أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد اسماعيل السراي - محاولة اغتيال صدام حسين.. المجهولة..















المزيد.....

محاولة اغتيال صدام حسين.. المجهولة..


محمد اسماعيل السراي

الحوار المتمدن-العدد: 8085 - 2024 / 8 / 30 - 13:20
المحور: الادب والفن
    


كل محاولات الاغتيال التي تعرض لها الرئيس العراقي السابق صدام حسين، سواء أ كانت محاولات حقيقية او مجرد ظنون من السلطة ربما بنيت على الحدس والوهم او حتى الملفقة منها التي أراد صدام حسين من ورائها تصفية خصومة، كل تلك المحاولات كانت معلومة للجميع واذيعت أخبارها للخاصة والعامة، وربما تصدرت وسائل الإعلام المحلية والعالمية، الا محاولة واحدة لم يعلم بها احد حتى كتابة هذه السطور، وربما سيطويها النسيان والإهمال ان لم تصل هذه السطور الى القراء.
في الحقيقة هي ليست مجهولة جدا الى هذا الحد او لا يعلمها سوى كاتب هذه السطور، لكن هي معلومة في نطاق ضيق جدا بين افراد معدودين ربما اربعة او خمسة افراد، هم أصدقاء او معارف الرجل الذي اقدم على هذه المحاولة في حينها، اذكر منهم - وانا واحد منهم طبعا- حيدر جبار وشاكر محمود ولا اتذكر بقية افراد المجموعة على وجه الدقة.
ربما ان اهمالها- اي هذه الحادثة- إضافة إلى السبب اعلاه اي انها كانت محصورة بين نفر قليل من الافراد، الا ان السبب الأهم هو ان الذين علموا بها ومنهم كاتب السطور، اعتبروها في حينها مجرد مزحة مثيرة للضحك بشدة وللتندر بل والتنمر على منفذ هذه المحاولة.
وقعت احداث هذه الحكاية قبل سقوط نظام وسلطة حزب البعث في العراق باربعة او ثلاث اعوام، وقعت احداثها في مدينة الصدر، او مدينة صدام في حينها، وحينذاك كانت هنالك زيارة قام بها صدام حسين الى المدينة او القضاء المذكور. من الغريب في تلك الأيام ان يصل صدام حسين الى المدينة فجأة بدون حراسة مشددة او جيش من الحمايات المدججة بالاسلحة الصغيرة والمتوسطة بل وحتى الثقيلة . ولا ندري حينها أكانت تلك الحركة هي من قبيل الاحتراز الأمني كي لا يعلم احد بقدوم صدام خصوصا وهو المبغوض من قبل الشيعة حينها وبالذات أهالي مدينة الصدر معقل شيعة بغداد والمناوئين او على الاقل الناقمين على سلطة صدام والبعث. او ربما كانت هذه الحركة هي إثبات لتحدي صدام للاخرين او حتى لنفسه بانه شجاع ولا يخشى الولوج وحيدا- الا من بضعة أشخاص معدودين مرافقين له- الى معقل مبغضيه والناقمين على سلطته. لكن ما ان دخل صدام حسين الى مبنى قائممقامية القضاء وبعد ذلك بربع ساعة من الوقت ربما او يزيد قليلا حتى انهالت سيارات الحمايات من كل حدب وصوب بإعداد هائلة ملئت الشوارع القريبة من القائممقامية واندفعت بين الناس الذين بدؤوا يتجمعون فضولا بعد شيوع خبر مقدم الرئيس. وتوزع القناصون واخرون يحملون بعض المدافع المحمولة على الكتف- القاذفات التي تطلق صواريخ مضادة للطائرات ربما او مضادة للعجلات او حتى لسحق العزل ان بدرت منهم حركة مريبة- افراد بزي عسكري أنيق واجساد ممشوقة تسلقوا تقريبا جميع البنايات العالية على جانبي الشارع الذي يقع فيه مبنى الإدارة المحلية للقضاء- القائممقامية- الغريب ان دخول صدام حسين- الدرامي هذا- الى المنطقة لم يثر في حينها اهتمام او ربما انتباه المارة والافراد الذين يفترشون جانبي الشارع، الذي تطل عليه بناية الإدارة المحلية، ببسطاتهم - جنابرهم- التي يبيعون فيها انواعا من البضائع المنزلية او الخضروات او الفاكهة او المواد الغذائية. ويصدف ان الحركة في الشارع وفي هذا السوق الشعبي كانت فاترة حينذاك.
