|
فاطِمَا المُونَضَا ... (قصة)
عبد الله خطوري
الحوار المتمدن-العدد: 8228 - 2025 / 1 / 20 - 10:09
المحور:
الادب والفن
رَوتْ فاطِمة أن المغني غنى ذات مساء أغنية لن تنساها، وسط حلقة السوق، غناها خصيصا لها بعدما آنفضت جموع السابلة وذهب كل واحد إلى سبيله، وظلت هي ترددها للناس، لنفسها كل يوم وفي كل وقت وحين، حتى أصبحت أغنيتها المفضلة .. قال المغني وفاطمة تسمع :
"آفاطما رايَسْتْ لَبْنَاتْ عذبتْ عقلي ونَفْسَها بْغاتْ توالفنا السهاراتْ عَمْرُو مايَبْرَاوْ العاشقينْ ... "
فاطِمَا ... أنا دايْمَنْ كَنْجَرِّي اُو نَجْرِي في الطرقان والشوارع نَسْعَى مَنْ ذا لذاكْ نَجْمَعْ للِّي كَتَّبْ الله لكن حتى حاجة ما كتبقى في يدي ياللهْ نوصل ثمن قرعة ديال مونضا نمشي عند أقرب بَقال يعطيني نشرب ما يهمش الوقت شتا كان ولا صيف برد ولا صهد المهم نبقى نشرب ونشرب حتى نغرق في القرعا نذوب نتبخر نتحرق رماد نطير في السما في الأرض في كل مكان بين النجوم والبدور في نهار وليل نحس راسي وحدة أخرى ماشي أنا .. ما نختارش ما بين المونضات للي جابو الوقت نشربو لكن بْلا ما نقرب الحرام عْلَحَقَّاشْ داكشي ما مزيانش ربي ما كَيَبْغِيهْ مَنْ شْحَالْ هاذي وغير المساخيط للي كيدورو بيه بُويَا الله يرحمو كان يقوللي دايمن .. " عنداااك أفاطما من المنكر بعدي من طريق ولاد الحرام .." أنا ما نبغي نخالف وصية الوالد بيني بينكم حمدت الله مينْ ما هضرش على المونضا كان يعرفيني نموت عليها وكان يجيبلي مسكين ديما معاه القرعا منين كيرجع من الخدمة ويلاقنا كاملين في الدارْ ولا في المْرَاحْ ولا بَرَّا في تِيرَانْ لْحُومَا كَنَفْلِيوْ لَقْمُولا لْبَعْطيتْنَا وحْنَا كنغنيوْ وكنطرطقو بالضحك بُويَا مَاتْ دابا وذاكْ الوقت القبيح فاتْ وما بقى لي حدْ سوى ريحتْ الشحم في الشاقور للي كيصدعوني ديما فْرَاسِي وما يخليوني على خاطري كَيْقُولُو بأني كنحشم بهم وشكون هوما ؟؟ هُم بحالهم بحال الناس كاملين بحالي بحالكم علاه كاين شي فرق وعلاش شْكا ندير ؟ كنقطع الطريق كنجر المصارن ؟ ولا كنمشي بلمقلوب ؟ ولا كنعوج الهدرة ؟ إيدَبْرُو لَمْحَايَنْهُمْ هذا شغلهم وهذا شَغْلِي وكُلْهَا فْشَغْلُو غَاطَسْ وكلها يلغي بلغاه وأنا لْغَايَا مْعَايَا ما يَهْنَا لِيَا ما يَزْيَانْ حَالي نَهْدَا فْخاطْري ونَدْخولْ سُوقْ راسي إلا بالمُونَضَا أنا هَكّا ديمَا .. مُونضا .. مونضا في الصبح في العشية في الليل في النهار في كل الوقاتْ وما بينْ الوقات .. نَجمعْ للي كْڤتاب أو نْگَرْگَرْ الصغيرة ونهار يجيب الله شي مَرْضِي يَتْفُوڤَرْ عْلِيَّ بَكْثارْ أوْ نْحَسْ رَاسِي عطشانة بَزَّايَدْ عَل لَقْياسْ نْقَرْقَبْ على القرعة