|
الكرد والتحديات الراهنة
عبد العزيز قاسم
كاتب ولغوي كردي سوري
الحوار المتمدن-العدد: 8219 - 2025 / 1 / 11 - 01:34
المحور:
القضية الكردية
بعد كفاح طويل ومرير ومتشعب من الصراع خاضه السوريون، وإثر ما عرفت بالثورات "الربيع العربي" والتي لا تزال إرتداداتها مستمرة كما هي الزلازل الطبيعية؛ لاحقاً فقد تمت الإطاحة بنظام الحكم في سوريا ٠٠٠
وبما انه لا بد من ملئ الفراغ الذي خلفته الإطاحة العسكرية تلك وتداعياتها في عموم الساحات السورية والكردية خصوصاً؛ فقد بادر اصحاب الفكر الإستباقي من أبناء شعبنا الكردي كأفراد، وبدافع الغيرة على المصالح القومية العليا ليس إلا؛ ناهيك عن الحراك الدولي المكثف لبعض الدول ذات الشأن بالملف السوري عموماً والكردي خصوصاً؛ كالولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية فرنسا؛ واللتان أبديتا إهتماماً واضحاً بالملف الكردي في " كردستان سوريا " وأكدتا على ضرورة وحدة الصف الكردي والتي تعثرت في السنوات الأخيرة كنتيجةً مباشرةً لفشل توصل الطرفين الكرديين لتفاهمات ملموسة وتنصلهما من الإستجابة للإستحقاقات القومية آنذاك ٠٠٠
والملاحظ اليوم؛ ومع تزايد المطالبات وصيحات الإستجداء الجماهيرية الصادقة لضرورة التوحد والتكاتف ورغم المبادرة ( الأمريكية - الفرنسية) وللأسف لا نجد أُفقاً للتقارب الكردي - الكردي والمتمثل ب:" المجلس الوطني الكردي " و" إئتلاف أحزاب الإدارة الذاتية " وحتى " الأحزاب الكردية الأخرى الغير المنضوية تحت لوائهما"، ورغم كل الجهود الدولية والمناشدات الشعبية في ضرورة إيجاد أرضية مشتركة ونوع من التوافق الكردي - الكردي ولما له من بالغ الأهمية في تشكيل وفد كردي مشترك يحمل برنامجاً وطنياً كردياً جامعا وأرضيةً للتفاوض المرحلي والمستقبلي مع "دمشق" وكيفية وضع العلاقة السياسية مع حكومة المركز " سواءً كانت فيدرالية ً أم حكماً ذاتياً لكردستان سوريا".
وبالنظر لما يجري ورغم كل دعوات ومطالبات ضرورة إيجاد رؤية وخطاب موحد، نجد أن الخلافات تتخذ أبعاداً اُخرى وأكثر تعقيداً وتوسعاً وكأنها تسعى وبشكل مقصود لتخرج عن دائرة الملف الكردي السوري!
وكما يبدو لي أنّ المساعي المذكورة لن تأتي بمخرجات ملموسة تخدم القضية!
وفي مثل هذه الحالة المستعصية لا بد من البحث عن خيارات أُخرى؛ فليس منطقياً ربط مسألة المطالبة بحقوق شعب مع مسائل ثانوية أقل شأناً وتحتمل التأجيل والترحيل لمراحل تالية! ومنها على سبيل المثال لا الحصر : مسائل حل الخلافات الجانبية وكذا الرهان على خيار حل الخلافات الحزبية وتفضيلها على القضايا القومية العليا والنظر إليها كرِهان وحيد؛ وإن بات مستحيلاً بنظري ! وإن تحقق فسيكون التفاهم على توزيع المناصب والمكاسب الحزبية الضيقة أو أنها ستُجهض قبل أنْ تولد كما في الإتفاقات السابقة ٠
والاغرب من كل هذا هو مانراه اليوم وعلى الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي أن بعض قياديي الأحزاب الكردية يذهبون بإتجاه تعميق وتكريس الخلافات وطرح مطالب وإملاءاتٍ لأطراف إقليمية معادية لتطلعات وحقوق الشعب الكردي على الطاولة الكردية، أو السعي لإفراغ القضية الكردية من محتواها القومي والإصرار على رفض الحقوق القومية الكردية ورفض الفيدرالية او اللامركزية على اساس قومي!
ووسط حالة من التعنت الحزبي الضيق واللامسؤول واللامبرر وبقاء الخطاب الخشبي والعقيم وهدر الوقت سدىً؛ يتولد شعور صادق في الشارع وينكشف جلياً أن هذه الأحزاب غدت عبئا على القضية الكردية بعددها الهائل٠٠٠٠٠٠٠٠
لقد آن الآوان لسياسة المحاور والتبعية والادلجة أن تسقط! فقد سقطت الحجج والذرائع المرحلية تلك ولابد من وضع الألوية القومية نصب الأعين، رغم مايشاع بأن وقتها قد مضى!.
وبعد كل تلك الكوارث والأحداث الجِسام التي حلّت بالشعب الكردي وعلى مدى أكثر من عقدٍ ونيف ٍ من الزمن وكنتيجة منطقية كحالة الإحتراب الحزبي لهذه الأحزاب في رفضها واصرارها للإستماع لصوت العقل وبالرغم من كل المناشدات الدولية والدعوات لضرورة وحدة الصف والكلمة؛ فقد ظلت تلك وعلى الدوام تصم آذانها في ألا تسمع؛ منسلخة ً في ذلك عن واقعها الكردي الذي يبدوا وكأنه لا ينتمي إليه!
