|
حروب السوائل -متعدد الثقافات-
لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان
(Lama Muhammad)
الحوار المتمدن-العدد: 8217 - 2025 / 1 / 9 - 20:16
المحور:
الادب والفن
في الماضي كانت السوائل بقيادة النفط اليوم هي بقيادة الماء…
كحول: في حدث توقعته من سنوات، دعا الجراح العام الأمريكي فيفيك مورثي الكونجرس إلى إلزام المصانع بوضع ملصقات تحذيرية على زجاجات الكحول، لتخبر المستهلكين بالعلاقة بين استهلاك الكحول وخطر الإصابة بالسرطان -كما فعلوا في الماضي مع التبغ-. الكحول هو ثالث سبب للإصابة بالسرطان بعد التبغ والسمنة. ومن وجهة نظر الطب النفسي، يسبب الكحول كل الأعراض النفسية التي يمكن أن تتخيلوها من القلق، الاكتئاب إلى الخرف والإهلاسات. المهم في الأمر أن الأطباء عرفوا هذا منذ زمن بعيد، وحتى اليوم ما تزال مافيا الكحول و تجاره يحاربون تحديد تناوله.. الكحول مثل التزمت الديني يسبب الإدمان، و التخليّ عنهما ليس بالأمر السهل على مستوى الأفراد ولا الجماعات. وحتى لا يزاود ساذج: الدين الحقيقي كالماء، بينما التعصب الديني كالكحول. عندما ينصح المتدينون بحق بالابتعاد عن التزمت والتعصب لأنهما من أسباب سرطانات الأحلام والآمال، سيشفى الوطن. ***********
نفط: هل تعرفون حلم شعب الله المختار؟ من الفرات إلى النيل.. أكيد سمعتم عنه. هو في غالبه لن يتحقق باقتحام عسكري مباشر ولا بعام ولا عامين، بل كما يحدث الآن تماماً.. تعميق الحقد بين أولاد البلد الواحد، ثم دخول البلاد كفاتحين. هل تعرفون أن كاليفورنيا كانت تابعة للمكسيك.. في عام 1846 قام مستوطنون أمريكيون ملقبون ب "لوس أوسوس" (الدببة) في وادي ساكرامنتو بكاليفورنيا ضد الحكم المكسيكي، واعتقلوا الجنرال المكسيكي ماريانو فاليجو، ثم أعلنوا "جمهورية كاليفورنيا" المستقلة. من أسباب ثورتهم -المباشرة- القمع من قبل الحكومة المكسيكية وعدم مساواتها لهم بالحقوق والواجبات مع المكسيكيين. طبعاً الأسباب غير المباشرة، كثيرة جداً منها دفعهم من قبل عمالقة أمريكا الذين عرفوا عن الموقع الرائع لكاليفورنيا على المحيط، والإمكانيات الاقتصادية، رغبة التوسع والحد من النفوذ البريطاني… رفع "الدببة" علمًا صنعوه بأيديهم عليه دب ونجمة، يرمزان إلى القوة والاستقلال، ومازال علم كاليفورنيا إلى اليوم مشتقاً منه. يقال أن ثورة علم الدب فشلت بسرعة وبعد أسابيع قليلة من بدء التمرد، لكنني لطالما توقعت أن مهمتها انتهت واحتلت القوات الأمريكية بقيادة العميد البحري جون د. سلوت كاليفورنيا، ورفعت العلم الأمريكي فوقها.. من وقتها وكاليفورنيا ولاية أمريكية.. و الجميع سعيد بهذا. هذا ما سيحدث بعد عشرات السنين.. ستصبح المنطقة من المحيط إلى الخليج ولاية أمريكية بالاستحقاق.. وعليه لا تخوّنوا بعضكم كثيراً.. ولا يعتقد أي طائفي أنه يستطيع قتل أو إلغاء أي مكوّن في هذا الشعب، من تسمونهم أقليات ينتمون إلى الأكثرية في هذا العالم.. الأكثرية التي تعرّف الوطن بأنه: دولة مواطنة وقانون مدني. أثق أيضاً بأكثرية الطيبين في الشعب السوري، ولهذا أيضاً يحكمني الأمل. في الماضي كانت السوائل بقيادة النفط اليوم هي بقيادة الماء.. ***********
