أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - في رثاء الأم،















المزيد.....

في رثاء الأم،


وجدان عبدالعزيز

الحوار المتمدن-العدد: 8063 - 2024 / 8 / 8 - 13:14
المحور: الادب والفن
    


كان وسيبقى شعر الرثاء من أصفى وأعمق أنواع الشعر العاطفي، فهو يخرج بصدق من النفس الإنسانية، مصدره القلب، فكيف اذا كان المرحوم أم، فالأم هي أساس السعادة في هذه الحياة وبدون وجودها تصبح جميع الأمور الموجودة بالحياة حزينة للغاية، لكن ممكن نواسي أنفسنا، فمن أصعب الأمور في الحياة، هو الاشتياق لها، ولم ولن نتمكن من رؤيتها مرة أخرى، ولن يعوض أي شخص مكانتها، لكن لا نملك أي شيء سوى الدعاء لها بالرحمة، وأمامي قصائد للشاعرة هند القاسمي والشاعرة اسماء القاسمي والشاعرة فواغي القاسمي، اجتمعت على غرض رثاء امهن سمو الشيخة نورة بنت سعيد بن حمد القاسمي - رحمها الله، اجتمعت هذه القصائد على غرض الرثاء واختلفت بطريقة تناول مصيبة الموت وفراق الأم، فـ(الأم -وحدها- هي التي تتقبلك كما أنت، تحب كل ما فيك، وتدعو لك بالخير وللخير، وترجو أن تكون أسعد الناس وأغنى الناس وأعز الناس، ولا تريد منك جزاء ولا شكورا، ولا تنتظر منك عطاء ولا تضحيات، إلا أن ترى السعادة معك، والبسمة على وجهك، والتوفيق حليفك..)، تقول الشاعرة هند القاسمي:
(اماه روحي بعد فقدك قد ذوت
انت النعيم وما سواك حطام
اماه صوتك لن يفارق مسمعي
لشعاع إسمك في الفؤاد مقام
اماه رسمك راسخ في مقلتي
لم تمحه الأهوال والاسقام
اماه عطرك عابق في مهجتي
ينبوع حبك بلسم ووئام
اماه صيتك سوف يعبق بالشذى
ما دام في هذا الوجود انام)
وهنا اسمع أنّاة الشاعرة في ترديد كلمة (أماه) بحسرة، لان روح الشاعرة بدأت تذبل بصدمة الفقدان، فـ(أنت النعيم وما سواك حطام)، وكأني بها تصرخ من الجانب الآخر (أماه صيتك سوف يعبق بالشذى/ما دام في هذا الوجود أنام)، فهناك حتمية نفسية بان الشاعرة لايمكن نسيان الام مادامت الحياة مستمرة بالنسبة للشاعرة هند القاسمي، ثم تبدأ بتعداد الامكنة التي مرت بها المرحومة بقولها:
((كلباء ) ثكلى لن تجف دموعها
عز الرجاء تداعت الآكام
فقدتك (شارقة ) الثقافة ودعت
امايفاخر باسمها الأقوام
(والخور )ضجت بالنحيب جبالها
أفل الضياء وفي الفؤاد ضرام
(ودبا ) تأجج في الحنايا حزنها
وجثت على شطآنها الاحلام
(والذيد ) جال الحزن في ارجائها
من بعد ما غشي السماء ظلام
سيظل اسمك في الصحائف خالدٌ
نورٌ على صدر الفخار وسام)
فكل هذه الامكنة شواهد تخلد ذكرى الأم، وبما ان هذه الأمكنة خالدة حضاريا وتاريخيا، بالنتيجة ان الأم ستبقى خالدة الذكرى في ذهن الشاعرة هند القاسمي، ولو كان الفقيدة إنسانة عادية، قد لاتطول ذكراها، لكن الفقيدة (نورٌ على صدر الفخار وسام)، لها بصمات لايمحوها الزمن، كونها زوجة لحاكم الشارقة سابقا وذات نسب وحسب وخُلق رفيع، وتختتم قصيدتها بالدعاء للفقيدة بقولها:
(رباه من يرجوك ليس يضام
رباه فارْحمها وأكرم نُزلها
انت الرحيم ومن سواك يُرام ؟!)
ـــــــــــــــــــ
اما الشاعرة أسماء القاسمي، فتقول:
(نور خطوك
‏شوق تناديك هذا الوقت أسماء
‏هل جاء من هدهد الايام أنباء
