|
إعلان دمشق ما هو غير مفهوم !
غسان المفلح
الحوار المتمدن-العدد: 1790 - 2007 / 1 / 9 - 12:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ تأسس إعلان دمشق في تشرين الأول من عام 2005 وهو يواجه حالة من الإعاقة رغم التقدم النسبي في عمله التأسيسي . وهذه الإعاقة نابعة من سببين : الأول هو ملاحقة السلطة الدائم والمستمر , ومنع أي نشاط يساهم في تأسيس حالة دائمة الحضور في المشهد السوري وخصوصا قضية الاعتقالات التي لم تتوقف حتى هذه اللحظة والتي تطال نشطاءه . والسبب الثاني يتمثل فيما نلاحظه من حالة إعاقة ذاتية ناتجة عن تثاقل سياسي في الحركة نتيجة لكوابح أيديولوجية مزمنة [ ظهرت من خلال ـ اللعبجة ـ القومجية الإسلاموية في عمل قوى الإعلان وهذا الأمر ينطبق أيضا إلى حد ما على بعض التيارات الإسلامية والقومجية داخل جبهة الخلاص الوطني ـ لاحظوا الموقف الأخير من إعدام الديكتاتور صدام حسين ! ومنهم من يسمونها الخلاف حول المسألة الوطنية في تصعيدها التقليدي وترميزاتها التي فقدت دلالاتها في الحراك الاجتماعي السوري ] هذان السببان جعلا من إعلان دمشق وكأنه شكل مصغر للجامعة العربية التي يوجد فيها نظام كالقذافي ونظام كالمغرب ! ويجب أن تخرج المواقف بالإجماع هي نفسها الصيغة العربية التي تجد عمقها في العقلية القومية وليست في العقلية الديمقراطية التي تعتمد مفهوم الأكثرية والأقلية المتحرك بتحرك الفعل السياسي وقواه على أرض الواقع ولنكن صريحين في هذه النقطة كيف يمكننا تكريس تقاليد ديمقراطية داخل مؤسسات الإعلان إذا كان الموقف السياسي يأخذ بالإجماع وعلى طريقة سياسة الوحدة الوطنية والقومية التي ابتدعها النسق الديكتاتوري العربي ؟ وقبل أن أبدأ في الموضوع لابد من التأكيد الذي نعزي فيه أنفسنا بأن الإعلان هو أول حركة توحد المعارضة السورية ومن كل أطيافها . ولكن هذا الأمر يجب ألا يجعلنا نقف عند عتبة الحراك الإعلامي الذي فرضه الإعلان حتى فترة قريبة . بل علينا البحث الدائم عن كل السبل التي من شأنها دفع مسيرة الإعلان إلى الأمام في حضورها المؤسسي ديمقراطيا . وهذه القضايا أثارها الكثيرون من داخل الإعلان ومن خارجه . وكان الأمل أن الحركية التي ترافق الإعلان داخليا وخارجيا ربما تؤدي إلى مزيد من البحث عن آليات لاشتقاق الموقف السياسي لا تخضع لمواقف مسبقة . وللتدليل على ما نقول أنه أصبح أمرا مزمنا على ما يبدو هو ماجاء في البلاغ الأخير الصادر عن مكتب الأمانة العامة لإعلان دمشق بتاريخ 6/1/2007 بعد اجتماع مكتبها في دمشق . إنني لن أناقش معهم قضية تحليل الموقف من السلطة وهذا أمر متروك لهم في الحقيقة لأنهم على خط النار كما يقال . ومسموح لمن هو على خط النار أن يأخذ بتكتيكات لحظية محددة للحفاظ على البقاء . وهذا حق إنساني وسياسي بالآن معا . بل ما استوقفني هو العبارة التالية التي جاءت في خاتمة البيان الصادر عن هذا الاجتماع الأخير والتي تقول [ في الختام يوحي التأمل في المشهد السياسي للمنطقة بسعي أمريكي إلى الدفع باتجاه صدام عربي إيراني رغم إن الحل كما نرى يبدأ بانسحاب أمريكي سريع من العراق وحل الصراع العربي الإسرائيلي وكف يد الدول الإقليمية عن اللعب بالواقع العربي.] رغم أن ماجاء قبل هذه العبارة يؤكد استمرار التحريض المباشر ضد السياسة الأمريكية في المنطقة وتصوير الأمر وكأن أمريكا وحدها في المنطقة وليست كل القوى الدولية أو دون ذكر أوروبا ! على كل هذا التحريض بات لازمة لأي موقف سياسي شعبوي عربي لهذا لن نقف عنده . بل نعود إلى تلك الفقرة التي تكثف ما ذهبنا إليه في هذه المقدمة ونبدأ في نقاشها بسؤال :
