سعد العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 8086 - 2024 / 8 / 31 - 16:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ظهرت في الآونة الأخيرة على عموم وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام أخبار عن عصابة ابتزاز تقوم بارتكاب أفعال المراقبة والتسجيل والتهديد بقصد الابتزاز لسياسيين وبرلمانيين، يقودها موظفون كبار في الدولة. وإذا ما وضعت هذه الأخبار جنباً إلى جنب مع أخبار عصابة ظهرت في العام الماضي يقودها ضباط كبار، وكذلك مع قضية "سرقة القرن" التي سهل حصولها موظفون كبار، يمكن القول بأن الابتزاز بات ظاهرة تمثل من الناحية النفسية والمعنوية إهانة واضحة للقيم المؤسسية وتشكل تهديداً لاستقرار البلاد، وقلقاً للمواطن العراقي من شمال البلاد إلى جنوبها. وهي ظاهرة، مثل غيرها، لها أسباب متعددة من بينها التدهور المتزايد في معايير التوظيف واختيار المناصب الحكومية العليا على وجه الخصوص، وبينها الحماية السياسية التي تأتي من بعض الكتل والأحزاب التي تسعى لتحقيق المكاسب على حساب مصالح الدولة العامة، حيث يتخذ منها الموظف غطاءً لأعماله الخاطئة وجداراً يحتمي به من العقاب. هذا ومهما كانت الأسباب، فإن وجود عصابات في الجسم الإداري والأمني للدولة يشير إلى فشل النظام الإداري في التحقق من نزاهة الموظفين الذين يتولون مناصب حساسة، وكذلك الى فشل سياسي، إذ أصبحت الأحزاب التي ينبغي أن تكون جزءاً من الحل، جزءاً من المشاكل، بعد توجه أغلبها لتوسيع نفوذها من خلال السيطرة على المناصب الحكومية المهمة، مما يخلق العديد من المشاكل.
إن تداعيات هذه الممارسات خطيرة، فهي لا تؤدي فقط إلى تدهور ثقة المواطنين بالدولة ومؤسساتها، بل تهدد أيضاً بتقويض هيبة الوظيفة العامة وسمعة العراق على الساحة الدولية. وعلاوة على ذلك، تؤدي إلى هدر الموارد والحد من فرص التنمية، مما يضع العراق في دائرة مغلقة من الفساد والفشل الإداري. ولمواجهة هذه التحديات، لابد من اتخاذ خطوات جادة لضمان استقلالية الوظيفة العامة عن التأثيرات السياسية، واعتماد آليات شفافة للتوظيف، وتفعيل دور الأجهزة الرقابية، ومحاسبة المتورطين في هذه الجرائم بشكل صارم، سبيلاً لإعادة بناء الثقة بمؤسسات الدولة واستعادة هيبة الوظيفة العامة التي يستحقها العراق.
#سعد_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