أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - خليل إبراهيم كاظم الحمداني - تعيين مستشار للمفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق : أزمة شرعية أم تكريس للفراغ المؤسسي؟















المزيد.....


تعيين مستشار للمفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق : أزمة شرعية أم تكريس للفراغ المؤسسي؟


خليل إبراهيم كاظم الحمداني

الحوار المتمدن-العدد: 8272 - 2025 / 3 / 5 - 09:52
المحور: حقوق الانسان
    


يأتي قرار الأمانة العامة لمجلس الوزراء بتعيين مستشار للمفوضية العليا لحقوق الإنسان في سياق أزمة مؤسسية متفاقمة تعيشها المفوضية، حيث تفتقد المؤسسة إلى مجلس مفوضين يدير شؤونها، ما يجعل هذا التعيين خطوة مثيرة للجدل من حيث الشرعية والجدوى. فبدلاً من حل الأزمة الهيكلية داخل المفوضية، يبدو أن القرار يمثل محاولة للهروب إلى الأمام، في ظل فشل مجلس النواب في أداء مسؤوليته الدستورية والقانونية في اختيار مجلس جديد، وهو ما يضع شرعية المفوضية وعملها على المحك.
إشكالية تعيين المستشار: هروب من الأزمة أم التفاف عليها؟
وفقاً للقانون، تعد المفوضية العليا لحقوق الإنسان مؤسسة وطنية تعمل بموجب مبادئ باريس، التي تشترط الاستقلالية والوضوح المؤسسي لضمان فاعليتها في حماية وتعزيز حقوق الإنسان. ومع ذلك، فإن غياب مجلس مفوضين يجعل تعيين أي شخصية جديدة، حتى لو كانت تحت مسمى "مستشار"، خطوة تفتقر إلى الوضوح القانوني والمؤسسي، إذ لم يُعرف وفق أي صلاحية تم هذا التعيين، ولمن ستكون استشاراته ذات جدوى؟
في الظروف الطبيعية، يكون المستشار جزءًا من هيكل إداري مكتمل، يرفد المؤسسة بآراء فنية وقانونية توجه صناع القرار فيها. لكن مع غياب مجلس المفوضين، يصبح هذا الدور ضبابيًا بل وربما بلا قيمة فعلية، إذ لا توجد سلطة مخولة بتلقي هذه الاستشارات أو العمل بموجبها. وهذا يثير تساؤلات جوهرية:
• هل يمكن اعتبار هذا التعيين محاولة لشرعنة استمرار المفوضية رغم غياب قيادتها القانونية؟
• هل يشكل خطوة أولى لإعادة تشكيل المؤسسة بعيدًا عن الآليات القانونية التي نص عليها القانون؟
• إلى أي مدى يمكن أن يؤثر هذا القرار على استقلالية المفوضية، خاصة إذا أصبح المستشار قناة غير مباشرة للتأثير الحكومي على أعمالها؟
الفراغ القانوني وتأثيره على شرعية عمل المفوضية
من الناحية القانونية، لا تزال المفوضية تعمل دون الإطار الرسمي الذي يمنحها صلاحياتها الكاملة. فمجلس المفوضين هو الجهة الوحيدة المخولة قانونًا بإدارة المؤسسة، وإصدار التقارير السنوية، واتخاذ المواقف الرسمية بشأن حالة حقوق الإنسان في البلاد. ومع غياب هذا المجلس، تصبح جميع القرارات والمخرجات الصادرة عن المفوضية محل تشكيك من حيث الشرعية والاعتراف بها.
الأثر الأخطر لهذا الفراغ القانوني هو أنه يجعل المفوضية فاقدة لشرعيتها الوطنية والدولية، حيث لا يمكن اعتبار تقاريرها أو توصياتها ممثلة عن مؤسسة وطنية مستقلة كما نصت عليه مبادئ باريس. وهذا يضعف دورها الرقابي، ويؤدي إلى تراجع مصداقيتها أمام الجهات الحكومية والدولية، مما قد يفتح الباب أمام استغلال هذا الضعف من قبل أطراف مختلفة لتعطيل عملها أو فرض أجندات غير مستقلة على قراراتها.
