أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد بطراوي - المهندسة -م-















المزيد.....

المهندسة -م-


خالد بطراوي

الحوار المتمدن-العدد: 8092 - 2024 / 9 / 6 - 20:47
المحور: الادب والفن
    


كانت "م" تسير ليلاً في الشارع المؤدي إلى منزلها وكان يسير أمامها مجموعة من الأطفال يقفزون ويركضون ويضحكون في مرح منقطع النظير، عندما اقتربوا من أحد أعمدة الإنارة وظهر ظل أحد الأطفال فأسرع الباقون كل يحاول الدوس على هذا الظل والطفل صاحب الظل يهرب بظله متفادياً الدوس عليه إلى أن أمسك به أحدهم فظل ثابتاً في مكانه وداس الباقون على ظله.
شاركت "م" الأطفال لعبتهم وقد اغتبطوا لذلك وحاولت هي جاهدة أن تتفادى دوس أحدهم على ظلها لكنها فشلت أكثر من مرة، وتنقلوا في مسيرهم من عامود إنارة إلى آخر حتي تعبوا، فجلسوا على الرصيف يتبادلون النكات وعلت ضحكاتهم وظل الأمر كذلك إلى أن نادت سيدة على أولادها بالقول " يلا حبايبي تأخر الوقت وبكرة عندكم مدرسة"، فانفض الجمع وبقيت "م" وحدها جالسة على قارعة الطريق متكئة على مصباح الإنارة.
عادت "م" بذاكرتها إلى الوراء، عندما كانت على مقاعد دراستها في المدرسة ثم في الجامعة، حيث شرحت معلمتها عملياً ظاهرة تشكل الظلال إذ أحضرت مصباحاً يعمل بالبطارية وأطفأت أنوار مختبر المدرسة الذي كان يقع في القبو وسلطت ضوء المصباح على يدها فظهر ظل يدها على الحائط، وقد ساد المختبر الهرج والمرج وتعالت الضحكات.
ثم فيما بعد نظمت المعلمة - التي تذكرها "م" دوماً بالخير وتترحم عليها - رحلة مدرسية إلى المسرح البلدي حيث قامت فرقة مسرحية بعرض مسرحية "ليلى والذئب" بطريقة خيال الظل وكذلك تم عرض مشهد لـ "جحا" ما أدى إلى تعلق "م" وأترابها بظاهرة "ظل الأشياء" والمسرح.
عندها قالت المعلمة أن الظل هو ظاهرة كونية تحدث بسبب عدم قدرة الضوء على اختراق جسم ما وبضمنه جسم الإنسان حيث ينتشر الضوء حول الجسم فيضيء منطقة الانتشار وتبقى المنطقة غير المخترقة ضوئياً معتمة، وهذا مثلا يفسر تشكل الليل والنهار.
وفيما بعد عندما التحقت "م" بدراستها الجامعية ودرست الهندسة المعمارية تعلمت كيفية تظليل المباني والمجسمات بالافتراض أن الضوء يأتي من جهة محددة ولا يستطيع اختراق مجسم البناء فينبغي تظليل المنطقة غير المخترقة وهو ما يعرف هندسياً بـ " التظليل".
كادت "م" أن تغفو أسفل مصباح الإنارة وأن يتدلى رأسها نحو كتفها، إلا أنها جفلت فنهضت ونفضت ما علق من غبار على بنطالها وهمت بالمغادرة، عندما خطر لها أن تودع ظلها.
نظرت نحو اسفلت الشارع ... لم تجد ظلها .. ارتبكت بل وشعرت بالخوف وقشعريرة تسري في جسدها، حاولت الابتعاد على مصدر الإضاءة قليلاً من هذا الجانب ومن زوايا متعددة .... لكن هيهات لم يظهر ظلها.