الكبيرة إما هي ولا أنا ودايمن أنا نْكونْ رابحة في هاذ لَمْغَانْنَا نقضي عليها في دقيقة ما كملاش وفي وقت قصير .. أنا ماشي مجعافة ماشي غُولَة ماشي طماعة للِي جابو الله ولَجْوَادْ راضيا حامدا ربي عليه ما يهمنيش الجوع وبوگْليب لكحل للي كايطيح من كل قَنْتْ ويَنْبتْ في الأرض على كل لُونْ أومُصيبة للِّي كيسكن الكارينات ولابيطاتْ وكارْتِيَاتْ الپُوڤْريَا أنا صابرة على كل شِي حيتْ ما عندِشِي أو ما حيلْتي ما ندير ماني ملهوطة ماني مَسعورة مانِي مَجْرَابَة آعبدالله والوقت المقلوب ما يَدِّي مَنِّي غيرْ الريحْ والتسريحْ واخَّا كَرْشِي خاويا ومصارني عامرين بالغاز والكاربون يالطيف ثابْتا مع راسي مايعجبني غْوَاتْ ولا هَنْدِي أوبَنْدِي والْمُوسْ مَنْ عَنْدِي يا وْلِيدِي ولاَ هَاكْ المُوسْكَا هاكْ ولا الْبَنَانْ بْلا ثَمَانْ ولا قَرَّانْ دالزعفرانْ في لَمْرَاقِي كَيْعُومْ نَاشَطْ في عْوَاجُو ولا هَاكْ يَا وَدِّي هَاكْ .. وَحْدَهَا المنوضا تعجبني وهَاكَّا دَايْمَنْ .. بْلَحْفَا خِيتْكُمْ إلى قْبَلْتُو نْكُونْ خَيَّة لِيكُمْ _ تَمْشِي وَتْجَرِّي ما لَبْسَا غيرْ الدْرابَلْ للِّي جْمَعْتْهُمْ ما نَعْرَافْ مْنِينْ .. قرعة دالمونضا في يدي كل وقت حتى وليتْ معروفة عند الطالع والهابط والعادي والبادي الصغير والكبير في الحومة في الدرب في الزنقة في المدينة الصغيرة في المدينة الكبيرة وكل العااالم للي يَعْرفني يْعَيَّطْلِي : فاطِمة المونضا ....
**********************
لم تكُ آمرأة ذميمة ولا سيئة الخلق ولا بذيئة شمطاء بعين واحدة وألف سن وناب.لم يكن آسمها "سَلْفَعَة" وليست هي التي قيلَ عنها قديما "شَرُّهُنَّ السلفعة".لم تكُ تَرْغُو لم تكُ تنعق لم تكُ ماما هيشا ولا مَجَّغْيُول ولا عيشا من قنديشات الزمن الحاضر أو الخالي.لم تك مشوهة بأظلاف ماعز وخرفان وجَحيش بغال.لم تك شيطانة من عفاريت واق واق وبراري البُعاق .. مجرد فتاة، مجرد مشروع آمرأة، مجرد طفلة كبيرة لا غير كانت .. ليس في رأسها إلا رأسها.لا تكره أحدا.لا تحقد ولا تستطيع فعل ذلك.نفسُها الطيعة المطواعة تحب جميع المخلوقات وكل الأشياء، خاصة قنينات المونضا .. هي حياتها، مماتها وكل شيء .. لا يهمها الجوع الذي يتساقط متناثرا كالزعاف من الأجواء ينبت بأشكال متنوعة من الأرض ليعشعش في صدرها وصدر غيرها في الدرب الحقير .. هي تكتفي بما يسد الرمق وتغرق في قدح المَرق والعرق الفقير كما تفعل والقاروراتِ الحارقاتِ.لا تريد أكثر من خبز بائت ومونضا داكنة أو باهتة أو صافية أو مُرَوَّنَةٍ بعَصْفِ قْرِينَة آلحياة التي تحياها .. هي مسحوقة .. تعلم ذلك، لكن تقول لنفسها .. "هاذا ماشي موشكل .. " تعيش والحَر والصر والقر، مع السُّعار والقحط.