كيف نرمي عبارة بوجه المواطن السوري والمراقب السياسي مثل : أن أمريكا تسعى لقيام صدام إيراني عربي ؟ ألايحتاج هذا الأمر إلى إيضاح كيف ؟ ولماذا ؟ وماهو حقيقة الصراع الأمريكي الإيراني ؟ وما الذي تريده طهران ؟ كل هذا يصبح مفهوما عندما يذيل في العبارة التي تليه والتي تقول : رغم أن الحل يبدأ بانسحاب أمريكي سريع من العراق . نعتقد أنه هنالك فارق على غاية من الأهمية بين أن تعارض ما قامت به أمريكا في العراق بعد تحريره من صدام وتلاحق كافة أخطاء و [حقارات ـ عذرا على هذه العبارة ولكننا دفعنا الأمر حتى نهاياته العربية لفظيا ] هذه السياسة في قضايا كثيرة جرت داخل العراق وبين الحل الذي نقترحه للخروج من الأزمة . وهل الحل هو في انسحاب سريع للقوات الأمريكية من العراق ؟ أعتقد أن من يدعو لهذا الحل والآن يريد أن تلتهمنا طهران ونحن أحياء . يجب أن نكون أكثر صراحة مع مواطننا الذي أنهكه النظام بثقافة شعبوية تغيب عنها العقلانية السياسية . إن الدعوة لانسحاب القوات الأمريكية في هذه اللحظة بالذات هي صب الماء في طاحونة طهران والسلطة السورية معا . هذا إذا أضفنا أن غالبية الشعب العراقي يريد الأمن بالدرجة الأولى . ولا أتحدث هنا عن القوى السياسية سواء منها التي في السلطة أو التي هي خارج السلطة لأنها قوى أثبتت لنا بالملموس أنه علينا في قوى المعارضة السورية سواء التي داخل إعلان دمشق أو خارجه تبدأ بإحداث قطيعة ما ـ خط فاصل بينها وبين هذه الثقافة الشعبوية واستطالاتها السياسية , وعدم المهادنة في قضايا تتعلق بمستقبل الثقافة الديمقراطية وترسيخ تقاليدها والذي من المفترض أن يكون تم منذ زمن بعيد .وهذا خطأنا جميعا . ماهو البديل لانسحاب القوات الأمريكية ؟ من كتب هذه العبارة عليه الإجابة عن هذا السؤال ؟ وهل مطلوب منا افتتياحيات صحف قومية أو بيانات من أجل البيانات ؟ رغم أن إشارة مهمة وردت خجولة في الإعلان ربما للمرة الأولى حول الدور الإيراني . على الرغم أن تحديد موقف من السياسة الإيرانية في سورية على كافة الصعد يعتبر الآن أمرا ملحا لأنه بات في صميم المجتمع السوري اقتصاديا سياسيا وتبشيريا . كان يمكننا التعليق كثيرا على هذه الفقرة التي ترى الحل في العراق بانسحاب القوات الأمريكية ولكننا تركناها كسؤال لعل أحدهم يضيء لنا الجواب .
ومع ذلك ـ من باب الأمنيات ـ نرى على مؤسسات الإعلان أن تأخذ بتكريس تقاليد ديمقراطية والنظر للعمل السياسي بوصفه نشاطا مدنيا سوريا بالدرجة الأولى . ونقدر أن الذي يده في النار ليس كمثل من يده في الماء .
#غسان_المفلح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما جرى ويجري في العراق ليس وجهتنا
-
إعدام صدام حسين ثقافة الديكتاتور هي من أعدمته
-
القرار 1737
-
إعدام صدام حسين إحقاق حق أم خطأ أمريكي ؟
-
شرقنا الأوسط فعلا عاريا ! توماس فريدمان يعرينا
-
ليس دفاعا عن زياد بل
-
الديمقراطية هي الحل الجزء الأخير
-
الديمقراطية هي الحل 2
-
الديمقراطية هي الحل
-
المواطنة وحقوق الإنسان في سورية
-
المحكمة الدولية الفرصة الأخيرة
-
على أعداء أمريكا أن يجهزوا أنفسهم لا نسحابها من العراق
-
من عبور الطوائف إلى عبور الوطن
-
سياسة الاختلاف وثقافة الجموع
-
الألمان سرقوا الحمار
-
جبهة الخلاص وإعلان دمشق والمعارضة الكردية
-
السيد نصر الله يرسل ندائه الأخير
-
رأي في المقاومة العراقية
-
العراق 4
-
العراق 3
المزيد.....
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|