حليب: بعد مقالي في 2.11 الذي تحدثت فيه عن ضرورة إدخال الحليب للأطفال في درعا، وعن شرعية بيان درعا الذي وقعت شخصياً عليه تلقيت رسالة تقول: " بفضل سوريا الأسد أصبحتِ طبيبة وأخصائية.... عنّا بسوريا فيه خط أحمر واحد بس لا تقربي عليه وإلا منعرف كيف ندفعك الثمن" وكبر الخط الأحمر وصار دماً.. ورأيت الكرسي يغرق و يُغرِقُ بالدماء.. فكانت رواية علي السوري. أتذكر هذا اليوم وأنا أرى أن وزير " العدل" في الحكومة الحالية نفذ إعداماً ميدانياً بامرأة في الماضي.. والخافي أعظم.. وأرى تعليقات مغيبين يدافعون عنه.. خطوط حمراء كثيرة، تصنع حدوداً فوق الحدود السوريّة، فيعود معها دخول الوطن اليوم حلماً لأمثالي ممن اختاروا عدم السكوت عن الباطل، ومناصرة الحق أينما كان.. لكن هذه الخطوط الحمراء ستمحى، وقلبي مطمئن تماماً بأن من حطم صنمي الأسد الأخرس، لن يعجز على تحطيم صنم آخر ولو بعد حين. تذكروا من يعترض يحب وطنه حقاً، لا يريده مصيّفاً على حساب معاناة ناسه الطيبين.. تذكروا هذا و أنتم تتراشقون التهم…
لا أجيد التملق ولا تمسيح.. (الجوخ).. وعلمني الطب النفسي أن التأني في الحكم على الآخر دوماً حكمة.. هذا فيما يتعلق بالأشخاص. أما القضايا، فالكاتب الحقيقي هو صوت المظلوم أبداً. تعلو أصوات الشبيحة باختلاف الأزمنة، لكن الفقراء، البسطاء، تيجان الرؤوس وملح الأرض لا صوت لهم إلا الأقلام غير المتطرفة. الوضع السوري يحتاج الكثير من الحكمة، المستقبل السويّ لن يتحقق إلا بتكاتف الجميع تحت مظلة المواطنة. وفيما يخص المعارضة، فهي أساس تطور أي بلد.. تذكرون جميعاً مسلسل الهجان، عندما طلبوا منه تجنيد جاسوس من قلب اسرائيل، لغى خيار فتاة بشكل قطعي -نسيت اسمها- و عندما سألوه لمَ، قال: -لأنها معارضة .. هي تحب الوطن جداً ولن تبيعه. لذلك انقدوا ووجهوا وصححوا المسارات.. تجاهلوا الشبيحة الجدد، ترونهم على هذه الصفحة مثلاً، يحاربون طواحين الهواء.. يصفقون فقط عندما يخدم المنشور نصف حقيقتهم، وأنصاف الحقائق أكبر الأكاذيب. سوريا لجميع أبنائها.. من قتلهم النظام البائد شهداء، و من قتلتهم داعش شهداء.. هذا ميزان عدل لا يقوضه إلا متطرف، ومن دونه لا وطن.
في الأحلام كانت السوائل بقيادة الحليب اليوم هي بقيادة الماء.. ***********
بول: "Do you want to eat the grapes´-or-kill the observer?" هذا ما يدور في بالي عندما أرى الحكم الانتقالي في سوريا، يضيّع فرصاً ذهبية ليقوم بوطن حقيقي لجميع السوريين، فيأبى إلا أن يترك القبائل لتقصقص أحلام الشعب السوري، وسياسة اللون الواحد لتحرق علاقاتنا مع الخارج. لا يوجد عاقل في سوريا يهمه اليوم دين أو طائفة من يحكمها، لا يوجد من لن يدعم الخلاص السلمي. الجوع، الفقر، البرد، الانتقامات والتخوين هم خماسي لعنة الآن، خماسي يتطلب الحل، ليكبر هذا البلد و يتحرر فعلاً. عندما كتبتُ عن الطفل حمزة الخطيب في 2011: https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=271070 وصلني من السباب و الشتيمة من شبيحة النظام البائد ما لا يمكن تخيله.. واليوم عندما نعترض على ممارسات تحدث فعلاً، يتغاضى عنها النظام الحالي، يهجم علينا شبيحة النظام الجديد. شعوب لا تعرف مهمةً للكاتب غير التصفيق، كيف يقتنعوا أن الكاتب الحق ناطور كرم العنب أبداً. لا تخونوه، بل افهموا: بلا معارضة، سيبقى الخماسي الملعون: (الجوع، الفقر، البرد، الانتقامات والتخوين) يحكم البلاد، ولا أمل في وطن. البشر يتشابهون، فقط الأحلام تتباين بين البشر، لذلك يتباين البشر..
