أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال الربيعي - التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 78















المزيد.....


التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 78


طلال الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 8259 - 2025 / 2 / 20 - 02:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


غريزة الموت لدى بيون وماركسية الروباتات!

يعتقد جميع أتباع فرويد أن تجارب الطفولة تشكل البنى النفسية للبالغين. وقد وجدت المحللة النفسية كلاين, كما شرحت في الحلقة السابقة, طرقاً لفحص هذه البصمات المبكرة حتى أثناء تشكلها. وقد أدهشتها اكتشاف مدى انخراط الأطفال بشكل مكثف في عالم خيالي مليء بالشخصيات المخيفة والوحوش التي تستثمر مشاعر عنيفة وعاطفية شرسة. وقد منحها عملها المطول مع الأطفال الصغار جداً بصيرة عظيمة فيما أسمته "العالم الداخلي" من "الأشياء الداخلية" المتجاورة مع العالم الخارجي من الأشياء الخارجية. وكانت قادرة على ملاحظة كيف يقوم الطفل بإسقاط هذه الأشياء الداخلية والمشاعر المرتبطة بها على الأشياء في الغرفة حيث تم إجراء العلاج باللعب اثناء جلسة التحليل النفسي مع الطفل، وكذلك على المعالج. وبتطبيق رؤاها على المرضى البالغين وجدت كلاين نفس النوع من السلوك الإسقاطي والخيالات اللاواعية في العمل. إن الإسقاط والإدخال (التبني اللاواعي لأفكار الآخرين أو سماتهم الشخصية) ــ أي الحركة بين العالمين الداخلي والخارجي، والمعاني التي تم بناؤها من خلال هذه الحركات والاستثمارات العاطفية ــ لهما مكانة مركزية في نظريتها.

لقد تمكن أتباع كلاين وما يسمى باتباع التطور النيوكلايني (الكلايني الجديد), مثل هانا سيجال وهربرت روزنفيلد ووينفريد بيون من استخدام أفكار كلاين بفعالية في عملهم مع المرضى المضطربين عقلياً والذين كان يُعتقد أنهم غير قابلين للعلاج بالطرق الفرويدية. وفي عملية توسيع نطاق التحليل النفسي، ساهموا بشكل كبير في معرفتنا باضطرابات الفكر والمنظمات الدفاعية البدائية. واليوم، عمل أتباع النيوكلاينية ـ بيتي جوزيف وإليزابيث بوت سبيليوس ومايكل فيلدمان وجون شتاينر ورونالد بريتون، على سبيل المثال لا الحصر ـ على تحديد المنظمات الدفاعية المعقدة والبدائية التي تمنع الحركة الصحية المتبادلة بين الإسقاطات والإدخالات الضرورية للنمو النفسي والرفاهية. وتتمثل موهبتهم الخاصة في قدرتهم على فهم وتفسير الحاضر ـ ما يحدث بين المحلل والمريض من لحظة إلى أخرى. يسمح التأثير العاطفي لهذا العمل بالتغيير النفسي في التنظيم الدفاعي للمريض بحيث يمكن تحرير التبادل بين العالمين الداخلي والخارجي وتصبح التصورات الواقعية ممكنة بشكل أكبر.

ويلفريد بيون
Wilfred Bion
https://psychoanalysis.org.uk/our-authors-and-theorists/wilfred-bion
هو من أتباع مدرسة كلاين الجديدة، ويعتبر نظرية الدافع المزدوج (الحياة والموت) التي طرحها فرويد أمراً مسلماً به. إلا أنه يغير معناها بطرق أساسية تسلط الضوء على بعض الافتراضات والمعاني الحاسمة التي تشرح التطبيقات السريرية لمدرسة كلاين في التحليل. والافتراض الأساسي لمفهوم كلاين الجديد هو العلاقاتية المتأصلة في الشخص. لقد توسع بيون في عمل كلاين من خلال التأكيد على الجوانب العلاقاتية والتنموية للتفكير. فقد رأى أن القدرة على التفكير تنشأ من احتواء التجارب الحسية والعاطفية الخام، والتي أطلق عليها عناصر بيتا.