التداعيات السلبية: تقويض الاستقلالية وتكريس الهيمنة الحكومية
يمثل تعيين مستشار في ظل غياب مجلس المفوضين سابقة خطيرة قد تؤدي إلى نتائج سلبية على المدى الطويل، ومنها:
1. التأثير على استقلالية المفوضية:
o قد يكون هذا التعيين مقدمة لتكريس تدخل الحكومة في عمل المفوضية، خاصة إذا تم استخدام المستشار كواجهة لتمرير قرارات باسم المفوضية، دون أن تكون لهذه القرارات شرعية قانونية.
o يمكن أن يصبح المستشار قناة خلفية للتأثير الحكومي على توصيات وتقارير المفوضية، ما يقوض دورها كمؤسسة مستقلة يُفترض أن تمارس الرقابة على السلطات وليس العكس.
2. إضفاء شرعية وهمية على مؤسسة تعاني من الفراغ المؤسسي:
o تعيين مستشار قد يُستخدم كـ"حل بديل" عن تشكيل مجلس المفوضين، مما قد يؤدي إلى تأجيل الأزمة بدلًا من حلها، وإعطاء انطباع زائف بأن المفوضية لا تزال تعمل بشكل طبيعي رغم غياب هيكلها القانوني.
o هذا النهج قد يخلق سابقة خطيرة، حيث يتم تعيين شخصيات بصلاحيات غير واضحة لملء الفراغ، بدلًا من معالجة المشكلات الجوهرية المتمثلة في عدم تشكيل مجلس جديد.
3. إضعاف الدور الرقابي للمفوضية:
o بدون مجلس مفوضين، لا يمكن للمفوضية أن تؤدي دورها الرقابي على الحكومة بفعالية، حيث ستفقد تقاريرها أي صفة إلزامية أو رسمية.
o هذا الوضع قد يؤدي إلى تآكل ثقة المجتمع المدني والمنظمات الدولية في المفوضية، مما قد يجعلها مجرد هيكل إداري بلا تأثير حقيقي على حالة حقوق الإنسان.
4. إرباك المشهد الحقوقي والمؤسسي في البلاد:
o عدم وضوح دور المستشار يخلق حالة من الضبابية، حيث لا أحد يعلم لمن يقدم تقاريره أو من المسؤول عن تنفيذ توصياته.
o قد يؤدي ذلك إلى إضعاف جهود التنسيق مع الجهات الوطنية والدولية، حيث ستفتقد المفوضية الصوت الشرعي الذي يعبر عنها.
ما المطلوب؟ حلول جذرية بدلًا من المسكنات المؤقتة
بدلًا من اتخاذ إجراءات ترقيعية تزيد من تعقيد الأزمة، يجب التركيز على الحلول الحقيقية التي تعيد للمفوضية شرعيتها واستقلاليتها، ومنها:
1. الإسراع في تشكيل مجلس مفوضين جديد وفق معايير الشفافية والاستقلالية، بحيث يُعاد للمفوضية دورها الفاعل وفق القانون.
2. ضمان عدم تدخل الحكومة في قرارات المفوضية عبر تعيين شخصيات بمهام غير واضحة، مما قد يؤثر على استقلاليتها.
3. التأكيد على دور البرلمان في تحمل مسؤوليته وعدم السماح باستمرار هذا الفراغ المؤسسي الذي يقوض عمل المفوضية.
4. إعادة الاعتبار لمبادئ باريس من خلال التأكيد على ضرورة وجود مجلس مستقل وفاعل، يكون المسؤول عن إصدار التقارير واتخاذ القرارات المهمة.
خاتمة: نحو حل مستدام وليس مجرد إجراءات شكلية
إن تعيين مستشار للمفوضية العليا لحقوق الإنسان، في ظل غياب مجلس مفوضين، يعكس أزمة أعمق تتعلق بإدارة المؤسسات الوطنية، ويكشف عن مخاطر الانزلاق نحو حلول مؤقتة لا تعالج جذور المشكلة. إن تجاهل التحديات المؤسسية قد يؤدي إلى انهيار مصداقية المفوضية على المستوى الوطني والدولي، مما سيؤثر على قدرتها في الدفاع عن حقوق الإنسان بفعالية. المطلوب اليوم ليس مجرد تعيين أفراد في مناصب بلا صلاحيات، بل إعادة بناء المؤسسة على أسس قانونية سليمة، تحفظ استقلاليتها وتعزز دورها في المشهد الحقوقي.