الشبيحة الجدد: يرون محيطهم فقط، معاناة من حولهم فقط، أوسعادة محيطهم فقط. ثلث الشعب السوري على الأقل خائف ولا يخرج من البيت بسبب وجود الفصائل غير السوريّة، الإهانات والانتقامات الفردية التي تزداد كل يوم في ظل عدم وجود معنيين حقيقيين بالأمن والسلم الأهلي، واستمرار تواجد غير السوريين في البلاد. قرر الجهابذة " تعتيم" المناهج بينما لم يحاولوا وضع صفحة واحدة -ليس مسودة كاملة- لدستور انتقالي بسيط يضمن السلم الأهلي. التشبيح: هو تطبيق محاسبة فردية بسبب انعدام وجود قانون حقيقي -أو حتى إعلان عام- يساوي بين الجميع تحت مبدأ المواطنة. مثاله أن تُحاول بشتى الطرق قمع من يريد بحق وطناً لجميع أبنائه قبل فوات الأوان.. مثال آخر الانتقامات و الإهانات، سؤال الناس قبل تفتيشهم عن طوائفهم، ثم تختلف جودة التفتيش باختلاف الطائفة.. هذا غير الاعتقالات في الخفاء دونما قانون، كأننا بصدد فتح صيدنايا جديد. مثال بسيط عن التشبيح أن يضرب مختلٌ ما شخصاً ما لأي سبب كان أمام طفل الأخير، أياً كانت المعتقدات وسبب الخلاف. يكثر التشبيح في سوريا اليوم، يحاول السذج والمستفيدون السعداء في ظل نقاب النظام الجديد قمع من هم على الضفة الأخرى..
لون واحد يسيطر على الشبيحة الجدد، بالأحرى لحية واحدة، قاموا بتعريف كلمات القرآن في المناهج الجديدة، بينما لم يضعوا ولو ورقة واحدة لدعم السلم الأهلي، بل على العكس : عرّفوا الضالين ب” النصارى” و المغضوب عليهم ب “ اليهود” ، أما العلويون قرابين سوريا الجدد في القرن الحادي والعشرين، فعرّفوهم من البداية بأنهم كفرة! ومنذ الشهر الماضي تكثر بينهم الحالات الفرديّة و يستثنون من أي مكان في دولة تدّعي العدالة والمساواة.
بينما كان الأسد الأخرس مدعوماً أولاً من قبل طائفة المنتفعين التي ضمت من كل الطوائف، نرى ابن تيمية وقد أشار من قبره إلى المغضوب عليهم والضالين و الكفرة.. ساكباً بوله فوق سنوات من السلم التي نادى بها الأنبياء والرسل! البول لا يصنع وطناً!
في الماضي كانت السوائل بقيادة النفط اليوم هي بقيادة الماء.. إلا في بلاد الجاهلية الجديدة، لديهم : البول أيضاً ليساعدوا من يريدون الماء! ***********
ماء:
يحاول ترامب أن يجعل من كندا الولاية الأمريكية الحادية والخمسين. رفض ترودو ذلك، لكن كثيراً من الكندييين وقفوا ضد رفضه.. هذا أهم سبب في استقالته. استقال ليجنب بلاده دماراً محدثاً بخلق خصام أهلي و طرف ثالث.. أو بالأحرى أطراف ثالثة.. سيأتي يوم سيحكي السوريون هذه القصة بعد فهم عميق… هل تعتقدون أنهم يريدون النفط؟ الجميع اليوم يريد الماء…
-كطبيبة متعددة الاختصاصات، ماذا تنصحين الشباب في بلادنا؟ -ادرسْ، ادرسْ، ادرسْ… إذا كان الوضع غداً أفضل، ادرسْ لتكون في المكان المناسب.. إن لم يكن الوضع غداً أفضل، ادرسْ لتهاجر. -لمَ لا أموت في سبيل الوطن؟ -الوطن فكرة.. نبنيه بعلمنا، بسلامنا، بتسامحنا ومحبتنا لبعضنا.. إن لم تستطعْ البناء -لأي سبب- هاجرْ، لأنّ ثقافتنا ثقافة حياة، لا موت، و بلاد الله واسعة.. وضع الاستعمار الحدود لتصغير مقاس أحلامك. إن أحببت وطنك لا تمت في سبيله، بل عشْ في سبيله.. أنت أقوى، وطنك أقوى..
