أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيدة الرغيوي - الكاتب المغربي - حسن بيسي الحاجبي- وأسلوب السخرية في -جنازة رجل -.














المزيد.....


الكاتب المغربي - حسن بيسي الحاجبي- وأسلوب السخرية في -جنازة رجل -.


سعيدة الرغيوي

الحوار المتمدن-العدد: 8269 - 2025 / 3 / 2 - 20:14
المحور: الادب والفن
    


حسن بيسي الحاجبي*، من خلال "جنازة رجلٍ"** ..
اختار الكاتب والأديب"حسن بيسي الحاجبي"* لنصوصه السّردية عنوان"جنازة رجل"؛ وهو عنوان يحفِرُ فيه الكاتب لنفسه رمسا ليشيع ذاته..وقد جاء العُنوان مركبا من مفردة جنازة؛ والجنازة إعلانٌ عن الموت والانسحاب إلى عالم آخر يحيط به المجهول، ويصنف في إطار الغيبيات..بالجنازة تنتهي محطة الحياة المادية بكل ألوانها ومحطاتها وأصواتها ..وقد ألحق بالمفردة الأولى كلمة "رجل" حتَّى يرفع اللّبس عن طبيعة الجنازة ويوفر على القارئ رحلة البحث عن ماهيتها؛ فهي جنازة رجل..
يُصَدِّرُ الكاتب إضمامته القصصية بنص اجترح له عنوان : "عن ذاك الكلب أحكي"؛ وهو في هذا النَّص انتهج أسلوبا ساخراً تهكُّميا..إذ استدعى واقعة قتل أجنبية لكلب السَّارد ليحيل على المأساوية التي يعيشها الإنسان الكلبي،إذ تحضر الرَّمزية بقوة في هذا النَّص.
يكشف الكاتب "حسن بيسي الحاجبي" عن دُونية الإنسان في مجتمعنا؛ من خلال استدعاء المكانة الرَّفيعة التي يحظى بها الكلب/ الكلاب في المجتمعات الأخرى..فعندنا أسمج النُّعوت والأوصاف هي التي تحيل عليها عبارة " كلب"/"كلاب..فكلابنا غير كلابهم..تلبس هنا اللُّغة أقنعةً لتقول الْكثِير..
إنَّ الكاتب من خلال توظيفه لمعجم الحيوان: "الكلب،الكلاب هاوهاو..كلابنا..كلبكم..كليب،نبح،...الخ..يجعل من الكلب شخصية في النَّص السَّردي؛ وهاجسه الكشف عن ملابسات التَّعامل مع الإنسان والحيوان، فكما نعلم الكلب في المجتمعات الغربية يحظى بمكانة وشأو رفيع، ويجرم ويعاقب كل من يمسُّ بحقوق الحيوانات؛ بَيْدَ إنَّه في مجتمعاتنا يتَحوَّلُ الكائن الإنساني إلى كلب؛ والكلب عندنا يستعمل كسبة وكصفة، ونعت قدحي؛ وفيه من إشارات الإذلال والاحتقار الشَّيء الكثير..وهذا ما أراد المُبدع عن يكشف عنه من خلال المقابلة بين كلابنا وكِلابهم.
الرَّمزية حاضرة بِقُوَّة في النَّص، فلم يوظف مفردة "الكلب" عبثا..بل أراد الكاتب بتوسله بالرَّمز أن يُحِيلَ على قدسية الحيوان، واحتقار ودونية الإنسان..
كما يكشف عن نظرتنا للكلب، ونظرتهم له..فنحن مجتمعات يحضر فيها الكلب كسبة وإشارة إلى الاحتقار ..فكلما أردنا أن نحتقر إنساناً ننعته بمفردة " كلب" لذلك استحضر في هذا السِّياق الهزيمة النَّكراء التي انتهى إليها حاكم عربي؛ وإن لم يذكره بالاسم؛ فقد أشار إليه بأحد أقواله المأثورة : "بيت..بيت ، دار ،دار، زنكة، زنكة ص ١٤ من المجموعة القصصية.
فحضور مفردة "الكلب" كما ألمحت؛ تصبح مؤشرا دالا على كل مُحْتقَرٍ وذَليلٍ ..ويختم النَّص بقوله في ص ١٤ :
"...عند المساء، كان الخبر قد نبأ إلى مسمع العالم، مات الكلب الضَّاري، مات لا حتى كما تموت الكِلاب، مات في المجارِي".
وهنا الْكاتِبُ يُحَوِّرُ سِياقا واقعيا بتوسل الكلب كشخصية لتمرير خطابه ورِسالته..فكما يقال: " إلى مزبلة التًّاريخ تُشيًّعُ جنائز النتنة سِيَرهم" ..إنَّ اللُّعبة السَّردية في هذا النص شُيِّدت وفق حبكة قوية عمادها التَّرميز والإشارة..وهنا وإن لم يتبدَّ عنوان المجموعة بشكل واضح..فهناك قرائن دالَّة تجعل من كل نص في المجموعة تتزيا وتتسربل بتيمة الجنائِزية ..جنازة رجل انتهى، ومات في المجارِي ..لم تكن جنازة إنسان ولا حتى كلب ضارٍ ..فالمجاري هنا إشارة قوية إلى النَّتانة والنجاسة، والاتساخ..فالكلاب تعيش وتموت مطاردة ..وعندما يَتحوَّلُ هنا الكائن الإنسانِي إلى كلبٍ، تنتفي إنسانيته، ويطرده التَّاريخ..وأورد الأديب :حسن بيسي الحاجبي"، في هذا النَّص أن المطالبين بالكرامة والخبز، كانوا يُجابَهُون بكائن كلبيٍّ؛ ينبح فيهم قائلا من أنتم ..فقوبل هنا المطالبين بالحُرية والكرامة بالنُّباح، وبالتوعُّدِ بالمطاردة كما الكِلاب.
لقد جعل المبدع والأديب "حسن بيسي الحاجبي"، عنوان المجموعة القصصية عنوانا للنَّص الأخير؛ والذي جعل جزءا منه أيضا على ظهر خلاف المجموعة، فالسَّارد يشيع جنازته، وهو حي يرزق؛ وهو بهذا يتهكم ويسخر من الواقع وتناقضاته..فلم يترك للآخر المريض الفُرصة ليكتب نعْيه؛ بل طفقَ في كتابته على هاتفه النقال وجلس ينتشي بفنجانه و بوقع خبر النعي.