#خليل_إبراهيم_كاظم_الحمداني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيداو و التوصية 40: هل تجرؤ الحكومات على إعادة تشكيل -خرائ ...
- العراق في مواجهة التقييم الدولي توصيات الاستعراض الدوري الشا ...
- عشقٌ مشروط، ووداعٌ محسوب: أمريكا ومجلس حقوق الإنسان
- العراق في الاستعراض الدوري الشامل تحت الأضواء مجددًا.. اختبا ...
- -أن تكون مثقفًا في بلاد تحاول أن لا تموت على مهل-
- -الكرامة الغاضبة: كيف يولد الغضب الثورات ويعيد تشكيل العالم- ...
- إعادة إنتاج الاضطهاد: قراءة مادية تاريخية للعنف ضد المرأة
- الفضاء الرقمي كساحة جديدة للعنف ضد النساء قراءة تحليلية في ا ...
- الديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية جدلية العلاقة وتحديات الت ...
- الديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية جدلية العلاقة وتحديات الت ...
- المجال العام والحق في المدينة: قراءةٌ نقديةٌ لـ هايبرماس ولو ...
- الهشاشة المتقاطعة: العنف ضد النساء من الأقليات والفئات المست ...
- إرث الأدوار: رحلة الجندر في مجتمع مأزوم ((حيرة الجندر الحزين ...
- إرث الأدوار: رحلة الجندر في مجتمع مأزوم ((حيرة الجندر الحزين ...
- المثقفون في زمن الإلتباس : هل خانوا الكلمة أم خانتهم الكلمة؟
- أنياب السياسة وقضم حقوق الإنسان
- -انحدار تصنيف المفوضية العليا لحقوق الانسان في العراق: هل ست ...
- “العالم بين الرؤية الاقتصادية ورؤية حقوق الإنسان- محاولة بنا ...
- الارتداد العنيف ضدّ المساواة بين الجنسين دراسة في الديناميكي ...
- العدالة المناخية: حقّ إنسانيّ في مواجهة تحديات القرن الحادي ...


المزيد.....




- حماس: الاحتلال يتبع نهجًا متعمدًا لقتل الأسرى في سجونه
- عراقيل تواجه عمليات ترحيل المهاجرين غيرِ النظاميين من أميركا ...
- هيومن رايتس تتهم إسرائيل بتجويع الغزيين مجددا وترجح -موتهم- ...
- الأمم المتحدة ترصد 110 ملايين دولار للتعويض عن الاقتطاع من ا ...
- حماس تحذر من استمرار نهج الاحتلال في استهداف الأسرى الفلسطين ...
- كيف تم اعتقال -المسؤول عن تفجير مطار كابل- واقتياده إلى واشن ...
- رهام اشتيوي.. حكاية قلب مثقل بالفقد والألم
- في يوم المرأة العالمي: نساء قطاع غزة ضحايا الإبادة الجماعية ...
- حماس: على ترامب الضغط على نتنياهو إذا كان معنيا بالإفراج عن ...
- أزمة إنسانية في غزة.. اليونيسف تدق ناقوس الخطر بسبب نقص الإم ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - خليل إبراهيم كاظم الحمداني - تعيين مستشار للمفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق : أزمة شرعية أم تكريس للفراغ المؤسسي؟