أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد كشكولي - تأمل في تأثر ماركيز الشديد بافتتاحية رواية -التحول- لكافكا














المزيد.....

تأمل في تأثر ماركيز الشديد بافتتاحية رواية -التحول- لكافكا


حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)


الحوار المتمدن-العدد: 8109 - 2024 / 9 / 23 - 16:22
المحور: الادب والفن
    


تحول

في ليلة ساحرة، همس كافكا بأسراره،
تحول مفاجئ،
حشرة في الفراش.
استفاق ماركيز من نوم عميق،
فوجد في الكلمات سحراً غريباً.

حشرة بشرية، في عالم ساكن،
سؤال وجودي يتردد في قلوب الجميع.
من نحن؟ وإلى أين نتجه في هذا الوجود؟
في تحول دائم،
بحث عن معنى جديد.

بضع كلمات هزت عرش الأدب،
كشفت عن أعماق النفس الغامضة.
ماركيز وكافكا، في لقاء خالد،
أيقظا فينا الشوق إلى عالم غير ممسوخ.


تأمل في تأثر ماركيز الشديد بافتتاحية رواية "التحول" لكافكا
قال "غارسيا ماركيز" حين قرأ السطر الأول من رواية كافكا "التحول" أو "المسخ" كما ترجمت إلى العربية في البداية:
"لقد سقطت من الفراش بعد قراءة السطر الأول، لقد كنت مدهوشا، و عندما قرأت هذا السطر قلت لنفسي بأني لا أعرف أي شخص باستطاعته كتابة أشياء كهذه."
- فلماذا هذه الافتتاحية المباشرة هزت كاتبا بحجم "ماركيز؟
- تقول الافتتاحية: "عندما استيقظ "غريغور سامسا" من نومه ذات صباح، عقب أحلام مضطربة، وجد نفسه قد تحول في سريره إلى حشرة عملاقة."
تأثر ماركيز بـ "التحول" وكشف طبقات المعنى
السؤال عن سبب دهشة ماركيز بـ"التحول" هو سؤال مفتوح، يفتح آفاقًا واسعة للتأويل والتحليل. ولكن يمكننا أن نستخلص بعض الأسباب المحتملة من خلال النظر إلى الافتتاحية نفسها وإلى سياق الرواية.
تبدأ الرواية بصورة مباشرة وصادمة، دون أي مقدمة أو تحضير للقارئ، إذ إن تحول غريغور سامسا إلى حشرة حدث خارق للعادة، ولكنه يروى بصورة واقعية وطبيعية، وكأن الأمر هو جزء من الحياة اليومية. فهذه البساطة والصدمة المتناقضة هي التي تثير الدهشة والإعجاب. لقد استطاع كافكا في جملة واحدة أن يطرح سؤالاً وجوديًا عميقًا: ماذا لو تحولنا إلى شيء آخر؟ هذا التحول ليس مجرد تحول جسدي، بل تحول وجودي يهدد الهوية والذات.
وليس تحول سامسا إلى حشرة مجرد حدث جسدي، بل هو رمز لحالة الإنسان المعاصر، وشعوره بالغربة والعزلة والتهميش في المجتمع. وهذه الرمزية العميقة تجعل الرواية تتجاوز حدود القصة الواقعية، وتصبح تعبيراً عن تجربة الإنسان جمعاء.
رغم أن الحدث مستحيل، إلا أن كافكا يقدمه بطريقة واقعية تجعلك تشعر وكأنه حدث يمكن أن يحدث لك. هذه هي سمة الواقعية السحرية التي اشتهر بها ماركيز نفسه، وهو بالتأكيد قد رأى في هذه الافتتاحية بذرة لهذه التقنية.
تطرح الرواية سؤالاً وجودياً عميقاً حول ماهية الإنسان، وعن قيمته وكرامته. ماذا يحدث للإنسان عندما يفقد قدرته على العمل والإنتاج؟ وكيف ينظر إليه المجتمع؟
هذه الأسئلة تثير القلق والتفكير، وتجعل القارئ يتساءل عن مكانه في العالم.
إن تشبيه حالة الأشخاص العاجزين أو المرضى أو المسنين بحالة غريغور سامسا هو تشبيه قوي وصادم، ولكنه يعكس واقعاً مؤسفاً لا إنسانياً إذ إن الكثير من هؤلاء الأشخاص يعاملون كأعباء على المجتمع، وكأنهم فقدوا قيمتهم وضرورتهم.
التعامل مع هذه الحالات يتطلب منا إعادة النظر في قيمنا ومفاهيمنا حول الحياة والموت والكرامة الإنسانية. يجب أن ندرك أن كل إنسان له قيمة، بغض النظر عن حالته الصحية أو الاجتماعية. وأن العجز والمرض هما جزء طبيعي من الحياة، وأن علينا التعامل معهما برحمة وإنسانية.
إن التخلص من كبار السن ومرضى النفس في الملاجئ والمصحات هو أمر مرفوض أخلاقياً وإنسانياً. فهؤلاء الأشخاص يحتاجون إلى الرعاية والحماية، وليس إلى العزلة والتهميش.
إن رواية "التحول" عمل أدبي عميق ومعقد، يثير الكثير من الأسئلة والتساؤلات حول الهوية والوجود والمعنى و لا يزال يحظى بأهمية كبيرة حتى يومنا هذا، حيث يقدم لنا رؤية نقدية عميقة للمجتمع المعاصر في ظل الرأسمالية الجشعة، ويحثنا على التفكير في قيمنا ومعتقداتنا. ولا تزال الافتتاحية القوية لرواية "التحول" تهز القراء حتى اليوم، وتدفعنا إلى التفكير في علاقتنا بأنفسنا وبالآخرين.