في بحثه "نظرية التفكير"
A Theory of Thinking
https://www.ccc.ox.ac.uk/sites/default/files/2022-01/Bion-W.-1967.-Second-Thoughts.-London-Heinemann-Medical-Books.-pp.-178-186-Chapter-2-Theory-of-Thinking..pdf
يتحدث ويلفريد بيون عن البيانات الحسية الخام و"العناصر غير المكتملة" التي يتعين تحويلها إلى عناصر ألفا بواسطة وظائف ألفا. هذا الوصف هو مقدمة لما أطلق عليه لاحقًا عناصر بيتا. استخدم مصطلح عناصر بيتا لأول مرة في التعلم من التجربة: إذا تعطلت وظيفة ألفا وبالتالي أصبحت غير فعالة، فإن الانطباعات الحسية التي يدركها المريض والعواطف التي يختبرها تظل دون تغيير يطلق عليها عناصر بيتا. وعلى النقيض من عناصر ألفا، لا يُنظر إلى عناصر بيتا على أنها ظواهر، بل أشياء في حد ذاتها.
كثيرًا ما يتحدث بيون عن عناصر بيتا، وانطباعات حسية خام، وبيانات عاطفية خام. عناصر بيتا ملموسة للغاية. إن المشاعر التي يشعر بها الرضيع في هذه المرحلة هي أشياء داخلية سيئة لا يمكن التعامل معها إلا بالطرد-الاسقاط. ويؤكد بيون أن المشاعر التي تفرزها وظيفة بيتا يتم الشعور بها أيضًا كأشياء مادية.

هذا امتداد لوجهة نظر كلاين القائلة بأن الرضيع يشعر بالجوع باعتباره ثديًا داخليًا سيئًا يجب طرده والتخلص منه: الجوع هو الشيء-الثدي السييء: الاحساس بالجوع يصبح شيئا سيئا يجب التخلص منه. ومن المهم أن نضع هذا في الاعتبار، ان بعض تصريحات بيون متناقضة، لأنه يتحدث عن بيانات حسية يجب طردها، ولكنه في العديد من المناسبات يشير إلى الخوف من الموت (بالكاد يكون من البيانات الحسية)، والذي يجب طرده وإسقاطه في الثدي. ولكن بالنسبة للرضيع في هذه المرحلة، يتم الشعور بالكراهية والخوف كأشياء سيئة. يتم الخلط بين التجربة والشيء المسؤول عن التجربة. في كتابه "عناصر التحليل النفسي" (1963)، يقدم بيون النموذج التالي: "[الرضيع] الممتلئ بكتل مؤلمة من البراز، والشعور بالذنب، ومخاوف الموت الوشيك، وقطع من الجشع، والدناءة والبول، يفرغ هذه الأشياء السيئة في الثدي الذي ليس هناك. وبينما يفعل ذلك، يحول الشيء الجيد الثدي (الفم) إلى ثدي، والبراز والبول إلى حليب، ومخاوف الموت الوشيك والقلق إلى مشاعر الحب والكرم. والآلية ضمنية في نظرية التماهي الإسقاطي التي صاغت فيها ميلاني كلاين اكتشافاتها لعقلية الرضيع."
Elements of Psychoanalysis
https://www.routledge.com/Elements-of-Psychoanalysis/RBion/p/book/9780946439065?srsltid=AfmBOooAipyPwPm9HbKquflt2xOASW61KPSh-hFw3luHNW0m3AVoN72a

