أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلوى فرح - عطر الحنين














المزيد.....


عطر الحنين


سلوى فرح

الحوار المتمدن-العدد: 8225 - 2025 / 1 / 17 - 20:10
المحور: الادب والفن
    


خاطرة
يغفو الحنين على شاطئ الأمل.. ويهدأ الحلم بين رموش العاشقين.. اسهر وحيدة.. استرجع ذكريات القرية، و التنور.. وعبق ألليلك الفواح من تلك القرية الدافئة يوقظ براعم النرجس الغافية في نبض قلبي.. وتبرق عيناي دمعاً، ولوعةً.. تداعب زخات المطر الناعمة شفاه الأرض.. فتزدهر أحلام القرنفل وتفوح رائحة التراب عطرا سحري فواحا..لا عطر يشبه عطر التراب الممزوج بحبات المطر كما عطر بلادي.. حفيف أشجار التفاح من تلك البساتين يهامس ذاكرتي.. فيزيد صباحي عذوبة و أملا.. وترتشف أمسياتي منه دفئاً لطيفاً..
كم يغويني شذى الياسمين ويؤرقني حنينا إلى جلسات الصباح في ظل محبة أمي نشرب القهوة في حديقتها السعيدة معا على أنغام زقزقة جوقة عصافير الحرية، والحان فيروز الملائكية.. وتتساقط بتلات الياسمين فوق رؤوسنا كرذاذ الثلج اللؤلؤي.. وكأن تلك البتلات هدايا ربانيه من عظمة الخالق.. تذكرنا في محبته وكرمه وعطائه الامحدود.. وكأنها أيضا رسائل سماوية تحثنا على التغيير والأمل.. تمد غربتي شوقا..و دفئا.. وإصراراً على الاستمرار في الصعود حيث شمس وطني..
كم أتمنى أن يعود الزمن إلى الوراء كي أعود طفلة أهرول، وأدور فرحة في بساتين التفاح.. أقضم ساندويتش الزعتر (السعتر) اللذيذ وأختبئ في كوخ جدتي أشرب الشاي, واستمع إلى قرقعة الشتاء على ظهر توتة كوخ الزيتون كأنها أجمل سيمفونية تعزفها الطبيعة الخلابة.. ما ادفأ كوخك يا جدتي!! وكم أشعر بالامان الحقيقي فيه.. فمهما ارتفعت ناطحات السحاب لا تضاهي ارتفاع المحبة، والصدق في سحر كوخك وقلبك العظيم.. هو كوخ المحبة يختصر حنان الكون في جدرانه الطينية، وتاريخ الحب في بساطته السحرية.. ويحصر معاني الحكمة في خيوط القنب المزركشة بفراشات الأمل التي تزين بساط الشتاء المتواضع الذي حاكته يداك الصامدتان بصبر، وأناة.. أقبل أناملك جدتي التي أضافت للمحبة معنى آخر.. ولوناً سحرياً مميزاً..
تأخذني ذكريات المودة الحميمة وهي تلوح لي من بعيد.. من غابر الزمان.. وسهرات كبس حبات الزيتون حول مدافئ تشرين في موسم القطاف.. لها متعة خاصة.. وما أجمل ذلك التكور الودي حول صينية الطعام القشية المزخرفة، أنا وإخوتي، ونحن نتناول كِسفَه.. كما تتكور كتاكيت الدجاجة حول أمها.. و نعيش لحظات الألم والفرح معا.. متلاحمون.. كما أسراب الإوز..
حتى أن تسلل الشمس إلى غرفتي، كان له رونقاً آخر.. وترنيمة خاصة.. لم أرَ لحناً أعذب من نشيد وطني.. ولا بسمة تشبه الفرح المشرق من شمس وطني.
يتأجج الشوق بين شرايين كلما احمرّت عناقيد الكرز على شفاه الربيع.. ولم تستطع ثلوج الغربة المتجمدة أن تطفئه.. و تختلج دقات قلبي عشقاً, وحباً, وشوقاً لوطني، كلما عانق زهر المشمش روح نيسان بلهفة المتيم الولهان.. ويسمو عطر الحنين شفافا في سماء الخلود كلما قبّل الندى شقائق النعمان.. تُحيي روح أدونيس ربيع بلادي.. الذي لايضاهيه ربيع في جماله.. وفي شهر نيسان تتبختر قرية "الأمل" مزهوة بثوبها البنفسجي وبأكمام الزنبق..
ما أردت الرحيل يوما، لكنه قدري.. وفي الوداع اختنقت أنفاسي، وتلاشت أحاسيسي, كنت أتمنى أن امتزج مع التراب.. لكنها رسالتي المحتومة.. صار صمت غربتي ينزف: تشرداً، حنيناً، ، ووحدة . أريد العودة إلى وطني.. فأين أنا من وطني؟؟.
من يسألني عن مدى علاقتي بوطني كأنه يسألني عن مدى علاقتي بروحي.. فالروح لا تفهم بالمسافات، والأرقام، بل تحلق عاليا في سماء الحرية تنشر المحبة في كل مكان.. إحساسها بالغربة مؤلم.. حارق.. خانق.. وتتقطع إربا.. مشردة.. لقد بعثرتها الرياح العاتية.. كإحساس عاشق متيم بعيد عن حبيبته التوأم.. يتلظى بنار الشوق الملتهب.. ولا تُخمد ناره إلا بأنفاس روحه التوأم.. إحساس كما عطش الأرض المحتلة لماء الحرية يرويها..نصر ومجد
هناك روحي منذ الأزل.. وتحلق عاليا للأبد.. أتنفس هواء وطني وعطره من عبق الياسمين. الحب وطني.. وأنا وطني.. والحب والوطن وحدة في قلبي لا تتجزأ.. والمحبة وطن الجميع.. فيا ليتني أغفو بين أكمام الزنبق في بلادي.
_________
*كاتبة عربية-كندا



