أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - زوجي الخامس














المزيد.....


زوجي الخامس


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 8214 - 2025 / 1 / 6 - 13:29
المحور: الادب والفن
    


وأنا أحتفلُ بعيد زواجي التاسع والعشرين من زوجي الخامس، تذكرتُ زوجي الأول، في الحقيقة لا عذر لي في الاقترانِ بهكذا رجل سوى قلة خبرتي، ورؤيتي السطحية آنذاك للأشياء. كنتُ في المرحلة الأولى من الجامعة حين قابلت طالبًا وسيمًا، طويلًا، لبقًا، هذه الصفات، جعلتْ منه محط أنظار الكثير من الطالبات، لكنه اختارني لأصبح موضع حسد لبعضهنّ وغيرة للبعض الآخر.
بعد الزواج منه، لم أخبر أحدًا بما كان يفعله بي إلّا صديقتي المقربة التي أخبرتني ذات مرة، وفي لحظة صدق لن تتكرر أنها تمنت لو كانت هي بدلًا عني، الآن تشعر أنها محظوظة بعد علمها أن فتى الجامعة الأول كان أهوجًا عصبيًا لا يسمع إلّا نفسه لا يتوانى عن تحطيم كل ما تقع عليه يداه أثناء الشَّجار.
في الحقيقة لم أخبر تلك الصديقة بكل شيء عن الذي كان يظنُ أن الحقيقة لا تدور إلًا حوله، وكل ما عدا ذلك زائف، بل وصل به الغرور لدرجة السخرية من كل ما أفعله، وما أقوله ولو أمام الناس. وصلتُ معه لطريق مسدود بعد إدراكي أنني أدفع ثمن تربية أم كانت تردد على مسامع ابنها أن من السهولة استبدال الزوجة بأخرى وهذا ما كان يفعله زوجي مع النساء، لكن في الخفاء.
بعد سنوات ليستْ بالقليلة، تزوجتُ من رجلٍ ثانٍ كان أقل حدة من الأول، وأكثر إخلاصًا، لكن ذلك لا يعني خلو حياتنا من المشادات الكلامية، والخصام الذي قد يمتد لأيام، فزوجي الثاني كان يجد في أصدقائه خير الصحبة بينما الزوجة لا مكان لها سوى بيتها وأولادها، وليستْ هناك من امرأة يحق لها أن تسأله عن سبب بقائه خارج المنزل حتى ساعة متأخرة من الليل، كان هذا الرجل غامضً، يجد في الوضوح ضعفًا لا يليق بالأزواج، وتلك نصيحة والده العظيم، الغريب أنه لم يمتثل لكلام والده إلّا في هذه النصيحة التي أنهتْ رحلتنا مع أنني أحببته كثيرًا.
كان الضغطُ من الأهلِ عليّ كبيرًا لأتزوج من الثالث، لكن والحق يجب أن يقال أن هذا الزوج كان أفضل من الاثنين السابقين ربما لأنه كان أكبر منهما، وأنضج إذ كان يشتري لي الهدايا في المناسبات، وفي غيرها، بل كان يحرص على أن نكون معًا في أي مشوار، وكثيرًا ما كان يستشيرني في قضايا تخص العمل، والحياة على الرغم من أنه كان يفعل عكس ما أقوله، لكننّي اعتبرتُ أن هذا الأمر يمثل الديمقراطية المزيفة التي نعيشها، وأيضًا - وهذا ما كنت أقنع نفسي به - لا أريد تحمل مسؤولية قرارات قد لا تبدو صائبة فيما بعد!.
قد تقولين أن الحياة بدأتْ تبتسمُ لكِ من جديد، وليستْ من حجة لديكِ للانفصال للمرة الثالثة، لكن يا عزيزتي الأمر كان أخطر هذه المرة إذ أدركتُ بعد فوات الآوان أنني تزوجتُ من رجل يشكُ في كل كلمة أقولها، بل وصل به الأمر لاتهامي بالخيانة، فخياله المريض الذي لا أدري من أين يستمد أفكاره، يصور له أشياء غريبة لا وجود لها على أرض الواقع، قد تستغربين لو أخبرتكِ أن مسامحتي له في المرة الأولى كانت خطأ كبيرًا لأن المرات الأربع التي استمعتُ فيها لقصص خيانتي له، وآخرها مع عامل النظافة، لم تقطع الجسور بيننا وحسب، بل هدمتها.
سنوات مرتْ جعلتْ مني إنسانة أخرى، وحولتني لكائن غريب عن نفسي، لا تتساءلي، سأخبركِ بكل شيء:
لقد التقيتُ بزوجي الخامس في سفينة في عرض البحر. اندهشتُ كيف أنه يشبه أزواجي الأربعة، لكن فقط في الملامح التي استعمرتها التجاعيد، والشعر الذي غزاه الشيب من كل الجهات.
تزوجنا ولم يكن سوى السماء، والبحر شهودًا على ذلك الزواج!.
العواصف المخيفة كادتْ تودي بالسفينة نحو القاع، ومعها أحلامنا، الخوف الذي تلبسنا، والهلع الذي سيطر على تفكيرنا في تلك اللحظات العصيبة، اكسبنا وعيًا جبارًا، وتفكيرًا ناضجًا جعلنا نرى أنفسنا على حقيقتها، الأمواج العظيمة التي أحاطتْ بالسفينة، بينتْ لنا سخف أفكارنا القديمة عن الحياة.
نظرتُ صوب زوجي الخامس والأخير، وهو يقف على الطرف الآخر للسفينة ينظر لي هو الآخر، أدركتُ لحظتها أنني تزوجت من هذا الرجل خمس مرات، وعلى الأرجح كان يعرف أنني لستُ أنا مَنْ صعدتْ السفينة للمرة الأولى.
حقًا ياصديقتي، لقد نسيتُ إخباركِ عن زوجي الرابع الذي كان يعيش في عالمه الخاص والغريب بين الكتب مع الفلاسفة، والشعراء، تركته في عالمه بعد غلقي الباب عليه.