ألِفَتْ كل الأشياء التي يستشعرها الناس خائبة مقيتة في قلوبهم، فما عاد شيء يهولها أو يخيفها أو يستحق أن تتنغصَ لحظاتها بسببه .. المونضا وحدها تهم .. تبلل ريقها بها صباح مساء وفي الأوقات كلها، دون مواسم للعطش، دون فصول أو مواعيد يلدها الجحيم .. كل يوم تتجرع تمتص المسام والحنايا والأمشاج والجلود وعُروق السوائل، كل السوائل الملونة الزاهية والقاتمة الكابية .. تعطش دوما .. تعبُّ من القنينات والألوان، الألوان كلها، لا فرق عندها .. تشرب تشرب من فم الزجاجة مباشرة دون وساطات .. تغرق وتُغَرِّقُ نفسها وكل عالمها في القاع هناك حيث المَرَدَةُ وعفاريت الجنون يقرون لا يستقرون .. تحس سكاكين صغيرة حادة تداعب حَنجرتها بحنو ورفق .. تستسلم للمداعبة .. تغمض عينيها .. تقطب الجبهة .. يخترق السائل البارد جوفها، ينساب، يطوف هنا، ينحيني هناك، يعلو، يلف في المنعرجات، يتلولب، يهبط على مهل وببطء ليغرق في أحشائها .. عطشُها لا وقتَ له، لا فصل له .. الوقت نفسه يغرق في القارورات المختلفة أشكالها .. يذوب العالم في قنة رأسها يتمرمر يتبخر يتشظى يتفتت ينصهر، وحدها القارورة تبقى ...
***************
قالت فاطمة... يا زريعة القنب يا تَرِّيكًتْ الكارطون وبنادم المزلوط يا سلالة الحَللُّوفْ .. أووفْ .. مَالْ عقلكم مْحَنَّطْ مْكَفَّنْ ومْسلوب علاش تْعَيْبُو عْلِيّ حالتي ..؟؟.. " هادشي ماشي معقول آفاطِما .. گَلْسِي في الدار آفاطِما .. لبسي مزيان .. قدي حالتك شوف حالك وحال ناسكْ للي كتحشمي بيهُوم في كل بلايص .. آفاطِما ..!!.. " .. صَدَّعْتُوني .. دايمن هدرة وكلام بْلا بْلا بْلا أُعاوَدْ بْلابْلا .. بيني بين راسي، فشي خطرات نقول هاذ الكلام فيه شي شويا دالمعقول، لكن ماشي لخاطري إلى أنا هاكذا شحال من مرة جربتْ نبقى في الدار ندير بكلامهم لكن ما قدرتش .. والله واخا يحطو في رجلي ويدي سلاسل حديد ثقال لامْسَبْتِي خارجا بَرَّا نديرْ لي فراسي .. داكشي ساكني آاالَخوتْ .. أنا فراسي وراسي فيَّا وللي فالراس ما عَارفاه غير مولاتُو .. الجَّغْديدْ لَحْفَا الغمة الدربالة وعيشتْ البُوهالا وبزاف بزااااف دالمونضا .. آه .. علاش كتشوفُو فيَّا بعين الحگرة ؟ ماني ذميمة ولا موسخة الدواصا .. ماشي حامقة نجر شطايطي في الزناقي .. أنا مسكينة وراسي هاذا .. للي قْبَلْ عْليَّ قْبَلْ وللي ما قْبَلْ راسو هَذاكْ .. نْديرُو حَدْ ما شافْ حَدْ وكُلْهَا يَدِّيهَا في سُوقٌو وعِينْ مَا رَاتْ وأذن ما سمعت وقلب ما وجع وبَاسْ مَا طْرَى والصابر في الناس العاقل .. إيوا صبرو الى بغيتو تصبرو أمَّا أنا غادي نبقى أنا وللي بغا شي حاجة أخرى يدير راسُو فيها ...
