أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - جاكوبي ضد كانط














المزيد.....

جاكوبي ضد كانط


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 8232 - 2025 / 1 / 24 - 22:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


271 - أركيولوجيا العدم
العدمية الثورية
19 - الهجوم على كانط

مندلسون، أدرك خطورة إتهام جاكوبي لصديقه ليسنغ بتبنيه لفكر سبينوزا ونظرته لله والطبيعة، ليس فقط بخصوص ليسنغ نفسه، وإنما بإعتبار هذا الإتهام هو عريضة ضد الفلسفة عموما. جاكوبي أراد بهذا الإتهام أن يشير صراحة إلى أن الفلسفة فشلت في مشروعها المعرفي، وغير قادرة على إثبات وجود الله وتأسيس الدين، وغير قادرة في نفس الوقت على وضع أسس متينة للأخلاق. ويعتبر فلسفة سبينوزا، فلسفة مزيفة رغم أنها في الظاهر تبدو عقلية ومتماسكة، ولكنها في حقيقة الأمر هي فلسفة إرتيابية وشكية مقنعة، بل هي نوع من الإلحاد و"العدمية" المتسترة وراء شرعية العقل.
وقد أستمرت معركة المراسلات والمطبوعات بين جاكوبي ومندلسون لفترة طويلة، حتى وفاة مندلسون سنة ١٧٨٦، غير أن جاكوبي القاسي والمثابر، واصل مشروعه التدميري دون أن يأبه لغياب مندلسون أو ليسنغ، فقد كانا بالنسبة له الذريعة لبداية حملته العاتية، أو الحطب الذي ساعده في إشعال الحريق، وكان ضروريا بطبيعة الحال أن يدمرهما الإعصار الذي تسبب في أحتدام النقاش في الساحة الفكرية والذي شارك فيه أغلب مثقفي ألمانيا ذلك الوقت. ولكن جاكوبي كان يتقن سياسة النقاش والجدال العنيف، وبدأ في مناوشة كانط الذي ظل صامتا طوال هذا الوقت وبعيدا عن هذه الضوضاء الفكريه، رغم أن مندلسون كان قد أستنجد به قبل وفاته لكي يساعده في الرد على جاكوبي، الذي كان يريد بدوره إستدراج كانط ليجبره على الدخول في حلبة النقاش. ولكن كانط واصل صمته ورفض التدخل في هذه المعركة التي لم تكن تهمه. غير أن جاكوبي لم ييأس من هذا الترفع الكانطي، بل أستغله كفرصة للمزايدة ورفع حدة المناوشة، فبدأ في نشر مجموعة من المراسلات والمطبوعات يفسر فيها على هواه مقولات كتاب "نقد العقل الخالص" الذي أصدر كانط طبعته الثانية عام ١٧٨٧. وحاول كانط بطريقة غير مباشرة، عن طريق بعض أصدقائه أن يقنع جاكوبي بترك كتابه وشأنه، غير أن ذلك كان بدون نتيجة تذكر.
واصل جاكوبي تفسيراته المريبة ويتهم كانط بأنه في كتابه هذا لا يقدر قيمة العقل وقدرته ولا يضعه في مرتبة عالية في الحقيقة، وإنما يعترف ويقدم شهادة على ضعف هذا العقل وعجزه، وذلك في صالح فكرة الإيمان. ويواصل تغيير مقولات كانط وتشويه تصوراته وتفسير مفاهيمه الأساسية بطريقة تبتعد كثيرا عن الروح العلمية والموضوعية، فيذهب إلى أنه بإعتبار كلمة "عقل" ترجع في أصولها إلى فكرة "السمع"، فإن العقل له وجود مادي وعضوي مثله مثل أي حاسة من الحواس، كالسمع والبصر والشم أو اللمس، ووظيفته هي إدراك ما وراء الواقع، أي ما لا تدركه الحواس المتعارف عليها والتي تقتصر وظيفتها على إدراك الواقع الحقيقي المرئي والملموس. ويذهب إلى أن "الإيمان" والإعتقاد فإنه يعني بكل بساطة التقبل والموافقة والقبول، والذي لا يأتي عن طريق العقل، ولا عن طريق الحواس الأخرى، ولا عن طريق البحث وتقصي الحقائق المادية والجري وراء الأدلة والإثباتات والبراهين. الإيمان هو إظهار للحقيقة وكشف وحدس أولي وجذري للكينونة. وبهذا المعنى، يبدو الإيمان كصورة متفوقة للمعرفة، وترتقي إلى مستوى أرفع من المعرفة العقلية أو المعرفة النابعة من الإدراك الحسي.

يتبع



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الله والطبيعة ووحدة الوجود
- شبح سبينوزا
- صلاح الدين وناثان الحكيم
- الخاتم السحري
- الدين وعصر التنوير
- جاكوبي ومحاولة تحطيم العقل
- صدق المنجمون ولو كذبوا
- ظاهرة الشخص الزائد
- والتر بنيامين والزمن المتراخي
- غرزة بودلير وشلته
- تاريخ المخدرات
- عفاريت شكسبير
- كش مات
- عالم هكسلي المرعب
- أكتشاف المسكالين
- الوعي والمخدرات
- الهوية الغائبة
- حكاية الفيل والتمساح
- جاكوبي، الإيمان ضد العقل
- العلمانية


المزيد.....




- -وول ستريت جورنال- تكشف هوية أقرب مستشار لنائب الرئيس الأمري ...
- في لحظة تاريخية مؤثرة.. عشرات الآلاف يلقون النظرة الأخيرة عل ...
- إيران تبدي استعدادها لمفاوضات نوويّة مع الترويكا الأوروبية.. ...
- لأول مرة في تاريخها - منظمة التحرير الفلسطينية تستحدث منصب ن ...
- نتنياهو: مستعدون لمواجهة إيران لوحدنا
- أوروبا.. توزيع التهم بين موسكو وواشنطن
- عراقجي يدعو لندن وباريس وبرلين للتفاوض
- شويغو: مجلس الأمن الروسي يعد مقترحات لتعديل استراتيجية الأمن ...
- الجزائر.. الحكم بالسجن 5 سنوات ضد المدير العام السابق للتشري ...
- الجثة الثامنة.. تجدد المخاوف من قاتل متسلسل في أمريكا


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - جاكوبي ضد كانط