننا هذا العناء.
*مقتطف من قصة ʺكنت سأكون زوجة للدكتاتورʺ تونس 2011
#كريمة_مكي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