لا يمكن التعامل مع عناصر بيتا إلا بالطرد. فهي ليست مادة للتفكير، ولكنها تكمن وراء الهلوسة، والأوهام. وعندما يتم إسقاط عناصر بيتا على الأم، يمكن تحويلها إلى عناصر ألفا، وهي عناصر الحلم والفكر، من خلال وظيفة ألفا. إن التقريبات السريرية الأقرب إلى عناصر بيتا الخام هي أشياء غريبة. لا تتحد عناصر بيتا مع بعضها البعض بطريقة متكاملة، ولكنها يمكن أن تتراكم. وعندما يحدث هذا فإن حاجز الاتصال يصبح شاشة بيتا. وعلى النقيض من عناصر ألفا، فإن عناصر بيتا مشبعة: فهي ليست مفتوحة للتغيير من خلال الانطباعات الجديدة، وبالتالي فهي ليست مفتوحة لاختبار الواقع. ولا يمكن تحويلها إلا من خلال وظيفة ألفا.
إن قدرة الأم (عادة) /المحلل على تلقي ومعالجة وتحويل هذه الأحاسيس البدائية من خلال التأمل تسمح للطفل باستيعاب هذه التجارب في شكل يمكن التفكير فيه يسمى عناصر ألفا. وهذا التحول، الذي يسهله ما وصفه بيون بوظيفة ألفا، يؤكد على الطبيعة العلائقية للتفكير وأهمية معالجة البيانات العاطفية وتحويلها إلى تمثيلات رمزية. إن تركيز بيون على الاحتواء والتحول يتحدى نموذج فرويد للتفريغ الدافعي من خلال التأكيد على العمليات العلائقية باعتبارها ديناميكيات مركزية. وبعيدًا عن اعتماد كلاين على الخيال، سلط بيون الضوء على دور التفكير في هضم وإدارة التجارب العاطفية، وقدم مفهوم القدرة السلبية - القدرة على تحمل الغموض والإحباط دون التسرع في اتخاذ قرارات سابقة لأوانها (أي تفريغ الدافع).

يقول بيون
"لقد وصفت سابقًا (في اجتماع علمي للجمعية البريطانية للتحليل النفسي) استخدام مفهوم "وظيفة ألفا" كأداة عمل في تحليل اضطرابات الفكر. ويبدو من المناسب أن نفترض وجود وظيفة ألفا لتحويل البيانات الحسية إلى عناصر ألفا وبالتالي تزويد النفس بالمادة اللازمة لأفكار الأحلام، ومن ثم القدرة على الاستيقاظ أو النوم،
ان الوعي إما أن يكون (الشخص. ط.ا) واعيًا أو غير واعي. ووفقًا لهذه النظرية، فإن الوعي يعتمد على وظيفة ألفا، ومن الضروري منطقيًا أن نفترض أن مثل هذه الوظيفة موجودة إذا كنا نفترض أن الذات قادرة على أن تكون واعية بذاتها بمعنى معرفة نفسها من خلال تجربة نفسها. ومع ذلك، فإن الفشل في إقامة علاقة بين الرضيع والأم يمكن من خلالها تحديد الهوية الإسقاطية الطبيعية يمنع تطور وظيفة ألفا وبالتالي التمييز بين العناصر إلى واعي وغير واع."
A Theory of Thinking
ص. 182-3
https://www.ccc.ox.ac.uk/sites/default/files/2022-01/Bion-W.-1967.-Second-Thoughts.-London-Heinemann-Medical-Books.-pp.-178-186-Chapter-2-Theory-of-Thinking..pdf
(الوعي هنا طبعا يشترط الوعي بمفهومه الفيزيولوجي العصبي, الذي مصدره الدماغ القديم, الذي بدونه يدخل الانسان في غيبوبة, ولكنه ليس المقصود هنا. الوعي مصدره هنا الدماغ الحديث, وهنا يمكن تشببهه بتعرف الشخص على نفسه في المرآة وليس كشخص او شيء آخر. وهي خاصية يتفرد بها الانسان والبعص النادر جدا من الحيوان مثل الدولفين وبعض انواع القرود. والاختبار العصبي المعمول به لتعرف الحيوان على نفسه يسمى "اختبار علامة المرآة" The mirror mark test
Mirror Test
https://www.science-dir-ect.com/topics/neuroscience/mirror-test#:~:text=The%20Mirror%20Test%20is%20a,marked%20spot%20on%20their%20body.
بعبارة ماركسية, وظيفة الفا العقلية هي ما يحيل الطبقة العاملة الى بروليتاريا!)

