علي إبراهيم آلعكلة
كاتب
(Ali Ogla)
الحوار المتمدن-العدد: 8224 - 2025 / 1 / 16 - 10:01
المحور:
الادب والفن
ما تزال تلك النخلة التي تتوسط حديقتهم الكبيرة عالقة في ذاكرته، كأنها كانت تراقب طفولته بصمت، تحمل أسراره بين سعفها، وكأنها تعرف أن جذوره يوماً ما ستُقتلع من أرضها. لم تكن مجرد شجرة، بل شاهداً صامتاً على فرحهِ الذي لن يعود. يتذكر الحب الأول، وتلك النظرة الخجولة التي تسللت إلى قلبه كنسمة دافئة، رغم اقترابه من الستين.
واليوم، بعد كل تلك السنين، يعيش عزلة باردة في مدينة لا تعرفه ولا يعرفها. حياته مترفة نسبياً، أو هكذا يقال، فلا شمس حارقة ولا غبار يطغى على سمائه، ولا انقطاع للتيار الكهربائي يعكر صفوه. لكن الصقيع الذي يملأ غرفته لا علاقة له بالطقس، بل ببرودة الأيام التي تخلو من وجوه الأحبة.
حين يختلي بنفسه، يشعر وكأنه مشرد على قارعة الطريق. فما فائدة هذا الرفاه دون دفء أمه، أو صوت أبيه الذي كان يجاهد الحياة ليمنحهم عيشة كريمة؟ يتساءل بينه وبين نفسه: أين ذهب كل هذا؟ وكيف أصبح قلبه أسيراً لوطن رحل مع أهله وذكرياته؟
لم ينسَ أبداً تلك النخلة وهي تنحني أمام الرياح، وكأنها كانت تودعه الوداع الأخير، كأنها تعرف أن القلب لن يلتقي بجذورها مرة أخرى.
#علي_إبراهيم_آلعكلة (هاشتاغ)
Ali_Ogla#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