أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسامة عرابي - روح مصر كما جسَّدتها الخواجاية















المزيد.....


روح مصر كما جسَّدتها الخواجاية


أسامة عرابي
(Osama Shehata Orabi Mahmoud)


الحوار المتمدن-العدد: 8089 - 2024 / 9 / 3 - 10:12
المحور: الادب والفن
    


روح مِصر كما جسَّدتها الخواجاية
مذكرات "فيموني عكاشة" الصادرة عن دار الشروق المصرية هذا العام (2024) باسم "الخواجاية"، تقدِّم لنا تجرِبة إنسانية بالغة العمق والثراء، مترعة بالحب والشغف بالحياة وصدق الذات والهُوية، من خلال علاقتها بوالدتها الهولندية الأصل "جيردا يوحنا زيلهوروست" ووالدها مهندس النسيج أنور عبد الله عكاشة، وما نشأ بينهما من حبٍّ عظيم أثمر ثلاثة أبناء:عبد الله وكمال وفيموني، فضلًا عن تحدُّرِ كلٍّ منهما من عائلة فنية ربطت "جيردا" بالموسيقى، وشريك حياتها "أنور" بالتمثيل والرسم؛ ما يدعونا إلى اكتشاف العديد من الأوجه من شخصياتنا من أجل أن تتطابق مع الصورة المثالية التي نحاول أن نحيا وفقها. مؤكدة أن الحبَّ والفنَّ فاعليَّتان جوهريَّتان من فاعليات الوجود، وملمحان ثقافيَّان طالعان من خيارات محدَّدة، تتمحور حول قيم تحقق الوعي المنشود بوظيفتيْهما في رحلة بحثنا عن تحققنا الإنساني، وبلورة دينامية نفسية تقودنا إلى ولوج سيرورة الحياة، وإلى الفهم العميق لواقعنا.
وقد نجحت "فيموني عكاشة" في تقديم نصٍّ مراوغ يتوزَّع بين الأدب والسينما، نتملَّى فيه جمالية الصورة التي تُفضي إلى توافق سعيد بين العين والإحساس، بين الملاحظة والتشكيل، تتداخل فيه الأزمنة وتتقلص المسافات من خلال لقطات وقطْعٍ على صور وحسٍّ جمالي يستثمر درجات النور والظلال ليُثريَ تكوينات الكادرات وحركات الكاميرا والمشاهد المتنوِّعة التي تجول بنا في عوالم بلا ضفاف تضجُّ رغباتٍ وأحلامًا، لائذة بالحلم المتنفَّس الوحيد لعذاباتنا؛ بحثًا عن تلاؤمٍ تامٍّ بين الفرد والطبيعة والكون، وعن خلاص إنساني يبدو بعيد المنال.
نلتقي في هذا النصِّ الفريد بشخصيات آسرة، عظيمة الموهبة، تتمتع بقدرات كبيرة، وأحلام كثيرة، وتبدو لنا دومًا متجدِّدة الحيوية والنشاط، تمتلك القدرة على الاختيار، وتشكيل حياتها على النحو الذي تريد، راسمة لنا الحياة بألوان باهرة، وبهدوء وعقلانية وتوازن.
وهو ما نلمسه مثلًا في شخصية "جيردا" التي تنوَّعت أدوارها وتعدَّدت ما بين الزوجة، والأمّ، والصديقة الأفضل، والمثقفة، وعازفة البيانو والتشيلو، والمولعة بالحكي والمغامرة وبالسينما والمسرح والرقص وحضور الحفلات الموسيقية، وزيارة المتاحف والقصور القديمة والحدائق الغنَّاء، والتردُّد على الأوبرا، والتعلُّق بكل ما يجعل الحياة ممكنة وتستحق العيش.
يقول الكاتب الروسي العالمي "أنطون تشيكوف":"مَن لا تتملَّكه الرغبة في شيء، ولا يراوده الأمل في أي شيء، ولا يخاف من أي شيء، لا يمكن أن يكون فنانًا". لهذا آمنت "جيردا" منذ البدء أن الرغبة صنو الحياة، وأن التغيير والقابلية للتغيير هما مبدأ الحياة وقانونها الأساسي؛ ما يتعيَّن معهما، لا ترْك الأسئلة من دون إجابات فحسب، بل تعميقها بأسئلة أكثر؛ من أجل فهم الحقيقة أو تصوُّرِها؛ الحقيقة التي أصبحت نقدية وتحريرية في آنٍ معًا. جاعلةً من الفن- الموسيقى والسينما والرقص- مغامرة وجودية تمنح القلب قدرًا عاليًا من الحساسية التي تحدو به إلى أن يكون متناغمًا مع إيقاع الكون كلّه.
