|
لا تباين في الاجتهاد القضائي ان اعتمد على أسباب وحيثيات متباينة، قراءة في اجتهاد قضاء محكمة التمييز الاتحادية تجاه دعاوى تصحيح بيانات شهادة الميلاد
سالم روضان الموسوي
الحوار المتمدن-العدد: 8215 - 2025 / 1 / 7 - 14:50
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
لا تباين في الاجتهاد القضائي ان اعتمد على أسباب وحيثيات متباينة قراءة في اجتهاد قضاء محكمة التمييز الاتحادية تجاه دعاوى تصحيح بيانات شهادة الميلاد أشار بعض المختصين في القانون الى قرارين لمحكمة التمييز الاتحادية الموقرة فيهما تباين واضح من حيث الفقرة الحكمية، حيث ان القرار الأول بالعدد 11314/هيئة مدنية/2023 في 13/12/2023 قد قضى بان محكمة البداءة مختصة بالنظر في طلب تصحيح المعلومات في صورة قيد الولادة (شهادة الميلاد) بينما في قرارها اللاحق بالعدد 347/هيئة مدنية/2024 في 16/1/2024 قد قضت بان محكمة البداءة غير مختصة بنظر طلب تصحيح المعلومات الواردة في شهادة الميلاد. اولاً: قرارات محكمة التمييز الموقرة وبعد الاطلاع على القرارين المذكورين ولغرض بيان وجهة النظر الفقهية في التعليق على الاحكام القضائية بما يوفر المعلومة للقارئ المختص وغير المختص في علم القانون سأعرض كلا القرارين اعلاه من اجل وضوح الصورة للقارئ الكريم وعلى وفق الاتي: 1. القرار الأول بالعدد 11314/هيئة مدنية/2023 في 13/12/2023: القرار :- لدى التدقيق والمداولة وجد ان الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية لذا قرر قبوله شكلاً وعند عطف النظر على الحكم المميز وجد انه غير صحيح ومخالف لأحكام القانون ذلك ان الثابت من عريضة الدعوى ان المدعي / المميز طلب تصحيح الخطأ المادي في تاريخ صورة قيد ولادته الصادرة من دائرة صحة بابل / مركز الرعاية الصحية الأولية وذلك باعتبار تاريخ ولادته (23/1/1983) بدلاً من (23/1/1981) وان المحكمة قضت برد الدعوى لعدم الاختصاص الوظيفي في نظرها واستندت في ذلك لأحكام المادتين (21 - 22 ) من قانون البطاقة الوطنية رقم ( 3 ) لسنة ( 2016 ) وهذا التوجه من المحكمة غير وارد قانوناً لان تصحيح المعلومات الواردة في شهادة الولادة من اختصاص محكمة البداءة وفقاً لأحكام المادة ( 21 / 2 ) من قانون تسجيل الولادات والوفيات رقم ( 148 ) لسنة ( 1971 ) المعدل التي نصت على ( لا يجوز تعديل او تبديل المعلومات الواردة في شهادات الولادة او الوفاة في السجلات الرسمية الخاصة بالولادات او الوفيات او ( إضافة الإيضاحات الناقصة ) الا بالاستناد الى حكم صادر من المحكمة المختصة مكتسب درجة البتات ) وهذا ما استقر عليه قضاء محكمة التمييز الاتحادية ومنها قرار الهيئة العامة المرقم ( 27 / 28 / الهيئة العامة / 2015 ) في (25/8/2015) فكان يتعين على المحكمة المضي في رؤية الدعوى وحسمها موضوعاً مع ملاحظة ان تولد المدعي المثبت في صورة قيد الأحوال المدنية المبرزة هو (23/1/1983) مما يقتضي التحري عن الوقائع والوصول للحقيقة وبما يتطابق في المعلومات والبيانات المثبتة في صورة قيد الولادة مع صورة قيد الأحوال المدنية للمدعي وحيث ان الحكم المميز ذهب الى خلاف ذلك مما اخل بصحته، لذا قرر نقضه وإعادة اضبارة الدعوى الى محكمتها لمراعاة ما تقدم على ان يبقى رسم التمييز تابعاً للنتيجة وصدر القرار بالاتفاق في 13/12/2023م. 2. القرار الثاني بالعدد 347/هيئة مدنية/2024 في 16/1/2024: القرار:- لدى التدقيق والمداولة وجد ان الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية لذا قرر قبوله شكلاً وعند عطف النظر على الحكم المميز وجد انه صحيح وموافق للقانون ذلك ان المحكمة اجرت تحقيقاتها اللازمة في موضوع الدعوى وثبت لها ان موضوعها يخرج عن اختصاص المحاكم المدنية ويدخل في اختصاص مدير عام الجنسية العام او من يخوله عملا باحكام المادة (29/أولا) من قانون البطاقة الوطنية رقم 3 لسنة 2016 