أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - يا ساكني الزنازين اتحدوا















المزيد.....

يا ساكني الزنازين اتحدوا


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 8127 - 2024 / 10 / 11 - 02:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أصدرت المؤسسات الفلسطينية التي تتابع شؤون الأسرى الفلسطينيين, قبل أيام، وثيقة شاملة تحت عنوان "ورقة حقائق" ضمنتها "معطيات حول حملات الاعتقال التي نفّذها الاحتلال بعد السابع من أكتوبر وأبرز التحوّلات التي فرضتها هذه المرحلة على قضية الأسرى الفلسطينيين في السجون والمعسكرات الإسرائيلية".
لم تبدأ إسرائيل حربها الوحشية ضد الفلسطينيين في السابع من أكتوبر العام المنصرم؛ لكنّها وظّفت أحداث ذلك اليوم للانتقال الى مرحلة جديدة على طريق تنفيذ مخططات التيارات اليمينية المهيمنة على حكومة نتنياهو وعزمهم تشديد سيطرتهم على الأراضي المحتلة وحسم مستقبل المواطنين الفلسطينيين خارج معادلات وقرارات ما يسمى "الشرعية الدولية" التي كانت مغيّبة نسبيا عن الهواجس الصهيونية السائدة فقررت هذه الحكومة تقويضها بشكل نهائي. وهذا ما تفعله عمليًا جيوش "امبراطورية صهيون /اسرائيل" في حربها على غزة وداخل الضفة الغربية وفي بقاع كثيرة في الشرق الأوسط تجتاحها النيران الاسرائيلية بحرية موجعة ومستفزة على مرأى شعوب الأرض قاطبة وحكامها.
لقد شكّلت قضية الأسرى الفلسطينيين إحدى جبهات الحرب الاسرائيلية الدموية الخلفية؛ ولئن غابت تفاصيل الجرائم الاسرائيلية، المنفذة بحق الأسرى داخل سجون ومعسكرات الاحتلال، عن "مشاهد الموت" العامة ، يبقى حق ضحايا تلك الجرائم دينًا معلقًا في رقاب البشرية وحراس ضمائرها ؛ وتبقى مهمة توثيق هذه الجرائم مسؤولية فلسطينية عليا ومسؤولية المؤسسات الدولية المعنية بالدفاع عن حقوق سكان البلد المحتل وأسراه في زمن الحروب.
تشير "ورقة الحقائق" المذكورة إلى أن عدد الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال تخطى العشرة آلاف أسير حتى بداية شهر أكتوبر الحالي. من بين هؤلاء يبلغ عدد الأسرى الإداريين 3400 أسير. أولئك يحتجزهم جيش الاحتلال بشكل تعسفي حيث لا يحقق معهم ولا توجه لهم أي شبهات عينية ولا لوائح اتهام تمكّنهم من مواجهتها في المحاكم ونفيها بمقتضى الأنظمة والقوانين الأساسية المرعية في معظم دول العالم ووفق المواثيق الدولية وأحكامها. وجاء أيضا أن عدد المعتقلين من قطاع غزة وصل إلى 1618 أسيرًا حيث تم تصنيفهم وفق قانون اسرائيلي خاص تحت مسمى "المقاتلين غير الشرعيين" ويحتجزون على الأغلب في معسكرات خاضعة لسلطة جيش الاحتلال، اشتهر منها معسكر "سدي تيمان" المعروف بعدد الجرائم والاعتداءات التي ارتكبت بحق من احتجزوا فيه وبقوا على قيد الحياة. كما وتشير الورقة إلى أن عدد الأسرى الأطفال يبلغ 270 طفلًا (أي من هم دون سن الثامنة عشر) بينما يبلغ عدد الأسيرات المعلومة هوياتهن 96 أسيرة، من بينهن يوجد 27 أسيرة إدارية. تعيش الأسيرات في ظروف مأساوية تتنافى وشروط الكرامة الانسانية الأساسية ومعيشة بني البشر . لقد استشهد خلال العام المنصرم داخل سجون ومعسكرات الاحتلال ما لا يقل عن أربعين أسيرًا. أولئك من كشف عن هوياتهم وأعلنت أسماؤهم، وتبقى أعداد من استشهدوا، خلال عملية اعتقالهم، أو تحت التعذيب وهم في الطريق الى معسكر الاعتقال، أو بعد اعتقالهم، غير معروفة.
لا يمكن حصر أعداد الأسرى لأنها تتغير بشكل يومي؛ ولا حصر الجرائم والاعتداءات عليهم بشكل دقيق وثابت، فما نقرأه عنها يومياً، على لسان الأسرى المحررين، يفيد بتنوعها وبابتكارات اجرامية اسرائيلية جديدة؛ واللافت أن الجهات الاسرائيلية المسؤولة عن تنفيذ تلك الجرائم وسياسات القمع والاعتداءات الوحشية لا تتستر على أفعالها، بل تتعمّد، منذ السابع من أكتوبر تحديداً، الكشف عن بعض مشاهد اعتداءاتها العنيفة والمهينة للأسرى وعرضها على الشاشات من دون أن تخشى المساءلة أو الملاحقة من قبل أي جهة أو سلطة قضائية اسرائيلية أو عالمية.