في ورقته البحثية لعام 1959 بعنوان "الهجمات على الارتباط" (صلة المريض بالمحلل)
ATTACKS ON LINKING
https://web.english.upenn.edu/~cavitch/pdf-library/Bion_Attacks_on_Linking.pdf
أوضح بيون نظرية الغريزة المزدوجة لفرويد. تأخذنا "نظرية التفكير" الخاصة به إلى الفكر المتجسد. انه مفهوم قربب جدا لما اعتقده الفيلسوف الوجودي ومحرر مجلة الازمنة الحديثة الاسبق, مارلو بونتي, وتؤكده دراسات العلوم الذهنية-عصبية, في ان العقل يشمل الجسد أيضا.
MERLEAU-PONTY AND EMBODIED COGNITIVE SCIENCE
https://philpapers.org/archive/POLMAE-3.pdf
لذا ان اية دعوة الى تحرير العقل بدون تحرير الجسد هي دعوة مثالية وان كانت تردد من قبل من يدّعي الشيوعية او الماركسية. انها وقوع في براثن الخطيئة الديكارتية بفصل العقل عن الجسد كما شرح عالم الاعصاب الشهير
Antonio Damasio
في كتابه القيم
Descartes Error
Damasio’s main thesis is that feelings cannot be divorced from reason. Reason requires emotion at a very primordial level. The duality is a lot more blurry than commonly assumed, and the brain and body have an inseparable connection that constructs human consciousness. It’s not only that the mind depends on the brain, it depends on the body, mainly because of the somatic aspect of emotion that later contributes to cognition.
"ان أطروحة داماسيو الرئيسية هي أن المشاعر لا يمكن فصلها عن العقل. فالعقل يتطلب العاطفة على مستوى بدائي للغاية. والثنائية أكثر ضبابية مما يفترضه الناس عادة، والدماغ والجسم لهما اتصال لا ينفصل عن بعضه البعض ويشكلان الوعي البشري. والواقع أن العقل لا يعتمد على الدماغ فحسب، بل يعتمد أيضاً على الجسم، ويرجع هذا في الأساس إلى الجانب الجسدي من العاطفة الذي يساهم لاحقاً في الإدراك."
Descartes’ Error — Emotion, Reason and the Human
Brhttps://medium.com/tiago-books/book-review-descartes-error-emotion-reason-and-the-human-brain- Book Review: Descartes’ Error — Emotion, Reason and the Human Brain
https://medium.com/tiago-books/book-review-descartes-error-emotion-reason-and-the-human-brain-7576673a5802
و هؤلاء الماركسيون, رافعو شعارات الموضوعية والنقد الهاديء الخال من العاطغة يسلكون كروباتات, وماركسيتهم هي ماركسية الروباتات وليست ماركسية البشر- على الأقل البشر من افراد ال homo sapiens-, وهم البشر المُبَشرون بجنة الشيوعية (اقرأ: النيوليبرالية) الذين يسعون لبناء مقرات ليختلوا فيها بمعزل عن (العامة من) البشر. لذا لا غرابة في ان يلفظهم البشر. انهم يزعمون انهم يتعاملون مع الماركسية كنظربة علمية عليها ان تلاحق التطورات المستحدثة في كافة العلوم, وبضمنها بالطبع علم الاعصاب, الا انهم في واقع الحال اميون علميا, وفي الأخص في اهم علم يختص بدراسة عقل او دماغ الانسان, علم الاعصاب. وهذا الجهل الفاحش يكفل باحالة الماركسية على ايديهم الى دروشة وتعاويذ يستخدمها السحِّرة, وهي بالطبع تؤخر ولا تقدم. انهم الد اعداء الماركسية رغم, او بالأحرى بسبب, تبرقعهم ببرقعها. وحزب السحًرة, حزب "افتح يا سمسم", لا يكون ولا يمكن ان يكون حزبا طليعيا, وخصوصا وهو يقتات على فتات موائد عمليتهم السياسية صنيعة اللص الدولي بول بريمر في العراق!