#حميد_كشكولي (هاشتاغ)       Hamid_Kashkoli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقارنة بين روسيا وأمريكا: الأمن القومي مقابل أمن النظام
- ماذا يجري في ألمانيا؟
- دبلوماسية النظام الإيراني الاقتصادية مع الجيران - خسارة على ...
- المناظرة الانتخابية في الولايات المتحدة: حقائق وراء -المسرح ...
- القوة الخفية للأدب
- طالبان تحظر أصوات النساء
- لماذا نشأ الشعر قبل النثر؟
- سياسة -التساهل البطولي- لولاية الفقيه
- لماذا تقدم العالم وتخلفنا نحن؟
- لا شعور ولا عاطفة للذكاء الاصطناعي
- مقارنة بين حكومتي خاتمي وبزشكيان: تحولات سياسية واقتصادية
- في ذكرى الثورة الدستورية -المشروطية- في إيران
- الديمقراطية بين النظرية والواقع في ظل الرأسمالية
- الآثار الأخلاقية للذكاء الاصطناعي
- الشعر المضاد: ثورة على التقليد
- تأثيرات البيئة والدين والمعاناة في أعمال كافكا
- القلق من عواقب مشروع 2025 وخطاب ترامب الأخير
- النظرة النمطية لمفكري اليسار القومي إلى الاستشراق
- الترجمة الأدبية وجوهرها
- صعوبة فهم المقالات العلمية: مشكلة متنامية


المزيد.....




- الإمارات تستحوذ على 30% من إيرادات السينما بالشرق الأوسط
- رواية -الليالي البيضاء- للكاتب ضياء سعد
- كيف ألهم عالم الموضة والأزياء الأفلام السينمائية؟
- عــرض مسلسل حكاية ليلة الحلقة 5 مترجمة قصة عشق وقناة الفجر
- مغامرات القط والفار 24 ساعة.. تردد قناة توم وجيري TOM and JE ...
- عمّان.. الشاعر الكتالوني جوان مارغريت مترجما إلى العربية
- -الرياض تقرأ-.. هيئة الأدب تطلق المعرض الدولي للكتاب وقطر ضي ...
- -الرياض تقرأ-.. انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب 202 ...
- الأردن يرشح -حلوة يا أرضي- للمنافسة على أوسكار أفضل فيلم دول ...
- على المسرح.. مغنية شهيرة تتعرض لجلطة دماغية


المزيد.....

- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد كشكولي - تأمل في تأثر ماركيز الشديد بافتتاحية رواية -التحول- لكافكا