أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - لماذا لا نتفق نحن الكورد إلا بالإذعان لقوة خارجية؟














المزيد.....


لماذا لا نتفق نحن الكورد إلا بالإذعان لقوة خارجية؟


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8226 - 2025 / 1 / 18 - 10:10
المحور: القضية الكردية
    


لماذا نظل غير قادرين على تحقيق توافق داخلي حول أهداف مشتركة، في الوقت الذي تُفرض علينا تلك الأهداف نفسها من القوى الإقليمية والدولية؟
هذا التساؤل يعكس إشكالية عميقة في بنيتنا الثقافية والسياسية، ويدفعنا إلى التأمل في الأسباب التي تجعلنا نعتمد على الضغوط الخارجية بدلاً من الحوار الداخلي البنّاء.
لا شك أن التوافق بين الأطراف الكوردية هو مطلب كل الشعب الكوردي، حتى لو تقاطع مع مصالح الدول الكبرى كأمريكا وأوروبا، وهو ما نتمناه، ونأمل أن يدوم تقاطع مصالحهم مع أهدافنا، مع ذلك، يبقى الحذر والتوجس من انهيار هذا الاتفاق بعد زوال الضغوطات الخارجية هو الهاجس الأساسي الذي يشغل الشارع الكوردي، فالخشية تتجلى في أن يكون هذا التوافق مؤقتاً، قائماً فقط على الإملاءات الخارجية، دون أن يكون نابعاً من الذات وعن قناعة حقيقية.
إذا كان التوافق مبنياً على ثقافة التسامح، وتفضيل المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية الضيقة، فإنه سيزرع الثقة لدى الشعب الكوردي، ويمنحهم الأمل بأن هذا الاتفاق سيؤدي إلى النجاح وتحقيق الأهداف القومية. عندها، سيغيب الحذر وربما الخوف من الفشل، وسيحل محله شعور بالاستقرار واليقين، وسيزيد من ثقة الدول الكبرى بنا، ومن ثم التعامل معنا على أبعاد سياسية واسعة.
ما يحتاجه التوافق الكوردي اليوم هو أن يكون مدفوعاً بإرادة ذاتية مشتركة، تسعى إلى بناء مستقبل يرتكز على وحدة الصف، مع احترام التعددية الفكرية والسياسية. هذه الوحدة يجب أن تُبنى على أساس رؤية بعيدة المدى تتجاوز المصالح الآنية، وتتبنى مفاهيم مثل الشراكة والتعاون والعمل الجماعي، وهي مفاهيم أثبتت فعاليتها في التجارب التاريخية.
كما أن تعزيز هذه الوحدة يتطلب غرس ثقافة الحوار واحترام التنوع داخل المجتمع الكوردي. فقد أظهرت التجارب الإنسانية، مثل التجربة الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية، أن الشعوب قادرة على تجاوز الخلافات والصراعات عندما تتبنى مفاهيم التسامح والعمل المشترك لتحقيق المصالح الكبرى. وكما قال الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو: "الاتحاد الحقيقي ينشأ من التفاهم وليس من القوة."
إذا استطاعت الأطراف الكوردية تجاوز خلافاتها، واعتمدت على ثقافة تقبل الآخر وتغليب المصلحة العامة، فإن هذا التوافق لن يكون مجرد لحظة عابرة، بل سيكون خطوة استراتيجية نحو تحقيق حلم الدولة الكوردية أو على الأقل ضمان حقوق الشعب الكوردي في إطار دولة لا مركزية بنظام فيدرالي تحقق العدالة والمساواة.
من المؤسف، بل المؤلم، أننا كشعب، وخاصة كحراك كوردي، استقينا من الأنظمة التي احتلتنا ثقافة الكراهية والإقصاء، وفرضت علينا أساليب تعاملها. هذه الأنظمة لم تكتفِ باحتلال الأرض، بل غرست فينا ثقافة الشك وعدم الثقة، ليس فقط بالآخرين، بل بأنفسنا أيضًا. هذا الإرث الطويل من القهر والاستلاب شوه الجوانب المشرقة في ثقافتنا، وأنتج تناقضات عميقة بين ما نحمله من قيم حضارية، وما فرض علينا من مفاهيم ملوثة.
نحن نعيش صراعًا بين ثقافتين: الأولى هي ثقافتنا الأصيلة التي تمتاز بالعفوية في التعامل الديمقراطي، واحترام التعددية والتنوع، والثانية هي ثقافة الأنظمة القمعية التي شوهت كل ما هو إنساني ومشرق. هذا التناقض جعلنا نعيش حالة مستمرة من الشك في أنفسنا وفي الآخرين، ما أدى إلى توسيع الفجوات بين أطراف الحراك الكوردي، وتحويل الإشكاليات القابلة للحل إلى صراعات عميقة.
كما يقول الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط: "لا يمكن تحقيق السلام الدائم إلا إذا تأسس على مبادئ العقل والعدالة." لكننا في خضم هذا الصراع الداخلي والخارجي نفتقد إلى العقلانية في التعامل مع خلافاتنا، ونتوه في متاهات الشروط المطلقة التي تحول دون تحقيق توافق داخلي.
نحتاج إلى تعزيز الثقة بالذات، وإلى قدر كبير من الوعي بمفاهيم أساسية مثل بناء الدولة، وإدارة العلاقات الدبلوماسية، وآليات تجاوز الخلافات الداخلية. كما يتطلب الأمر فهماً عميقاً لممارسة السياسة بأسلوب مدروس وفعّال، ومعرفة قدراتنا الخام الكامنة وكيفية استثمارها بشكل أمثل لتحقيق أهدافنا الوطنية والقومية.
إلى جانب ذلك، يجب علينا إدراك خلفيات الاهتمام الدولي بنا، وفهم الأبعاد الحقيقية للضغوطات التي تمارسها القوى الكبرى لخلق التقارب بين أطراف حراكنا. هذا الوعي سيمكننا من التمييز بين المصالح المشتركة والتدخلات التي قد لا تخدم قضيتنا على المدى البعيد، مما يعزز من قدرتنا على التفاوض واتخاذ قرارات تخدم مصلحة شعبنا واستقلال إرادتنا السياسية.
وهو ما يدعو إلى مطالبة الحكومة الانتقالية السورية بتبني شراكة حقيقية في بناء الوطن، على أساس احترام حقوق جميع المكونات، مع التأكيد على عدم التخلي عن سلاح قوات سوريا الديمقراطية (قسد) باعتباره أحد مقومات الدفاع عن المكتسبات الكوردية. كما يجب الإصرار على تبني النظام اللامركزي الفيدرالي كحل مستدام يضمن العدالة والمساواة لجميع السوريين. لتحقيق ذلك، لا بد من أن تكون أي اتفاقيات أو ضمانات قائمة على دعم دولي من القوى الكبرى، وليست مجرد ترتيبات إقليمية قد تكون عُرضة للتراجع أو الانهيار.