في كتابه المثير "هجمات على الربط"، الذي نشر في الأصل في المجلة الدولية للتحليل النفسي في عام 1959، يصف دبليو آر بيون المرضى الذين يعانون من أعراض ـ الهلوسة، والتلعثم، والنعاس ـ المصممة، دون وعي، لتدمير القرب من المحلل. وفي قائمة مرقمة من "الأمثلة السريرية"، يصف بيون حوادث من ممارسته الخاصة: يرى أحد المرضى ضباباً أزرق يملأ الغرفة. ويخبر آخر عن سحابتين من الاحتمالات تطفوان في الهواء. ويحاول مريض ثالث أن يتفق مع ما قاله بيون، ولكنه يتلعثم بشكل ملحوظ لدرجة أنه لا يستطيع إخراج الكلمات. ويهلوس مريض رابع بأن قطعة حديد تسقط على الأرض. وتصبح الضبابية، والسحب، والتلعثم، و"قطعة الحديد الميتة"، التي لا يمكن تفسيرها في البداية، في أيدي بيون "هجمات على الربط": طرق لعدم الرؤية، وعدم التحدث، وعدم الاتصال، وعدم التفكير.

إن مفهوم بيون الترابط (بين المحلل النفسي والمريض) هو قوة ملزمة، بالتوازي مع مفهوم فرويد للغريزة الجنسية. يمكن مقارنة استعارة فرويد لـ "دافع الموت" بفكرة بيون القائلة بأن "الهجوم" على الترابط - مدفوع بالدافع المدمر. وهنا، تصور بيون الطاقة العدوانية على أنها موجهة نحو الجسم الخارجي (على سبيل المثال، الثدي السيئ عند كلاين) ووظيفة الربط التي يقوم بها الفكر نفسه. ويفترض بيون أن العقل قادر على مهاجمة نفسه في فعل يرقى إلى الحسد الذاتي. وقد غيّر هذا المفهوم، الذي ينبع مباشرة من تفكير كلاين، مفهوم أنواع المرضى الذين يمكن تحليلهم. وقد جعل ممكنا لأتباع كلاين الجدد مثل بيون في البدأ في فهم بعض الجوانب البدائية للتجربة بطريقة لم يتمكن مفهوم فرويد عن "النرجسية الأولية" ــ مع سحبه للرغبة الجنسية إلى الأنا. ("النرجسية الأولية تتجسد, بعرف فرويد, في الاستمناء كبديل للجماع الجنسي او الوصول الى النشوة الجنسية لدى المرأة بواسطة اثارة البظر وليس عن طريق المهبل). فالنرجسية الأولية لا تفعل ما يكفي لتفسير ديناميكيات النفس في هذه الحالة.
طبعا افكار فرويد هذه هي وليدة عصره واخلاقياته الفيكتوريانية المتزمتة. وهي نفس الاخلاقية التي دعت ماركس الى التفوه بما هو لاعلمي ولاواقعي باستعارته المبتذلة حول الاستمناء بقوله:
“philosophy stands in the same relation to the study of the actual world as masturbation to sexual love.
"إن الفلسفة تقف في نفس العلاقة في دراسة العالم الفعلي مثل علاقة الاستمناء مع الحب الجنسي."
Anatomy of a Metaphor
https://majesticequality.wordpress.com/2011/08/04/philosophy-and-masturbation-anatomy-of-a-metaphor/
لربما يتحد فرويد وماركس في نظرتهما المتزمتة عن الاستمناء في رغبة الاثنين, وكأنهما تنبئا بكارل بوبر, في رفع التحليل النفسي والماركسية الى مرتبة العلم بمفهوم الفلسفة الوضعية بالطبع. لذا لا غرابة في ان يلقي الجنرال الاحمر خطبة عصماء اثناء مراسيم دفن ماركس, حيث شبه الماركسية بالداروينية.
Just as Darwin discovered the law of development of organic nature, so Marx discovered the law of development of human hisrory
Frederick Engels’ Speech at the Grave of Karl Marx
Highgate Cemetery, London. March 17, 1883