لقد بتنا نشاهد بتكرار مقلق على شاشات الإعلام الاسرائيلي افلاما صورتها كاميرات وحدات حرس السجون ووثقت بمبادرتها عمليات اقتحاماتها لأقسام الأسرى وإخراجهم من غرفهم بمشاهد مهينة تخللها الضرب وأيديهم مكبّلة وأعينهم مغطاة والتنكيل بأجسادهم شبه العارية وما إلى ذلك من ممارسات حيوانية كنا قد قرأنا عنها ووثّقتها المؤسسات، الفلسطينية والعالمية، الحقوقية والاعلامية، المعنية بالدفاع عن كرامات الانسان وعن حقوق الأسرى والمناضلين.
أمارس مهنة الدفاع عن الأسرى الفلسطينيين منذ أربعة عقود ونصف؛ وقمنا خلالها، مع زملائي المحامين، بتوثيق ما استطعنا من مشاهد التنكيل بالمناضلين، والخروقات الاسرائيلية بحق أفراد الحركة الأسيرة الفلسطينية، لكننا لم نشهد ما نراه في هذه الأيام وقد استفحل الشر حتى تقمّص حالته الخالصة، العدمية، حين يفقد المسكون بها فطرته الانسانية ويتحول إلى مسخ معمد بشهوة الموت وبارادة آلهة العدم.
الجديد في المشهد ليس صنوف التعذيب، التي تمارس بحق الأسرى الفلسطينيين على بشاعتها، ولا حتى انتشارها كواقع صار فيه تعذيب الاسير/ة الفلسطيني/ة بمثابة فرض ينفذه الجندي أو السجّان راغبًا وبشكل طبيعي، وحسب؛ الجديد، هو صمت المجتمع الاسرائيلي ومعظم مؤسساته الرسمية العليا والشعبية، وتواطؤ المنظومة القضائية وسكوتها عن ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم والمنظرين لها، وتغوّلهم جميعا.
يقف اليوم الأسرى الفلسطينيون أمام مشهد لم يواجهوه في الماضي وواقع ينذر بالنهايات المأساوية الخالدة. لقد خاضوا خلال مسيرتهم الكفاحية مئات المعارك؛ وقد خسروا بعضها وربحوا الكثير منها، لكنهم كانوا يعرفون دائما كيف يحافظون على معادلة البقاء الآمن والحياة الكريمة. لن أستعيد مفاصل ذلك التاريخ المجيد؛ لكننا نعرف وهم يعرفون وعدوهم يعرف أيضا، أن كثيرا من مقومات لك التاريخ، وروافع تلك المواجهات الداعمة لم تعد موجودة. وأن معطيات جميع الساحات الفلسطينية والعالمية المساندة، قد تغيّرت وفقدت محرّكات تأثيرها لصالح الحركة الأسيرة.
أما في اسرائيل فنحن نرى أن غالبية المجتمع الاسرائيلي تدعم سياسة التنكيل بالاسرى، لاسيما بعد السابع من اكتوبر، وتعتبر أن ما يجري بحقهم هو جزء مما يستحقه هؤلاء "الارهابيون" الذين باتت معظم وسائل الاعلام الاسرائيلية تصفهم "بمقاتلي النخبة" في محاولة مغرضة لاستعادة أحداث السابع من أكتوبر، وتجييش الغريزة الانتقامية عند سوائب الشعب ضد جميع الاسرى.
لقد زوّدت الكنيست الاسرائيلية الوزارات والهيئات التنفيذية ذات الاختصاص بالقوانين والانظمة التي من شأنها أن توفر الغطاء "الشرعي" وآليات تنفيذه في تطبيق سياسات القمع وملاحقة الاسرى وإطفاء "جذوات أرواحهم". وهكذا فعلت المنظومتين التنفيذية والقضائية، بدءا من القوات الميدانية التي تقوم باعتقال الفلسطينيين من مواقعهم، ويأتي بعدهم المحققون والمدّعون حتى ننتهي بجميع القضاة، من صغيرهم حتى كبيرهم. جميعهم عبارة عن أذرع تعمل بتناغم في آلة قمع كبيرة ويقومون "بواجباتهم" جنودا في مملكة ذلك الشر المطلق، ومندوبين عن "آلهة الموت والعدم"؛ أما قرابينهم/ضحاياهم الفلسطينيون، فهم وفق توراتهم وعقائدهم مجرد "أصفار " لا يستحقون الحياة أو نغزة في ضمير أحفاد يوشع.
ستبقى "ورقة الحقائق" لائحة اتهام هامة وخطيرة تدمغ الاحتلال الاسرائيلي وجميع من يدعم جرائمه. لكنها ستبقى في ذات الوقت رهينة محاكم التاريخ ومن سيكتبه في المستقبل؛ والى أن نصل إلى هناك ستكون أشد الصرخات وأصدقها هي التي تنادي من يسكنون الزنازين وقلاع الصمود وتهيب بهم "يا ساكني الزنازين اتحدوا" الآن وقبل أن يفوت الأوان.