التي نصت على ( للمدير العام أو من يخوله أن يقرر بناء على طلب تحريري من صاحب القيد أو من ذي حق متعلق به أو من ولي الصغير أو من الجهات الرسمية ذات العلاقة أجراء التصحيحات على جميع البيانات المذكورة في قيود نظام المعلومات المدنية الناشئة عن خطا و له الإضافة على القيد بالاستناد إلى وثائق أو مستمسكات رسمية صادرة من جهة مختصة) وحيث أن قواعد الاختصاص الوظيفي من النظام العام وتحكم بها المحكمة من تلقاء نفسها والذي يجوز ابداؤه في إية حالة تكون عليها الدعوى عملاً بأحكام المادة 77 من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنه 1969 المعدل وحيث ان محكمة الموضوع قد ردت الدعوى لسبب اخر لذا قرر تصديق الحكم من حيث النتيجة ورد الطعن التمييزي وتحميل المميز رســــم التمييز وصدر القــــرار بالاتفاق فــــي 16/1/2024م. 3. لوحظ وجود قرار لاحق بالعدد 2653/ الهيئة المدنية /2024 في 5/3/2024 يويد الاتجاه في القرار الأول، بينما لوحظ وجود قرار اخر بالعدد 6439/الهيئة المدنية/2024 في 11/7/2024 يتفق وما ورد في القرار الثاني أعلاه. ومن خلال تلك القرارات لوحظ ان اتجاه محكمة التمييز غير مستقر على اتجاه موحد في مسألة الاختصاص النوعي لمحكمة البداءة تجاه طلبات تصحيح المعلومات في شهادة الميلاد، وهذا قد يكون له ما يبرره استناداً لحيثيات كل دعوى، لان كل قرار حكم يستند الى الأسباب والأدلة المتحصلة في الدعوى التي صدر بموجبها، لكن ما ورد في القرارات المشار اليها لم نطلع على جميع الحيثيات التي وردت في اصل الدعوى، الا ان الظاهر العام يشير الى ان طلبات تغيير المعلومات هي ذاتها وليس فيها اختلاف وعلى وفق الاتي: أ. ان طلب المدعي في القرار الأول بالعدد 11314/هيئة مدنية/2023 في 13/12/2023 والقرار اللاحق المماثل له بالعدد 2653/الهيئة المدنية/2024 في 5/3/2024 هو ذاته في القرارات الأخرى المخالفة للاتجاه والمتمثل بطلب تصحيح واقعة في شهادة ميلاد التي تصدرها وتنظمها السلطات الصحية المختصة وبموجب قانون الولادات والوفيات النافذ وقت إقامة الدعاوى رقم 148 لسنة 1971 الملغى لاحقا بموجب قانون الولادات والوفيات رقم 14 لسنة 2024 الذي تم نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 23/9/2024 ب. ان المدعى عليه في جميع القرارات المشار اليها هو مدير عام الصحة إضافة لوظيفته ولم تتغير صفة المدعى عليه واسمه في جميع الدعاوى التي صدرت بموجبها ج. جميع الدعاوى أقيمت امام محكمة البداءة ثانياً: الملاحظات: 1. لذلك نجد ان الظاهر لنا بان تلك الدعاوى متحدة في صفة الخصوم ونوع الطلبات الواردة فيها والمحكمة المختصة، مما يجعلنا في جهالة تجاه أسباب التباين الظاهر، 2. اما إذا نظرنا الى أصل الطلبات في الدعاوى نجد انها جميعاً اصبت على طلب تصحيح البيانات التي اسماها قانون الولادات والوفيات رقم 148 لسنة 1971 الملغى (المعلومات) وعلى وفق احكام المادة (21) من القانون أعلاه. 3. كما لوحظ ان القانون أعلاه كان قد جعل تصحيح أي خطأ في تدوين تلك المعلومات من اختصاص المحاكم وليس للجهة الإدارية وعلى وفق النص الوارد في المادة (21) التي جاء فيها (لا يجوز تعديل او تبديل المعلومات الواردة في شهادات الولادة او الوفاة في السجلات الرسمية الخاصة بالولادات او الوفيات او (اضافة الايضاحات الناقصة) الا بالاستناد الى حكم صادر من المحكمة المختصة مكتسب درجة البتات) 4. اما عن تسبيب محكمة التمييز الموقرة الى ان المحاكم غير مختصة بالنظر في تلك الدعاوى كان قد استند الى نص المادة (29/أولا) من قانون البطاقة الوطنية رقم 3 لسنة 2016 التي جاء فيها ( للمدير العام أو من يخوله أن يقرر بناء على طلب تحريري من صاحب القيد أو من ذي حق متعلق به أو من ولي الصغير أو من الجهات الرسمية ذات العلاقة أجراء التصحيحات على جميع البيانات المذكورة في قيود نظام المعلومات المدنية الناشئة