أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - بائع الجنائز مجموعة قصصية















المزيد.....



بائع الجنائز مجموعة قصصية


كاظم حسن سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 8060 - 2024 / 8 / 5 - 13:11
المحور: الادب والفن
    


بائع الجنائز
مجموعة قصصية



بيت الجمل

عيناه نابضتان تشهقان متسعتان لاقصى مدى تقطران العويل اهو ناقة او جمل , لا ادري..المهم هو الان يشرئب بعيدا برأسه فيما يقترب ذيله من مصباح نوم احمر وصورة لطفلين يحضنان بعضهما . وشهادة تقدير لصحفي حفظت بزجاجة واطار مذهب . كسرت ساقاه من اعلى الركب ولحمتا بخيط او سلك نحيل, رقبته مثل انبوب معوج للاعلى لم تالف قدماه نعومة الاشياء لهذا اصيبت اصابعه المبطنة بالخدر وهو يستقر على دولاب صغير بلون الصاج مزدحم بالكتب والاوراق.عليه بقايا ممزقة او مقطعة من السيور المنسوجة من جلد الضان والماعز وبقايا سرج من شجر الجوغان والحميض والسيال اما الرسن من جلد البقر الوحشي فلم تبق منه الا خيوط تحركها المروحة.. انه هدية من تلميذه المصاب بالصرع ما يجعل دوامه المدرسي غير منتظم , طفل ذهبي الطلعة حساس ونبيل
فان كانت الازهار والنباتات المصنعة على المكتب امامه تذكره بالقرى فالجمل يذكره بالبداوة والعواصف الرملية بالعطش والترحال.. وظل يجيب كلما سئل عن مصدره حتى عرف المنزل به ...الان الجميع يعرفونهم ؛(بيت الجمل ).
بالعصي الغليضة والرماح بالمسدسات والرشاشات بالقناصات وكواتم الصوت بالمكوار والطبر والسكاكين يهجمون معا يتقافزون من السطوح والغرف النتنة والحمامات الوسخة والزوايا المشبوهة والدرابين في بيوتهم من بين انقاضهم .. بالبجامات والالبسة الداخلية بالدشداشات والبنطال حاسرين وملثمين ومكممين بكوفيات ... عيون نارية واصوات صهيل وعويل وزئير ونهيق : (احد شج سهوا بحجر انفا لطفل بيت فرقد ).. يغني الرصاص اغنية الرعب وتتهاوى العصي حاقدة على الرؤوس وتبقر السكاكين الاجساد ...يتساقط ابرياء وتزدحم المشافي بالجرحى والقتلى .... الناس تسميهم .
بعد ايام يتجمع معقّلون وسادة وراية العباس والحظ والبخت .. ولخاطري ولخاطرك ويسوّى الامر وتجري الحياة في انتظار حراب اخرى وطلقات تتدفق و <فصل > دية اخرى.
اتوا من بطون الاهوار صادفهتم الفوضى الاخلاقية وتجمد القوانين .. فاقاموا لهم منازل من القصب او بقايا الحجر والصفيح وتجمعوا خلية شر تساند بعضها بعضا في الصراعات فقط . في احدى قرى شط العرب قريبا من الضفة ليراعوا جواميسهم .وجدوا المخدرات تجارة لا تبور فسلكوها ..
(ما انكسر لن يعود ) قالت بغاية الانكسار .. لقد زوجوها كرها لابن عمها الرعديد العنين الاشد قبحا من عجيزة قرد .. تحفظ من الشعر اجمله ومن الجمل اكثرها جذبا فاذا انسدل شعرها كما اشعة شمس شديدة السواد وتخطى كل تقوسات وانحدر قريبا من الركبتين فانت تضيع:: الخدان تفاحتان زبديتان والفم حبة كرمة عناب , جسد فاتح للشهية خلق لتندلع حروب الشهوات والفتن .. ومذ انفصل ابوها عن امها تعيش حالة حزن لا يبدده حتى اشراقة البن في عينيها الواسعتين ..تحتفظ كأية مراهقة بدفتر خطت فيه اغانيها واشعارها الاثيرة وجملا جاذبة تدين الخيانة واللااهتمام والغدر وتؤكد على الوقوف بقوة بعد عثرات وحكما عتيقة ولربما رسمت قلوبا مطعونة ودمى ببدلات زفاف .. تستيقظ متورمة العينين بعد الضحى فتسح جسدا رشيقا مكتنزا وتشرع بتمشيط شعر لا يروض الا بجهد ووقت يتعبانها .. لكن زوجة ابيها السورية المؤمنة لا تحكم فيها سيوف الاستهانة ولا رماح الاستهجان , تشكو منها لكنها لا تقسو عليها ربما لايمان او شفقة او خوفا من سطوة ابيها ابو فرقد الذي ان شاجرها يكسر على جسدها العضلي القوي عصا غليضة بلا رحمة .
(ارجوك .. وانحنت تقبل يده ... رحمة للعباس وانت ابو المروة .. اين امضي بها ...لكن الرجل طردها بحركة من يده ونظرها بعيون شرر واجابها بفم ضفدعي ....( ترحين احسن لك , انت تعرفيني ... هل امنحك خمسين الف وتخلصيني .... ياللله اعطني ظهرك ولا ترجعي بعد ).سحت ام هالة اقدامها وهي في وضع اقرب للجنون .