https://www.marxists.org/archive/marx/works/1883/death/burial.htm
ولكن العواطف (المنفلوطية!) يبدو انها سلبت الجنرال الاحمر عقله ومنعته من التمييز بين التطور الطبيعي في الداروينية بدون عقل (اذا اغفلنا بالطبع عقل الأله والمصمم الذكي) والتطور في عرف الماركسيىة بوجود العقل البشري , فالاقتصاد والبنية التحتية هما ايضا من منتجات العقل البشري ولم ينزلا علينا من السماء.
الواقع بخصوص الاستمناء تلخصه هذه الورقة وليست استعارة ماركس الفيكتوريانية:
"ان الاستمناء الفردي هو شكل شائع للتعبير الجنسي في جميع مراحل العمر، دون خطر الحمل أو الأمراض المنقولة جنسياً، وبغض النظر عن توافر الشريك أو اهتمامه... يمكن أن يساعد الاستمناء الأشخاص على استكشاف حياتهم الجنسية، وتجربة المتعة، والتعرف على استجاباتهم الجسدية بطرق قد تدعم التطور الجنسي الصحي، واحترام الذات، وإيجابية الجسد... في الواقع، غالبًا ما يتم تضمين الاستمناء كجزء من خطط العلاج العلاجي للصعوبات الجنسية، مثل القذف المبكر وانعدام النشوة الجنسية... وعلى الرغم من هذه الفوائد الفردية والعلائقية والصحية الموثقة جيدًا، فقد تم وصم الاستمناء (خاصة بالنسبة للنساء)، وحظره، ويظل غير مدروس مقارنة بالبحث حول الجنس بين الشركاء... مما يعكس اهتمامًا علميًا أقل بكثير بكيفية تصرف الناس جنسيًا مع أنفسهم مقارنة بالآخرين."
Masturbation Prevalence, Frequency, Reasons, and Associations with Partnered Sex in the Midst of the COVID-19 Pandemic: Findings from a U.S. Nationally Representative Survey
https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC9794105/#notes3
ان استعارة ماركس هذه وخطبة رفيقه انجلز ساهما في استبدال مفهوم العِلمانية بدل العلم على ايدي ستالين ورهطه من احزاب وشخصيات شيوعية لاحقا, وبذلك اُحيلت الماركسية من نظرية ديالكتيكية للحياة الى نظرية ميكانيكية للتطور الاجتماعي للمجتمعات تحاكي قوانين داروين العمياء في الاصطفاء الطبيعي, واكتسبت بهذا المعنى العديد من النقاط المشتركة مع الفلسفة الرجعية, الداروينية الاجتماعية, للفيلسوف هيربرت سبنسر.
social Darwinism, the theory that human groups and races are subject to the same laws of natural selection as Charles Darwin perceived in plants and animals in nature
"الداروينية الاجتماعية هي النظرية التي تقول بأن الجماعات والأعراق البشرية تخضع لنفس قوانين الانتقاء الطبيعي التي أدركها تشارلز داروين في النباتات والحيوانات في الطبيعة"
social Darwinism
https://www.britannica.com/topic/social-Darwinism
اليس دخول حزب شيوعي في مجلس حكم احتلال العراق من قبل اقوى دولة في العالم, وصنيعته العملية السياسية, هو انصياع للداروينية الاجتماعية ومُثلَها الرجعية المعادية للبشر ولمنطق حق القوة وليس قوة الحق؟! انه قانون الغاب الذي يأكل فيه القوي الضعيف.
وحتى مفهوم الواقع الفعلي في استعارة ماركس اعلاه لا يعني رؤية واحدة للواقع من قبل كل البشر. فمثلا, ان افكار فرويد تعكس مركزيته الاوربية التي هي ليست بسبة على حد تعبير ادوارد سعيد
Freud and the non-European
https://archive.org/details/freudnoneuropean0000said

تتحد الغريزتان ــ القوى الملزمة وغير الملزمة ــ لخلق واقع نفسي من خلال قوى البناء والتدمير. وكما يقول فرويد، "إن هذا التفاعل بين الغريزتين الأساسيتين مع بعضهما البعض وضد بعضهما البعض يؤدي إلى نشوء التنوع الكامل لظواهر الحياة" . وفي كتابه "عناصر التحليل النفسي" (1963)، يضع بيون نظرية لهذا التفاعل الديناميكي باستخدام الصيغة PS <> D.
PS- الموقع البارانويدي
D- موقع الاكتآب
وهذا يمثل تذبذبًا بين التدمير الانقسامي لموقف كلاين البارانويدي الفصامي وقوة الارتباط/الحزن لموقفها الاكتئابي. ويمثل الماس بين الاثنين حركة ديناميكية ذهابًا وإيابًا بين المواقف العقلية، والتي تحدث طوال الوقت لدى الأفراد المصابين بالذهان والعصاب على حد سواء.

في نظريته في التفكير، يفترض بيون أن "التفكير" هو اكتشاف وخلق الواقع النفسي. وهذه نقطة مهمة لأن ما يسميه بيون "التفكير" يكسر حلقة التكرار اللامتناهي على مستوى العملية الأولية. وقد وسع بيون مفهوم كلاين للتحديد الإسقاطي إلى عالم الاتصال الأولي الطبيعي والصحي. يقول إن "الواقع" يتم معالجته بالنسبة للطفل من قبل الأم أولاً، ثم يتم استيعاب وظيفة ألفا هذه تدريجياً كنموذج أولي للتفكير لدى الطفل. وظيفة ألفا هي أسلوب تفكير يتم من خلاله إدخال عناصر بيتا من الواقع في تنظيم ألفا داخل العقل. إنها طريقة لفهم الواقع الخام الحسي. إنها خلق "واقع نفسي" من البيانات الخام لـ "الواقع الخارجي". في حين أنه لا يوجد أي هروب كامل من الطبيعة المشروطة للجهاز العقلي، فإن إمكانية التفكير بهذه الطريقة تجعل الوعي بالأفكار اللاواعية سابقًا - وبالتالي التعلم من الخبرة - ممكنًا.
لذلك ان مقولة هيغل الشهيرة
“The only thing that we learn from history is that we learn nothing from history.”
https://quoteinvestigator.com/2024/03/06/learn-history/
"اننا نتعلم من التاريخ اننا لا نتعلم اي شيء" هي نتاج لتعطل وظيفة الفا العقلية, وبالتالي تكرار الافراد او الاحزاب لنفس الخطأ.

ترتبط وظيفة ألفا أيضًا بمفهوم بيوني حاسم آخر: الاحتواء. تأخذ وظيفة ألفا البيانات الحسية الخارجية والداخلية الخام للأفكار الأولية وتحتويها داخل عقل قادر على معرفة ما يحدث داخل نفسه. في حين أنه من المسلم به أنه لا يمكن أبدًا أن تكون هناك أي معرفة كاملة بعمليات عقل المرء، إلا أنه يمكن أن تكون هناك معرفة نسبية يمكن أن تنمو. ما يجب أن نعرفه، وفقًا لبيون، هو العواطف الأولية. وهو يسمي هذه العواطف الأولية L (الحب)، وH (الكراهية)، وK (المعرفة/الفضول). وهو يتبع نموذج فرويد الغريزي من خلال إدخال الحب (إيروس) والكراهية (ثاناتوس) في تفاعل مع بعضهما البعض.

