-بحيرة البجع- لملمة الأصل الأثيري بين الباليه والكيمياء/ إشبيليا الجبوري وأكد الجبوري - ت: من اليابانية أكد الجبوري

أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8065 - 2024 / 8 / 10 - 02:16
المحور: الادب والفن
    

الفضاء الأبيض هو لون المسرح الذي جعل تمثيل الأثيري ممكنًا. الثوب الأبيض هو لون المسرح الذي جعل تمثيل الاصل الأثيري للروح ممكنًا. لقد تم خداع الإنسان دائمًا بشأن طبيعة البجعة. هذا ما يدعيه سقراط (470 ق.م - 399 ق.م)() في حوار طويل عن النفس يسليه في فيدون الأفلاطوني (حوالي 424 - 348 قبل الميلاد)(). والواقع أن الإنسان بطبيعته يحمل على الاعتقاد بأن أغنية النشوة التي يغنيها الطير قبل أن يموت هي تعبير عن الألم الناجم عن فكرة الموت. وفي الواقع، كما يوضح الفيلسوف، فإن البجعة تتنبأ بسعادة "البعد" وهذا ما يجعلها رمزا للبصيرة ويكرسها لأبولو إله الشمس والغناء الشعري.

في عام 1895، في سانت بطرسبرغ، في مسرح ماريانسكي () الرائع بظلال زرقاء وذهبية لا توصف، تم تنظيم بحيرة البجع - لأول مرة بنجاح. نتيجته الموسيقية، بالإضافة إلى جزء من الحبكة والخاتمة في نسخته الأولى، كتبها عبقري بيتر إيليتش تشايكوفسكي (1840 - 1893)()، الذي اختفى قبل أن يتمكن من الحصول على مرتبة الشرف من تحفته.

المسرح الذي يضم مسرح ماريانسكي هو مشهد الباليه الذي في أعماله الأكثر وضوحًا وشهرة يكون عادةً "قمريًا" والذي ظل كذلك مع مرور الوقت، تمامًا كما أنه مناسب لتقليد الباليه الأبيض. الأبيض، مع كل نطاقه من الفروق الدقيقة التي لا يمكن تحديدها، هو في الواقع لون المسرح الذي جعل من الممكن عبر التاريخ تمثيل عالم غير مرئي ورائع، دعنا نقول أثيري.

يبدو إذن، للوهلة الأولى، أن التقليد الفلسفي والفني قد منح البجعة طبيعة متناقضة في الغالب، والتي ستكون الآن طائرًا شمسيًا ومذكرًا يتبع أبولو() - أو تجسيد زيوس في أسطورة ليدا الشهيرة() - الآن، من خلال تقليد منطقة ألماني، يتبعه تشايكوفسكي نفسه وفاغنر، القمر والطائر.

ومع ذلك، إذا عدنا إلى فيدون، وقرأنا كلمات سقراط من خلال الإعلانات الخيميائية ()الأقل شهرة والتي تضمنت كتابات أفلاطون منذ العصور القديمة، فقد نكون قادرين على فهم كيف أن رمزية الدجاجة هي في الواقع أكثر تعقيدًا مما قد تبدو عليه. القراءة الأولى. إن الطبيعة الشمسية للطائر لا يمكن فصلها في الواقع عن طبيعته القمرية: إحداهما موجودة في الأخرى بالتبادل.

ليس لدى سقراط أي شك، وهذا معروف حتى لدى ناشري الفكر الأفلاطوني: النفس كانت موجودة قبل أن تأخذ جسدًا، ()وبالتالي ستكون موجودة بعد ذلك. وما يغيب عن المفسرين دائمًا هو أن النفس السقراطية مكونة - مثل الجسد - من الصفات الأولية الأربع التي تمنحها طبيعتها الفردية والخاصة، وتجعلها في الغالب تنجذب إلى ما هو أشبه بشكلها الأساسي، بنفس الطريقة التي أعمال الجسم المادي. وما يجب أن تحققه، متغلبة على صعوبة مصادرة العناصر، هو، بحسب سقراط، مادة نقية يسميها "المادة الموحدة"().

في ذخيرة الوصفات الخيميائية، التي تدين لعلم الكونيات الأفلاطوني والأرسطي، فوق - وما وراء - الحالة المجزأة للعناصر الأربعة: الأرض والماء والهواء والنار، ستكون عنصرًا خامسًا يُعرّف في الغالب بمصطلح "الأثير". وهذا، إذا أردنا أن نصدق كلام أرسطو، يقال كما قال: "يجري على الدوام". إذا أردنا أن نستعير صور طبيب وفيلسوف القرن آلستين روبرت فلود (1637 - 1574)()، فإن المادة الأثيرية ستتجلى في شكل "بخار نقي"() و"ضباب رقيق للغاية"(). ومع ذلك، سيكون المنتج الغامض للجمع بين المبدأين الأساسيين للطبيعة: الشمس والقمر().

كما تعلمون، فإن التعاقب الأكثر ابتذالًا لمراحل التأليف الخيميائي يعرف عملًا باللون الأبيض يسمى البياض(). ربما ما هو أقل شهرة هو أنها، في نصوص الفلاسفة، غالبًا ما تفترض أن طائرها الرمزي هو البجعة.() في تسلسل المراحل التشغيلية، يكون اللون الأبيض هو البديل اللوني للمادة خلف اللون الأسود وما يترتب على ذلك من ذيل الطاووس قزحي الألوان.() إن ظهوره في النصوص دائمًا ما يكون سببًا لـ"فرحة" الفلاسفة الذين عليهم، قبل الوصول إلى المعدن الذهبي، أن ينتجوا نظيره القمري عن طريق نقع مادة البداية. عندها يرون بخوف ما يسمونه "البجعة"() يظهر فوق "البحيرة الفضية"().