و"جيردا" صاحبة روح مبدعة، تعيش الحياة كأنها سينما أو لحظات إبداع؛ فتعزف على البيانو والتشيلو وتقرأ النوتة الموسيقية التي ثَقِفَتْها من أستاذها "ويلهاميير" الذي أحبَّها، وملكتْ عليه قلبه. وعشقت الموسيقى الكلاسيكية التي قادتها إليها موسيقى "يوهان سباستيان باخ" ذات الطبيعة الروحية المسيحية، والذي نعتته بـ"إله الموسيقى"، و"أندريه ريو" عازف الكمان الأسطوري وملك الفالس وقائد أوركسترا "يوهان شتراوس". ولم تنِ تواكب التيارات الجديدة في السينما العالمية وموجاتها الطليعية، وخاصَّة تلك التي يُشارك فيها أبطالها المفضَّلون: كاري جرانت وجاري كوبر وآفا جاردنر وفريد استير وجنيجر روجرز، حتى إنها كانت " تتابع أخبار الممثلين والمغنين والموسيقيين، وتعرف كل تفاصيل حياتهم الدقيقة، وتحتفظ بصورهم جميعًا، بل كانت تحفظ أسماء كل الممثلين بلا استثناء حتى الكومبارس الموجودين في خلفية مشهدٍ ما" على حدِّ تعبير كريمتها "فيموني".
غير أن مذكرات "الخواجاية" تُثير قضايا عدَّة مهمة، أولها في رأيي: علاقة "جيردا" بحبيبها وشريك حياتها "أنور عبد الله عكاشة"، عبر هُويَّتيْن حضاريَّتيْن مختلفتيْن: مِصريَّة وهولنديَّة، أو شرقيَّة وغربيَّة، التقتا في سياق فضاء معرفي يقوم على الحوار والتعدُّد في إطار الوحدة والقواسم المشتركة وتقارب وتكامل الأدوار والأفكار والاهتمامات المتناغمة مع روح العصر وتقدُّمه. دون أن يعني ذلك ذوبان أحدهما في الآخر، أوطمس خصوصيته وفرادته واستقلاليته.
تقول "جيردا":"كان المزاح والمداعبة سلاحيَّ الناجحيْن للتغلُّب على اختلاف الثقافات والعادات. كثيرًا ما تندرتُ على تعنّته غير المبرَّر الذي لا يتناسب مع طبيعة شخصيَّته المنفتحة".
كانت "جيردا" تُراوح بين جذورها الهولنديَّة الغربيَّة وانتمائها القوي إلى مِصر؛ فبعد "إقامة جيردا في هولندا عادت إلى أصولها...جذورها، وصارت أكثر فخرًا بهولندا، وإنجازاتها الرياضيَّة والعلميَّة والثقافيَّة" بتعبير "فيموني". لكنها ظلَّت طَوالَ الوقت مشدودة إلى مِصر التي عشقت تراثها وثقافتها، وتعلَّمت لغتها العربيَّة، وأجادت طرائق الطهي المِصرية "ومتى تشهق عند عمل الملوخية، وكيف تحشو الحمام وورق العنب"، كما تعلَّمتها من حماتها الفنانة القديرة "فيكتوريا موسى"، و"عاشت في أماكن عديدة لا يعرفها الكثيرون من سكَّان القاهرة، وتردِّد دائمًا: أريد أن أدفن هنا بجانب زوجي وليس في هولندا"، ثم تُضيف "فيموني" قائلة: "ولتؤكد في سنواتها الأخيرة أنها تُحبُّ العيش هنا، ولا تُريد الرجوع إلى بلدها"، وهو ما تحقَّق لها بعد ذلك. ومن ثَمَّ حملتْ مِصرَ في قلبها، وشُغلتْ بقضاياها، حتى إنها كانت تستقبل "فيموني" "وهي عائدة من ميدان التحرير إبَّان ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة عام 2011 بعلم مِصر وهي تُغني : بلادي بلادي بلادي / لكِ حبي وفؤادي، ثُمَّ تضحك قائلة: أولادي كلُّهم يعيشون في بلادٍ بها ثورات"، على نحو ما تروي "فيموني". أمَّا زوجها "أنور عبد الله عكاشة" فكان يحمل في داخله شخصيَّة الشرقي النبيل الذي ينفتح على الحداثة وقيمها الحضارية المتقدِّمة، لكن إرثه الشرقي ما زال يُمارس سطوته على سلوكياته في بعض المواقف، مثل احتجاجه ولومه لزوجته عندما ذهبت بمفردها إلى شارع شريف بوسط القاهرة لتشتريَ صحيفة الإجيبشيان جازيت، في الوقت الذي لم ترَ فيه "جيردا" محلًّا للمؤاخذة والاعتراض. وهو ما يدلُّ على أن هناك شرخًا بين التاريخي والثقافي، وعدم القدرة على دمجهما في إطار مشروع عقلاني كامل يتجاوز الانتقائية والتجزيئية في التفكير والمواقف.الأمر الذي قد يُفسِّر انزلاق الكثير من الشخصيات الفكرية في العقود الأخيرة من العقلانية والعقلانية الصارمة نحو التيارات اللاعقلانية.
يقول "تولستوي":"ينبغي ألَّا يكون هدف حياتنا متمثلًا في البحث عن المتعة في الزواج، بل في إضفاء المزيد من الصدق والحبِّ على العالم. إننا نتزوَّج ليُساعد أحدنا الآخر على تحقيق هذه المهمة". وبذلك استطاعت "جيردا" من خلال علاقة الحبِّ القويَّة التي ربطت بينها وبين زوجها تطوير أساليب التفاهم المشترك بينهما، والنظر إلى الحياة بوصفها كتابًا مفتوحًا ينتظر قارئه.
تقول "فيموني":"عرفتُ منذ صغري أنني معلَّقة بين عالميْن مختلفيْن تمامًا، وثقافتيْن تتنازعان ليس فقط بين عائلتيْنا هنا وهناك، ولكن داخلي أيضًا، هذا الصراع الذي كان كبيرًا في صغري وحسمتُه فيما بعد، تعايشتُ معه، واستغللتُه لصالحي كثيرًا خاصَّة في مِصر". وهي صادقة لا ريب. فقد استثمرت هذا الصراع الكبير داخلها لصالح ثقافة عقلانية مستنيرة تنهض على حريَّة التعبير وحقِّ الاختلاف والحداثة الفكرية التنويريَّة. حسمتْه لصالح انتمائها الأصيل لوطنها مِصر، والانشغال بهمومه وقضاياه المُلحَّة. كذلك حسمتْه لصالح قضية الثورة التي عاشتها بكل جوارحها في حياتها وتوجهاتها الخاصَّة والعامَّة، وعرفت من خلالها معنى القطيعة مع موروثها الماضويّ، والانتقال إلى مرحلة جديدة تستهدف التغيير الراديكالي، بدءًا من ثورتها على زواجها الذي فَتَرَ وطلبها الطلاق والانفصال، مرورًا بثورتها على عملها الذي سرق عمرها واستنفد جُلَّ طاقتها لسنواتٍ طِوال، تاركةً شركة الترجمة الناجحة التي كوَّنتها مع شركاء لها غير آسفةٍ ولا نادمةٍ، مُؤْثِرَةً "سلامها النفسي والحفاظ على صداقتها مع شركائها" على حدِّ تعبيرها، وصولًا إلى مشاركتها الكبيرة في ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة عام 2011؛ من أجل الإطاحة بنظام حسني مبارك الدكتاتوري المستبدّ، وإرساء دولة مدنيَّة عَلمانيَّة ديمقراطيَّة معاصرة. مؤكدة بذلك كلّه دور الذات الفاعلة في إنتاج المعنى، ومنحه بُعدًا فكريًّا ومعرفيًّا وسياسيًّا حيًّا ونابضًا يُسهم في استيلاد لحظة الحريَّة؛ لحظة مولد الذات والروح.