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المدارس العربية في اسرائيل وذكرى السابع من أكتوبر
- اسرائيل وحروبها على أربع جبهات
- مشاهد: حين كنا طيبين وسذجا
- حين تنتظر القدس الحريق
- هل سيصبح رئيس أساقفة كنتربري حليف الحق الفلسطيني؟
- في ذكرى وفاة ليبوفيتش،من النشوة الى القومية الوحشية البهيمية
- ما يشبه الرسالة للرئيس يتسحاك هرتسوغ
- عندما يسير التاريخ إلى الخلف
- اليوم العالمي لنصرة أسرى فلسطين
- بين تيهين: هجرة أم تهجير
- تسعة شهور مضت والغدُ بظهر الغيب
- توفيق زياد قائد ومثقف مختلف
- جامعة حيفا كمسرح متخيّل لمشهد اليوم التالي
- وقفة تفكر على عتبات محاكم الاحتلال العسكرية
- في الأضحى فلسطين هي الضحية
- يا غافلا وله في الدهر موعظة
- كل شيء قد تغيّر ، حتى الاحتلال صار وحشيًا
- نادي الأمل الفلسطيني
- فلسطين بين اسرائيل الصهيونية واسرائيل التوراتية
- الوحدة والمسؤولية قبل غزة وبعدها


المزيد.....




- هاريس تدعو للتهدئة بالشرق الأوسط وتحذير أممي من اندلاع حرب ش ...
- ليس بالصبر الإستراتيجي وحده تحيا إيران الآن
- -ميلتون- المدمر يتسبب بسقوط قتلى ويقطع الكهرباء عن الملايين ...
- ماذا قال أوباما عن الرجال السود الذين سيصوتون لترامب بدلا من ...
- -وول ستريت جورنال-: دول عربية تبلغ واشنطن رفضها استخدام أراض ...
- بري: الأمريكيون يتواصلون معنا ويقولون إنهم مع الحل في لبنان ...
- ميلوني تعلن موعد انعقاد المؤتمر القادم حول أوكرانيا
- بوتين يصل إلى تركمانستان في زيارة عمل
- -واينت-: إسرائيل تعتقل صحفيا أمريكيا لكشفه الأضرار الناجمة ع ...
- -نيويورك تايمز- تتنبأ بموجة غضب شعبي عارمة ضد زيلينسكي بسبب ...


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - يا ساكني الزنازين اتحدوا