أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - نعمت شريف - لكرد بين المحرقة والضمير العربي















المزيد.....


لكرد بين المحرقة والضمير العربي


نعمت شريف

الحوار المتمدن-العدد: 8253 - 2025 / 2 / 14 - 06:49
المحور: القضية الكردية
    


الكرد بين المحرقة والضمير العربي
بقلم: نعمت شريف

يشهد الضمير العربي الانساني نهوضا جديرا بالاهتمام والمتابعة والصراحة. اقول هذا لا للتجريح او المديح وانما مشاهدة من الواقع الثقافي والسياسي العربي وللصحافة العربية ان تفخر بانجازها في ابراز هذا النهوض. وكما قيل بحق ان "المثقفين هم ضمير الامة". ويبرهن قلة من المفكرين اصحاب الفكر الحر وبجراة ان الثورة هي ثورة الضمير اولا ولابد من البدء بالنفس لكي تطابق مواقفنا السياسية مع افكارنا ونتجنب الوقوع في الازدواجية والخطأ السياسي والثقافي الذي طالما ننتقد الاخرين عليه .

كنت اتابع بشغف مقالات د. ادوارد سعيد عن مراجعة العرب لنظرتهم عن محرقة اليهود ، والتزام موقفا انسانيا تجاه ماساتهم وما ولدتها من عقدة في نفسية اليهود الجمعية، وبالتالي فرض موقف اخلاقي ليس على اليهود فحسب بل على النطاق العالمي وهذا ما سيتيح للعرب عامة والفلسطينيين خاصة الاخذ بزمام المبادرة الاخلاقية وعرض ماساتهم على مدى 70 عاما والتي ربما لا تقل عن ماساة اليهود رغم الفوارق التاريخية والاجتماعية ونوعية الماساة. ربما نختلف مع الدكتور سعيد في التفاصيل والجزئيات ولكن لابد من تثمين جراته في الطرح بموقف جديد وجدير باهتمام الراي العام العربي. وقد قال "من اكثر المناورات الفكرية خسة: التحدث بعجرفة عن انتهاكات في مجتمع الغير، وتبرير الممارسات ذاتها في مجتمع المرء نفسه” ولكنه لم ينبس ببنت شفة عما يجري في االمجتمعات العربية للاقليات كالكرد والامازيغ وغيرهم. تزداد المواقف اهمية عندما تتخذ عند مفترق الطرق فكما كانت كتابات الدكتور صادق جلال العظم في سبعينيات القرن الماضي (نقد الفكر الديني، والنقد الذاتي بعد الهزيمة) مساهمات جادة وجريئة في وخز الضمير العربي ودفعه للتغيير، اجد ان كتابات الدكتور ادوارد سعيد تؤدي مهمة مماثلة لدفع عملية النهوض العربي خطوات الى الامام سواء اتفقنا او اختلفنا معه في الراي.

ربما تبالغ اية مجموعة بشرية في طرح ماساتها والظهور بمظهر الضحية الاكبر طمعا في كسب الراي العام اوتحاول تحجيم ماساة اعدائها دفعا للتهم وللظهور بمظهر الاعتدال ولكن في الحالتين لا يمكن نفي وقوع الاحداث الماساوية رغم الاختلاف في احجامها. كما لم يكن اليهود ضحية فقط بل اوقعوا الكثير من المآسي بالفلسطينيين، وكذلك لا يخلو تاريخ العرب وحاضرهم من انزال الماسي بالاخرين كما يستشهد الكثيرون بالعبيد في سباق البصرة وغيرها، ولا يزال استشهاد الحسين (ع) واتباعه في كربلاء يطبع فكر الشيعة ويميزهم من السنة ويقومون باحياء ذكراه كل عام في عاشوراء الى يومنا هذا، وكذلك عمليات الانفال واستعمال الاسلحة الكيمياوية ضد الكرد. نورد هذه الامثلة على سبيل المقارنة مع قتل الكاثوليك عددا من البروتستانت قبل 400 سنة. والسؤال هل يمكن الاعتراف بما احدث العرب في تاريخهم بحق الاخرين. اجل انه من المهم ويحتاج الى قدر كبير من الجراة والنضوج لتستطيع امة ما مراجعة تاريخها ومقارنته بتواريخ الاخرين لتستطيع ان تعلو بمواقفها الاخلاقية لتحتل موقعها في الحاضر والمستقبل بين الشعوب. (وينطبق هذا على ايران وتركيا ايضا) اجل يصبح المهم ضروريا لضمير الامة ومثقفيها ان يكونوا على قدر من الجراة والنضج ليواجهوا حاضرها عندما يقفون شهودا ليروا ما تفعل الامة بالاخرين وهل في خير من ان نقوم بمراجعة التاريخ في الوقت الذي نصنع في حاضرنا تاريخا ليس خيرا مما سبق!

