أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - كميونة باريس














المزيد.....

كميونة باريس


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 8156 - 2024 / 11 / 9 - 17:09
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


٢٦١ - أركيولوجيا العدم
العدمية الثورية
٩ - كوميونة باريس

إن العلاقة بين الكنيسة والدولة في فرنسا هي علاقة متأصلة في التاريخ الفرنسي منذ القدم. قبل الثورة الفرنسية عام 1789 - ومنذ أيام إعتناق كلوفيس الأول - Clovis I، ملك فرنسا وموحدها للمسيحية عام 508 م - أصبحت الكاثوليكية هي الدين الرسمي لفرنسا، وارتبطت ارتباطًا وثيقًا بالنظام الملكي الإقطاعي القديم. ومع ذلك، أدت الثورة الفرنسية إلى تغييرات عميقة في السياسة، بما في ذلك الفصل لمدة قصيرة بين الكنيسة والدولة في عام 1795، وانتهى بإعادة نابليون للكنيسة الكاثوليكية كدين للدولة من خلال اتفاقية عام 1801. كانت المادة العاشرة من إعلان حقوق الإنسان والمواطن لعام 1789 وثيقة مهمة في التطور نحو الحرية الدينية، حيث تنص على أنه "لا يجوز إضطهاد أي شخص بسبب آرائه، حتى الدينية منها، طالما أن إظهار هذه الآراء لا يتعارض مع القانون والنظام القائم". كما أعلنت كومونة باريس عام 1871 علمانية الدولة في 3 أبريل 1871، وفي 19 مايو صدر قرار بتطبيق العلمانية في مناهج التعليم، غير أنه تم إلغاء هذه القرارات الثورية بعد هزيمة الكومونة مباشرة.
ويمكن القول بأن كميونة باريس قد بدأت حينما تم تشكيل الحكومة المؤقتة للدفاع الوطني خلال الحرب الفرنسية الألمانية، في 4 سبتمبر 1870 بعد القبض على نابليون الثالث Napoléon III في معركة سيدان Sedan وإعلان الجمهورية. وفي 28 يناير 1871، وقعت هذه الحكومة هدنة مع بروسيا، وطلب رئيس دولة الجمهورية الثالثة أدولف تيير Adolphe Thiers، الذي غادر باريس متوجهاً إلى فرساي، إزالة مدافع الحرس الوطني المتواجدة في بيلفيل Belleville ومونمارتر Montmartre والتي كانت تؤمن الدفاع عن باريس. رد الباريسيون، الذين رفضوا الهزيمة وشعروا بالخيانة، بانتفاضة في 18 مارس 1871. وفي 26 مارس، تم تنظيم انتخابات أعضاء مجلس الكومونة، وأعلنت في اليوم التالي وأطلق عليها إسم "كومونة باريس"، ولجنة الحرس الوطني المركزي هي التي تحدد الصلاحيات. وكونت الكومونة لجنة تنفيذية، على رأس تسع لجان لإدارة الأمور السياسية والإقتصادية والمدنية. ولإبقاء السكان على اطلاع بالأحداث، وأيضًا لتوصيل قراراتهم، تقوم كومونة باريس بتوزيع العديد من الملصقات يوميًا تقريبًا. في 20 أبريل 1871، نشرت مشروعها السياسي في "إعلانها للشعب الفرنسي".
كان الثامن عشر من مارس عام 1871 بداية كوميونة باريس؛ وهي المحاولة الأولى لتطبيق ديمقراطية العمال، حيث أعادت الكوميونة بطريقة ثورية تنظيم حياة الباريسيين بشكل جذري مظهرين للعالم صفحة مشرفة ومضيئة تعبر عن قوة العمال وتعطشهم للحرية والعدالة والديمقراطية المباشرة، وأيضا رفض الإحتلال الألماني لفرنسا.
ففي السادس والعشرين من مارس عام 1871 تم انتخاب كوميونة باريس - كأول حكومة عمالية في أوروبا - في انتخابات مجلس محلي للعمال، وتم انتخاب لجنة مركزية للحرس الثوري، والتي أعلنت بيانا في غاية الأهمية والوضوح :
" لقد أدرك العمال في العاصمة في ظل فشل وخيانة الطبقات الحاكمة أن الساعة قد حانت لأن يقوموا بإنقاذ الموقف عن طريق تولي إدارة الشئون العامة بأنفسهم، إن العمال هم الذين يقومون بإنتاج كل شيء ولا يتمتعون بأي شيء، وهم الذين يعانون من الفقر بينما تتكدس المنتجات التي هي ثمرة عملهم وكدحهم، هل سيظل هؤلاء العمال دائمًا معرضين للانتهاك؟ لقد تحرر البرجوازيون منذ ثلاثة أرباع قرنًا وسبقوا في طريق الثورة، ألا يفهمون اليوم أنه قد حان الوقت لتحرير البروليتاريا ؟".
بدأت اللجنة رافعةً العلم الأحمر في تنظيم سكان المدينة البالغ عددهم حوالي المليونين في ذلك الوقت، وقامت الحكومة الجديدة بخلق أجهزة سلطة مستقلة معتمدة على سيطرة العمال المباشرة، حيث يتم تنظيم المصانع كجمعيات وتشاركيات تعاونية، كما قامت بفصل الكنيسة عن الدولة، وحددت حد أقصى لرواتب موظفي الكوميونة. وبعد أن تم التخلص من الجيش والشرطة، تم فتح كافة المؤسسات التعليمية للشعب بشكل مجاني، وتم تطهيرها في ذات الوقت من أي تدخل للكنيسة والدولة، وهكذا لم يتم إتاحة التعليم فقط، بل تم تحرير العلم ذاته من القيود التي فرضتها عليه الطبقة البرجوازية والقوة الحكومية والكنيسة.
وعلى عكس أحداث الثورة الفرنسية البرجوازية عام 1789، لم يتم دمج الكومونة بشكل حقيقي في القصة الوطنية الفرنسية. فالبرجوازية الحاكمة ما زالت تعتبر الكومونة متوحشة، فوضوية ويسيطر عليها الفقراء الباريسيون، فهي مكروهة من البرجوازية الليبرالية وكذلك من قبل المحافظين والملكيين من اليمين ومن الكاثوليك. لم تصبح كومونة عام 1871 أبدا جزءا من ذاكرة جماعية توافقية، ففي مجتمع برجوازي "محترم" كان ينظر إليها على أنها محاولة عدمية هدفها التخريب والقضاء على البرجوازية المنتجة والمثقفة، وبالتالي ألغيت أحداث هذه التجربة الفريدة من الذاكرة الشعبية والوطنية الفرنسية. غير أن الذي بقي من هذه الثورة، والتي تجاوزت باريس إلى مرسيليا وليون ومونبولييه وتولوز ومدن فرنسية أخرى هو هذا الحس الطبقي الذي ما يزال حتى اليوم طابعا مميزا للطبقة العاملة الفرنسية، وكذلك عداء هذه الطبقة للبرجوازية وللكنيسة.
يتبع