وبدءا على القول : " ان هذه " الأحزاب " ظلت على الدوام تعتبر الصوت المخالف لمصالحهم الحزبية، صوتا نشازا ؛ ناهيك عن الأحداث الجِسام والكوارث التي حلّت بشعبنا إبتدءا من احتلال عفرين وسري كانيية وگري سپي ٠٠٠
ولزاماً أرى من الصعوبة أن تتفق هذه الأحزاب المتهرلة اليوم؛ وبالتأكيد فان الرِهان عليهم صعب للغاية. ووسط كل تلك الدلائل والتجارب السابقة لا يبدو في الأفق المنظور توفر أية بادرة أو فرصة حقيقية لتحقيق تفاهمات أو تقاربات "حزبية" كردية - كردية! وعندما يدرك المتنفذين في الاحزاب ويشعرون بالفعل وجود "خيارات بديلة " مستعدة وقادرة على سحب البساط من تحت أقدامهم ليتهاووا تهاوي التماثيل والأصنام كما هي الآن تحدث في الساحات السورية وعندما يكون ذلك الخيار قادراً على التفاوض كوفد مشترك وعلى برنامج وطني كردي جامع وفق صيغة ٍما "فيدرالية أم حكم ذاتي" لكردستان سوريا.
والخلاصة ان الرهان على هذا الكم الهائل من "الأحزاب" الاي شتت الشارع الكردي واصبحت مترهلة بفعل التقادم الزمني وكما اثبت الواقع العملي؛ لا المنظور الفكري الشخصي؛ لا يؤمل ما لا يؤمل إصلاحه وهي كعمليات تدوير للفئات الحزبية الفاشلة والمتنفذة على المشهد السياسي الكردي ومنذ ما يقارب أكثر من عقد من الزمن، وكما ان المياه الراكدة تتعفن وأن التغيير هي سمة الكون، فلا بد من تغيير تلك القيادات الفاشلة، لا شكلياً كالتدوير او تجديد اوتغيير الاقنعة أو المسميات، والخيار الوحيد هو خيار الوحدة الحقيقية ( وحدة الشارع الكردي) - والذي ظل غائباً كما أرى الآن - وهذا هو الضامن لنيل الحقوق القومية والسياسية المشروعة، وعلى الساسة الكرد المستقلين والكُتّاب والأكاديميين والمعتقلين السياسيين عدم القبول بهذا الواقع المرير والإصطفاف التحزبي الهدّام والعقيم! وفي الختام لا بد من التذكير بأنه قد حدثت وتحدث في سوريا مرحلة جديدة هي في بالغ الاهمية وقد تمتد آثارها لدول الجوار، فالتاريخ يُكتب الآن وعلى الكرد التطلع والشروع بحرص وإخلاص وبروح المسؤولية وإنتهاز الفرصة التاريخية السانحة وعدم إضاعتها وحيث أن تلك الفرص لا تأتي كل مرة وقد لا تأتي لقرون فعليها قد تتعلق مصير أُمة بأكملها!
#عبد_العزيز_قاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملامح أولية لأدب الطفل عند الكرد
-
في حقول اللّغة الكردية صيغ الاحترام في اللغة الكردية وبعض إش
...
-
الوجه الآخر للحركة الكردية
-
“اللغط بين عيدي (چارشما سور) و (چارشما سري نيساني) “
-
مخاطر عدم وجود مشروع كردي
-
غرب كردستان بين الهجمات التركية والانقسام الكردي
-
آفاق انتفاضة جبل الدروز (السويداء)
-
اشتباكات دير الزور و خطاب العداء للشعب الكردي
-
-الأحداث العالمية والإقليمية الساخنة والدور الكوردي الغائب !
...
-
هل -الأدب- كلمة كوردية أم عربية؟
-
عيد الصحافة الكردية وغياب الصّحافة الجادة
-
الكرد والنار بين الواقع والاسطورة
-
مجزرة جنديرس و«معارضة» مرتزقة ومأجورة
-
”خاني“ حيٌ بيننا
-
غرب كردستان بين الاحتلال والهجمات التركية
-
ثورة_ژینا بين “الثورة ونصف الثورة”
المزيد.....
-
غموض مصير الأونروا يشعل الجدل بين الأمم المتحدة وإسرائيل
-
الولايات المتحدة تمنع صفقة تقضي بتجنب إعدام العقل المدبر لهج
...
-
اندلاع حريق في مخيم اللاجئين السوريين شمالي لبنان (فيديو)
-
باريس تستدعي السفير الإيراني للمطالبة بالإفراج الفوري عن معت
...
-
الولايات المتحدة ترصد مكافأة مغرية لمن يدلي بمعلومات لاعتقال
...
-
-قيادتكم تقتل أبناءكم-.. رسالة السرايا القدس الجديدة لعائلات
...
-
النواب الليبي يهاجم بعثة الأمم المتحدة: الحل في بلادنا لن يأ
...
-
الأمم المتحدة تتوقع استقرار النمو الاقتصادي العالمي في 2025
...
-
رسالة مصورة جديدة من سرايا القدس لعائلات الأسرى الإسرائيليين
...
-
-سرايا القدس- توجه رسالة إلى أهالي الأسرى الإسرائيليين (فيدي
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|