هل يستطيع الضمير العربي ان يعترف بما حدث للكرد والشيعة في العراق من مذابح. ربما لم تكن محرقة الكرد بحجم محرقة اليهود (6 مليون) ولكن بالتاكيد لا تقل حجما عن ضحايا الفلسطينيين فعلى سبيل المثال لا يقل عدد ضحايا عملية الانفال البعثية في عامي 1987 و 1988 عن (180,000)من المدنيين الكرد رجالا ونساء واطفالا واما تحميل 8000 كردي من معسكري بحركة وقوشتبة قرب اربيل في سيارات عسكرية وارسالهم الى صحارى الجنوب لدفنهم احياء في مقابر جماعية فلا تقل بشاعة من مذابح صبرا وشاتيلا. باستثناء قلة من الكتاب والمثقفين العرب لم يتحرك الضمير العربي انذاك لاستنكارها بشكل مؤثر الا بعد غزو الكويت. امام صمت وازدواجية العرب، قال الزعيم الكردي مسعود البارزاني بمرارة لصحفي بريطاني "لايهم العالم ان نموت ولكن (يهمهم) كيف نموت!"

هل حان الوقت لنسال الضمير العربي الناهض باتخاذ موقف واضح وصريح من محرقة حلبجة وباليسان وبادينان الكيميائية؟ اين الموقف العربي من عمليات الانفال المقيتة؟ ورغم مرور ما يقرب من اربعة عقود وزوال نظام صدام من الحكم لا يزال الضمير العربي في صراع وربما لا يستطيع بعد مواجهة التاريخ المعاصر. انه لمن المفارقات ان تستصرخ امة ما يحدث لها وان تتغاضى عما تفعلها بالاخرين. يستصرخ العرب ما يحدث في فلسطين وتعيد النظر في محرقة اليهود ولكن تتغافل عن مآسي الكرد!

ومما يؤسف له ان الكثير من العرب لا زالوا يكتبون من منطلق قومي تقليدي لطائفة حاكمة تضطهد الاخرين ولا يستطيع الشعور بحال المضطهد (بفتح الهاء). ان ترجيح الاعتبارات الانية على اعتبارات تاريخية بعيدة المدى كارثة وبشكل خاص بحق الشعوب المضطهدة وان سوءات الاستعمار الاوروبي كثيرة لا تحصى وما تقسيم كردستان الا واحدة منها، حيث يعاني من جراءها اكثر من 40 مليون كردي لاكثر من قرن من الزمان. قسمت كردستان وولدت دولتا العراق وسوريا، ولم يخلق ليكون دولة بلا مشاكل وانما اوجده الاستعمار كي يستمر نفوذه في المنطقة ولاطالة سيطرته على موارد العراق. الكرد مسلمون ومن سكان المنطقه الاصليين منذ اكثر من 6000 سنة وساهموا بقسط وافر في بناء الحضارة الاسلامية والدفاع عن الدين الحنيف فلنتذكر فقط صلاح الدين الايوبي وجيشه الكردي.

اذا كان لاي من الشعوب المقتسمة لكردستان الحق في الاستقلال فالمفكر المنصف يجب ان يمنح الاخر نفس الحق وعلى نفس المنوال فلابد له ان يعطي الحق لظهور دولة كردية اسوة بالاخرين. من هؤلاء الاحرارالدكتور اسماعيل بيشكجي (تركيا) في كتابه "كردستان مستعمرة دولية"، الذي قضى سنوات طويلة في السجن بسبب آرائه.والسيد القمني (مصر) يقول في مقابلة على اليوتوب " نحن نطالب بالوحده العربيه ونرفض ان يطالب الاكراد بدولة كردية، هذه هي مشكلتنا هم اصحاب العراق. انظر هذه مشكلتنا (الاراميين ؟) مشكلتنا كالاتي نحن مع الشيشان في انفصالها عن روسيتها ونحن مع استقلال كشمير عن الهند ونحن مع استقلال البوسنة عن يوغسلافيتها السابقة. نحن مع كل الانفصاليين في العالم لانهم مسلمون، كانهم من قبيلتنا، الا هنا(الكرد) فهم ليسوا من قبيلتنا. كيف ينفصلوا؟ ان الذي ينفصل نقطع لسانه ونقطع رقبته. اذا لم نتخلص من هذا التعصب، من هذا الشيء غير الحقيقي، الوهمي، انه مدمر للوطن" بحق انه مدمر للوطن! وكذلك المفكر العراقي حسن العلوي الذي يقول "الاكراد موجودون قبل العرب ب (6000) سنة فوجودهم سبق وجود العرب في كردستان، هم الذين لهم ان يطردوا العرب وليس للعرب ان يطردوهم، ولا تنسوا انهم لكونهم اكراد فقد بقوا بدون حقوق، وحتى الحقوق التي رسمت لهم، لسبب او لاخر، لم تنفذ.”(يوتوب ، صوت وصورة، تم مراجعتها يوم 7-2-2025) وهناك اخرون كالدكتور طارق سويدان ويوسف زيدان وغيرهم.

ولكن في الفترة الاخيرة ظهر رأي مغاير لا يرقى الى الايمان او التعبير عن حقوق الاخرين كما يؤمن بها لنفسه. يقول الدكتور وضاح خنفر (يوتوب: صوت وصورة) "اخواننا الكرد هم الضحية الاكبر في هذه المنطقة، منطقة سايكس بيكو، لانهم جاؤوا وقسموا المنطقة وتركوا الاكراد موزعين في هذه المنطقة. لو ان الشرق، اقصد منطقة الشرق كلها، لو انها اتفقت فيما بينها على ادارة مشتركة اقتصادية وسياسية مثل ما فعلت اوروبا، سوف لا يكون للكرد مشكلة. سيصبح الكرد جزءا مهما من هذا الفضاء، بل سيكون جزءا في قلبها وسوف لن يكون هناك كردي عراقي او كردي سوري او كردي ايراني او تركي. لماذا لانك عائش في الفضاء كما كان حلم تاسيس فضاء اوروبي، كان من المستحيل قبل عام 1945 و 1946، اصبح الان جميلا للجميع، يحبونه وان الالماني او الفرنسي يسافرون بدون حدود مثلما لو كنت كرديا عائشا في سوريا او في العراق لكنت استطيع ان اتجول في هذه المنطقة واعيش فيها، ليس لدي مشكلة.”