وعلى درب والدتها "جيردا" التي عاشت الصراع الضاري الدمويّ الذي شهدته أوربا ومنها هولندا بين الكنيستيْن: البروتستانتيَّة اللوثريَّة والكاثوليكيَّة البابويَّة، وما رافقه من محاكم تفتيش وتكفير ومجازر بشريَّة، أشهرها "مجزرة سانت بارتيليمي" عام 1572 في فرنسا التي صفَّق لها بابا روما قائلًا بِملءِ فِيهِ: لقد انتصر الإيمان الصحيح على الزندقة"، وكأن الإيمان لا يَصِحُّ إلّا بسفك الدماء وإزهاق الأرواح ونصْبِ السلخانات البشريَّة! واستطاعت أن تتخطَّى الخلافات المذهبيَّة والطائفيَّة وتتجاوزها إلى ما هو إنساني عامّ يؤمن بالتعدديَّة الفكريَّة والعقائديَّة، وبالحرية الدينيَّة وبالاختيار الحرّ، وبأن الإنسان مقياس كل شيء ومركز هذا الكون، وعلى دربها سارت "فيموني" (التي اختار لها والدها اسمًا مركَّبًا من اسم فام أمّ والدتها جيردا، واسم خالتها خوني، ولكنه حذف حرف الخاء لثقله في النطق. ويعني الاسم "المرأة القويَّة". فـ "فام" تعني المرأة، و"خوني" تعني المحارِبة أو الشجاعة)، على نحو ما تذكر فيموني في مذكراتها هذه التي شعَرت وتشعُر دائمًا بالفخر بأن لها أبًا مسلمًا، وأمًّا بروتستانتية وإن أسلمت بعد ذلك، وجَدَّة يهودية الأصل "فيكتوريا موسى" التي أسلمت وأطلقت على نفسها اسم "فاطمة موسى". ومن خلال هذا الحوار العقائدي الخصب والخلَّاق بين الأديان الثلاثة، نشأت "فيموني" مؤمنةً بأن تطور الحياة وتقدمها مرهونان بتكريس تقاليد الحوار وبالإصغاء المتبادل، وبالتسامح وقبول الآخر المختلف والانفتاح عليه، وليس بالعدوان والإنكار والانغلاق كما تفعل الحركات الأصولية الجهاديَّة التكفيريَّة. كما دفعها هذا المُناخ الصحي بحكم دراستها للتراث إلى الاهتمام "بدراسة تاريخ اليهود في مِصر، وبأن يعرف الناس أن هؤلاء اليهود كانوا مِصريين أحبوا مِصر، وعاشوا واستقروا هنا منذ مئات السنين" على حدِّ تعبيرها. وتروي "فيموني" أن والدها "أنورعبد الله عكاشة" قال لأمِّها "جيردا"عندما أرادت إشهار إسلامها قبل زواجهما: "يجب ألّا تُغيّري ديانتكِ لنتزوَّج". فهما لم يتزوَّجا زواجًا تقليديًّا كزواج أي مِصري عادي بمِصريَّة عاديَّة، بل جاء زواجهما مختلفًا عابرًا للقيود المذهبيَّة وإرثها اللاهوتي المنغلق؛ ومن ثَمَّ جمع بينهما ما عبَّر عنه "ابن عربي" في بيته الشهير:
أَدينُ بدين الحُبِّ أنَّى توجَّهتْ ركائبه فالحبُّ ديني وإيماني
حقًّا.. لقد هامَ أحدُهما بالآخر هُيامًا لا نظير له، وعرف كلاهما كيف يَلحق بمشاعر الآخر ويلتقي معه، في سعيهما إلى خلق الجميل مع الجليل، وتضفير الحلم مع الواقع، والرؤية مع الوجدان.
لهذا كان من الطبيعي أن يبحث كلٌّ منهما عن الآخر ويجدَه؛ فكلاهما محبٌّ للحياة وللمرح وجادٌّ في عمله وينتمي إلى عائلة فنيَّة تُمارس الفنَّ؛ فـ"جيردا" يعزف والدها على الأرغول، وخالها "هانك" يعزف على الساكسفون ويهيم بموسيقى الجاز، وأختها "خوني" تعزف على البيانو وتعمل مع عدَّة فرق موسيقيَّة، كما أنها عضو في كورال الكنيسة حتى سنّ الستين، وشقيقتها الأخرى "هيلدا" تعزف على آلة الكمان. وقد سردتُ من قبلُ أن "جيردا" نفسها تعزف على البيانو والتشيلو وتقرأ النوتة الموسيقية. لذا كانت قادرة على فهم وتأويل العلامات الموسيقيَّة داخلها، وعلى تنظيم علاقاتها بمحيطها الخارجي من خلال عزفها الخاصِّ المُتفرِّد الذي تستلهمه من موسيقى نقيَّة تأخذنا لعالم آخر.الأمرالذي دعاها إلى أن تُردِّد دومًا: إني أسمع الله، وأشعر به عندما أسمع الموسيقى.. ومرَّة أخرى تقول بثقةٍ واطمئنان: إن مشاكل العالم ستنتهي لو أنصت الناس جيِّدًا إلى الموسيقى. وهي مُحقٌّة في رأييْها هذيْن كلَّ الحقِّ؛ فمَن منَّا بمقدوره أن يُنكر إذا ما أنصتَ إلى مجموعة التشيلو سويت وبدينيري والفوجا الصغيرة وسواها من أعمال "باخ" الذي عشقتْ موسيقاه، ولم يَسْمُ روحيًّا؟ ومَن منَّا بقادرٍ على البحث عن معادلٍ لفظيٍّ لإحساسه بالموسيقى؟ أليستِ الموسيقى في حدِّ ذاتها لغةً عن شيء ما؟ بل مَن منَّا باستطاعته أن يتهرَّبَ من حضور حفلٍ موسيقيٍّ لمؤلّفٍ موسيقيٍّ مُجدِّدٍ في الموسيقى الكلاسيكية من طراز "أندريه ريو" الذي تولَّهت "جيردا" بحبِّ موسيقاه، وما تتمتع به كلُّ معزوفةٍ لديه من بصمةٍ خاصَّة تتسم بهدوءٍ ساحر وشجنٍ ممتع وحيويَّةٍ نادرة؟ أوعلى ألّا يستمتع بالرؤية البصريَّة للأوركسترا الخاصَّة به وعازفاته يظهرهن بمظهر أميرات قادمات من عالم آخر؛ فيرتدين فساتين واسعةً مثل أميرات ديزني، ويعزفن في هدوءٍ وثبات وقد عَلتْ شفاهَهن ابتسامةٌ ساحرةٌ طَوالَ العزف.أمَّا الرجال فيرتدون الزيَّ الرَّسميَّ الكاملَ، ويجلسون بالهدوء ذاته في أثناء العزف، وبعد انتهاء العزف يلتفت لأعضاء فرقته يحثُّهم على الوقوف للجماهير احترامًا وهو يُصفِّق لهم؟ أليستِ الموسيقى من الفنون السبعة البصريَّة – السمعيَّة في الوقت ذاته؟
لذا حرَصت ابنتها "فيموني" على إحياء ذكراها وتكريمها "بحضور حفلٍ موسيقيٍّ ما في عيد ميلادها.وفي عام آخر، تسافر إلى هولندا موطن "جيردا" الأصلي لتحضر حفلًا لـ"أندريه ريو" الذي عشقت حفلاتِه والبهجةَ التي يُثيرها في الحضور". بل إنها "حرَصتْ على أن تسمع الموسيقى وهي في حجرة الغُسل؛ فروحها تشعر بالاطمئنان عند سماع ما تُحبُّه حولها"، على حدِّ تعبير "فيموني".
أمَّا والد "فيموني" السَّيِّد "أنور عبد الله عكاشة" السَّبَّاح الماهر والراقص المُجِيد والرسَّام الموهوب والمتديِّن تدينًا سَمْحًا معتدلًا سمح له بتناول الكحول أحيانًا مع أصدقائه القريبين منه والمواظبة على الصَّلاة وأدائها حتى ولو تسلَّلت إليه الموسيقى من الراديو في أثنائها، فكان ابن "عبد الله عكاشة" الذي أسَّسَ عام 1921 مع شقيقيْه "زكي" و"عبد الحميد" فرقة مسرحيَّة باسم "جوقة عكاشة"، ويُضيف بعض الباحثين اسم شقيق آخر لهم هو "عبد الباقي". وقد أسهمت هذه الفرقة في نقل المسرح المصريّ من الشكل الغنائي إلى أشكالٍ فنيَّةٍ أخرى. لهذا رعاها رائد الاقتصاد الوطني "طلعت حرب باشا" من خلال "شركة ترقية التمثيل العربي" التي أسَّسها في إطار اهتمامه بالفنّ الذي دعاه أيضًا إلى تأسيس شركة التمثيل والسينما معًا، واستديو مصر، وإنشاء مسرح الأزبكية ثاني مسرح بُنيَ في مِصر خصيصًا للتمثيل بعد مسرح الأوبرا؛ فجُلُّ مسارح القاهرة في هذا الوقت لم تُبْنَ لهذه الوظيفة أو لذلك الدور، بل انصرفت إلى اللهو البريء وغير البريء، وكانت "فرقة عكاشة" تقدِّم عروضها المسرحيَّة على مسرح الأزبكية ومسرح إسكندر فرح بشارع عبد العزيز، وتتخلّل فصولها المسرحية الموسيقى الوتريَّة ومشاهد باسمة يُقدِّمها الفنان محمد ناجي، ويكتب لها نصوصها المسرحيَّة كبار الكُتَّاب مثل: عباس علام وتوفيق الحكيم ومحمد عبد القدوس وسواهم، وتصاحبها ألحان أساطين الموسيقى من طراز: سيِّد درويش وداود حسني وكامل الخلعي وزكريا أحمد. وكان "عبد الله عكاشة" بالذات يغني ويمثّل دور الفتى الأول في الفرقة، وكان أكثر ظهورًا وشهرة من شقيقيْه بعد أن لمع نجمه في مسرحية "تسبا" أو "شهيد الوفاء". كما كانت والدة "أنور" الفنانة "فيكتوريا موسى" ممثلة كبيرة لها مكانتها في تاريخ المسرح المصريّ، وقد وصفت بأنها أقدر ممثلة في مِصر، بعد قيامها ببطولة الأوبريت الغنائي "هدى" الذي لحَّنه فنَّان الشعب "سيِّد درويش"، ونالت جائزة الممثلة الكوميديَّة الأولى في مِصر؛ لهذا عملت بعد ذلك مع يوسف وهبي في مسرح رمسيس بعد توقّف مسرح الإخوة عكاشة. وكان "أنور" يهوى التمثيل مع والديْه، وابتداع المواقف الكوميديَّة وتقمُّص الشخصيات وإثارة المتعة الفنيَّة في نفس زوجته سواء وهما يسيران في الشارع، أو في المنزل، أو في نفوس أصدقائه في جلساتهم الخاصَّة؛ بقدرته المذهلة على المحاكاة والسرد وانتقاء التفاصيل الدالَّة، وتأديتها بشكل طريف يبعث على السرور.
