أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضياء المياح - فشلتُ بسببكِ














المزيد.....


فشلتُ بسببكِ


ضياء المياح
كاتب وباحث، أكاديمي

(Dhiaa Al Mayah)


الحوار المتمدن-العدد: 8222 - 2025 / 1 / 14 - 11:10
المحور: الادب والفن
    


يُؤلمه أنه موظف بسيط لا قيمة له في مؤسسة حكومية يعمل فيها منذ عدة سنوات في الجانب الأخر من المدينة. يُقلقه أن راتبه المحدود لا يكاد يكفيه أكثر من اسبوعين. يشعر بالنشوة وهو يستعرض أيام حياته قبل زواجه كل يوم وهو وفي طريق ذهابه إلى عمله أو عودته إلى مسكنه، لكن ما أن يتذكر ما آل إليه حاله وشهادته الدراسية ومكانته الوظيفية يحزن ويبدو عليه الانزعاج ويصرخ بداخله؛ هي السبب!! .. نعم .. هي السبب!! حينما يصل بيته ويرى زوجته، يصب جام غضبه عليها، صارخا بوجهها؛ أنتِ السبب .. نعم أنتِ السبب، ولا أحد غيرك.. لولاكِ لكنت في غير حال .. لولاكِ لكنت في أحسن حال .. أنتِ السبب، أنظري لأصدقائي مُزهر وسعد وظافر وكامل كيف أصبحوا .. وكيف أصبحت أنا .. إلى أين وصلوا؟ وإلى أين وصلت أنا معك وبسببكِ؟ كله بسببكِ .. أنتِ السبب.
أعتاد هو على إعادة هذا الكلام كل يوم واعتادت هي على سماعه. أعتاد هو أن يسبها ويلعن اليوم الذي عرفها فيه واعتادت هي أن تبقى صامتة تجول في عينيها لا تعرف ماذا تقول أو تفعل. أعتاد أن يضربها كل يوم على رأسها وكتفيها وظهرها ثم يركلها بقدمه دافعا إياها إلى الجدار واعتادت هي أن تتلقى ضرباته ولعناته صامتة. كانت تتكور حول نفسها مُقرفصة في زاوية من بيت قديم متهالك في أحدى المناطق الشعبية في المدينة. أعتاد أن يستمر بضربها ولا يتركها إلا وهي مغشيا عليها من شدة الضرب. يذهب لينام ثم ينهض بعد ساعات ليتناول طعامه الذي أعدته له زوجته بعد أن افاقت من غشيتها. ويقضي وقته صامتا أمام جهاز التلفاز في بيت خلا من الأولاد. ينام ليله ليصحو في اليوم الثاني متوجها إلى عمله.
قبل أكثر من ثلاثين سنة، كانت مجموعة أصدقاء المنطقة الواحدة تضمه وأصدقائه مُزهر وسعد وظافر وكامل يجتمعون كل خميس في بيت سعد الذي يكبرهم سنا. كانوا يتسامرون ويتناقشون في الشعر والأدب ويخوضون ببعض الأحوال السياسية والإجتماعية. جميعهم كانوا يدرسون في جامعات حكومية وبمراحل دراسية مختلفة ثم فرقتهم الحياة. سعد يعمل موظفا في وزارة الخارجية يلف العالم بحكم عمله، ومُزهر أصبح طبيبا وشاعرا معروفا، وظافر ترك الدراسة وهاجر إلى السويد ليكمل دراسة الهندسة ويعمل في احدى مؤسساتها، وكامل أكمل دراسته لكنه فضل العمل بالتجارة. كانت ذكريات لقاءاته بالمجموعة سببا لسعادة مبتسرة ونشوة عابرة. هو لم يكمل دراسته الجامعية وعمل بشهادته الثانوية كموظف بسيط براتب محدود وتزوج منذ أكثر من عشرين سنة ولم ينجب طفلا لعارض صحي يخصه.
نهض من قيلولته كما أعتاد كل يوم، فوجد زوجته على غير عادتها. كانت لا تزال مغشيا عليها كما تركها. أستغرب الأمر. رق قلبه لحالها. حاول أن يوقظها دون فائدة. هي جسد دون حياة. كانت ميتة. أحزنه هذا المشهد وارعبه قرفصتها في أحدى زوايا المنزل دون حراك. جال في المنزل وطافَ حول نفسه مرات ومرات. غطى وجهه بيديه كأنما لا يحب أن يرى ما يرى. صاح على زوجته علها تصحو دون رد. صرخ بأعلى صوته؛ أنا السبب .. أنا السبب .. نعم أنا السبب ولا أحد غيري .. أنا من قتلك.



#ضياء_المياح (هاشتاغ)       Dhiaa_Al_Mayah#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عضو المجلس البلدي البزونة بيتا
- سقوط الحكومات الجمهورية وبقاء الحكومات الملكية في العالم الع ...
- هل يتغير حالنا .. ام نبقى هكذا؟
- تغيير حالنا .. من أين يبدا؟
- كيف نغير حالنا
- لنواجه الحقائق أو ندفن رؤوسنا بالرمال
- وإن تأخرت الدراسة في الجامعات عن موعدها، ما المشكلة؟!
- مَشّي .. ومَشّي
- أكل ونوم وموبايل دووم
- أكمل نومك أيها العراقي .....
- من يبيع أخلاقه الحميدة؟ من يشتري أخلاقا حميدة؟
- شجاعة العراقيين خارج بيوتهم
- الرشوة في المؤسسات الحكومية الأفغانية
- غش الطلاب في جامعات بنغلاديش
- تفسير القانون المختلف هو التطبيق المختلف للقانون
- الاختلاف في وجهات النظر
- مشكلتي أكبر من مشكلتك
- من زوايا القطاع الصحي في العراق
- ماذا لو تحررت عقولنا؟
- قوة إقتصاد الدولة بقوة قطاعها الخاص


المزيد.....




- تشيلي تروي قصة أكبر تجمع لفلسطينيي الشتات خارج العالم العربي ...
- حرائق كاليفورنيا تلتهم منازل أعضاء لجنة الأوسكار وتتسبب في ت ...
- بعد غياب 13 عاما.. وصول جمال سليمان إلى سوريا (فيديو)
- حفل توزيع جوائز غرامي والأوسكار سيُقامان وسط حرائق لوس أنجلو ...
- حلق اللحى.. كيف أدخل بطرس الأكبر الموضة الأوروبية إلى روسيا؟ ...
- -رجل مختلف- فيلم الجنون والقبح والجمال
- الكوميدي جون ستيوارت يسخر من الجمهوريين لمطالبتهم بشروط لإغا ...
- -الفارس الأول- يتصدر شباك التذاكر الروسي
- وزير الثقافة الأردني: مصر منارة وإشعاع ثقافي وحضاري للعالم و ...
- شاهد.. فنان ينحت حجارة غزة ويوثق مآسي الحرب ويحافظ على الذاك ...


المزيد.....

- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضياء المياح - فشلتُ بسببكِ