‏أمي تناديك كل الأغنيات بها
‏من خورها وظباها الان كلباء
‏اذا الخوير تسامى في مطالعه
‏لاحت سهيلة معراج وإسراء
‏قال المصلى لذاك العود خاطره
هل يعزف الوجد آدمها وحواء
‏من ذلك المفرق المسكون حاضره
‏بصوت أيامنا يوما احباء )
حيث اختلطت هنا انواع الرثاء بين الندب والتأبين والعزاء، وامتازت الكلمات بصدق العاطفة وواقعية المكانة التي تشغلها الفقيدة، نادبة اياها بقولها: (‏انا الغريبة فيها الأن يا أمي/بدون نورك خطو الدرب عمياء)، والمقصود بالنور هنا في هذا البيت، هي القيم التربوية التي اكتسبتها الابنة الشاعرة من الام، كانت هذه القيم عبارة عن صوت يمر على ضجر المساء، فيضيء لها درب الحياة..وتبقى الشاعرة اسماء القاسمي في مسارها الشعري، هو البحث عن ماهية الوجود والكون، وجاء فقدان امها فازداد البحث عن الذي يغسل اوجاع الروح، لتحتفظ بالالتزام الأخلاقي اتجاه الحياة وضمن طريقها القصير المؤدي للموت، وهنا يقينا عند الشاعرة بان الموت هو الحقيقة المرّة الواجب تجرعها، ليكون الالتزام بالاحتفاظ بالقيم ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتأتي قصيدة الشاعرة فواغي القاسمي المحملة بالعاطفة والمشاعر الجياشة والترقب والخوف من الخبر المحزن قائلة:
(أخاف ،
كم جاءني الهاتف بما كنت أخشاه!
أخاف عشب الفرح يصفر
أخافه يجف و يتكسر
ويتيه الحلم
يلم اللي تبقى من أساطيره
ويزرعها بصحاري الوقت
عسى يوم(ن) سحابة تمر
وتدمع عينِها تروي
يباس الحلم و جذوره
أخاف من رنة الهاتف
يفاجئني على غفله
خبر مؤسف
خبر محزن
خبر يعصر شراييني)
يقول الكاتب الكبير احسان عبدالقدوس: (إن أمي لا يمكن أن تكون كبقية الأمهات. وبدأتُ أراها كبيرة -كبيرة جدًّا- إنها ليست مجرد أم، لا. وبدأت أذيب نفسي لألحق بها في نشاطها، لأرتفع إليها.. لم أستطع، كلما ارتفعت خطوة، رأيتها أكثر ارتفاعًا مما كنت أظنّ. أمي صنعتني بيديها كما صنعت مجدها بيديها)، فالشاعرة فواغي القاسمي بقيت منشدة لصوت الهاتف خائفة تترقب الخبر المحزن، الذي يحدد مصير اللحظات المحزنة وذلك الـ(خبر يعصر شراييني)، ثم تفيق على ساحة الفقدان، واي فقدان، انه فقدان الصفاء والحب والايام المشرقة بابتسامات الام، التي تغسل اوجاع الروح، فالحياة لا تأتي ساطعة بالنور، لكنها تأتي مع نافذة تنير الطريق هي الأم.. وبهذا يبقى الشعر يعبر عن المشاعر العميقة والعواطف المتنوعة، وهنا جاءت قصائد الشاعرات هند واسماء وفواغي المعبرة عن الحزن، حيث عد العالم النفساني بول ايكمان الحزن من المشاعر الستة الأساسية وهي: السعادة والحزن والغضب والدهشة والخوف والاشمئزاز، وغالباً ما يكون الحزن، بسبب اشتياق إلى شخص، أو شيءٍ ما، أو بسبب موت شخص عزيز على الفرد، واكرر كيف اذا كان فقدان الأم...وتبقى مكانة الام لاتسعها مقالات، أو حتى كتب، لانها حكاية عظيمة تظل ساكنة دواخلنا، وسيظل اللسان يلهج بالدعاء لها، كما كانت تدعو لنا قبل مطلع الفجر، كانت جل حياتها مكرسة لنا، حتى صيرتنا واعتلينا وجودنا في الحياة المتصل بوجودها المفعم بالكفاح من اجلنا، ولكن هناك حقيقة ثابتة بانتظارنا، ألا وهي ان الموت حق..