غير أن "الخواجاية" تكشف عن الدور المحوري الذي تضطلع به الذاكرة في حياة الإنسان من خلال مقاربتيْها المعرفيَّة والتداوليَّة للماضي بوقائعه وأحداثه، والحفاظ على الحضور الحيّ لها بوصفها سجل التاريخ والتجارب المعيشة لأصحابها. وبهذا المعنى، أمَّنت "فيموني عكاشة" الاستمراريَّة الزمنيَّة لوالدتها "جيردا" في تقاطعها مع الحاضر الآنيّ عبر الذات الفاعلة التي تتذكر، وتضيء كلّ جوانب المشهد وتأويله بأن نقول اختلافنا بالنسبة إلى كلِّ آخَر. وهو ما عبَّرت عنه "فيموني" بقولها : "استعانت جيردا بذاكرتها بعد وفاة أنور لتستطيع الصمود".
وقد كانت "جيردا" تملك "ذاكرة حديديَّة، ونعتبرها أرشيف العائلة الحي سواء هنا في مِصر أو في هولندا، حتى إنها صحَّحت لعمتي "كوكا" مرَّة تاريخ ميلاد ابنها الثاني، وإنه قد ولد قبل أسبوعيْن من تسجيله الرسميّ في شهادة الميلاد" وفق تعبير "فيموني" التي تُضيف أنها كانت "تتذكر كلَّ التفاصيل الدقيقة منذ كانت طفلة صغيرة عن عائلتها، وعمَّا عاشته في الحرب العالميَّة الثانية، وعن حياة ملوك أوربا، والممثلين والمغنين والموسيقيين"، مُفصحةً عن أزمة مشروع الحركة الإسلاميَّة المعاصرة التي برزت في مِصر في عقد السبعينيَّات وما تلاها، وهي أزمة تتعلَّق بالمنطلقات النظريَّة لهذا المشروع، وبرؤيته للعالم، وبنظرته إلى نفسه، وباتجاهه إزاء الغير. فتروي "جيردا" كيف كانت تتأذى من الأصوات المزعجة المنفِّرة لمؤذّني صلاة الفجر، ومن غوغائية خطب الجمعة التي كانت تُحرِّض النساء على عدم استخدام حبوب منع الحمل بدعوى أنها حرام وتدخُّل في مشيئة الله، ونجاحها في إقناع بعضهن باستخدامها، وتوقّف مدينة المحلَّة الكبرى ونادي شركتها للغزل والنسيج عن بيع البيرة، وانتشار الحجاب في المدارس، "لكن المدَّ الوهَّابيَّ الذي اجتاح مِصر في تلك السَّنوات كان أقوى من أيِّ محاولات لمواجهتها" بتعبير "فيموني". لهذا عندما أصيبت "جيردا" بألزهايمر أو "التيه" كما تُسمِّيه "فيموني"، لم تتوقَّع لها العائلة "هذا تحديدًا، وهي التي كانت متوهِّجة وحاضرة الذهن، وتُحبُّ أن تلعب كلَّ ألعاب الذاكرة حتى قبل أسبوعيْن من وقوعها فريسة للمرض" كما تذهب فيموني.
كما قدَّمت لنا "فيموني عكاشة" من خلال سردها الممتع المدهش عن عائلتها، وعلى صعيد الوعي الاجتماعي التاريخي، صورة حيَّة عن عادات المِصريين وتقاليدِهم، وعن جِنازة الرئيس جمال عبد الناصر، وعن شركة مِصر للغزل والنسيج بالمحلَّة الكبرى التي كان والدها أحد مديريها، والتي أسَّسها طلعت حرب باشا عام 1927 كإحدى شركات بنك مَصر، ثمَّ توسَّعت بعد ذلك في العهود التالية لتشمل ستَّةَ مصانع للغزل، وعشرة مصانع للنسيج؛ حيث تقوم بإنتاج وتصدير منتجات نسيجية مصنوعة من القطن المِصري الخالص بأحدث الماركات العالميَّة.