#سلوى_فرح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وَمْض الروح
- ____ أثلَجَتكَ ناري
- ماعادت لنعناعِكَ نَكهَةٌ في مَذاقيَ
- _____________ أثلَجَتكَ ناري
- عِشقُ البَلابل
- عاصِمةُ القمر
- أُمَشِّطُ الشمسَ....
- زَفرات وطن
- الياسَمينُ يبكي
- _________________ رَشْقَةُ عِطْرٍ
- __ أرغفةٌ حائِرةٌ ________
- في مَرايا البحر
- حين يُولدُ الحَرير
- رَذَاذَهُ عَشِقَ قيثارةً_
- عند أَعتابِ البَرد
- ذاكرة المطر
- وطنٌ لا ينتحِرْ
- طيفٌ بلونِ المَلائِكةِ
- على شَفا وطن
- أتَوشَّحُ حَنينَكَ


المزيد.....




- الشاعر والكاتب وفائي ليلا ضيف برنامج حكايتي مع السويد
- بعيدا عن الأفلام.. كاميرون دياز تتحدث عن أفضل فترات حياتها
- عاجل..وفاة الفنان فكري صادق وموعد صلاة الجنازة عليه اليوم
- وفاة الفنان المصري الكبير فكري صادق (صورة)
- وفاة عرّاب السينما الأميركيّة ديفيد لينش
- أغنية -Sigma Boy- الروسية تدخل قائمة Billboard الشهيرة
- فنانة رقمية سعودية تتخيل ما سيبدو عليه العيش داخل كهوف العلا ...
- مصر.. الفنانة نيرمين الفقي ترصد مكافأة مالية لـ-قاتل الكلاب- ...
- صدمة في بوليوود.. فنان هندي شهير يتعرض للطعن أثناء ردعه متسل ...
- الفنان السوري باسم ياخور يتحدث عن موقفه من العودة إلى سوريا ...


المزيد.....

- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلوى فرح - عطر الحنين