حسين علي محمود
الحوار المتمدن-العدد: 8244 - 2025 / 2 / 5 - 06:55
المحور:
المجتمع المدني
من الجيد أن يكون هناك وعي متزايد حول أهمية الحفاظ على هوية الموصل الثقافية والتاريخية. بالفعل، لا يمكن اختزال مدينة بحجم الموصل بتاريخها العريق في بعض الشخصيات التي تعتمد على التهريج لجذب الانتباه.
ينبغي أن ندرك أن هوية أي مدينة لا تتشكل من خلال فئة معينة أو ظواهر مؤقتة، بل هي نتاج تراكم حضاري وثقافي يمتد عبر العصور، والموصل بتاريخها العريق، لم تكن يوما مجرد مدينة عادية، بل كانت منارة للعلم والثقافة، خرج منها العلماء والأدباء والمفكرون الذين تركوا بصمتهم في مختلف المجالات.
من الطبيعي أن نرى في العصر الحديث بعض الظواهر التي لا تعكس الوجه الحقيقي للمدينة، خاصة في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي تمنح الشهرة السريعة أحيانا لمن لا يمتلكون قيمة حقيقية، لذا علينا أن نتعامل مع هذه الظواهر بوعي، فلا نعطيها حجما أكبر من اللازم، بل نركز على تعزيز الصورة الإيجابية للمدينة من خلال دعم المبدعين والمثقفين الحقيقيين.
تحتاج المجتمعات إلى رموزها الفكرية والثقافية والدينية والعلمية كي تبقى متماسكة وقادرة على مواجهة التحديات. عندما يتم تهميش أو استبعاد هذه الرموز، تفقد المجتمعات بوصلتها الأخلاقية والفكرية، مما يترك فراغا تستغله قوى سلبية قد تضر بالنسيج الاجتماعي.
القدوة المجتمعية تلعب دوراً أساسياً في تشكيل القيم والسلوكيات داخل المجتمع.
عندما يكون هناك أفراد يُحتذى بهم في الأخلاق، العمل الجاد، والإيجابية، فإنهم يساهمون في بناء مجتمع أكثر وعيا وتماسكا.
القدوة قد تكون شخصية دينية، علمية، سياسية، أو حتى من الحياة اليومية، مثل المعلم، الأب، أو الأم. الأهم هو أن يمتلك الشخص صفات مثل النزاهة، الإخلاص، والتفاني في خدمة الآخرين، لأن هذه القيم تنتقل بشكل غير مباشر للأجيال القادمة.
إن حملة "حظر التافهين" لا ينبغي أن تكون فقط ضد الأشخاص الذين يقدمون محتوى هزيلاً، بل يجب أن تكون أيضا دعوة لنشر المحتوى الهادف، وتسليط الضوء على الإنجازات الحقيقية لأبناء الموصل، سواء كانوا في مجالات العلم أو الأدب أو الفنون أو غيرها.
المواجهة الحقيقية لهذه الظواهر لا تكون بالرفض وحده، بل بإيجاد البدائل الراقية التي تمثل الموصل بصورتها الحضارية المشرقة.
كما أن الإعلام والمؤسسات الثقافية والتعليمية لها دور كبير في رسم الصورة الحقيقية للمدينة، من خلال دعم الأنشطة الفكرية، وإبراز النماذج المشرفة، وتشجيع الشباب على تقديم محتوى يعكس عمق الموصل وتاريخها الغني.
لذلك، بدلاً من الانشغال بمنح هؤلاء "المهرجين" مزيدا من الاهتمام، يجب أن يكون تركيزنا على بناء بيئة ثقافية تعزز القيم الإيجابية، وتشجع المواهب الحقيقية، وتحافظ على إرث المدينة العريق. بهذا، سنضمن أن تبقى الموصل دائما مدينة تنبض برجالها وثقافتها، بعيدا عن كل ما يشوه صورتها أو يقلل من مكانتها.
#حسين_علي_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