أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - امال قرامي - صمتُ النسويّة البيضاء المؤيّدة للاستعمار على إبادة الفلسطينيات/ين














المزيد.....

صمتُ النسويّة البيضاء المؤيّدة للاستعمار على إبادة الفلسطينيات/ين


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 8074 - 2024 / 8 / 19 - 23:48
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



تستغربُ أغلب النساء المُتابعات لحرب الإبادة على الفلسطينيين/ات من صمتِ المُنظّرات النسويات البيضاوات اللواتي أفضن في تفسير أهميّة الأخواتية والتضامن النسوي والتعاطف والتشبيك والمناصرة... ولكنّهن اليوم، لا ينبسن بكلمةٍ، إمّا تواطؤًا مع الأنظمة الإمبريالية والاستعمارية والرأسمالية والنيو الليبيرالية أو خوفًا على مصالحهن ومواقعهن وامتيازاتهن. فكلّ بيان مناصرة صار يُفهم على أنّه معاداة للسامية، وكلّ تعاطف بات يُعتبر اصطفافًا وراء "حماس الإرهابية".

غير أنّ هذا الصمت متوقّع لا سيما إذا استحضرنا التاريخ. فمنذ القرنين الخامس عشر والسادس عشر، انخرطت نساء الشمال في تجارةِ الرقيق، فامتلكن أجساد الناس وحولنهم إلى أدواتٍ وصرن يُفاوضن ويجادلن ويعاقبن ويَهدين العبدات... ومعنى هذا أنّ هذا المتخيّل العنصري الذي يُجيز اضطهاد الآخرين والتصرّف في مصيرهم ومصادرة حقهم في العيش ويعتبرهم مجرّد "نفايات" يجب التخلّص منها، ما زال حاضرًا يطفو بين الحين والآخر على السطح ويظهر في الخطاباتِ بوعيٍ أو دون وعي.

تاريخُ نسوّياتِ الشمال مُلطّخٌ بعرقِ ودماءِ الرقيق وهو موصول إلى حركاتِ الاستعمار التي باتت تستحوذ على قضايا النساء، فتحوّلها إلى سلاحٍ يُرفع في وجه الشعوب "المتخلفة" و"البدائية"، تحت شعار التحضّر أو خطاب التنمية، وأخيرًا بدعوى حماية حقوق النساء وتحرير المسلمات وإنقاذهن من رجالهن. وبما أنّه تاريخ يؤكد تورّط النسويات البيضاوات في دعم الاستعمار وغزو أفغانستان والعراق، فلا عجب أن تصمتَ أغلب المُنظّرات ويصيبهن العمى.


إنّ هؤلاء النسويات المعروفات بنضالهن، مثلا ضدّ العنف المبني على النوع الاجتماعي، لا يعترفن بالعنف المادي والجنسيّ والنفسيّ والرقمي المُوجّه ضدّ الفلسطينيات (كالاغتصاب والتعذيب والتجويع والقهر والتنمّر والتقتيل...)، لأنّ ما يُهمّهن هو العنف المسلّط على مثيلاتهن: النساء المنتميات إلى "دول التحضّر"، وهو أمر له صلة أيضًا بتمثّل إسرائيل على أنّها دولة متحضّرة وديمقراطية في مقابل تمثل العرب وغيرهم من الشعوب على أنّهم ينتمون إلى العالم الثالث أو العالم غير المتحضّر. وهنا تُعيد النسويات الداعمات لاستعمار الشعوب إنتاج الصور القديمة والسرديات التي تبرّر الاستعمار وتشرعن الحرب. كما أنّهن يُساهمن في التسويق لسرديّة اغتصاب رجال المقاومة للنساء، فيحفّزن الأخريات على التعاطف مع الإسرائيليات. وهكذا لا تنطبق الأخواتية والتضامن على جميع النساء بل تخضع المناصرة للأيديولوجيا والسياسة و... وبالرغم من وجود تقارير أمميّة وتحقيقات صحافية تنقل صور اغتصاب الفلسطينيّات في السجون والمعتقلات واستهداف الحوامل... فإنّ نسويات الشمال لا يحرّكن ساكنًا ولا ينظمن حملات المناصرة إلا لصالح الأوكرانيات والإسرائيليات ضحايا الحروب.

تُسوّق بعض نسويات الشمال المُهيمنات على وسائل الإعلام لفكرة التآخي بين الفلسطينيات والإسرائيليات، فتوضع هؤلاء في كفّة واحدة توحي بالتكافؤ، والحال أنّ الأخواتيه مرتبطة بعوامل أخرى كالعرق والاحتلال والفقر والتهجير والآلام والتجارب القهرية وغيرها، وهي ذات بناء هرميّ تراتبي. فهل يمكن اليوم طرح الأخواتية بين جميع النساء؟ وهل يمكن الحديث عن المستقبل المشترك والعيش المشترك والإسرائيليات يعشن في نظامٍ يُمكنّهن من التمتّع بمجموعةٍ من الامتيازات على حساب الفلسطينيّات؟ ولذلك فإنّه لا يحقّ للنسويّة البيضاء أن تقرّر مصير غزّة نيابةً عن الفلسطينيّات وتعيد هيكلة العلاقات الاجتماعيّة وفق شروطها ولا يمكنها الاستحواذ على حقّ الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.