لم يكن من المفترض أن يفلت المنظرون الأوائل للباليه من الأصل المحكم للأبيض والأثيري المرتبط به. لا تنقطع مركبة النقل في الباليه فحسب، بل أيضًا في حكاية أوبرا فارس الكأس المقدس، (أسطورة توتونية، أسطورة آرثر. ابن بارزيفال (الاسم الألماني بيرسيفال)()، وفارس الكأس المقدسة. الأوبرا (= من تأليف ريتشارد فاغنر (1813 - 1883)(). العرض الأول عام 1850).() التي صورها فاغنر لاحقًا، أو في حكايات يوهان كارل موسايوس (1735 - 1787)() و بوشكين (1799 - 1837)() التي ألهمت تشايكوفسكي، "تظهر" البجعة البيضاء من عالم آخر كوسيلة، كوسيلة. وسيلة اتصال بين عالم العناصر والعالم الابتدائي الفائق الذي يأتي منه والذي يبدو أنه مقدر له العودة إليه. ولكن ليس قبل ذلك، بعد أن فازت بالجائزة السوداء.

إن ما يميز الباليه بشكل استثنائي عن العلوم الهرمسية() هو أنه إذا كان يُعزى بشكل تلقائي إلى الفعل الأثيري()، الذي تعتبر البجعة البيضاء ختمًا له، تلاشيًا عديم الوزن وعدم محسوس بدون سبب، فإن ذلك يرجع بالأحرى إلى التسوية مع " "الوزن" الذي يحقق فيه الراقص خفة وزنه، تمامًا مثل الأمير سيغفريد، لا يمكنه أخيرًا العثور على البجعة البيضاء مرة أخرى إلا بعد اجتياز الاختبار الذي حددته البجعة السوداء.

إذا بقينا مفتونين بالخطوط المتحركة التي تبدو بأعجوبة وكأنها تطفو في الهواء مستبدلة بالجاذبية، فيجب أن نعرف أنه بسبب الوزن الذي تفرضه الأخيرة، فإنها تستمد الزخم اللازم للتخلص من القوة الهابطة. الانضمام إلى الراقصين العلوي والسفلي يجد بوابة التوازن.

ينبغي أن يمر "الجسد" أولاً عبر الجسم. الحماية الهوائية - أو الذهب - لأي أرابيسك يجب أن ترحب أولاً بالسلك المحتوي على الرصاص للتمثال النصفي الذي يغرقه حتى يتمكن من الارتفاع. الأبيض يولد من الأسود(). الضوء من الجاذبية. وليس هناك طريق للصعود إذا لم تنزل.

ولكن كيف يكون كل هذا ممكنا يبقى لغزا. من ناحية أخرى، كما تقول الراقصة الامريكية إيزادورا دنكان (1877 - 1927)()، إذا كان بإمكانك صياغتها بالكلمات، فلن تحتاج إلى رقصها.

مدهش؛ لكن، كيف لي، أخشى أن تكون الطبيعة قد شكلت لجنسنا البشري الحد الأدنى تقريبًا من الحلقة السلبية لنظامها غير المفهوم، ومنحته الكثير من حب الذات، لأن أعلى خوف وأعلى أمل يخلقان في مخيلتنا سلسلة لا حصر لها من الشرور والخيرات من حواس الجمال والقبح. ستجعلنا نتنهد دائمًا من هذا الوجود القصير المشكوك فيه والبائس. وبينما نخدم نهايته بشكل أعمى، فإنه يضحك على كبريائنا الذي يجعلنا نعتقد أن الكون قد خلق من أجلنا فقط، وأننا وحدنا الجديرون والقادرون على إعطاء القوانين للمخلوقين.

وبالتالي. استوقفتني (بحيرة البجع)() كثيرا بالدراسات التي تغذي الإلهام. وتسلي الانهيار، وتزين البجعة الأشياء الثانية الخفية. من همهمات الصمت المسموع، وتوفر النفس المأوى. والراحة في الشدائد، وتسعد في المنزل البحيرة، ولا تعيقنا في الخارج، وتقضي الرقص وليلك الليل معنا، وتسافر أرواحنا إلى الخارج، وتصبح ريفية محضة بالدفء.

بحيرة البجع. عشاقها يدرسون أطعمة روح الملفتين، ويهتمون بالجمال والبؤس، وهم كما هم. زينة في رخاء الوجد، و يغذون الجسد بالمرونة الفائقة. ويتخلصون من الهم القشري، ويستمتعون في الحزن والفرح المنزل الجوهر، ولا يحبون المال، ويستمتعون الفسيفساء بالليل، والسفر، والماء والريف.

موقظة؛ ما نعرف كيف نعيش عندما نعيش. في هذا العالم المعقد، نبقَ نحلق بسيطًا. على الرغم من أننا نعيش في هذا العالم غير العادل، إلا أنه يظل صالحًا. على الرغم من أننا نعيش في هذا العالم الذي يعج بالأشخاص غير الشرفاء، فلنبق صادقًين. ولكن قبل كل شيء، أن نعرف كيف نعيش، عندما نكون في هذا العالم بدون حب. ما فعلته البجعة هو الحلم بالجمال والسلام. وتمني الحلم الحلم خيرا صادقًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2024
المكان والتاريخ: طوكيـو ـ 8/10/24
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة)

#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات