أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - أردوغان في قبضة ترامب هل يواجه مصير زيلينسكي أم يراوغ بذكاء؟














المزيد.....


أردوغان في قبضة ترامب هل يواجه مصير زيلينسكي أم يراوغ بذكاء؟


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8271 - 2025 / 3 / 4 - 20:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يمكن استبعاد احتمال أن يجد رجب طيب أردوغان نفسه يومًا ما في البيت الأبيض، ليس كحليف استراتيجي، بل كرئيس دولة تُفرض عليها الشروط كما حدث مع فلاديمير زيلينسكي. فعالم السياسة لا يحكمه المنطق الظاهري فحسب، بل تتشابك فيه المصالح والقوة والابتزاز بأدوات أكثر تعقيدًا مما يظهر على السطح.
إذا استمر أردوغان في تحدي المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط وسوريا، وواصل دعم الجماعات المتطرفة ومحاولة توسيع نفوذه عبر الحكومة السورية الانتقالية، في ظل شبه انعدام فرص إعادة العلاقات مع روسيا بعد أن استغل ضعفها في سوريا والمنطقة ونقض تعهداته معها، وكذلك مع إيران، واستمر في محاولاته لإخراج أمريكا من سوريا عبر استهداف قوات قسد، كل ذلك بينما يقف على أعتاب عزلة دولية متزايدة، فقد لا يكون بعيدًا عن مواجهة نفس السيناريو الذي عاشه زيلينسكي.
في هذه الحالة، لن يُعامل كطرف شريك في المفاوضات، بل ككيان يُعاد تشكيل حدوده السياسية وفق ما تقتضيه المصالح الكبرى، حيث تصبح تركيا ورقة قابلة للمساومة في إطار التوازنات الدولية، بدلًا من أن تكون قوة مستقلة تفرض أجندتها.
لكن، هل يمكن القول بأن أردوغان سيقع بنفس السهولة التي وقع بها زيلينسكي؟ الواقع أكثر تعقيدًا، فالسياسة ليست مجرد ردود أفعال متوقعة، بل هي مجال تحكمه الإرادة والقدرة على المناورة، صحيح أن زيلينسكي اعتمد بالكامل على المساعدات الأمريكية للبقاء في وجه روسيا، لكنه لم يكن يملك أوراق ضغط حقيقية على واشنطن، بينما تركيا، رغم تناقضاتها، تمتلك من النفوذ ما يجعلها لاعبًا يصعب تجاوزه بسهولة، تركيا كيان استراتيجي محوري في الجغرافيا السياسية للعالم الحديث، بموقعها بين الشرق والغرب، وتحكمها بمفاصل جيوسياسية تجعل منها عنصرًا فاعلًا لا يمكن استبعاده أو الضغط عليه كما حدث مع أوكرانيا.
رغم ذلك، فإن القوة لا تُقاس فقط بالموقع الجغرافي أو بالقدرة العسكرية، بل بمدى التماسك الداخلي والاقتصادي والاستقلال السياسي، وهنا نجد أن تركيا، رغم قوتها الظاهرة، ليست بمنأى عن الهشاشة التي قد تجعلها عرضة للضغوط الأمريكية، فبينما كان يتمسك أردوغان سابقا بسياسة اللعب على التناقضات بين واشنطن وموسكو، فإن تغير موازين القوى الدولية بدأ يقلب الطاولة عليه، خصوصًا مع التقارب الأمريكي الروسي، أو بالأحرى تقارب ترامب وبوتين، الذي قد يُعيد رسم حدود النفوذ بشكل يُضعف قدرة أنقرة على المناورة، مما يضع أردوغان في موقف مشابه لذلك الذي واجهه زيلينسكي، ولكن مع تبعات أكثر خطورة.
فالأمم، كما وصفها كبار الفلاسفة السياسيين، ليست مجرد كتل جغرافية، بل هي كيانات تحكمها المصالح العميقة والتاريخ المتغير، وكلما افتقدت الدولة إلى بوصلة استراتيجية واضحة، كلما باتت أكثر عرضة للضغوط الخارجية.
وهنا يبرز السؤال الجوهري:
هل يستطيع أردوغان الاستمرار في هذه المناورة دون أن تنقلب عليه قواعد اللعبة؟ السياسة ليست مجرد سلسلة من الأفعال وردود الأفعال، بل هي بناء استراتيجي طويل الأمد، وأي رئيس يخطئ في قراءة التحولات الكبرى يجد نفسه معزولًا في لحظة غير متوقعة.
في الواقع، تركيا رغم قوتها لا تستطيع تحمل صدام مفتوح مع الولايات المتحدة، لأن اقتصادها مرتبط بالنظام المالي الغربي، كما أن جيشها، رغم استقلاليته النسبية، لا يزال يعتمد على التكنولوجيا العسكرية الأمريكية والأوروبية، ولذلك، فإن قدرة أردوغان على المناورة أصبح في تراجع كبير، وأي مواجهة مباشرة مع واشنطن ستؤدي إلى عواقب وخيمة على استقرار تركيا واقتصادها وربما جغرافيتها الجيوسياسية.
المعادلة ليست لصالح أردوغان، بل ضده:
• تركيا أقوى من أوكرانيا، وأردوغان أكثر حنكة سياسية من زيلينسكي، لكنه ليس بمنأى عن الضغوط الأمريكية.
• تركيا تحتاج إلى أمريكا خاصة بعد خروجها من الحلف الروسي الإيراني، مما يجعل العلاقة مماثلة إلى حد ما لحالة أوكرانيا، التي تعتمد بالكامل على الدعم الأمريكي.
• إذا واصل أردوغان تحدي المصالح الأمريكية في سوريا والشرق الأوسط، فقد يجد نفسه مضطرًا لقبول إملاءات واشنطن، تمامًا كما فُرضت على زيلينسكي، ولكن بأسلوب مختلف وأكثر تحفظًا.
يبقى السؤال: هل يستطيع أردوغان تجاوز هذا الفخ بحنكته السياسية، أم أن قوة المصالح الدولية ستجبره على الخضوع؟
السياسة، هي فن الممكن، لكنها أيضًا لعبة التوازنات الدقيقة، حيث يكون البقاء للأذكى، لا للأقوى فحسب، فأردوغان، رغم حنكته السياسية، لا يستطيع تغيير حقيقة أن العالم لا يُدار فقط بالقوة، وليس بالانجرار خلف مصالح أنية بسيطة مقارنة بالتحالفات الدولية الإستراتيجية، بل بمن يملك مفاتيح المصالح الكبرى. فعلى سبيل المثال، تخليه عن العلاقة الاستراتيجية العميقة مع روسيا مقابل مكاسب آنية في سوريا، جعله يسقط في خلاف لن يغفره له الاستراتيجيون الروس، حيث لن تُنسى خيانته بسهولة في الأروقة السياسية لموسكو، وهذا تحديدًا ما ستستغله إدارة ترامب في تعاملها مع أردوغان، حيث سيتم التعامل معه كرجل يبيع حلفاءه عند أول فرصة، ولا يمكن الوثوق به في شراكة طويلة الأمد.
والسؤال الذي يبقى مفتوحًا هو: هل يدرك أردوغان متى يتوقف قبل أن يصبح هو نفسه ورقة تُلعب بها الدول الكبرى؟