*******************
أوارُ الحر يشتد.الشمس فوق تتحدى الجميع بآستهزاء ساخر.أشعتها في كل مكان تعفر النفوس، تطمس الوجوه وقُنن الرؤوس .. ليس فيها دفء، بها حقد ضغينة.تضرب بسياطها الأفئدة، بلا رحمة تلسع الرقاب.زَفْتُ الطرقات يسيل متخثرا تَحْتَكِ.يصير سائلا لزجا كقطران لازب.تلتصق رجلاكِ الحافيتان المتشققتان المتقرحتان بالأرض، رغم ذلك تتحركين لكن بصعوبة كمَن تغرق قدماه في كمشة رمال تختزن القرينة الكحلة.تجلسين هنيهة في أي مكان غير الطريق المزفت، وكيفما آتفق تبدئين بإزاحة ما علق بالقدمين.تنجحين قليلا. تفشلين دائما في إبعاد القطران كلية.لا تهتمين لذلك مادام ليس هناك ألم وما دُمْتِ قد آعتدتِ على ذلك، بل على كل شيء كل شيء .. تستمرين في الحركة، فالحركة بَرَكة .. لا يجب أن تتوقفي، إذا توقفتِ ضعْتِ وضاعتِ القنيناتُ .. تحركي .. تحركي .. ما تقومين به ليس شيئا ذا بال في نظرهم، لكن هذا لا يهم، كل واحد وشغله، وشغلكِ في رأسك ورأسكِ عقلكِ وعقلك صندوق مونضا كبير فارغ يحتاج دوما للشحن؛فآشحنيه، إنها مهمتك رغم زبانية القطران الذي يرشح من أعين همج البشر .. تسعين في كل وقت تكدين .. تطلبين هذا تستجدين ذاك .. ليس لديكِ وقت للشعور بالمهانة ليس لديكِ فرصة تحسين فيها إحساسا ما كيفما كان أنتِ باردة جامدة زائدة .. اِجرِ اِجرِ يا فاطِمة من محطة لمحطة من مجمع لمفترق طرق لملتقى .. من مداخل لمخارج .. من بوابات سينما لمدارس لملهى لمقهى لمَشفى من قنطرة لمصعد لمرقى لخطوط سكك الحديد من ألف سبيل لألف سبيل .. اجرِ .. كل شيء يجري .. ابذلي قصارى جهودك لملإ القنينات والحاويات الفارغات في رأسكِ .. لا يهم بعد ذلك أي شيء في هذه الدنيا الدنية بنت الكلب ...
**************
غنت فاطمة ..
_ " .. عَمْرُو ما يبرَاوْ العاشقينْ .. "..
ذاك الحلايقي لم يعد يظهر في الجوار. غْبَرْ بلا رجعة.لم يعلم أحد أين ذهب ولا متى ولا لِمَ ... بَحثَتْ عنه مرارا بلا فائدة .. أرادتْ أن تشكو مْحايَنْها للوحيد الذي يسمع ويُقَدر دون آحتقار أو تعليقات نابية .. لكنه رحل تاركا إياها وحيدة وأغنيتها الأثيرة ...
*******************
الرواي ..
_ "أفاطِمُ ألا تحسين المغص ؟؟"
فاطِما ..
_ "..علاه أنا خوافة..؟؟.."
الراوي ..
_ "والمرض ألا تمرضين ؟؟"
فاطِما ..
_ "أنا هو البوگْليب لكحل للي ما ينفع معاااه مرض .. بحالي ماعندو الحق يمرض .. المرض تامرة وخلاصْ .. "
الرواي ..
_ "والموت ..؟؟.."
فاطِما ..
_ "شحال هاذي منين عرفتو أو عرفني.. ترافقنا تصاحبنا تعاشرنا .. وَلَّاتْ بِينَتنا محبة .. خبز وملح وبزااااف ديال القراعي ... "
الرواي ..
_ "ألا يزورك ؟؟ "
فاطِما ..
_ " شْكونْ ؟ "
الراوي ..
_ " الموت "
فاطِما ..
_ " هو ديما معايا.. "
الراوي ..
_ " .. أيحبكِ ؟؟ "
فاطِما
_ .." بزاااف .. "
الراوي ..
_ " أتحبينه ؟؟ "
فاطمة ..
_ " بزاااف "
الراوي ..
_ " لِمَ لا يأخذك معه ؟؟؟ "
فاطِما ..
_ " فين ؟؟ "
الراوي
_ " إلى حيث يكون "
فاطِما
_" .. وشكون قالك ما خْذَانيش .. ؟؟ .. "
الراوي..