شق صدام حسين بعد نزوله من سيارته الشخصية الطريق إلى مبنى الإدارة المحلية وحيدا على ما يتذكر ويذكر الناس في حينها وسط استغراب الباعة والمتبضعين او عدم اهتمامهم او ربما صدمهم هذا الفعل الغير متوقع مما اربك ردود أفعالهم او حتى لربما نأى البعض منهم عن إظهار سلوك الترحيب والاستقبال المستعر بالهتافات كما هو متوقع عند زيارة صدام لأي مدينة أو ناحية يزورها وعشقه للترحيب الحار وتجمهر الناس حوله حتى وان كان نفاقا. ربما لم يقدم هذا البعض من الناس على الارتماء والترحيب والهتاف له حتى لا يتهم بالسحف والدونية اذا كان هو اول المبادرين وبالخصوص ان لم يبادر غيره او بعده بذلك. عموما، اتجه صدام حسين وسط هذا الجمع اللامبالي مباشرة الى المبنى بخطوات بطيئة ويبدو ان هذا البرود واللامبالاة باستقباله من الاهالي قد اغضب صدام حسين لانه بعد ذلك عند دخول مبنى قائممقامية القضاء ولقاءه بقائم المقام وجه رسالة مبطنة ظاهرها نقد لاذع لمدير الإدارة المحلية لكنها باطنا كانت موجهة الى أهالي المدينة. لكن بعد مرور زمن ليس بالطويل تجمهرت الناس في الشارع الذي فيه المبنى بعد ان علموا بمقدم الرئيس ولكن الذي تدارك الأمر وحشد الناس للقاء الرئيس وإلصدح بالهتافات الحارة هم افراد حزب البعث من أهالي المدينة وتنظيمها الحزبي بعد ان علموا بالزيارة المفاجئة ويبدو ان هولاء البعثيون هم آخر من يعلم من الناس بتلك الزيارة، فصدام من طبعه عدم الثقة حتى بافراد حزبه بل حتى جلاوزته والمقربين منه. المهم، ماهي الى ساعة من الزمن حتى صار المشهد الان مختلفا عما كان عليه ساعة وصول صدام حسين فالشارع الان ملئت بالناس وخصوصا بتدبير افراد البعث كما قلنا الذين ساقوا الناس جبرا او طوعا من البيوت او الشوراع الجانبية وازقة الحارات القريبة من الحدث وايضا وجهوا لجميع إدارات المدارس في المنطقة ان يسوقوا الطلاب الى موقع الزيارة حفظا لماء الوجه او خوفا من نقمة وغضب رئيسهم الذي أهمل في الترحيب الحار والهتاف الملتهب. اختلط جماهير الناس الغفيرة بجماهير الحمايات العسكرية الغفيرة ايضا التي وفدت كما قلنا لاحقا بعد وصول صدام وحيدا الا من بضع اشخاص، السائق الشخصي فقط ربما. وأخذت بعدها تتعالى الهتافات الترحيبة بعد ان اعتلى صدام سطح مبنى القائممقامية لأنها لم تكن تحوي على شرفة يطل منها الرئيس على جماهيرة ويلقي خطبه الرنانة واللاهبة كما تعود ذلك. أما بطلنا المغمور اي صاحب محاولة الاغتيال المجهولة والفاشلة فهو شخص يدعى محمد ونكنيه أحيانا بشيخنا كما يحلو لنا مناداته ، فهو شاب متدين في سن نهاية العشرينات في حينها ومن من نوع الأشخاص المتدينين المندفعين والناقمين على السلطة لما يرون فيها من مجانبة لتعاليم الدين الحقيقية باعتقادهم. كان من اصدقائنا لكن ليس المقربين جدا لكن بيننا معرفة وسلام وجمعتنا جلسات ولقاءات كثيرة، ولا زال الرجل موجود للي لليوم في منطقتنا لكن لم يعترف او لم يتذكر احد تلك الحادثة وربما هو نفسه نسيها او اعتبرها مجرد حركة طائشة وغير جدية او مجدية. الذي حدث حينذاك إني كنت برفقة بعض الأصدقاء الذين لا يتجاوز عددهم اربعة او خمسة أشخاص ربما كنا على مسافة من المنطقة التي زارها صدام حسين ونحن من اهل المنطقة هذه وقريبون على الحدث كنا كباقي الاهالي الآخرين نشرئب برؤسنا من مسافة بعيدة نسبيا نتطلع بفضول لرؤية الرفيق القائد. وبهذه الاثناء جاء محمد، شيخنا، وهو ليس بالشيخ المعمم الحوزوي لكننا نناديه هكذا كونه شاب متدين وملتزم بالطقوس كثيرا، وهو متأسف ومتأفف ومتحسف، يضرب كفا بكف، وقال بلهجة عامية: فلت مني..
وهو يقصد صدام اي نفذ مني بجلده.
فقلنا مستفسرين: من تقصد؟
قال : صدام اللعين.
فتسأئلنا باستغراب : وكيف ذلك، ما الذي تقصده من حديثك هذ بالضبط !!؟؟
قال: اقصد صدام.. كنت أنوي القضاء عليه اليوم، بسكيني هذه.
وأخرج من جيب دشداشته الرمادية ( الثوب العربي) سكينا (مطوه ام السبع طكات)
ثم اردف:
لقد كان اللعين وحده حين وفد الى المنطقة الا من صحبة رجل واحد ربما..السائق فقط.. فكانت فرصة عظيمة ان اضفر به لكن الحظ اللعين منعني فما ان وصلت إلى مكان الزيارة حتى وجدت ان الشارع يغص بافراد الحماية المدججين بالاسلحة وهنالك جماهير الناس ايضا التي منعتني من الوصول اليه..
قهقهنا عاليا وتندرنا عليه معتبرين حديثه مجرد هراء..وازاء تندرنا هذا عليه وهزءنا به رمقنا بنظرة امتعاض ثم رد سكينه في جيبه وانصرف بخطا سريعة غاضبه مشمرا بيديه منحني الظهر لا يلوي على شي، عائدا الى بيته وفي حلقه مرارة الفشل كأنه فعلا قد ضيع فرصة نادرة لا تعوض. لقد اعتبرنا حديثه في حينها مجرد هبل وخبال، لكن أليست تحسب للرجل محاولة اغتيال وان كانت فاشلة، ومنسية، ومجهولة..!!؟؟
١٨/٣/٢٠٢٤.. بغداد.



