أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد الكفائي - أين موقع العراق في صراع الشرق الأوسط؟















المزيد.....


أين موقع العراق في صراع الشرق الأوسط؟


حميد الكفائي

الحوار المتمدن-العدد: 8129 - 2024 / 10 / 13 - 22:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




لم يعد هناك موقف رسمي موحد في دولة العراق تجاه أي قضية، فهناك الإقليم الذي يختلف وضعه كلياً عن العراق. وهناك الجماعات المسلحة الموالية، أو التابعة، لإيران، التي تسيطر بسلاحها وإرهابها واغتيالاتها على العاصمة وباقي مناطق العراق الوسطى والجنوبية، والتي يتطابق خطابها مع الخطاب الإيراني، بل يفوقه حدة وصخباً.

وهناك الحكومة العراقية الصامتة أكثر الأحيان، والتي تخشى أن تعلن موقفها الصريح، إن كان لها موقف موحد، فتجدها تارةً منسجمة مع الميليشيات الإيرانية، وأخرى تتفرج، وثالثة تدعي بأنها خارج الصراع، وليست جزءاً من "محور المقاومة" وأن ما صرح به فلان أو علان لا يمثل موقفها، كما صرح بذلك "مستشار الأمن الوطني" أخيراً، ورابعة تعلن مواقف متعددة ومتناقضة، حسب توجه الجماعة التي ينتمي إليها صاحب التصريح.

وهناك الشعب العراقي، الذي يبدو أنه منقسم حيال العديد من القضايا المصيرية، رغم أن الموقف الحقيقي لا تمكن معرفته بسهولة، بسبب الإرهاب الذي تمارسه الجماعات المختلفة. ولكن يمكن الجزم بأن الشعب بأجمعه يتطلع إلى الأمن والاستقرار والرخاء والحرية، بعد معاناة طويلة مع الحروب والقمع والصراع والفقر، تجاوزت النصف قرن.

الوضع المتفجر في الشرق الأوسط خطير جدا، وهو يهدد أمن واقتصاد وحياة الناس العاديين وسيادة دولهم ومستقبلها، ويمكن أن يقود إلى تغييرات لم تخطر ببال أحد. فإسرائيل تمتلك قوة ضاربة وتكنولوجيا حديثة، وتقودها حكومة متطرفة، لا تتردد في ارتكاب أبشع الجرائم بحق أي شعب أو دولة، والغريب أن أقوى دولة في العالم لا تجرؤ على ردعها أو التأثير على قراراتها ومواقفها، حالياً على الأقل، والأغرب أن الدول الغربية الكبرى، تهبّ لمساندتها مهما فعلت!

مثل هذا الوضع يتطلب مواقف في غاية الحكمة والصبر والأناة، ويتطلب ضبطاً لأجهزة الدولة ووسائل إعلامها، وتصريحات المسؤولين ورجال الدين، بحيث لا يتسبب أي موقف في إشعال صراع جديد لا يمكن إنهاؤه كما حصل في غزة ولبنان.

لكن العراق الذي تنخر به التناقضات والمواقف المتطرفة والفساد والميليشيات التي تتبناها وتشجعها دولة مجاورة، يختلف عن الدول الإقليمية الصابرة، التي تتمتع بحكومات حكيمة وقوية، لا تتردد في نقد الموقف الدولي أو الإسرائيلي، لكنها تعرف كيف تصيغ المواقف بحيث أنها لا تدينها أو تستفز الثور الهائج!

لم يعد ممكناً أن يدعي المسؤولون العراقيون أن ما يقوله ويفعله قادة الميليشيات لا يعبر عن رأي الدولة، فقد قال هذا اللبنانيون والفلسطينيون واليمنيون، ولم ينفعهم بشيء، ولم ينقذهم من القتل والدمار. لذلك صار لزاماً على المسؤول الأول في الدولة، محمد شياع السوداني، أن يتخذ قراراً جريئاً، ومصيرياً، وهو ضبط الأجهزة المرتبطة بالدولة، ولجم كل من يحاول أن يجر العراق إلى معارك خاسرة، وأي معركة يخوضها العراق حالياً ستكون خاسرة، ولنا في معركتنا مع "داعش" و"القاعدة" درس لا يُنسى.

فمع كل الموارد التي تمتلكها الدولة العراقية، وكل فرص التدريب والأسلحة الحديثة والمعلومات الاستخبارية واتفاقيات التعاون الدولية التي تسند العراق، انهزم جيشنا أمام بضعة آلاف من الإرهابيين المنبوذين عالمياً، الذين احتلوا ثلث العراق عام 2014، ولم نتمكن من الخلاص منهم إلا بمساعدة المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة، والتي ينكرها البعض بوقاحة، بل يحاولون أن يوهموا الشعب بأن "داعش" و"القاعدة" هي من صنع أميركا والدول الغربية "باعتراف هيلاري كلينتون"، كما يرددون ببلادة! بل وحتى تدهور الكهرباء والخدمات والفقر والفساد، كلها بسبب معاداة العالم لنا "لأننا من أتباع الحسين"، كما قال أحد قادة الجماعات "السياسية" المسلحة دون حياء!

هناك مسألة يغفلها بعض "السياسيين" أو "القادة" في العراق، وهي أن التهديد بالحرب يمكن أن تأخذه بعض الدول، أو الأطراف، على محمل الجد، أو تتخذ منه ذريعة لشن حرب على الدولة التي ينطلق منها التهديد، حتى وإن لم يطلقه المسؤولون الرسميون الكبار، المعنيون باتخاذ القرار. وكما قال شاعر "فإن النار بالعودين تُذكى وإن الحرب أولُها كلامُ"، ولا ننسى أن حرب 1967، لم يبدأها العرب، لكنهم هددوا بشنها، وربما دون أن يعتزموا القيام بذلك، لكن تلك التهديدات اعتُبِرت نيةً بشن الحرب، وكانت النتيجة كارثية، ما زلنا نعاني منها حتى الآن.

البعض يطلق التصريحات ويراهن على أن الطرف الآخر لن يعتبرها جدية، لأنها أصلاً ليست كذلك، ولا قيمة لها، ولكنها سوف تتخذ كذريعة لشن الحرب، لذلك يجب أن تكون المواقف جدية وألا تُطلق التصريحات جزافاً، من أجل استعراض العضلات الخاوية، وإبداء مواقف غير جدية. إيهام الناس بالقوة والقدرة على الدفاع و"تحرير الأرض والعِرض والمقدسات وتحقيق حلم الأنبياء"، سيعود على الجميع بالدمار والخراب، والعاقل من يتعظ من دروس الماضي وتجارب الشعوب الأخرى.

الشعب الفلسطيني شعب معطاء وقادر على تشخيص مصالحه والدفاع عن نفسه وحل مشاكله، ولا ينقصه العدد والعدة والعقول، ولا التعاطف الدولي والأموال، وعلى الآخرين ألا ينصِّبوا أنفسهم ممثلين عنه، فلا أحد يمتلك تفويضاً من الشعب الفلسطيني، كي يتحدث نيابة عنه، أو يقوم بأفعال يتوهم بأنها في صالحه.

السلطة الوطنية الفلسطينية هي الجهة الوحيدة المعترف بها دولياً، المخولة باتخاذ القرارات نيابة عنه. نتعاطف مع الفلسطينيين واللبنانيين ونتمزق يومياً لمأساتهم، والظلم الواقع عليهم، وبالتأكيد يمكننا أن نساعدهم مادياً ومعنوياً، وأن نقف معهم في المحافل الدولية، ولكنهم لن يستفيدوا إن نحن دمرنا أنفسنا، بل سيحزنون على ذلك كثيراً، كما عبّر عن ذلك عضو المجلس الوطني الفلسطيني اللواء أسامة العلي، قبل أيام.

المطلوب من رئيس وزراء العراق أن يرتقي إلى مستوى المرحلة الخطيرة، وأن يتخذ قرارات جريئة لِلَجم هؤلاء الذين يريدون بالعراق شراً، وكأن العراق تنقصه المآسي والكوارث، ولم ينَل من الظلم والتعسف والأذى ما يكفيه، منذ تأسيس الدولة وحتى الآن.

كنت متفائلاً بمجيء السوداني إلى الموقع الأول في الدولة، وأرجو ألا يخيب أمل العراقيين، بأن يكون زعيماً قوياً يتخذ المواقف الصحيحة والجريئة، التي تتطلبها المرحلة، وهي إبعاد العراق عن الدمار الذي يسعى البعض لجلبه عليه، بقصد أو دونه.

إن فعل ذلك فسوف يكسب الشعب العراقي والمجتمع الدولي، ويسحب البساط من خصومه الانتهازيين، الذين يتربصون به وبالعراق شراً. وإن بقي متردداً، ومراهناً على أن "الزمن كفيل بإصلاح الأوضاع"، فإنه سيضيع فرصة نادرة له وللعراق، وهذه مخاطرة وهاوية عليها ألا يسقط فيها.



#حميد_الكفائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إبراهيم الحيدري عاش بسموّ ورحل بهدوء
- لا عطلة في الإسلام... والعُطَل الرسمية ظاهرة عصرية
- كي لا تتحول الديموقراطية الكويتية إلى عبء على الدولة
- السّلم العالمي مهدّد بينما الحلول غائبة
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
- دورة السياسة البريطانية تتجه يسارا
- جو بايدن.. الحالم الذي لم تُبدد حلمَه النوائب
- التعاون لا يلغي التنافس بين الدول العصرية
- هل تصمد اقتصادات الشرق الأوسط أمام تحديات الحروب؟
- هل تغير مفهوم السيادة؟ أم النظام الدولي يتداعى؟
- العراق يسير نحو الهاوية والحكومة تتفرج!
- أيُّ مستقبل ينتظر العالم في عام 2024؟
- ما الذي يجمع الأرجنتين والعراق وفنزويلا؟
- في ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان...
- الحرب على التضخم بين الإقلاع والهبوط!
- لماذا استعان غوتَيرَش بالمادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة؟
- الرابحون والخاسرون في الأزمة الدولية الحالية
- هل يضعِف التنافس الفرنسي - الألماني الاتحاد الأوروبي؟
- لماذا صارت الحمائيةُ محبذة في العالم الحر؟
- التقارب الأميركي - الصيني مطلوب عالميا


المزيد.....




- العثور على قيء يعود إلى 60 مليون عام على شاطئ في الدنمارك
- قلق من اشتعال حرب تجارية -قذرة-.. كندا ترد على أمريكا بفرض ر ...
- وزير الدفاع الأمريكي يعقّب على نتائج الضربة في الشرق الأوسط ...
- خبير أوروبي يحذر ترامب من -صراع لا مفر منه- في أوكرانيا
- نجاة أمريكي بأعجوبة من شظية كادت أن تودي بحياته جراء تحطم طا ...
- شاهد.. الشرطة الأمريكية تستعين بكلب شرس لإخراج رجل ملاحق من ...
- الجيش الإسرائيلي يصدر بيانا عاجلا إلى سكان جنوب لبنان
- واشنطن: سنواصل العمل مع إسرائيل لتحرير كافة الرهائن في غزة
- نتنياهو: قراراتنا خلال الحرب غيرت ملامح الشرق الأوسط بشكل جذ ...
- ترامب يقرر فرض رسوم جمركية على كندا والصين والمكسيك والبلدان ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد الكفائي - أين موقع العراق في صراع الشرق الأوسط؟