تمر الشعوب والامم بمراحل في تاريخها تتطلب الاندفاع لتحسين نفسها وتقديم الانجازات للمساهمة في الحضارات الانسانية بشكل عام ولا يمكنها هذا الا اذا تيسر لها الانطلاق في فضاء الحرية من دون معوقات من الاخرين لتنجز اولا ما يسمى في علوم النفس والاجتماع بتحقيق الذات فحالها حال الافراد الذين يرغبون في التقدم وتحسين الذات. اليس هذا الاندفاع الذاتي هو سر التقدم والانجاز عند الافراد والامم على حد سواء ولولا هذا الاندفاع والطاقة الكامنة لدى البشر افرادا وشعوبا لربما كنا لا نزال نعيش في الكهوف. كما يحتاج الفرد الى الاحترام والثقة بالنفس عندما يتيسر له الفرصة للانطلاق نحو تحقيق ذاته وكذلك الامم (انظر: تحقيق الذات لماسلو وروجرز). مرت الدول الاوروبية بفترات مظلمة في تاريخها من اقتتال وتصادم امبراطوريات وانحلالها حتى استقرت على نمط الدولة القومية المستقلة عن بعضها ومن عندهم انتقل هذا النمط ليعم العالم ومن ثم بدات النهضة الاوروبية رغم بعض التداخل بينهما تاريخيا وكانت هذه بالنسبة لاوروبا مرحلة تحقيق الذات. وبعد قرنين من الزمن وما جلبت من التغيرات في الاقتصاد والسياسة بدات اوروبا تدرك ان قبضتها بدات تتراخى بعد غروب عصر الاستعمار والتحكم بالعالم بدات حركة العودة للوحدة والتكامل الاقتصادي والسياسي لكي تحلق من جديد في الفضاء الاوروبي (كما يسميه الدكتور خنفر)، اوروبا ذات دور يذكر في العالم. باختصار ان اوروبا مرت بمراحل تحقيق الذات افرادا وشعوبا حيث استطاعت هذه الدول ان توفر لهم مساحة من الحرية والانطلاق لانجاز ما تتوق انفسهم اليها. لقد حققت الامة الكردية الكثير من خلال ثوراتة المتكررة في اجزاء كردستان المختلفة وفرضت بكل ثقة احترامها بين الامم ولكن يبقى ان يتيسر لها الظروف الدولية المناسبة للاستقلال وتبدا في تكوين ذاتها وتحقيق ما يصبو اليه ابنائها.
ان ايجاد او خلق فضاء كردي او كردستاني على غرار الفضاء الاوروبي سيحل القضية الكردية في جميع اجزاء كردستان حيث ان هذا الفضاء سيسمح لهم بالتجوال والتنقل في كردستان شرقا وغربا او شمالا وجنوبا وهذا مبتغاهم حسب راي الدكتور وضاح خنفر. نعتقد انه من الخطأ ان نعتقد ان هدف الكرد هو التجوال وكانهم بدو رحل في وطنهم كردستان. الكرد امة لها كل مقومات الامة كما لغيرها كالعرب والفرس وغيرهم وهم يناضلون كباقي الامم لتحقيق الذات من خلال تأسيس دولتهم المستقلة للانطلاق في فضاء الحرية لا في فضاء صالح للتجوال فحسب. لتوضيح ذلك نود ان نضرب مثلا على مستويين اولهما لنقارن الامة الكردية بالعربية على الرغم من وجود 22 دولة عربية مستقلة لم تستطع تحقيق ذاتها بالكامل لان اجزاءا منها لا تزال متخلفة او تحت الاحتلال حتى ان بعض حكامها لا يختلف حكمهم عن الاحتلال كثيرا. اما الكرد فلا تزال امة مستضعفة لا تتمتع بالاستقلال التام في اي جزء منها ولا يزال العرب (كما في حال الفرس والترك ايضا) يقفون عائقا امام استقلال الكرد. واما المستوى الاخر فواضح بالمقارنة بالقضية الفلسطينية. بغض النظر عن الخلفية التاريخية للشعبين الكردي والعربي، نرى ان الكرد باستثناء كردستان الجنوبية (اي العراق) لا يزال وضعهم السياسي يقارن بعرب 1948 في اسرائيل. لماذا لم يقبل الفلسطينيون ان ينضموا الى اخوانهم في اسرائيل! اما اقليم كردستان-العراق فلا يختلف وضعهم كثيرا عن الفلسطينين في الضفة او غزة. نحن قبلنا بما تحقق في العراق لكن الاخوان في فلسطين لا يتقبلونها، اراضي محتلة وشعب مجزأ في الحالتين. الفرق الاهم ان لفلسطين 22 دولة مستقلة تدعمها بما تستطيع، ولكن ليس لكردستان الا الله. لفلسطين عدو واحد ولكن لكردستان اربعة اعداء يقتسمونها ويحيطون بها من كل صوب.

الفضاء الكردستاني فهم خاطئ للقضية الكردية ان لم يكن تعصبا او خوفا من مواجهة حقيقة كردستان المستقبل. ربما اضر العرب بقضية فلسطين برفضهم حل الدولتين منذ البداية . بالمقارنة ماذا كان ليحدث لكردستان الجنوبية (العراق) لو رفض الكرد النظام الفيدرالي بعد سقوط صدام حسين رغم ان الفيدرالية اقل بكثير من حل الدولتين، اي دولة فلسطينية مستقلة جنبا الى جنب دولة اسرائيل. والفرق بين الفيدرالية والاستقلال واضح لا يحتاج الى تعليق.