مرّ شاب بالقرب منها، ألقى تحية المساء، ردت عليه وشاهدت ظله يتنقل خلفه وأمامه وإلى جانبه وهو يتخطى مصباح الإنارة وهي جاحظة العينين لدرجة أن الشاب قد استغرب سلوكها وهي ترمقه وتنظر إلى الاسفلت فتوقف لبرهة وسأل مندهشاً إذا ما كان هناك أي شىء، فردت بالقول بصوت مرتجف " الظل .... الظل".
نظر الشاب إلى ظله، ولم يفهم مقصدها، فنظر إليها مندهشاً. قالت له "م" خائفة " اختفى ظلي" وأسرعت تحضنه، فجفل الشاب وأبعدها عنه ونظر إلى الاسفلت وبالفعل لم يجد ظلها، بينما كان ظله يتنقل حسب موقعه من مصباح الإنارة.
ابتعد عنها، وطلب منها أن تتنقل ذات اليمين وذات اليسار وأن تلف حول مصباح الإنارة دون أن يشاهد ظلها. انتقلا إلى مصباح الإنارة التالي وحصلا على ذات النتيجة.
احتار الشاب وتوترت "م" لدرجة أن الشاب اقترح عليها مرافقتها إلى منزلها، فوافقت وكلما تخطيا مصباحا للإنارة كان ظل الشاب يظهر متنقلاً حسب حركته بينما لم يظهر مطلقاً ظل "م".
أوصلها إلى بيتها وتمنى لها ليلة هادئة وطلب منها أن تهدأ فلا بد أن للأمر تفسيراً وينبغي رصد ذلك في اليوم التالي.
دخلت "م" إلى منزلها بعد أن شكرت الشاب على اهتمامه ومرافقته لها، وانتبهت والدتها إلى وجهها الأصفر، وعندما قالت لها ابنتها أن لا ظل لها، ضحكت والدتها وقالت أن ذلك مجرد "خزعبلات" فأكدت لها ابنتها ذلك، وأحضرت مصباحاً يعمل بالبطارية ودخلت ووالدتها إلى الوحدة الصحية بعد أن أطفأت النور، وأشعلت مصباح البطارية وسلطت الضوء على يد والدتها فظهر ظل اليد ولم يظهر ظل يدها عندما سلطت الضوء على يدها، فخرجت والدتها مرعوبة وبدأت بقراءة المعوذات، بل ورتلت الإنجيل.
انتشر الخبر في المنزل، وظل والدها أستاذ التاريخ يحاول أن يسترجع بذاكرته إن كان مثل هذا الحدث قد سبق وأن سجل في سفر التاريخ، وبدأ شقيقها يتندر ويقول أنه ترك المدرسة بالأصل لوجود هكذا " تفاهات" ونظريات على حد تعبيره.
خلد الجميع للنوم، وبقيت "م" تفكر في الظاهرة وتتلمس جسدها بين الفينة والأخرى لترى إن كان فعلاً موجوداً ولتتأكد بأنه ليس شفافاً يخترقه الضوء، وغطت في نوم عميق.
نهض كل من في المنزل على صوت طرقات شديدة على باب المنزل، ولما وصل شقيق "م" باب المنزل ليفتح كان الباب قد تحطم ودخل إلى المنزل عشرات الأفراد المدججين بالسلاح ومرتدي الأقنعة برفقتهم الشاب الذي ساعد "م" في الوصول إلى منزلها، فقد اتضح الآن أنه مندوب لجهاز أمني لم يكن يهدف إلى مساعدتها وإيصالها إلى منزلها، بل معرفة مكان سكناها بغية التبليغ عنها.
قام أحد الأفراد بإجراء فحص "ظل" سريع لـ "م" وعندما تم التأكد من ذلك، أوعز لصبية من بين أفراد القوة التي اقتحمت المنزل بتقييد أيدي "م" إلى الخلف وجرى اعتقالها، وخرجت من المنزل وسط دهشتها ودهشة عائلتها ونظرات الجيران، وعندما استفسر والدها عما يحدث أجابه قائد القوة المغيرة " ولا كلمة .... أمن دولة ... أمن قومي".

