محمد عبيد حمادي
أكاديمي وكاتب وباحث في الشأن السياسي العراقي والإقليمي
(Mohammed Obaid Hammadi)
الحوار المتمدن-العدد: 8205 - 2024 / 12 / 28 - 02:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تشهد المنطقة العربية منعطفًا تاريخيًا بعد الأحداث الأخيرة في سوريا التي أسفرت عن سيطرة المعارضة على نظام الحكم وهروب الرئيس السابق بشار الأسد إلى روسيا. هذه التحولات الكبرى تمثل بداية مرحلة جديدة ليس فقط لسوريا، بل للوطن العربي بأسره، حيث تفتح الباب أمام إعادة تشكيل موازين القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المنطقة.
التحولات السياسية في سوريا جاءت كنتيجة لتراكمات طويلة من التحديات الداخلية والخارجية، أبرزها الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في 2011 وتحولت إلى حرب معقدة بمشاركة أطراف إقليمية ودولية. اليوم، مع تشكيل حكومة جديدة تحمل وعودًا بإعادة الإعمار والمصالحة الوطنية، تجد سوريا نفسها في موقع فريد كجسر بين الماضي الثقيل والمستقبل المأمول.
على المستوى الإقليمي، لا يمكن النظر إلى الأحداث السورية بمعزل عن التأثيرات التي ستطال الدول المجاورة، خصوصًا العراق. فالعلاقة الوثيقة بين البلدين، تاريخيًا وجغرافيًا، تجعل من التحولات في دمشق عاملًا مؤثرًا مباشرًا على بغداد. العراق، الذي يعاني هو الآخر من تحديات سياسية وأمنية، قد يجد في الاستقرار السوري فرصة لتعزيز استقراره الداخلي، سواء عبر التعاون الأمني أو من خلال فتح قنوات اقتصادية جديدة تعزز التكامل بين البلدين.
أما على صعيد المنطقة العربية عمومًا، فإن ما يحدث في سوريا قد يشكل نقطة انطلاق لتغيير النظرة العالمية تجاه العالم العربي. فدولة كانت رمزًا للصراع والدمار تتحول اليوم إلى منصة لإعادة بناء الهوية العربية الحديثة القائمة على الوحدة والتنمية. هذا التغيير يحمل معه رسائل سياسية واقتصادية للدول الإقليمية والدولية، مفادها أن العرب قادرون على استعادة دورهم الريادي رغم التحديات.
لكن التحديات أمام الحكومة السورية الجديدة لا تزال هائلة. إعادة الإعمار تحتاج إلى دعم دولي وإقليمي، والمصالحة الوطنية تتطلب تجاوز عقود من الانقسامات والتوترات. كما أن استعادة مكانة سوريا كقوة مؤثرة في المنطقة لن تكون ممكنة دون العمل على بناء علاقات متوازنة مع القوى الكبرى والدول المجاورة.
سوريا اليوم تقف على أعتاب فصل جديد من تاريخها، وما يميز هذه المرحلة ليس فقط رغبة شعبها في التغيير، بل أيضًا الأمل بأن تكون بوابة الوطن العربي الجديد، حيث تتحول المعاناة إلى طاقة بناء، والتحديات إلى فرص، والفوضى إلى نظام يؤسس لمستقبل مشرق للجميع.
#محمد_عبيد_حمادي (هاشتاغ)
Mohammed_Obaid_Hammadi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