في ضوء ما تقدم، نرى ان الزعماء السياسيين الفلسطنيين كانوا يتأرجحون بين التأييد والصمت لسنوات حتى ذهب البعض الى التعاون من الكرد وخاصة في سوريا بعيدا عن الاضواء، ويلتزمون الصمت مجاراة لمصالحهم مع انظمة الحكم العربية وخاصة نظامي البعث في سوريا والعراق، ونحن نتفهم ذلك. وكحركة تحررية ابتلينا بانظمة شمولية قاسية مرت بنا مواقف لا نحسد عليها، وكذلك الفلسطينيون. ولكن في الاعوام الاخيرة برز السياسي البارز وزعيم حركة حماس الاسبق خالد مشعل الذي تكلم بصراحة عن رأيه في الكرد، ونشكره على ذلك وباختصار شديد انه يعترف بمظلومية الكرد ويدعو الدول المقتسمة لكردستان لايجاد الحلول المناسبة للكرد، في الوقت الذي يتكلم عن حق تقرير المصير للكرد بشروط (اي بحل القضية سلميا، كل جزء في دولته.) ربما يكون هذا حلا مرحليا ولكن اي انتقاص مفروض على حل تقرير المصير من قوى مقتسمة لكردستان ليس بحق تقرير المصير. ورغم ان هذا اقل من رأي الدكتور خنفر، ولكنه نعتقد انه اكثر واقعية منه. واضح ان الفضاء الكردستاني يستحيل قيامه الا في حالتين اولهما استقلال كردستان وتوحيد اجزائه، او توحيد الدول الشرق اوسطية الاربعة المقتسمة لكردستان كما يدعو اليه وهذا مستحيل الا في قيام امبراطورية على غرار الامبراطوريات القديمة.

اذا كان كما قال الدكتور ادوارد سعيد مهم أن يتخذ الضمير العربي الصاعد موقفا واضحا وصريحا من المحرقة، نقول انه بنفس القدر من الاهمية أن يتخذوا موقفا واضحا وصريحا من عمليات الأنفال وحلبجة وغيرها من المجازر؟ على الرغم من مرور أكثر من أربعة عقود، لا يزال الضمير العربي، مرة أخرى باستثناء عدد قليل من المفكرين الأحرار، في تردد وغير قادر بعد على مواجهة التاريخ المعاصر. من المفارقات أن تصرخ أمة لما يحدث لها وتتجاهل ما تفعله بالآخرين.

وهذا مثال على مفكر حر الضمير. في مقابلة مع الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارترعلى اليوتيوب (صوت وصورة، تم الاطلاع عليها في 2/9/2025)، عبر عن آرائه بوضوح ودقة بما في ذلك تحيزه الشخصي تجاه فلسطين.
س: لماذا لا يعرف الامريكيون ما رايته؟"
جيمي كارتر: الامريكيون لا يريدون ان يعرفوا والكثير من الاسرائيليين لا يريدون ان يعرفوا ماذا يحدث داخل اسرائيل. انه انتهاك مروع لحقوق الانسان يتجاوز بكثير ما قد يتخيله اي شخص من الخارج. هناك قوى سياسيه نافذه في امريكا تمنع اي تحليل موضوعي للمشكلة في الارض المقدسه. واعتقد انه دقيق لان اقول انه لا يوجد عضو واحد في الكونجرس يستطيع ان يفكر بالتحدث علنا ويطالب اسرائيل بالانسحاب الى حدودها القانونيه او يتكلم عن ماساه الفلسطينيين او حتى يدعو علنا لاجراء محادثات سلام بحسن نيه فمنذ سبع سنوات ولم نرى يوما واحدا من محادثات السلام ولذا فهذا موضوع محظور واذا تحدث اي عضو في الكونغرس عما ذكرته للتو فعلى الارجح لن يعود الى الكونجرس في الانتخابات المقبلة.
س: من هي تلك القوى التي تتحدث عنها؟
جيمي كارتر: حسنا هناك التزام اصيل في امريكا والذي اشاركه انا كمسيحي، التزام عميق بالحرص على امن اسرائيل ويضاف اليه النفوذ القوي لجماعه الضغط الامريكية الاسرائيلية المسماة التي تؤدي مهمة مشروعة قانونا وهي اقناع الامريكيين بدعم سياسات الحكومة الاسرائيلية وهدف تلك الجماعة ليس احلال السلام انما حشد اكبر دعم ممكن في امريكا والبيت الابيض والكونجرس وفي وسائل الاعلام لتاييد اية سياسة تتبعها الحكومة الاسرائيلية في اي وقت معين وهي فعالة جدا.”