_ " والمغني ؟؟ "
فاطِما ..
_ " شكون ؟ "
الراوي ..
_ " الحلايقي "
فاطِما ..
_ " شحال هاذي ما شفتو وقيلا مشا معاه .. "
الراوي ..
_ " مع مَنْ ؟؟ "
فاطِما ..
_ " الموووت "
الراوي ..
_" ألم يخبرك الموت عن مصيره ..؟؟.."
فاطِما ..
_" هاذاك شغلو ... "
الراوي ..
_ " أتحنين إليه .. "
فاطِما ..
_ " آذنوبي وذنوبك ما عَــبّـاهْ سوى الهوى آهااااوَى ... "
الراوي ..
_ " والناس .. هل يحبونك ؟؟ "
فاطِما ..
_ " ما نعرف .. "
الراوي ..
_ " هل يكرهونك ؟؟ "
فاطِما ..
_ " شغلهم هاذاك " الراوي ..
_ " كيف يتعاملون معك ؟؟ "
فاطِما ..
_ " كيگُولو مهبولا أنا خارْجا الطريق .. "
الراوي ..
" وأنتِ ماذا تقولين ؟؟ "
فاطِما ..
_ " أنا مْـــرَا أوصافي .. "
الراوي
_ .. " كيف تتعاملين معهم ؟؟ "
فاطِما ..
_ " بَلِّلي كان .. المهم خصني نشرب .. "
الراوي ..
_ " هل تقبلين الصدقات ؟؟ "
فاطِما ..
_ " شنو هي الصدقات ؟؟ "
الراوي ..
_ " السعاية .. "
فاطما ..
_ " السعاية موجودة في كل مكان غي حل عيناك أوشوف "
الراوي ..
_" هل تقبلينها ؟؟ "
فاطِما ..
_ "خصني نشرب"
*******************
هل ذقتم مرة طعم الخبز الأسود البائت اليابس المحروق المترب المُحَجَّرِ والموت الحالك على قارعة طرقات بلا طرقات.لا تنقلكم عربات الموتى.لا تنحني لجثتكم الرؤوس آحتراما، بل تُكنسون كبقايا النفايات، كآخر القمامات .. هي كذلك .. تُكْنسُ في اليوم آلاف المرات .. مُقلهم، محاجرهم تجحظها، تثقب مسامها وتغتالها بآبئهُمْ .. تخترقها كالسهام كالأنصال المعقوفة وتُطَيِّشُهَا بعيدا فينْ حَدْ ما يقدر يوصل لحد ...
غنت فاطِما ...
_ " كلام الناس هوما الناس أسرارهم مكتومة كلام الناس هوما الناس كيف شي لفعة مسمومة "
وآسترسَلَتْ...
_ " ... عيب عليكم مَنْ بعد هذا كله يجي واحد منكم ويْگُوللِّي هاذي ديرها هاذي ما دِّيرِهَاشْ .. أنتم السبب .. ما لابس الجلابة غير مولاها .. أنا مادرت والو .. شوفو جلالبكم وما فيها .. بارَكا من تحنزيز في عورات الغير .. يا ريتكم حدبات ف ظهور الجمَالْ يا ريتكم حيوانات ياريت كونتو قرودا من القرود .. لكن خسارة أنتم غير بنادم ... "
***************
غازات عنيفة تصعد من أحشائكِ، فتخلف أثرا معينا آستعذبته من كثرة تعودك عليه.أصبح الإفرازات شيئا ضروريا في حياتكِ مثل صباح الخير يقولها الأحياء وأشباههم .. لكن تلك " التگْريعة " لم تكن تعجبهم .. " شغلهم هذاك ".. كنتِ تقولين دائما .. لكن مصيركِ آرتبط بهم .. حياتك ضمنهم جعلتك واحدة منهم وأنتِ تؤكدين بآستمرار .. " كل واحد وشغلو " .. وهم يزجرونكِ ينهرونكِ عندما تهمين بفعل ذلك .. " هاذشي ماشي بخاطري ".. إنها قوة كبيرة طاقة تفوق مقاومتكِ التي تبدينها لمواجهة ذاك الشيء الغريب المنبعث من أعماق أعماقكِ .. تتشكل كرة صغيرة هلامية غير مرئية تتكور تتلولب حول نفسها، تسافر بين مسالك ومعاريج وآلتواءات ومغالق وسراديب تضيق تنفرج ... تخرج من الأحشاء .. لا تعترف بالحواجز .. تصل جوفكِ .. لا تطرق بابا .. لا يستأذن شواظها أحدا .. تخرج فواااارة عامرة بصداع وجعجعة وغواااات ....