بَيْدَ أن إيمان "جيردا" بأن المغامرة هي التي تقود المرء إلى اكتشافات جديدة والانفتاح على التجارب المختلفة، وعلى الإمكانات المفتوحة أمام إرادة الاختيار؛ ومن ثَمَّ إلى فهم مستمرّ للعالم، منحها "الشجاعة أن تأتي إلى مِصر، لا بحثًا عن الحبّ، ولكن عن المغامرة" بتعبير "فيموني"، وعملت جليسة أطفال لدى عائلة يهودية تعيش في بورتسماوث بلندن، ولدى عائلة مِصريَّة عندها ابنة واحدة عمرها سنة، وإلى أن تسافر إلى لندن "أصلًا لتعزف مع فرقة موسيقيَّة، وتحضر الحفلات التي تضجُّ بها العاصمة، وكانت لديها تذكرة شهريَّة تستطيع بها حضور الحفل الذي تُريده"، وأن تخوض مجازفة الانصهار في الحضارة المِصريَّة حتى إنها "ربطت ابنتها بمِصر، وجعلتها تهوى تراثها، وتعشق تفاصيلها الصغيرة"، وأن تتشرَّب الروح المصريَّة، وتستمتع بتلاوة الشيخ محمد رفعت للقرآن الكريم وما تُثيره من خشوع وتبتّل في النفس، وبابتهالات الشيخ النقشبندي في رمضان بصوته القويِّ المميَّز، و"كانت تُشجِّع أولادها على الصيام، وتستيقظ خصيصًا لإعداد السحور لهم، وكانت تصوم إلَّا عن قهوتها الصباحيَّة والسجائر فقط". وبلغ من شدَّة انتمائها المِصريّ العربيّ أنها كانت تُدافع بحرارةٍ عن فلسطينية فلسطين؛ "فعندما يعلم أحد من جيرانها في هولندا أن زوجها مِصريّ يقول سريعًا : لقد ذهبتُ العام الماضي إلى إسرائيل، فتردُّ عليه سريعًا باقتضاب، تقصد فلسطين". وعلى دربها سارت ابنتها "فيموني"؛ "فتركت دراستها في كلية السياحة والفنادق التي أمضت فيها عامًا، وسافرت إلى فرنسا وعملت جليسة أطفال لتواصل دراستها في السوربون"، وورثت منها "الشغف بالحياة، وكان ابنها "كمال أقرب إخوته إلى شخصيتها المرحة. وعبد الله أخذ منها صفاتها العمليَّة والقدرة على الحكي والسخرية"، وكانت "فيموني" في طفولتها تنزعج من تعريفها بأنها ابنة الخواجاية؛ لاعتزازها الشديد بمِصريتها، لكنها اكتشفت بعد ذلك"أنها الوسيلة التي أستطيع بها أن أفعل ما أريد، في مجتمع لا يُساوي بين حقوق المرأة والرجل، والتي أستطيع بها الهروب من قيودٍ كثيرةٍ يضعها الجميع لمجرَّد أنهم يعتبرونني ابنة الخواجاية".
هذا الحضور المتعدِّد الأوجه والأبعاد لشخصية "جيردا"، باتَ فعْلَ إبداع لا حدود لإمكاناته على صعيد المعاني والقيم، ولإمكانات التغيير والتنوُّع الدائمة التي تُغيِّر بدورها من طرائق النظر إلى العالم.
الأمر الذي دفع "فيموني" إلى أن تقول وأنا معها : "حقًّا، كيف لكل تلك البهجة والحيويَّة أن تموت؟".
فقد علَّمتْها أمُّها "ألَّا يطول حزنها على شيء، وأن الحياة جديرة بالبهجة، وأن هناك شيئًا بسيطًا جميلًا يستحق أن نفرح لوجوده". وعرفت "فيموني" "ماذا تعني الشيخوخة، والأهمّ عرفت كيف تُحبُّ الحياة".