لماذا لا نفكر في بناء كيان يختار فيها الشعب حكامهم ونظام الحكم الذي يختارونه؟ لماذا لا نفكر في بناء علاقات بشعوب الجوار على اساس السلم والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة في كردستان وايران وتركيا والدول الاخرى؟ ان الشعوب المجاورة للكرد وخاصة في العراق وسوريا فهم كباقي الشعوب يتطلعون الى الحرية والعيش بسلام مع جيرانهم من الكرد وغيرهم.

عمقت الديكتاتوريات شروخ الانشقاقات القبلية والطائفية وعمقت الهوة بين الشعوب المجاورة على مدى عقود من تاريخ العراق وسوريا. نحن لسنا من دعاة التفرقة او تمزيق الدول ولكن نأمل ان يستطيع القارئ من خلال قراءته لهذه السطور ان يتخيل ولو لدقائق: كيف سيشعر لو كان كرديا او ينتمي الى اي من الاقليات في هذه الدول الشمولية؟

جميع العرب بلا استثناء يدعمون القضية الفلسطينية بشكل او بآخر. لكن عندما يواجهون القضية الكردية في اي من الدول المقتسمة لكردستان يجدون صعوبة في الاعتراف بشرعية الحقوق الكردية بالرغم من اعتراف البعض منهم بالغبن ومظلومية الشعب الكردي. و مما يؤسف له ان الفليسطينين اصحاب القضية يتحفظون على الحقوق الكردية ربما بدافع قومي او انهم يفضلون الصمت او يجدون سبلا اخرى لتفادي الاعتراف بالقضية الكردية كقضية قومية تستوجب الحل كراي الدكتور خنفر. رغم انه هناك رؤساء عرب اعربوا عن مشروعية القضية الكردية مثل الرئيس المصري جمال عبد الناصر وغيره. وختاما ليس القصد التجريح او اغاضة احد، ولكن قول الحقيقة. ونعتقد ان الاوان قد ان لاخواننا اصحاب الضمائر الحية ان يرفعوا اصواتهم عاليا وان يفهم الاخرون من اصحاب القضيتين العربية والكردية والمؤيدين لهذا او ذاك الحقيقة كاملة ومن دون تعصب او استعلائية.



#نعمت_شريف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا خسر الديمقراطيون الانتخابات الأمريكية لعام 2024؟
- الحلم الكردي: الى أين؟
- ترامب او هاريس: 2024 معركة من اجل امريكا
- أنا اصرخ بأعلى صوتي: هل من مجيب؟
- الغرفة رقم 3
- شاهزنان
- الرحلة 516
- عن اصل الشبك واسمهم ولغتهم
- الشوق للانتماء
- ما وراء الثقافة
- -حلال لكم ، حرام علينا- مناقشة للتعليقات التي وردت الينا
- العقل الكردي -نقد العقل العملي-
- قراءة في كتاب -دراسة عن محافظة الجزيرة السورية-
- الاغنية الظاهرة في الانتخابات الامريكية
- في حارتنا كلب
- عزاء البو هدلة
- قواعد العشق الاربعون
- الدفاع عن الارض والعرض شهادة -قصة حقيقية من زمن الارهاب-
- الخال -قصة من صميم الواقع-
- ألكرد الزازا في تركيا: أقلية شرق أوسطية في مجتمع العولمة


المزيد.....




- تنفيذا لخطة ترامب.. أمريكا تنقل مهاجرين غير شرعيين إلى غوانت ...
- الأمم المتحدة تحذّر من إعلان حكومة موازية في السودان
- الداخلية التركية تعلن اعتقال متهم بـ-الإساءة- لأردوغان في سو ...
- محافظ طولكرم: الكتَّاب سيوثقون حجم مآسي النازحين جراء العدوا ...
- الهجوم على سوق عيد الميلاد في ماغديبورغ يفاقم مشاعر العداء ت ...
- مراسل العالم يكشف تفاصيل تسليم جثامين الأسرى الفلسطينيين وال ...
- الصليب الأحمر يجدد دعوته لتبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل -سر ...
- الجزائر: وحدات الجيش تعلن إحباط تهريب مخدرات وتوقيف مهاجرين ...
- إنفوجراف | أحكام الإعدام في مصر لشهر يناير 2025
- رئيس الأونروا يحذر من انهيار عملياتها بسبب القوانين الإسرائي ...


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - نعمت شريف - لكرد بين المحرقة والضمير العربي