#محمد_اسماعيل_السراي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشخصية العراقية.. واسباب ظاهرة التمرد والقلق، والتي طبعت هذ ...
- عن الشعر الشعبي العراقي.. المعاصر...
- الانسان.. وإشكالية الخير والشر..
- المُتَهيِئون.. ام.. المتَوَهِمون..؟
- هل لدينا طبقة وسطى في مجتمعنا العراقي حاليا!!؟
- مدنيتنا المؤنثة.. والمقموعة...
- هل الانسان كائن اخلاقي؟ هل ان اخلاقنا اصيلة وتكوينية ام طارئ ...
- عن العائلة البشرية قديما..
- الصور الذهنية.. وآلية اشتغال الدماغ البشري..
- احفاذ الشمبانزي، واحفاذ الاورنجاوتان( انسان الغاب)
- الانسان.. ذلك الحيوان النرجسي، والتافه..
- الأنسان العراقي.. الديموغرافيا والتاريخ....
- مقولات
- الهويات الفرعية ومعضلة الهوية الوطنية العراقية
- آلية التفكير البشري.. الاسطورة.. واصل الحقيقة..
- الصراع الوجودي للانسان.. ببن اصالة الشر وصناعة الخير
- شر الانسان.. مابين الظرف الطبقي والحضاري والشخصي
- مثول الماضي في قعر شخصية الفرد العراقي..ما الاسباب؟
- الشريحة المتوسطة من اصحاب الكفاءات والخبرات المتوسطية، واسبا ...
- تكالب وقتال على عرش النبي المتوفي


المزيد.....




- لمحبي أفلام الكرتون..ضبط تردد قناة mbc3 الفضائية لمتابعة أرو ...
- نزلها الآن وشاهد أحدث الأفلام الحصرية “تردد قناة روتانا سينم ...
- وزير التعليم المصري يطمئن أساتذة اللغة الفرنسية
- “ابنك هيزقطط من الفرحة لما تنزلهاله” .. تردد قناة بطوط 2024 ...
- استقبلها الآن تردد قناة نتورك بالعربية CN وخلي ولادك يستمتعو ...
- نزلها الآن وشاهد أحدث الأفلام الحصرية “تردد قناة روتانا سينم ...
- “ابنك هيزقطط من الفرحة لما تنزلهاله” .. تردد قناة بطوط 2024 ...
- استقبلها الآن تردد قناة نتورك بالعربية CN وخلي ولادك يستمتعو ...
- نزلها الآن وشاهد أحدث الأفلام الحصرية “تردد قناة روتانا سينم ...
- إعلان رسمي الموسم 2… مسلسل المتوحش الحلقة 37 الجزء الثاني عل ...


المزيد.....

- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة
- آليات التجريب في رواية "لو لم أعشقها" عند السيد حافظ / الربيع سعدون - حسان بن الصيد
- رنين المعول رؤى نقدية لافاق متنوعة ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- القناع في مسرحيتي الإعصار وكلكامش لطلال حسن -مقاربة في المكو ... / طلال حسن عبد الرحمن
- في شعاب المصهرات شعر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- (مجوهرات روحية ) قصائد كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- كتاب نظرة للامام مذكرات ج1 / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد اسماعيل السراي - محاولة اغتيال صدام حسين.. المجهولة..