لم تتعلّم نسويّات الشمال من أخطائهن السابقة التي فضحتها النسويّة السوداء عندما أشارت الباحثات إلى دعم النسويات للاستعمار وممارسة العنصرية وارتكاب جرائم بشعة. ولم تُسائل أغلب نسويّات الشمال تاريخهن، ولا هنّ بصدد ممارسة النقد الذاتي، ولذلك فلا ثقة لنسوياتِ الجنوب في مُنظّرات استعملن الأدبيات النسويّة لتبرير خطاب الهيمنة وعمليات الإبادة ونظام العسكرة ووقفن متفرّجات على مشاهد الترويع والسحل والتعذيب والتقتيل... هيهات أن تَنسى الفلسطينيّات، إنّ التاريخ لن يرحم من كنّ صامتات.

ولأنّ "حياة الفلسطينيّات مهمّة"، فإنّ على النسويات المُناصرات للقضيّة الفلسطينيّة أن يُؤسّسن لحركةٍ نسويّةٍ تضامنيّةٍ مُناهضة للاستعمار والإمبريالية تدفع باتجاه تحرير الأصوات المقموعة وتقف بوجه النسويّة الاستعماريّة الإمبرياليّة. ثمّ إنّ على النسويات التذكير بالنكبة وبجميع المجازر وتفكيك السرديات، فالحرب لا تُشنّ للقضاء على حماس بل لمحو الفلسطينيين من الوجود وشطب حضورهم في التاريخ والذاكرة، والاغتصاب ليس إلّا سلاحا في الحرب، استُعمل لتهجير الفلسطينيين وهو مرتبط باغتصاب الأرض والأجساد: نساءً ورجالًا، وها هو يوظّف للإمعان في إذلال كلّ العرب/ المسلمين/ القوّامين/ الأشاوس على النساء المنكسرين أمام الأنظمة الإمبريالية الاستعمارية.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحولات الهادئة واللامرئية : من النشطاء إلى الفاعلين العادي ...
- كيف تتحوّل النساء إلى أشياء؟
- تشكّلُ خطابات جديدة حول الأمومة
- الرجل لا يعيبه شيء!
- من الأدوار الجندرية إلى التشاركية.. هل ينجح الرجال؟
- اعتذار للفلسطينيات ....وهل ينفع الاعتذار؟
- النار في جسدهAaron Bushnellإضرام في التعاطي الإعلامي الأمريك ...
- المتقاعدون يحتجّون: -الحماية والرعاية من البداية للنهاية-
- المؤسسات الجامعية وإبادة الفلسطينيين
- موقع التونسيات في مسار الانتخابات 2023/2024
- الحرب على غزّة والمنعرج الجديد
- جنوب أفريقيا ودرس في إيطيقا المرافعة
- بعض من الأسئلة التي أثارتها حرب الإبادة على غزّة
- نداء إلى الحركات النسوية: -حياة الفلسطينيات مهمّة-
- المجتمع المدني والتعديل الذاتي
- ماذا بعد عنهجية الدولة المارقة وإبادة الفلسطينيين؟
- أزمة الرعاية المجتمعية
- قتل النساء وإشكالية التغطية الإعلامية
- «تسيّس الاتحاد الأوروبي»
- الانتخابات بين المركز والهامش


المزيد.....




- الأمم المتحدة: الاغتصاب يُستخدم كسلاح حرب ضد النساء في السود ...
- بمكالمة فيديو ..ممرض مغربي ينقذ حياة امرأة حامل بتوليدها
- بوروشينكو يتهم زيلينسكي باغتصاب السلطة عبر تمديد الأحكام الع ...
- الأمم المتحدة: الاغتصاب يستخدم -سلاحا- في الحرب بالسودان
- في السودان.. نزوح 13 مليون شخص خلال عامين من الحرب
- شهيدة الإنقاذ.. وفاة الطبيبة المناضلة السودانية هنادي النور ...
- اغتصاب طفل/ة كل نصف ساعة في شرق الكونغو الديمقراطية?
- ميليندا غيتس تبلغ 60 عامًا الآن.. إليك نصيحتها للنساء في عمر ...
- دراسة تقدم حلاً واعداً للحفاظ على صحة العظام لدى النساء!
- سرّ جديد لتحسين الحياة الجنسية لدى النساء


المزيد.....

- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - امال قرامي - صمتُ النسويّة البيضاء المؤيّدة للاستعمار على إبادة الفلسطينيات/ين