لهذا ذكرتني شخصية مدام "جيردا" بشخصيَّة "أليس هولاند" بطلة فيلم"ما زلتُ أليس still alice" ، المقتبس عن رواية واقعية لشخصيَّة اسمها "ليزا جينوفا" استطاعت بإرادتها القويَّة أن تتحدَّى مرض ألزهايمر.فعلى الرغم من الاختلاف البادي في تفاصيل حياة كلٍّ منهما – جيردا وأليس- فإن ما يجمع بينهما هو الحبُّ الذي ربطَ كلًّا منهما بعائلته التي أحاطتهما بالرعاية والاهتمام؛ مُعْلِيًا بذلك قيمة الحبِّ بوصفها قيمة إنسانية سامية تستعيد بها الإنسانية إنسانيتها، وتمحو بها آلامها، وتجدِّد من خلالها آمالها وثقتها بالغد.فماذا يتبقَّى للمرء لو فقد عقله وذاكرته، ولم يعدْ قادرًا على التمييز بين الأشخاص حتى القريبين منه، بل لم يعدْ يتعرَّف على الأماكن والأشياء والحكم عليها بعد أن فقد قدرته على التفكير، ماذا يتبقَّى له سوى الحبِّ الذي غرسه ليجنيَ ثماره في رحلة معاناته ومحنته؟
وكما كانت الابنة في الفيلم أكثر إخوتها الداعمين نفسيًّا لوالدتها، كانت فيموني أكثر إخوتها عونًا لأمِّها وقربًا منها وتحمُّلًا لعذاباتها وتغيُّر حالاتها المزاجية المتقلِّبة طَوالَ الوقت.فكانت ولا زالت أنموذجًا للوفاء يُحتذى.
ما أكثر الدروس المستفادة من رحلة "جيردا" مع الحياة والفن، وعلى استخلاص كل ما من شأنه أن يُغيِّر طرق فهمنا لمحيطنا الخارجي وعلاقاته المتشابكة؛ من أجل بعثٍ جديد للأملِ والتجدُّدِ والاستمرار.
رحمها الله.



#أسامة_عرابي (هاشتاغ)       Osama_Shehata_Orabi_Mahmoud#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحيل الكاتب الصحفي الكبير بلال الحسن أحد مؤسسي الصحافة العرب ...
- هل رحل كريم مروة حقًّا؟
- في عيد ميلاد عميد الرواية العربية نجيب محفوظ 11/ 12 .. نجيب ...
- القاء الحواري بين عمرو موسى وأهداف سويف بالجامعة الأميركية م ...
- رحيل الفقيه..دارس الفلسفة أسامة خليل
- رحيل الكاتب الصحفي العربي الكبير طلال سلمان
- زكريا محمد..بالموت اكتمل
- الشهيد البطل محمد صلاح يردُّ على موشي دايان
- محمد أبو الغيط والتجربة الإنسانية في رِهاناتها المتجدِّدة
- صفحة بغيضة من صفحات الاحتلال البريطاني لمصر
- ألبير آريِّه.. قصة مرحلة..ورحلة وعي ودور
- الشيخ يوسف القرضاوي..إمام التيارات المحافظة والسلفية
- محمد الطراوي..والحلم بوطن حر
- ملك التنشين.. أزمة مجتمع يعيش حالة استقطاب سياسي واقتصادي
- بهاء عبد المجيد... الساعي إلى اكتشاف جذوره في هُويته
- عباس أحمد.. شيخ المخرجين
- في ذكرى تصريح بلفور الاستعماري.. 102 عام على التآمر على القض ...
- أكتوبر والأدب
- في ذكراه السَّابعة.. حلمي سالم: ونصي ما ثَمَّ إلَّا حيرةٌ
- في ذكراه الحادية عشرة.. حين تغتني الرِّحلة بالصدق


المزيد.....




- تنسيق الدبلومات الفنية 2024.. خطوات التسجيل في تنسيق الدبلوم ...
- نزلها في ثواني.. تردد قناة تنة ورنة للأطفال 2024 على القمر ا ...
- “حرامي سرق لوللو”.. استقبل الآن تردد قناة وناسة الجديد 2024 ...
- بوتين يلجأ لـ-أسلوب الأجداد- في ترجمة لقائه نائب الرئيس الصي ...
- إيطاليا.. فضيحة سياسية بسبب مشاركة مدونة جميلة في فعاليات حض ...
- نزلها بجودة عالية.. تردد قناة كراميش الجديد 2024 عيش المتعة ...
- إعادة قلادة ذهبية عمرها 2500 عام إلى تركيا تم تهريبا إلى الو ...
- ثبت الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال 2024 على النايل سات وت ...
- اتفرج على الأفلام الأجنبية والمسلسلات العربية مجاناً.. تردد ...
- كنعاني: دماء الممثل الفلسطيني ابو سخيلة صرخة مظلومية الشعب ا ...


المزيد.....

- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة
- آليات التجريب في رواية "لو لم أعشقها" عند السيد حافظ / الربيع سعدون - حسان بن الصيد
- رنين المعول رؤى نقدية لافاق متنوعة ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- القناع في مسرحيتي الإعصار وكلكامش لطلال حسن -مقاربة في المكو ... / طلال حسن عبد الرحمن
- في شعاب المصهرات شعر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- (مجوهرات روحية ) قصائد كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسامة عرابي - روح مصر كما جسَّدتها الخواجاية