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
1/3/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحليل واستنتاج خطاب القائد عبد الله أوجلان (دعوة السلام والم ...
- تحليل واستنتاج خطاب القائد عبد الله أوجلان (دعوة السلام والم ...
- ترامب وبينس إهانة للبيت الأبيض باسم السلام
- تحليل واستنتاج خطاب القائد عبد الله أوجلان (دعوة السلام والم ...
- تحليل واستنتاج خطاب القائد عبد الله أوجلان (دعوة السلام والم ...
- الجميع حضر في قاعة مؤتمر دمشق إلا الوطن!
- مخرجات المؤتمر الوطني السوري سلاح جديد في معركة تركيا ضد الك ...
- تركيا وإعادة إنتاج الاستبداد والدور الفاجر في صياغة مؤتمر ال ...
- تحويل القضية الفلسطينية من صراع قومي إلى أداة للتلاعب الإقلي ...
- كيف ابتلعت العروبة شعوبًا وحضاراتٍ بأكملها؟
- لماذا يتهافت الكورد على دمشق بدل فرض شروطهم من قامشلو؟
- الحرب النفسية والدعاية السوداء كيف تستهدف تركيا استقرار غربي ...
- ما بين التسوّل السياسي الكوردي والقيادة الحقيقية
- ميلاد كوردستان بداية الاستقرار والتعايش في الشرق الأوسط
- إعادة تشكيل الشرق الأوسط هل هو مخطط خارجي أم نتيجة بنية داخل ...
- إعادة تشكيل الشرق الأوسط هل هو مخطط خارجي أم نتيجة بنية داخل ...
- مؤتمر الحوار الوطني السوري تهميش للكورد ومخطط لإقصاء الحراك ...
- من متطلبات المرحلة تصعيد دور القيادة السياسية في الإدارة الذ ...
- آن الأوان لفصل المسار السياسي عن العسكري في الإدارة الذاتية
- تيه بين العدم والخلود


المزيد.....




- مصر: زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب شمال مدينة شرم الشيخ
- سوريا.. مظاهرة معارضة في السويداء تزامنا مع تفعيل قوى الأمن ...
- لوكاشينكو ينتقد ترامب: فكرة تهجير أهل غزة غير واقعية وفيديو ...
- صحة غزة تنشر حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- ضباط استخبارات سابقون لا يستبعدون -تهدئة- استخباراتية بين وا ...
- زيمبابوي تدق باب -بريكس- وتوقع مع روسيا اتفاقية بشأن تخفيف ع ...
- فيتسو: سلوفاكيا ترفض اقتراح الاتحاد الأوروبي تخصيص أموال لأو ...
- -نيويورك تايمز-: إدارة ترامب تبدأ حملة تسريح واسعة في صفوف و ...
- -رويترز-: إدارة ترامب تدرس خطة لتفتيش ناقلات النفط الإيرانية ...
- إصابة شخصين بانفجار في موقع لشركة -كونتيننتال- في هانوفر بأل ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - أردوغان في قبضة ترامب هل يواجه مصير زيلينسكي أم يراوغ بذكاء؟