*****************
_ شي خمسين ريال الله يعفو عليك
_ أنتِ خنزيرة يا فاطِما
_ الخنزيرة حتى هي مخلوقة بحالك
_ أنتِ ضبع
_ مرحبا
_ أنتِ قادوس عامر بالواد الحار ...
_ أرَى درهم
_ الله يسهل .. القادوس ما كيسعاش .. سيرْ شوفلك شي جيفة ..
_ ما نلقاش بحالك ***************
في عينيكِ رأيتُ القنابل يا فاطمة.رأيتُ اللظى.رأيت الصدى.رأيت العفاريت، القانون لا يحكمها.البشر لا يضبطها.ما في الرأس الا الرأس.دربالتكِ نارُ مَقْتٍ وضغينة وفي حلقكِ غُصة حرقة لا تطفئها ألف قرعة وقرعة.رجلاكِ تقرحتا. أصابهما الفَدَعُ من كثرة سعيك وراء الدواب.
*****************
قال الراوي ..
_ " .. ماذا وقع يا فاطمة ؟؟ "
قالت فاطما ..
_ " الدفيلي كثير كثيرْ .. تجريدات ديال العسكر ديال الدراري الصغار يْدُوزُو مَنْ حْدَايَا يْقَرْقْبُو السباط يعطيوني السلام ويغنيو .. " جَرَّدْ يالمولعة على القد ديالك يشوفوه العاشقين .. " .. وأنا ما كنتش من العاگْزين وخَّا ما عندي ما نجرد .. ما أنا غير مْرَا خلقها الله صَبْرَا أوصافي .. دربالتي زولتها لحتها لَسْمَا الى بْغَاتْهَا وبقاتْ تَمْ تعلاقتْ في فروع شجرة يابسة قُدَّامي.ما بغيتْ نسقسي فيها نسيتها وبكيت وضحكت وبديت نشطح عريانة كيما خلقني مولانا وهوما يغنيو وأنا سكرت بغناهم .. دخت .. وهوما غابو في عرايا تاهو تلفو وماعدو رجعوا ...
*******************
مرت قذيفة فوق هامات الجماهير كأنها السيل العرم.هللوا.غنوا.رقصوا.اِنتشوا فرحين مشجعين، لكن القذيفة سرعان ما حولت الاتجاه لتستقر بينهم .. بين رجال ونساء تحولت زغاريدهن نواح عويل وأنين .. تفتحت ميازيب السماء بحجارة من صلصال كالفخار تحولت قبل أن تصل البسيطةَ أقزاما بحجم الإبهام، وعند آرتطامها بالرؤوس والوجوه آنتشرت النيران في كل مكان وعلا صياح نشاز جميع الأنحاء ..
_ " .. فاطما المونضا فاطما المونضا .. "
الزجاجات في أيديهم يصفقونها مع بعضها يلقونها أرضا لتصطدم بالإسفلت بالطريق المزفت، تتكسر تتهشم شظايا تنكسرعلى بقاياها أشعة الشمس فتعكس أضواء تعشي الأعين وتزين المكان بألوان تسيل تذوب وتنهرق ....
****************
قالت فاطِمة ..
_ " .. أنا كنت غي كنشطح، غي كنتگَرّع من كل مكان .. والمونضا كتخرج بحال الشلال .. طالعة لفوق بحال النافورة المعصورة تضرب سدادات القراعي لي كتطير بحال المدافع لَمْريگْلا بانت غير جْعَابْهَا .. هُومَا يْغنيو وأنا نشطح والسما كانت عامرة بالمونضات .. الخير دالربي في كل مكان ..