الهوامش:
*- حسن بيسي الحاجبي،كاتب أديب وإمام خطيب، من مواليد ١٩٦٣ بالعاصمة الإسماعيلية مكناس.
من إصداراته :
- الدُّر المتناثر من خطب المنابر؛
- على بيتك طليت؛
- خطبة الجمعة بين أزمة النَّص وجدليَّة الخِطاب؛
- نسائم قرآنية، في آيات الرّحمان؛
** - جنازة رجل، حسن بيسي الحاجبي، قصص، دار بصمة للنشر والتَّوزيع، الطبعة الأولى ٢٠٢٤م.



#سعيدة_الرغيوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية في انتظار مارلين مونرو للأستاذ والروائي المبدع - محمد ...
- الدكتور - عبد الرحمن بن زيدان - و الاشتغال الجمالي على موضوع ...
- تَعالُقُ الذَّاكري والسَّرْدِي السِّيري في كتابِ : - جُرْحُ ...
- رواية - أقفاص- للكاتب المغربي- حسن إمامي- : سيرةُ حَيَاةٍ وأ ...
- الشاعرُ القس - جوزيف موسى إليا- يرسُمُ قَدره الشعري؛ صوته ال ...
- الشاعرة المغربية - خديجة بوعلي- واقتفاء صوت الذات في مجموعته ...
- الشاعرة المغربية - خديجة بوعلي- تقتفي صوت الذّات في مجموعتها ...
- الفَنُّ والإبْدَاعُ التَّشْكيلي عِندما تُداعبُهُ أنامل أنثى ...
- نور الدين ضِرار وزخات من المطر الأخير إنصات وتأملات شعرية... ...
- الشاعر المغربي -نور الدين ضِرار - وزخّات من المطر الأخير..تأ ...
- مصطفى ملح شاعر يحتفي بالشِّعر من خلال السرد والتّخييل (( شِع ...
- الشاعر المغربي عبد الحق بن رحمون في رحلة من منبع الماء إلى س ...
- ٱلْكاتبة ٱلْمسرحية -حياة اشريف- تتأرجح في كتابته ...
- ٱلْكاتبة ٱلْمسرحية -حياة اشريف- تتأرجح في كتابتها ...
- قراءة في مسرحية - ٱحتفال ٱلْجسد- للدكتور - محمد ...
- الشاعرة المغربية - سعاد الناصر- ورحْلة الْحَرْف الْعِرْفَانِ ...
- الكتابة النسائية بين الذاتية والانفتاح على المحيط وقضاياه رو ...
- فيلم -الهائم- للفنان نور الدين بن كيران خيوط ذاكرة بين ...بي ...
- المركب السيَّاحي -بن يعكوب- بجماعة لمريجة بإقليم جرسيف أُنْم ...
- إسدال السِّتار على النسخة الثالثة لسينما الهواء الطلق بتازة ...


المزيد.....




- فيلم -أنورا-.. الروسوفوبيا طريقا أكيدا للحصول على 5 جوائز أو ...
- الأوسكار 2025.. مايكي ماديسون تسرق الأضواء من ديمي مور
- فيلم فلسطيني إسرائيلي يحصد جائزة أوسكار أفضل وثائقي
- فيلم -أنورا- يهيمن على جوائز الأوسكار.. وبرودي أفضل ممثل
- -بذرة التين المقدس-.. فيلم إيراني صور سرا ونافس على الأوسكار ...
- ليلة كبيرة لفيلم -Anora-.. القائمة الكاملة للفائزين بجوائز ا ...
- -في ظل السرو-.. فيلم إيراني يحصد جائزة الأوسكار لأفضل فيلم ر ...
- جاي بيرس يدعم فلسطين بدبوس -فلسطين حرة- في حفل الأوسكار 2025 ...
- بمشاركة روسية.. فيلم -أنورا- يحظى بجائزة -أوسكار- لأفضل فيلم ...
- -لا أرض أخرى-.. فيلم فلسطيني-إسرائيلي يظفر بأوسكار أفضل وثائ ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيدة الرغيوي - الكاتب المغربي - حسن بيسي الحاجبي- وأسلوب السخرية في -جنازة رجل -.