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على ساحل فارنا
- سياحة ذهنية في عرض النص .. دراسة نقدية لرواية ( رياح خائنة ) ...
- انطولوجيا الجسد في مجموعة أمي وذلك العشيق أشواق النعيمي
- هل تصدقين ؟
- قراءة في المجموعة القصصية ( أمّي .. وذلك العشيق ) للقاصّة فو ...
- ثغرها والحياة
- أربعة في الظلام
- من يوميات أبو تكتك
- هي وذلك الفستان
- نافذة من رأسي
- مكالمة بعد منتصف الليل
- مفاجأة غير متوقعة
- لوحة عائلية
- قبل المحو
- قبل البداية
- لعبة ورق
- برنامج أرواق ثقافية
- كبرتُ .. حقًا كبرتُ
- زوجة لساعة من نهار
- ركن في ساعة


المزيد.....




- امتحانات الثانوية العامة بالسودان.. كيف تهدد الحرب مستقبل ال ...
- خالد أرن.. رحلة 40 عاما في خدمة الثقافة والفنون الإسلامية
- لابد للكاريكاتير أن يكون جريئاً ويعبر عن الحقيقة دون مواربة ...
- بعمر 30 عامًا.. نفوق الحمار الشهير الذي تم استيحاء شخصية منه ...
- الفنان خالد الخاني : انتهى زمن اللون الرمادي...
- محامي المخرج المصري محمد سامي يكشف حقيقة إحالته للجنايات
- بعد مصادقتها على النتائج.. الكوميدي جون ستيوارت يسلط الضوء ع ...
- أطفال فوق المباني..فنانة تبتكر صورًا خيالية لهونغ كونغ بالذك ...
- الحداثة والفن الإسلامي في لوحات هندية تجسد ميلاد المسيح
- مع الترفيه والتسلية.. كيف تعكس السينما مشاعرنا وتغيّر حياتنا ...


المزيد.....

- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - زوجي الخامس