كريمة مكي
الحوار المتمدن-العدد: 8246 - 2025 / 2 / 7 - 21:04
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
كيف لم أفهم وقتها و الدلائل كانت أمامي مبعثرة و كثيرة!
كيف و أنا التي كنت أظن نفسي ذكية و خبيرة!
المقلب الذي دبّره له الصديقان...سفره المفاجئ للخارج لمرّتين متتاليتين بدعوى العلاج بدون أن يصطحبني معه ...علاقته بتلك الرسامة الخبيثة التي منذ أن عرفتها أحسست أن عقدة حياتها و مَثلها الأعلى هي ليلى بن علي و أنها تخطط لتكون سيدة تونس الأولى بمال زوجها العجوز و بسلطة الوزير الصاعد و الواعد: سي محمود زوجي المصون!!!
يا إلاهي...كيف لم أفهم و الدلائل من حولي ساطعة و مثيرة؟!
ألأني لم أشك يوما في ولائه لرئيسه و كان يتحدّث لي عنه، و نحن لوحدنا بالبيت، بعين الإكبار و التعظيم و كأنه يتحدّث لمنخرطي الحزب في اجتماع عام تنقل أطواره الإذاعة و التلفزة الوطنية.
كيف لم أدري وقتها، و أنا الزوجة المطمئنة لحديث الشفاه، أنه كان يكنّ للرئيس حقدا و كرها دفينا و أنه كان فقط يمثل الولاء و الطاعة إلى أن يبلغ لحظة التمكين.
و كيف لم أكن أدري طيلة عمري معه أنه كان يمثل معي دور الزوج الوفي لامرأة قنوعة و خدومة إلى أن تحين لحظة التخلي عني لصالح امرأة تجيد إقامة المعارض الفنية لربط العلاقات و حبك الدسائس السياسية!
من أين لي أن اعلم بما يحاك لي و لتونس في بيتي لو لم تزرني إيمان زوجة جلال بعد أكثر من سبعة شهور على دخول محمود للسجن.
تعتذر مني على عدم سؤالها عني: كانت في صراع لوحدها مع المرض فقد سبقها جلال للعمل بالخليج بعد المضايقات التي تعرض لها في الجامعة كتجمعي سابق.
لم ألتق بها من قبل إلا قليلا و كم كانت تعجبني شخصيتها و خاصة علاقتها بزوجها فقد كانا على درجة من الانسجام يُحسدان عليها فبقدر ما كانت علاقتهما سهلة خفيفة فيها الجدّ و فيها اللعب بقدر ما كانت علاقتي بمحمود علاقة مركّبَة متعِبة و كثيرة التعقيد.
تسلمني أمانة تركها محمود عندهم بعد أن عاد من الخارج قبل الثورة ببضعة أشهر... و حين ترى وقع المفاجأة علي، تحاول طمأنتي...
-أعرف...تقول: ليس كل الرجال يُحدثون زوجاتهم بكل شيء و خاصة في أمر عظيم كهذا...
و كأنما شعرت بانقباض قلبي فاستطردت: ألم يلمّح لكي و لو قليلا...
(يتبع)
#كريمة_مكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