عن خطا و له الإضافة على القيد بالاستناد إلى وثائق أو مستمسكات رسمية صادرة من جهة مختصة ) 5. ان هذا النص يتعلق بنشاط دائرة البطاقة الوطنية (مديرية الأحوال المدنية) حصراً حيث نظمت تلك المادة الية تصحيح الأخطاء التي تحدث في سجل المعلومات في البطاقة الوطنية، وليس بما هو خارج عن تلك البيانات، بينما طلبات التصحيح انصبت على تصحيح أخطاء في وثائق (شهادة الميلاد) الصادرة عن دوائر الصحة العامة، فكيف لمدير الأحوال المدنية ان يقبل تصحيح معلومات في وثيقة لم تصدر منه، 6. كما جعل القانون اختصاص دائرة البطاقة الوطنية (مديرية الأحوال المندية) ينحصر في تدوين المعلومات التي ترد اليهم من الدوائر المختصة، منها تواريخ الولادات وغيرها، بناء على الوثيقة الرسمية التي تصدرها دوائر الصحة العامة وعلى وفق احكام المادة (12/أولا) من قانون البطاقة الوطنية رقم 3 لسنة 2016 المعدل التي جاء فيها (آ- تقوم السلطات الصحية المختصة بتزويد المديرية أو تشكيلاتها بواقعة الولادة و الوفاة التي تصدرها خلال (30) ثلاثين يوما من حصول الواقعة وفق النموذج المعتمد من وزارة الصحة لهذا الغرض. ب- تسجيل المديرية واقعة الولادة أو الوفاة المنصوص عليها في البند (أولا) من هذه المادة الكترونياً) 7. الرأي: من خلال العرض المتقدم نرى ام الاتجاه الأول بالعدد 11314/هيئة مدنية/2023 في 13/12/2023 هو الأقرب الى نصوص القانون ومعطيات تلك الدعاوى. قاضِ متقاعد
#سالم_روضان_الموسوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل مجلس النواب يمثل كل الشعب العراقي؟ قراءة في شرعية الانتخا
...
-
اختلاف الاجتهاد في القضاء الدستوري وأثره على الحقوق الدستوري
...
-
السند القانوني والدستوري لدور الرقابة الشعبية في حماية المال
...
-
هل ما زال كالفن يحكمنا؟ اقتباس من كتاب عنف الديكتاتورية
-
انعدام الرقابة الشعبية يقوض الديمقراطية
-
إدارة الدولة العراقية بين الدستور النافذ وأسلوب (البكلر بكي
...
-
كيف يطعن بعدم دستورية القوانين من الجهات الرسمية؟ قراءة في ت
...
-
الصنمية الدستورية في واقعنا
-
قانون الأحوال الشخصية النافذ هل يمنع حرية اختيار المذهب؟
-
لماذا تُمنع الشركات العامة من الطعن بدستورية القوانين؟ قراءة
...
-
هل ينفذ قرار التحكيم تلقائياً دون عرضه على القضاء للتصديق؟ ق
...
-
اليات مناقشة وتقييم بحث الترقية للقاضي بين الماضي والحاضر؟
-
تعزيز الثقة في تطبيق القانون أفضل من التعديل الذي لا يعالج ج
...
-
عندما تناقش محكمة التمييز دفوع الطاعن فإنها تخلق الاطمئنان ل
...
-
البيانات الوجوبية في عريضة الطعن التمييزي بين النص القانوني
...
-
هل يجوز رد دعوى المدعي ومن ثم الحكم لصالحه؟ قراءة في قرار ال
...
-
ما هي عقوبة من يمارس المحاماة واسمه غير مسجل في نقابة المحام
...
-
ان النزاهةَ شجاعةٌ تًخلِدً صاحبها (الشهيد نصرالله)
-
هل يجوز للمواطن ان يشارك في اعداد التشريعات؟
-
هل يسري سبق الفصل على القرار التفسيري؟ قراءة في القرار التفس
...
المزيد.....
-
بريطانيا تطالب إسرائيل بعدم حظر نشاط -الأونروا-
-
الأونروا: العائلات في غزة تتفكك والأطفال يموتون من البرد
-
مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة يأمل أن تظل سوريا ملتزمة بقضي
...
-
القوات الإسرائيلية تشن حملة مداهمات واعتقالات طالت عشرات الف
...
-
إدارة بايدن تعرقل صفقة تقضي بتجنب إعدام المتهمين بتدبير هجما
...
-
الاحتلال يواصل اقتحام الضفة ويشن اعتقالات قرب الخليل ورام ال
...
-
ما الذي يعنيه حظر عمل الأونروا في غزّة والضفة الغربية بالنسب
...
-
مادورو يعلن اعتقال 7 مرتزقة بينهم 3 أوكرانيين و2 أمريكيان
-
السوريون ليسوا وحدهم.. اللاجئون الفلسطينيون يبحثون عن ذويهم
...
-
مجلس النواب الأمريكي يقترح مشروع قانون لمعاقبة المحكمة الجنا
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|