د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
17/1/2025



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ازدواجية الخطاب العربي وحقوق الكورد
- سوريا تنحدر إلى مستنقع الظلام الفكري
- تركيا بين تعزيز النفوذ ومواجهة التحديات في الساحة السورية
- ترامب والصراع الكوردي-التركي
- تصريحات هاقان فيدان وزير خارجية تركيا من دمشق، قراءة في الأب ...
- رقصة الحراك الكوردي في سوريا على حافة الهاوية
- سوريا بين الثورة والظلام، هل تنتصر الحرية على التطرف؟
- نيران التغيير، وربما التقسيم تقترب من تركيا، هل ستنقذها الفي ...
- سوريا لن تُبنى بالإملاءات
- الكورد والمحتل
- سوريا ولادة من رماد الطغيان إلى صراع على هوية المستقبل
- حين يتصارع التطرف والشرعية في تشكيل هوية سوريا كوطن
- نار الكراهية وأمل التعددية في وطن ممزق
- بشار الأسد بين خيارات البقاء وأطياف الهزيمة
- سوريا بين شتات الهويات وصراع الطوائف
- أردوغان والعباءة المزيفة
- القومية بين البناء الحضاري والتشويه الإقصائي
- بين عباءة الإسلام وقناع القومية
- حلب بين نيران الصفقات وتناقضات المصالح
- التاريخ يصفع كمال اللبواني: الوجود الكوردي في غرب كوردستان ح ...


المزيد.....




- إسرائيل تتهم حماس بخرق اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار
- موعد مسلسل قيامة عثمان الحلقة 178 إنقلاب الأحداث وإعدام السي ...
- إسرائيل تعزز قواتها في الضفة الغربية عشية بدء تنفيذ اتفاق تب ...
- الاعلام الحكومي في غزة: الحذر أثناء التنقل وعودة النازحين بع ...
- اليونيسف: 35 طفلًا يُقتلون يوميًا في غزة و15 يُصابون بإعاقات ...
- إدارة ترمب ستنفذ توقيفات جماعية للمهاجرين غير المسجّلين الأس ...
- قائمة بأسماء الأسرى المشمولين بصفقة التبادل
- زكريا الزبيدي: أحد محرري صفقة الأسرى.. كيف نسجت عائلته ونضال ...
- بيان مصري بشأن اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بقطاع غزة ...
- غوتيريش: الاونروا ستواصل عملها بلبنان وسوريا والاردن دون توق ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - لماذا لا نتفق نحن الكورد إلا بالإذعان لقوة خارجية؟