********************
يهتفون.يصرخون.يصفقون.يعومون في السوائل الطيارة.يرقصون.ينتشون. يضحكون.يظهر المغني فجأة.يمسك بيد فاطما.تشبك أصابعها بيديه.يتعانقان. تحيط بهما الجموع.يهللون.يغنون. يصخبون.يغرقون..لم يسقط مطر. اِنهمرت سوائل أخرى تلقفها البشر بلهفة غاصوا فيها.سبحوا.اِنْحَدَرُوا سَاخُوا في اللُّجج ثم نامووووا ....
غنت فاطمة .. غنى المغني ..
_ " .. آفاطما رايستْ لبناتْ عذبتْ عقلي ونَفْسها بغاتْ توالفنا السهاراتْ عمرو مايبرَاوْ العاشقينْ ... آه ذنوبي وذنوبك ما عَبَّاهْ سِوَى الهوى آهاااوى "
*****************
قال الراوي ..
_ " .. ماذا وقع يا فاطِمة ؟؟ "
فاطِما ..
" .. أنا عيييت دابا .. "
قال الراوي ..
_ " ماذا حدث ؟؟ "
فاطِما ..
_ " خصني نمشي .. "
قال الراوي ..
_ " أين ؟؟ "
قالت فاطِما ..
_ " عندو "
قال الراوي ..
_ " عند مَـنْ ؟؟ "
قالت فاطِما ..
_ " كَيْسْتَننَّي "
قال الراوي ..
_ " .. شكون ؟ "
قالت فاطِما..
_ " هُوَ "
قال الراوي
_ " مَنْ؟ "
قالت فاطِما
_ " ........ "
قال الراوي ..
_ " ماذا وقع ؟؟؟ "
قالت فاطِما ..
_ " ......... "
_تمت بفاس 19 يوليوز 1996
#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عُقْلَةُ آلأصبع ... (قصة)
-
تِيرْجَا/حُلْمٌ ... (قصة)
-
اَلنَّهْضَة ... (قصة)
-
قَرعُ آلْمَمْسُوحِ ... (قصة)
-
وأَنْبِسُ آمِيييين رُبَّمَا
-
كَانَتْ حَنُونَةً مُشْفِقَةً شَمْسُ آلْوَدَاعِ
-
غَنَّتْ فَاطِمَة
-
اِقْرَأْ
-
حَتَّى تَلَاشَتْ هُنَالِكَ فِي أُفُقٍ بِلَا أُفق
-
اَلنَّجْمْ الْأَزْرَقُ
-
وَآخْتَفُوا كَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا أَبَدًا
-
لَقَدْ آخْتَرَقَ تِلْكَ آلْبَرَارِي أبِي
-
سُكَّانُ بَلْدَتِنَا آلطَّيِّبُونَ
-
كَباز خرافةٍ معْقوف القامةِ والمنقار
-
أرَانِي أَغْرَقُ في زُلالٍ مِنْ خَيالٍ سَسَّغْ أمَانْ نْتْمَ
...
-
يا أيّها آلطّفلُ آلجَميلُ آلعَالِقُ
-
سُعَار (4)
-
سُعَار (3)
-
سُعَار (2)
-
سُعُار (1)
المزيد.....
-
مثقفو سوريا: بلادنا -قارة- مبدعين مستقبلها مرهون بالغنى والت
...
-
جوائز الفنانين السوريين في حفل صنّاع الترفيه -Joy Awards-..
...
-
عروض جليدية روسية مبهرة في افتتاح الموسم الثقافي في أستراليا
...
-
فنانون يتطلعون للنهوض بالدراما السورية بعد سقوط الأسد
-
قصة إسلام -سيد القراصنة-!
-
معزوفة اليوم السابع.. جديد الروائي الأردني جلال برجس
-
فيلم -مرعب 3-.. دماء وجثث وأعضاء متناثرة وسط حبكة غير مكتملة
...
-
متحف السلطان دينار.. من مركز ثقافي إلى هدف للحرب
-
-مكتبة طريق الحرير- في بكين.. طموح ريادة ترجمة الكتاب العربي
...
-
المسلسلات التركية تحصد أكثر من نصف مليار دولار كعائدات دولية
...
المزيد.....
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
المزيد.....
|