سيقت "م" إلى مقر من مقرات الجهاز الأمني، وتم الزج بها في قبو مظلم تبين لها فيما بعد أنه يحتوي على مصباح جانبي علوي وفتحة لها زجاج مراقبة معتم.
وللأمانة لم يتم الاعتداء عليها لا جسدياً ولا لفظياً بل كانت تحظى بكل احترام، ووضح لها أحد المحققين أن الهدف من احتجازها هو محاولة فهم ما الذي حدث لظلها وتحليله علمياً واستخبارياً وكونياً فالأمر يتعلق "بأمن الدولة" مستفسراً منها إن كانت مخلوقاً خرج فعلاً من رحم والدتها أم أتى من الفضاء.
جرى تقديم وجبة ساخنة لها وتزويدها بالماء والعصائر وصرحت بأنها غير مدخنة فأحضر لها المسؤول عن ملفها قطعاً من الشوكولاته، وتفهمت هي أو حاولت اقناع نفسها بأن احتجازها يأتي "لمصلحتها" فهي أيضاً تريد أن تعرف ما الذي حل بظلها.
في الصباح تناقلت الصحف ووسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي أنباء اعتقال المهندسة المعمارية "م" مع الاستماع إلى إفادات شهود عيان من بين الجيران وإلى والدها ووالدتها وذكرت فضائية "القارة" أن المهندسة المعمارية "م" قد اعتقلت على خلفية الانتماء إلى "تنظيم إرهابي".
نفى "مصدر مأذون" رفض الإفصاح عن هويته واكتفى بالقول أنه "مأذون" كل الأقاويل والتكهنات حول اعتقال المهندسة "م"، مؤكداً أنها تتلقى أحسن معاملة وأنها ستظهر قريباً لوسائل الإعلام وأن الأمر يتعلق بسلامتها الشخصية.
وبالفعل ظهرت في المساء المهندسة "م" على وسائل الإعلام في مؤتمر صحفي على منصة وكان إلى جانبها شخص يرتدي زياً مرقطاً وقناعاً، وأكدت أنها تتلقى معاملة حسنة واحتراماً وطلبت نقل تحياتها إلى أهلها ومعارفها وكافة من يسأل عنها، بل وتناولت كوب الماء وشربته وظهرت مرتاحة وتبتسمت وغادرت المنصة مودعة دون أن تجيب على أي من الأسئلة التي انهالت عليها.
عادت قناة "القارة" تشكك في كل "المسرحية المتلفزة" للمهندسة "م" وظهر رتل من المحللين السياسيين والعسكريين والنفسيين المتخصصين في لغة الجسد يؤكدون أن كل ما حصل من مؤتمر صحفي هو مفبرك وأن "م" كان "مسيّرة" وليست "مخيّرة" ومجبرة على تمثيل ظهورها الهادىء والمتزن، بل وقال أحد القادة العسكريين المتقاعدين الذي لم يخض حرباً واحدة ذات يوم، أننا أمام ظاهرة عسكرية " متزنة ورزينة" اسمها المهندسة "م".
انضمت فضائية "الساحات" إلى فضائية "القارة" في التحليلات وظهر هذا السياسي المحنك، فصيح اللسان، سليل منظمات المجتمع المدني يتحدث عن تفشي الاعتقال السياسي في العالم مطالباً مؤسسات حقوق الإنسان بالتدخل وتوكيل طاقم من المحامين والمحاميات للدفاع عن المهندسة "م".
قامت طالبة سنة أولى صحافة وإعلام بإعداد تحقيق "استقصائي" يتعلق بالمهندسة "م" وظهر أحد الأطفال في التحقيق وهو يقول أنهم قد لعبوا مع المهندسة "م" في الشارع وكانوا يحاولون الدوس على ظلها وهي تهرب وجلسوا يتبادلون النكات وبقيت هي وحدها بينما غادروا إلى منازلهم.
على الفور تلقفت وسائل الإعلام هذه المعلومة والتقوا كل الأطفال الذين لعبوا مع المهندسة "م" ثم قامت إحدى الفضائيات بتتبع الكاميرات الموجودة في المنازل على الشارع حيث مشت المهندسة "م" وتأكد صحة أقوال الأطفال بل وتم رصد الشاب برفقة المهندسة "م" وهم يلعبون لعبة الظل لكن لم ينتبه أحد إلى أنه لم يكن لها ظل.
حاولت بعض وسائل الإعلام الوصول إلى الشاب الذي اختفت آثاره وتم التعرف عليه على أنه طالب جامعي، وكثرت الأقوال عن وجود علاقة غرامية بينه وبين المهندسة "م"، وإلا لماذا احتضنها كما أظهرت تسجيلات الكاميرات بل وأوصلها إلى منزلها.