وفقاً لبيون، فإن الغرض من التحليل ـ والتفكير نفسه ـ هو اكتساب المعرفة، وهو ما يُعَد "اعتقاداً حقيقياً مبرراً". وهذا النوع من المعرفة، أو البصيرة، يحرر الشخص مؤقتاً من التكرار القهري لمبدأ المتعة: التكرار يجعل المتعة من مشتقات غريزة الموت.

إن الصراع بين الهو والأنا والأنا العليا يخلق العصاب؛ والصراع بين الأنا والواقع نفسه يخلق الذهان. وأي قدر من الابتعاد عن الواقع (المتعارف عليه) يتوافق مع مبدأ المتعة. ومن خلال مواجهة الواقع، نصبح أكثر صحة. وهذا يتطلب قدراً معيناً من الصدق مع الذات. ومع ذلك، فإن مفهوم مبدأ الواقع له تحدياته. فنحن نواجه مشاكل معرفية عندما نتساءل عن ماهية "الواقع". والواقع مفهوم مفيد في توجيه الشخص بعيداً عن الإفراط في الانغماس في العمليات الأولية القائمة على الهو والانخراط الذاتي النرجسي. ومع ذلك، فإن مفهوماً مثل "الواقع" مشروط دائماً على أساس عدة عوامل، بعضها يشمل الثقافة والأيديولوجية والتاريخ. وعلى هذا فإن "التصالح مع الواقع" ليس بالأمر السهل على أفضل تقدير. ورغم أننا قد نستفيد من الحذر في التعامل مع مثل هذا المفهوم، فإنه لا يزال ذا قيمة لا تقدر بثمن في الإبحار إلى أعماق النفس البشرية.
يتبع



#طلال_الربيعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 77
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 76
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 75
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 74
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 73
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 72
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 71
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 70
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 69
- العلم في التراث الماركسي التقليدي (السائد)4!
- العلم في التراث الماركسي التقليدي (السائد)3!
- العلم في التراث الماركسي التقليدي (السائد) 2!
- العلم في التراث الماركسي التقليدي (السائد) 1!
- الفخ المعرفي
- الماركسية والعلم والصراع الطبقي 6
- الماركسية والعلم والصراع الطبقي 5
- لا جناح للإبادة الجماعية في بينالي البندقية
- الماركسية والعلم والصراع الطبقي 4
- الماركسية والعلم والصراع الطبقي 3
- الماركسية والعلم والصراع الطبقي 2


المزيد.....




- لحظة مرعبة لاصطدام قطعة جليد بشاحنة على طريق سريع.. شاهد ما ...
- كيف يمكن لإيمانويل ماكرون إقناع ترامب بعدم التقارب مع روسيا ...
- رئيس وزراء بولندا يدعو الاتحاد الأوروبي لاتخاذ 3 إجراءات عاج ...
- تونس - الإفراج عن الصحفي بوغلاب غداة إطلاق المعارضة بن سدرين ...
- بكتيريا تساعد النباتات في صنع مغذيات تشبه اللحوم
- لافروف: المساعدات لأوكرانيا تتم على حساب سرقة الأصول السيادي ...
- لبنان.. سلام يدعو واشنطن للضغط على إسرائيل كي تنسحب بشكل كام ...
- الأرجنتين.. نواب يطالبون بعزل الرئيس خافيير ميلي
- سقطت من الطابق السابع.. اتهام مصري بقتل زوجته في الأردن
- إيلون ماسك يحارب البيروقراطية بمنشار ذهبي في يديه


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال الربيعي - التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 78