#وجدان_عبدالعزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية (عين اليقين)، تبحث عن الحق والحقيقة..!
- الشاعرة فواغي القاسم، حاضرة في الغياب شعريا..!
- الشاعر عمر الدليمي، شعره يتناثر اسئلةً..!!
- الشاعر احمد الحلاق، والهروب الى بستان الامل...!
- الهم الكبير وبساطة اللغة .. في رواية (ذاكرة الوجع) للكاتب صب ...
- اضواء الروح..، ديوان (موسيقى الصباح) أنموذجا
- أنا وسيجارتك/ فاطمة نعيم
- المرحوم التشكيلي حسين الهلالي، ووهج اللون بين الخط والحرف
- الكاتبة أطياف سنيدح تخلق عوالما من المقاربة الإنسانية، ومجمو ...
- الناقد امجد نجم الزيدي، يؤسس لتجربة نقدية مرنة .. كتاب (تمثل ...
- الشاعر محمد عبدالله البريكي، يتنفس الواقع بروح جمالية..!
- اسيا رحاحليه، بين الرومانسية وفلسفة الحب الثابتة!!
- د . هويدا ناصيف تمتم : لتتجمّر اللهفة من لهفتي !!
- قصة (مسبحة أبي)، القصدية وتجربة المنحى ..
- الشاعر زين العزيز، والتطهر بالجواب ..! ديوان (خطأ في رأسي) أ ...
- تراتيل العكاز الأخير .. الحلم والألم
- الشاعرة ليان عمر، تُطاول شامخةً، غير عابئةٍ بالأفول ..!
- القصيدة الشعبية ..، بصورتها الساخرة ..!!
- القاصة فوز الكلابي تبث رسائلها للجسد وعبره وفوقه ..!
- ساناز داودزاده فر/قصائد قصيرة جدا


المزيد.....




- کيان الاحتلال يلغي التمثيل الدبلوماسي لممثلي النرويج في فلسط ...
- -الملحد- المصري في مواجهة -ظاهرة إلغاء العقل-
- لهذه الأسباب.. إسرائيل تلغي التمثيل الدبلوماسي النرويجي لدى ...
- moe.gov.jo رابط نتائج التوجيهي 2024 بالأردن للشعبتين العلمي ...
- روسيا بصدد إصدار أول موسوعة كبرى للبوذية
- قصيدة عامية مصرية :بعنوان(جحود)بقلم الشاعر مدحت سبيع.مصر.
- فيلم يوثق اعتدء جنود إسرائيليين جنسيا على أسير فلسطيني ومحكم ...
- ميراث البشرية.. هل اللحاق الحضاري ممكن؟
- هل تعيش أنغام في عالم مواز؟.. قراءة في كلمات ألبومها الجديد ...
- -قنينة حليب-.. عمل مسرحي مرتقب للفنان المقدسي حسام أبو عيشة ...


المزيد.....

- البصرة: رحلة استكشاف ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- صليب باخوس العاشق / ياسر يونس
- الكل يصفق للسلطان / ياسر يونس
- ليالي شهرزاد / ياسر يونس
- ترجمة مختارات من ديوان أزهار الشر للشاعر الفرنسي بودلير / ياسر يونس
- زهور من بساتين الشِّعر الفرنسي / ياسر يونس
- رسالةإ لى امرأة / ياسر يونس
- ديوان قصَائدُ لَهُنَّ / ياسر يونس
- مشاريع الرجل الضرير مجموعة قصصية / كاظم حسن سعيد
- البحث عن الوطن - سيرة حياة عبدالجواد سيد / عبدالجواد سيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - في رثاء الأم،