صرحت إحدى الجارات أنها كانت تشكك في سلوكيات المهندسة "م" وأنها كثيراً ما كانت تسمعها تردد أغنية عبد الحليم حافظ " الرفاق حائرون ... حبيبتي أنا من تكون".
وبهذا التصريح الذي أثار غضب المؤسسات النسوية بدأت الجماعات الدينية وبعض وسائل الإعلام تروج لميول المهندسة"م" إلى الاتجاهات اليسارية بل والسعي لقلب نظام الحكم.
زادت الشكوك والتقولات والتغطية الصحفية حول المهندسة "م" عندما زار الدولة كبار رجال الأمن والمخابرات في العالم.
ظهرت للمرة الثانية المهندسة "م" أمام وسائل الإعلام في مؤتمر صحفي بحالة صحية ممتازة وأجابت على أسئلة الصحفيين بكل أريحية ورباطة جأش وهدوء ودبلوماسية وكانت تبتسم دوماً بل وعانقت مهندسة زميلة لها تقدمت رغم تواجد أفراد الأمن إلى المنصة وعانقتها عناقاً طويلاً وهمست في أذنها بالقول "حبيبتي" وتحولت هذه المهندسة إلى "ترند".
لم يفهم أحد من المهندسة"م" سبب اعتقالها وكانت تتهرب من الإجابة وتقول ضاحكة " اسمعوا أغنية عبد المطلب ... سؤال غريب ما جاوبش عليه"، وعندما جرى الاستفسار عن مصير الشاب الذي رافقها إلى منزلها أجابت " ساكن في حي السيدة ... وحبيبي ساكن في الحسين وعشان أنول كل الرضا ... يوماتي أروحلو مرتين" وأرسلت تحياتها له، فزادت شكوك الصحافة والإعلام حول العلاقة بينهما وعادت جارتها صاحبة أغنية " الرفاق حائرون" إلى الظهور مجدداً على الفضائيات لتروي حكايا العشق والغرام بين المهندسة "م" والشاب مجهول المصير.
التزمت عائلتها الصمت ولم تظهر على وسائل الإعلام، فالجرح بالكف إذ أن المصيبة لا تكمن في ذلك كله، بل في حقيقة أن لا ظل لابنتها.
وفي الكواليس كانت الفحوصات على المهندسة "م" تتم بشكل متواصل حثيث لدرجة أنها كانت تطلب "استراحة" فقد تعبت من توالي هذه الفحوصات.
طواقم العلماء حضروا من كافة بقاع العالم لتحري هذه الظاهرة الفريدة الوحيدةـ ولم يتمكن أحد من فهم ما الذي حدث.
عقد اجتماع أمني عالمي كبير، وجرت الإشارة إلى مجموعة من الأمور الخطيرة التي تمس بعض المسلمات الكونية، إذ أن اختفاء ظل المهندسة "م" قد يطيح بتفسير ظاهرة تشكل الليل والنهار ودوران الأرض حول محورها ، وكذلك دوران الأرض حول الشمس والسنة الفلكية، كما وأن ذلك سيقود إلى ما هو أبعد على الصعيد الديني وما هو مذكور في الكتب السماوية حول تعاقب الليل والنهار.
ومن ناحية ثانية، فإذا اختفت المهندسة "م" عن الوجود فإن ذلك سيؤلب الرأي العام العالمي وتحدث ضجة لا يحمد عقباها قد تهدد السلم العالمي، وأما إذا ظهرت المهندسة "م" وعادت لممارسة حياتها بشكل طبيعي فقد ينتبه أحدهم ذات يوم لعدم وجود ظل لها وتعود الأجهزة الأمنية العالمية إلى المربع الأول والتشكيك بالمسلمات.
ولأول مرة في تاريخ البشرية، تتفق الأجهزة الأمنية للدول المختلفة ويتفق رجال الدين والسياسيون والاقتصاديون على ضرورة إبقاء انعدام ظل المهندسة "م" سراً دفيناً، رغم أن كل أسرار الكون منشورة على حبل غسيل.
تبلور اقتراح يتمثل في أفضل أسوأ الحلول، ألا وهو السعي لإعادة ظل المهندسة "م" حتى لو اضطر الأمر إلى أن ترتدي أسفل ملابسها درعاً يمنع نفاذية الضوء من خلال جسدها، أو ملء داخلها بمادة داكنة تمنع اختراق الضوء، وجرى تجربة ذلك كله دونما فائدة أو نتيجة.