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة الفرنسية والكنيسة
- الجمهورية العدمية
- روبسبيير .. النبي السفاح
- الغسق
- كلوتز، العدو الشخصي للمسيح
- في غياب الله .. كل شيء مباح
- التيارات العدمية
- بوادر العدمية
- أصول العدمية
- العدم الوجودي
- لماذا الكون ؟
- حدوث أم أزلية الكون
- دموع البحر
- مسرحية ماكرون ونتنياهو
- نظرية كل شيء
- الشعب الذي يرفض أن يموت
- لماذا لا نزحف على إسرائيل ؟
- المادة العجيبة
- عن العرب والإسلام والتخلف
- ما هي المادة ؟


المزيد.....




- عمرو دياب سيواجه المحكمة في واقعة صفعه لمُعجَب
- استئناف مرفوض.. تأكيد حكم ابتدائي يقضي بسجن مواطنة روسية أمر ...
- ماذا يحدث في مرتفعات الجولان؟ تفجيرات لم تقع منذ حرب 1973
- إسرائيل تفتح معبر مساعدات إلى غزة امتثالا لمهلة أمريكية
- توقيف فتى بألمانيا بتهمة التخطيط لتنفيذ هجوم بدوافع إسلاموية ...
- هل تستولي إسرائيل على الضفة الغربية؟
- الجيش الأوكراني في محنة.. وسائل إعلام غربية تكشف حقيقة الوضع ...
- حزب الله: قرار الجيش الإسرائيلي الانتقال للمرحلة الثانية من ...
- السنغال: رئيس الوزراء عثمان سونكو يدعو للانتقام لأنصاره بعد ...
- 42 مليون دولار تعويضا لثلاثة عراقيين عُذّبوا في أبو غريب


المزيد.....

- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - كميونة باريس