الأكثرية في هذا العالم الآن هي لمن يريدون الأمن، السلام، الاستقرار و الطمأنينة.. الأكثرية هم أصحاب ثقافة الحب والحياة.. أما الأقلية، فهم قبائل التعصب، التزمت، مشاعر ثأر الجاهلية.. الأقلية في هذا الزمن هم أصحاب ثقافة الموت والجنس.. ولن تستطيع هذه الأقلية أن تحكم في هذا العالم، ولو حاولت.. إلا إن دخلت مدارس السلام.. تعدد الثقافات والأمل.
في الماضي كانت السوائل بقيادة النفط اليوم هي بقيادة الماء.. والماء لا يبقينا على قيد الحياة فقط، بل على قيد “ النظافة” ، نظافة الأبدان ونظافة الأقلام أيضاً...
يتبع…
#لمى_محمد (هاشتاغ)
Lama_Muhammad#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملخص الوضع السوري- تخيّل - متعدد الثقافات 15-
-
سوريا إلى أين؟ - متعدد الثقافات 14-
-
ال كلا سين محطّ بحث -متعدد الثقافات 13-
-
إلى الطائفة العلويّة الكريمة - متعدد الثقافات 12-
-
الأقليّات لن تأكل التفاحة - متعدد الثقافات 11-
-
البيان رقم 1- سوريا الجديدة-متعدد الثقافات 10-
-
الخوف (السوري) في الطب النفسي - متعدد الثقافات 9-
-
الاكتئاب السياسيّ -متعدد الثقافات 8-
-
عمري خمس وأربعون - متعدد الثقافات 7-
-
أبريستي Apricity - الطب النفسي التجميلي 8-
-
رحلة عبر الزمن - متعدد الثقافات 6-
-
علمانية بالتقسيط -متعدد الثقافات 5-
-
في رحلة البحث عن الذات - متعدد الثقافات 4-
-
من ماسك و ترامب إلى صكوك الغفران - متعدد الثقافات 3 -
-
أتلانتيس العربيّة - متعدد الثقافات 2-
-
كاروشي - متعدد الثقافات 1-
-
سمعتكم تضحكون -الطب النفسي التجميلي 7-
-
ضرورة التفاهة -الطب النفسي التجميلي 6-
-
نِفلباتا -الطب النفسي التجميلي 5-
-
سأفشي لكم سراً -الطب النفسي التجميلي 4-
المزيد.....
-
نزلها الآن .. تردد ام بي سي بوليود لمتابعة الأفلام والمسلسلا
...
-
مشاركة مصرية في مشاريع سينمائية روسية
-
“آخر تحــديـث“ تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025 على النايل
...
-
تفاصيل جديدة في قضية -راست-
-
كوريا الشمالية.. اللغة الروسية لأول مرة في إعلان إصدار طوابع
...
-
ترامب -يحترم- رفض المحكمة تأجيل الحكم ضده بقضية الممثلة الإب
...
-
أكشن ودراما عربي ومصري “مش هتعرف تغمض عينك بجد ” تردد روتانا
...
-
مصر.. حقيقة فيديو سقوط محمد رمضان من على المسرح ودفاع نجيب س
...
-
فيلم -حقيبة سفر-.. الاختيار بين المقاومة والخيانة
-
رفض تعطيل الحكم على ترامب بقضية الممثلة الإباحية
المزيد.....
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
المزيد.....
|