وجرى التباحث في مصير "العاشق الولهان" المزعوم الذي تم احتجازه كي لا يتفوه بكلمة واحدة نافياً علاقاته الغرامية مع المهندسة "م" وموضحاً أن سبب احتجازها هو أن "لا ظل لها"، فاستقر الأمر على أن تجرى له عمليات جراحية لتغيير "خارطة" وجهه وجسده ويتم إيفاده معززاً مكرماً إلى المحيط المتجمد الشمالي تحت حراسة مشتركة من الدول العظمى.
جرى الاتفاق على تصنيع زي خاص بالمهندسة "م" بحيث تظهر به أمام وسائل الإعلام بغية حرف الأنظار عن حقيقة أن لا ظل لها وأيضا إضفاء مزيد من الغموض حول مسألة احتجازها وفي ذات الوقت رصد ردود الأفعال.
وبالفعل ظهرت المهندسة "م" في مؤتمر صحفي ثالث وهذه المرة لوحدها على المنصة مرتدية زياً عجيباً غريباً أشبه بـ " برميل نفط " بألوان زاهية مريحة للنظر وتسريحة شعر أنيقة، وقامت بالإجابة على أسئلة الإعلام بهدوء وابتسامة زادت من تحليلات المحللين لدرجة أن أحدهم وصفها بأنها " امرأة من نار". مع ذلك لم ينتبه أحد إلى مسألة انعدام ظل المهندسة "م" وظهرت موضة عالمية تتمثل في زي المهندسة "م".
في انعطاف دراماتيكي ظهر محاضر جامعي قال أنه قام بتدريس المهندسة "م" وأنه كان لديها الكثير من الأفكار لتدمير الكون لا بل والمجرات السماوية برمتها، ويرجح أن كل هذه الحفاوة وحسن المعاملة من قبل أجهزة الدولة ما هي إلا رضوخاً وإذعاناً وخوفاً من بطش المهندسة "م" التي "بكبسة زر واحدة" أو حتى برمشة عين ... وعن بعد ... قادرة على تدمير الكون والمجرات وأنها على ما يبدو قد هددت أنه إذا ما أصابها مكروه فإن كلمة السر موجودة لدى زميلة لها ملمحاً إلى أنها ربما تكون المهندسة التي عانقتها في المؤتمر الصحفي وربما تكون المهندسة "م" قد همست لها في أذنها بكلمة السر التي قد تكون "حبيبتي".
أضحت الزميلة المهندسة ولنميزها بحرف "د" مصدراً للشهرة والأضواء ولم تقم الأجهزة باعتقالها والتحقيق معها، فزاد ذلك من شكوك الرأي العام من أن عزوف الأجهزة عن اعتقالها مرده الخوف من بطش المهندسة "م" وإقدام إي منهن على عمل متهور أرعن.
تركت المهندسة "د" الهندسة والوظيفة لدى مكتب هندسي كانت تعمل به بمرتب لا يكفيها، وتحولت إلى المقابلات عبر الفضائيات بحيث كانت تتقاضى خمسة آلاف دولار على الأقل بدل كل لقاء مدته ربع ساعة مع أي من الفضائيات وكانت تجيب بطريقة "شرلوك هولمز" مضفية الغموض على كل "الحكاية"، بل وغنت ذات يوم " وكل الحكاية .... عيون بهية" فكثرت التحليلات بالقول أن تفجير الكون والمجرات سيكون من خلال نظرة عيون المهندسة "م".
*********************************
وتوالت الأحداث، وجرى إبرام صفقة مع عائلة المهندسة "م" تقضي بانتقال العائلة للعيش في أحد القصور المحاطة بالأسوار والكاميرات والتقاعد المبكر لوالدها كمعلم للتاريخ وتخصيص دخل شهري ثابت للعائلة وإيفاد شقيقها للعمل كسفير ضمن كادر السلك الدبلوماسي في وزارة الخارجية مع ممارسة العائلة لحياتها الطبيعية دون البوح بأي كلمة تتعلق بالأسباب ومصير الابنة، وبقاء المهندسة "م" في قبضة الأجهزة الأمنية مع كل ما يلزمها من رغد العيش، وتسليط الأضواء على زميلتها المهندسة "د" ومنحها جواز سفر دبلوماسي وعائد مادي يكفيها لإيهام العالم برمته أنها تملك "كلمة سر" تدمير المجرات والكون رغم أنها لا تعرف ما الموضوع.
سأترك لكم أيها الأحبة المجال لأن تتمنوا في قرارة أنفسكم أن لا ظل لكم وتنسجوا من بنات أفكاركم الأحلام والأمنيات.
6 أيلول لعام 2024



