كريمة مكي
الحوار المتمدن-العدد: 8238 - 2025 / 1 / 30 - 15:05
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
لوحة مناحة السوسن: أفريل2009
ʺلماذا ارتضيتُ لنفسي الهوانْ
لماذا قبلتُ بالعيش الزّؤام؟؟؟
ماذا أقول للقلب لو قالْ:
بكم بعتِ الطموحْ؟!
بكم خُنتِ الخيالْ؟!
أَ بأمن؟؟؟ أَ بمالْ؟؟؟
ويحكِ...
و أيُّ أمنٍ خلف القضبانْ؟!
و أيُّ سِعْرٍ يساوي الأحلامْ ....!!!ʺ
أتممتُ اللوحة فجرا...كانت ليلة قاسية و ظننت أني بما رسمت قد أطفأت نار المهانة التي أكلت قلبي بذلك الاستهزاء الموجع الذي أهداني إياه أمام أخته يمينة و في بيتها.
عندما عدنا إلى البيت لاحظ صمتي منذ أن خرجنا من عندها ففهم أنه زاد في الجرعة هذه المرة و أنني لن أبتسم ككل مرة لأضحك معه على نفسي.
أخذ حبّة المنوم و دخل لينام أما أنا فبِتُّ أرسم لوحة نوحي على قدري معه و مكتوبي.
إلى اليوم كلما نظرت لتلك اللوحة تجدّد ألمي.
كلماته ما تزال تشق أعماقي بسكين حامية خاصة حين تلتقي، في ذاكرتي، بملاحظات أخرى كان يرميها في وجهي كلما أثرت معه موضوعا جديّا لألفت نظر حضرة السياسي البارز لما قد يغيب عنه في زحمة المسؤوليات، لعلّه يتحرّك و يُصلح، من موقعه، ما يمكن له إصلاحه.
أذكر كيف كان جوابه يوم حدثته عن ابن مديرة المعهد الذي أدرّس فيه كيف أجبر والديه على دفع ضمان مالي كبير ليغادر فجأة إلى كندا بسبب معاملة مهينة تلقاها في مركز الشرطة.
لقد قال لي بتهكم كبير: كيف هذا؟؟ هذا لا يجوز... كان عليهم أن يعاملوه باللطف و باللطافة...!! أهذا ما تريدين؟
يا مدام هذه ليست ʺحانوت عطريةʺ...هذه دولة و لا تدار إلاّ بالعصا الغليظة.
و لم يتركني أوضّح له خطورة الحالة و أثرها على هجرة الشباب المقهور في بلاده.
أخذ هاتفه ليجري اتصالا قبل أن ينفث سمّ كلماته الباقية في وجهي:
ʺحقا لست أدري كيف تفكرين؟؟؟
و الله أنت ʺنيّةʺ أكثر من اللازمʺ...
و أنا إن واصلت الاستماع إليك فستكون نهايتي على يديكʺ.
حين أتذكّرها الآن أبكي بحرقة...
فعلا لقد كنت ساذجة أكثر من اللازم!
كم كنت ʺنيةʺ و ʺبوهاليةʺ منذ تزوجته و بخاصة بعد الثورة حتى كدت أفقد عقلي بسببه و أنا أفكر كيف أخفيه، كيف أحميه، كيف أهَدّيه، كيف أطمئنه، كيف أبرِّئه ، كيف أقترض لأدفع لمحاميه...
كيف ...كيف...كيف؟؟؟
و لكن...
لماذا لم أكن كأخته يمينة نفعية و استغلالية و بلسان رطب يقطر زورا بالودّ و بالحب؟!
لماذا لم أكن كزوجة صديقه جلال الذي يأتمر بأوامرها و لا يُخفي عنها أمرا؟
لماذا لم أكن كزوجة أخيه عبد الحميد: شرسة، سامّة... سليطة اللسان!
لماذا...لماذا...لماذا؟؟؟
*مقتطف من قصة ʺكنت سأكون زوجة للدكتاتورʺ تونس2011
#كريمة_مكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