أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - زهير دعيم - أنا والمريول المدرسيّ














المزيد.....


أنا والمريول المدرسيّ


زهير دعيم

الحوار المتمدن-العدد: 8248 - 2025 / 2 / 9 - 16:14
المحور: المجتمع المدني
    


على الأبواب يوم مولدي ...وكاّنّه حدثَ بالأمس ؛ بالأمس القريب ، وإلّا فما باله يخطرُ على بالي واضحًا جليًّا وكأنّني أعيشه وأحياه وأُغنّيه اليوم.
أذكر نفسي وأنا في صفِّ البستان ألبس مريولًا مدرسيًّا أخضر كما كلّ الطلّاب والطّالبات في الصّف ، وأذكر وأتذكّر أنّني امتعضت وقتها وخجلتُ – رغم صغر سنّي - ، فالمريول يا مُعلّمتي يُسرى يليق بالأُنثى ؛ بل خُلق ووجِدَ لأجلها ، فما بالك تلزميننا على ارتدائه ؟! فلبسته على مضَضٍ وفي قلبي وعلى وجهي ألف باقة خجل ...
ولكنّني ومع الأيام رحتُ أعشقه ، وكم تمنيّتُ وأتمنّى لو كان هناك من رسمني وأنا ارتديه ، أو التقط لي صورةً وأنا أرفلُ به ، أو لو احتفظت به، لكان اليوم كنزًا يلوّن خِزانه ملابسي .
ولا أنسى وكيف أنسى حقيبة كتبي في الصّف الأوّل ؛ تلك الحقيبة بل قُلْ: " المِحفظة" التي حاكتها المرحومة أُمّي من قُماش احدى المِخدّات ، ورُحتُ أُعلّقها كما كلّ أصدقائي على كتفي وأنا أعبر الطرقات الضّيّقة في بلدتي الجميلة عبلّين للوصول الى الصّف القابع في بناية السيّد مفضي خليل ... أعبرها صباحًا مع زقزقةِ الدّوريّ يُعانق نوافذ شُباطَ مرةً وأُخرى تحت زخّات المطر وشمسيتي يدان صغيرتان ، فمرّة أنجح في الوصول سالمًا ، وأحيانًا أصل والوحل يرقص فوق ثيابي من جرّاء حفرةٍ اقتعدت كأخواتها جلّ طرقاتنا .
سقى الله هاتيكَ الأيام ؛ أيام الفقر والبراءة والطّيبة والمحبّة غير المُقنَّعة ، وسقاها طَلًّا وعِطرًا وفوْحَ ياسَمين.
ومرّت الأيام وكأنّه حُلمٌ ، حُلمٌ وينقضي ويتلوه آخر وآخَر ، وإذا بي وأنا في عنفوان الشّباب أنخرط في سلكِ التعليم ، فكم عشقتُ أن ينادوني " يا معلّم " كما نُوديَ من قبل على السيّد المسيح .
لقد عشقت هذه المهنة وما زلتُ ، ففيها ومن خِلالها تتجلّى القداسة ويرفل العطاء وتشمخ الانسانيّة ، فلو أسعفني الحظّ ! – ويل ليته يُسعفني – نعم فلو أسعفني الحظّ اليوم وعُدْتَ شابًّا لاخترْتُ أن أكون مُعلّمًا يزرعُ العقول والنُّفوسَ أدبًا وعلمًا وايمانًا .
حقًّا كأنّه حُلم ..
فأنا اليوم في الخمسين والنّيّف من السّنين - رجاءً لا تسألوني عن " النيّف " كم هي – وما زالت تلك الأيام الجميلة تُكوْكبُ في مخيلتي في كلّ يوم وتناديني :
تعالَ تفيأ تحت ظِلالي
تعال وعُد الى البراءة
وتعال وأكتب " دار دور" ودعك من عالَمٍ متحضّرٍ يعشق الحرب أكثر من عشقه الحياة وربّ الحياة !!!
يا ليتني أقدر واستطيع أن اعود الى تلك الأيام الخوالي فأتلذّذ بِ:
" المجدّرة " و "السميدة والبنادورة " و" الغليضة " ( الغليظة) و" مرقة العدس " و" الخبيزة " وخبزات الصّاج ، وأكلات أُخرى فرضها الفقر فرْضًا فالتهمتها بلذة مرّةً وعنوةً مرّة أُخرى ، ونحن نلعب : البنانير والغُميضة والحِيز ويلّا الغيث غيثينا ، حين تبخل علينا السماء بالمطر.
عُدْتَ يا يوم مولدي ... عُدْتَ وعادت بي الذّكريات الحُبلى بالحياة والمرح والبراءة رغم " القِلّة" وضيق اليد ...
عُدْتَ ويا ليتك تعود مرّاتٍ كي أُبحرَ في عشرات السنين القادمة الى هاتيك الأيام.. أتُرى السماء تسمعُ فتستجيب .



#زهير_دعيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حان الوقت وأكثر لتوحيد الأعياد المسيحيّة.
- كانون الثّاني أضحى - كانونًا -
- أنا أنتَ
- وزغردتِ الرّمال
- عبلين لوحة عَ جبين الجليل
- زخّات المطر
- سامحيني يا صديقتي
- السّلامُ يلوحُ في الأفق
- فيروز وبعلبك صِنوان
- أرحنا يا ربّ
- الصّواريخ تسقط والبلفون يُصوّر !!
- حارتنا العبلّينيّة القديمة
- بَحِبَّكْ
- في أحضانك خَبّينا
- عبلّين الجديدة
- الثّعلب العائد الى نفسه
- رحماكم فلقد حرقتم أعصابنا
- عجّلْتَ الرّحيل طبيبنا الجميل حمزة شيخ أحمد
- لمّة في شمال إيطاليا
- للقائمين على أولمبياد باريس نقول : رغم كلّ شيء نُحبّكم


المزيد.....




- ليبيا.. الطرابلسي يحذر من الترحيل القسري للمهاجرين في حال تق ...
- -في اليمن وغزة-.. دبلوماسي بريطاني يتهم وزارة خارجية بلاده ب ...
- مأساة جديدة في ليبيا.. العثور على جثث عشرات المهاجرين في مقا ...
- -تعذيب لا يوصف-.. أسير فلسطيني محرر يروي معاناته خلال فترة ا ...
- هولندا تسمح للاجئين السوريين بإجراء زيارة تجريبية إلى وطنهم ...
- بالصور.. ما الرسائل التي توصلها كتائب القسام خلال تسليم الأس ...
- الأمم المتحدة: تفادي المجاعة في غزة إلى حد كبير والهدنة مفتا ...
- اعتقال منجّمة تركية شهيرة لأمر يخص أردوغان
- الدانمارك تقلص عدد المستفيدين من حق اللجوء لمستوى -غير مسبوق ...
- تسلل المهاجرين إلى المملكة المتحدة: سائقو الشاحنات الفرنسيون ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - زهير دعيم - أنا والمريول المدرسيّ