#خالد_بطراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغطرسة
- قصة بلا نهاية
- المحقق كونان
- البوصلة
- تعرف الكذبة .... من كبرها
- البنيان المرصوص
- كعكة العالم
- سحابة صيف في الجامعات الأمريكية أم ماذا؟
- موسيقى المسدس
- حق الرد
- علامة الرسوب هنا، في السجل ... والباب هناك
- فاظفر بِحُبِ الناس ... تَرِبَتْ يداك
- الصراع الطبقي
- بوركينا فاسو وإبراهيم تراوري ... نموذجا
- أمير الظلام ... حميدان
- النضال في سبيل تحرير الانسانية
- عن أحمد سعيد والصحاف ومن في حكمهم
- توزيع الادوار
- -كل أرض ... ولها ميلادها-
- ذهب مع الريح


المزيد.....




- -أحد حراس الهوية المصرية-.. وفاة الفنان التشكيلي حلمي التوني ...
- وفاة حلمي التوني أحد أبرز الفنانين التشكيليين المصريين والعر ...
- حواء القمودي: اليوم الرتيب والممل يلهمني كتابة قصيدة
- بحضور نجوم كوريين.. عرض منحوتات الفنان فيليب كولبير الجديدة ...
- انطلاق مبادرة -أُوْل- للمكفوفين برعاية -أبجد-
- وزير الثقافة الإيطالي يستقيل بعد فضيحة مدوية هزت حكومة ميلون ...
- إرجاء الحكم على ترامب في قضية الممثلة ستورمي دانيالز
- محكمة نيويورك تؤجل النطق بالحكم على ترامب في قضية نجمة الأفل ...
- تأجيل الحكم على ترامب في قضية الممثلة الإباحية إلى ما بعد ال ...
- تأجيل الحكم على ترامب بقضية الممثلة الإباحية


المزيد.....

- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة
- آليات التجريب في رواية "لو لم أعشقها" عند السيد حافظ / الربيع سعدون - حسان بن الصيد
- رنين المعول رؤى نقدية لافاق متنوعة ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- القناع في مسرحيتي الإعصار وكلكامش لطلال حسن -مقاربة في المكو ... / طلال حسن عبد الرحمن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد بطراوي - المهندسة -م-