حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)
الحوار المتمدن-العدد: 8228 - 2025 / 1 / 20 - 02:48
المحور:
الادب والفن
أيها المربوط بشرايينك والمأسور داخل أقبية رأسك،
أنت لا تعيش الربيع كاحتفال للحياة حيث الأشجار ترتدي وشاحاً أخضر يلمع تحت بريق النجوم،
ولا تغرق في متعة طائشة تضجّ بنشوة الحاضر، فلست إلا شاهداً على هذا المسرح المتهالك.
الحياة ليست هروباً مترفاً أو دفئاً يحملك بذراعين قويتين لتخفف عنك أثقال الهموم، وليست قوة تعينك على مقاومة العاصفة.
الحياة تشبه حلقة ضيقة تحيط بك إحكاماً، قيداً يجرح خاصرتك، ودائرة خفية تضع حدوداً صارمة لا يمكن تجاوزها مهما اجتهدت.
هي فرحة عابرة بالكاد تراها، كوداع سريع لطائر يحلّق بجناحيه ويختفي،
وخطوات الراحة الطويلة تبدو كسلم شاهق لا تصل إلى نهايته.
الحياة أن تحرس نفسك بازدراء، وكأنك خصمك الوحيد،
أن تبقى متجذراً في قاع بئر مظلم ومهجور، وتدرك أن هناك شمساً دافئة تشرق في الأعلى، غير أنك محجوب عنها.
هي ذاك الشعور بالوهن عندما تسمع تغريد الطيور الذهبية تطوف بحرية في السماء بينما تمر الأيام مسرعة كأنها سهام تفلت من يديك دون أن تمسك بها.
الحياة قد تكون نبضة خاطفة من شريان قلبك، إشارة وداع لما مضى واستعداداً خافتاً لما قد يكون،
رحلة قصيرة تنتهي بك متعباً، فتعود إلى البيت لتنام بلا يقين.
هي أن تعيش مطارَداً بروحك، وكأنك لست أنت، بل مجرد ظل باهت يتبعك أينما مضيت.
الحياة أن تلامس السعادة سريعاً دون التفات أو رغبة في الاحتفاظ بها،
أن تنفي اللحظة الوحيدة التي قد تصبح لك ملاذاً آمناً.
هي ظمأ يسكن أعماقك ووحشة تحيط بك خوفاً من السقوط أو الإثم أو حتى من مواجهة الغريب.
#حميد_كشكولي (هاشتاغ)
Hamid_Kashkoli#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