اتيت به من بنت خالته في البيت المجاور بالساعة الخامسة فجرا من الفراش المتعفن معها ... يعطي لزوجها مبلغا بسيطا فيمضي ليتركهما معا يمارسان التفسخ . تتحدث للمعلم .
حل عاشوراء فسودوا ملابسهم وبيوتهم وقدورهم : ذبح وطبخ وتوزيع ثواب .... وعلى قطعة تبلغ عشرة امتار كتب عليها < موكب بطل العلقمي > ورسم فارس وجهه مغطى بهالة يمسك بقربة وتنغرس في جسده الرماح .الموكب لم يقم ببيوت التجاوز , على مقربة منها مائتا متر اقيم بيت حديث لهم يتصدره مضيف شيد من الطابوق وهناك في مقدمة مفصولة للمضيف ترى الفحم متسعرا ابدا والدلال عامرة والهاون يرن والمس يشتغل واكياس البن مكدسة قرب هاون ومطحنة : منقلة تجاور منقلة وهذ احد التافهين يشد حزامه الجلدي ويقدم القهوة ربما هو احد اللصوص .فطالما فقدت سلع ثمينة ولااحد سواه يتواجد في المضيف او يملك مفاتيحه الاحتياط .. لم يتوقع معلم فرقد ان يرى تمثال وتمثيلية مضيف ... اوراق غامضة توقع واموال يتم تبادلها وقطع اراض يتم نهبها وحين يكون وحيدا مع ام فرقد وتزاح مؤقتا القمامة .. تصغي ابدا لترتيل من الشاشة وترى امرأة لا تفارق يدها مسبحة ولا يغفل فمها عن الاستغفار.
يوما ما قال له ابو فرقد (استاذ استمتع ) واشار اليه لشاشة كبيرة اذا فلم اباحي :
ــ ارجوك نحن في عائلة
ـ لا تبالي اقطع رجل من يدخل علينا , استمتع ,, انه يجهز عليها ويفلشها تماما ... انظر .
ـ ابو فرقد ان صح لك خمر تتناوله
ـ طبعا لكن في مناسبات ....

اتت اليه يوما تسح في يدها طفلة خمس عشرة سنة شعر اصفر ووجه مصفر, جائع دشداشة نيلي وشريط اخضر يشد الشعر ولم تتمرس بعد على لمّ جسدها بالعباءة . تبتسم عن ضجر او جزع وعيناها في عالم اخر خارج انطباع الرؤيا ... هالة صبية فرزتها المستنقعات البشرية ومستعمرات الانسحاق .
(لم ولن يتزوجها .. الاهم كسرها مقابل نصف مليون استلمتهم امها ... هل الحاجة تدفع الانسان لبيع طفلته وهل الايمان ان تنسف فتاة مسكينة ثم تتخلى عنها كجلد كلب اجرب .... انظرهم <قالت ام فرقد لمعلم نجلها المصاب بالصرع والذي استمر يعلمه مدة ست سنوات ) <انظرهم كيف يقدمون فناجين القهوة وينحرون البعران في العاشر من عاشوراء وكيف يمدون سجاداتهم وكيف يسبحون .. انظر صور العلماء والاولياء في بيوتهم ومضيفهم ....... صراحة استاذ لم اجد اناسا اشد كذبا ونفاقا منهم .. هؤلاء جيفة بشكل بشري.
____________


مذكرات العربة اليدوية
انكفأت على وجهي وقيدوني بسلسلة . لا احد يعرف مأساتي ... مذ كنت قطعا من الحديد مبعثرة في مكب قمامة وقبل ان يصهرني مرجل كنت احلم بلوني , بشكلي , بصديقاتي الانيقات ... الان انا مقيدة في سوق شعبية ولا احد يلتفت الى انيني ... يمكن ان اقر بقدري لكنهم مددوني على وجهي وتناساني الجميع ... لقد انتقلت من تاجر لتاجر ومن سفينة لاخرى لاصل هنا (بلد الرافدين ) : سمعت عنه وعن حضاراته وعلماء كلامه واصحاب المصنفات وفرق الخشابة فيه والتنوع العرقي وانهاره ومتاحفه ... ربما هم اول من صنعوني فقلت (سيقدرون ) ... الى ان وصلت هنا ...
انا الان في شمال البصرة , اشتراني عامل صغير عاطل عن العمل ... يثقلني بالخس واكياس المخضرات وغيرها واشق طريقي الضيق المتعرج بين العباءات المنهكة اسمع اسراراهن .. (يتصورنني لا اعي ولا افهم ) .. لكني سجلت الرغبات والخيبات وصوت الصفعات .. لم اتوقع كل هذا العدد من حملة الشهادات يسعى لشرائي ليمتهن (العتالة ) ... انا عربة مسكينة توقعت ان استريح هنا فاستخدم لضرورات ... لكن العامل الصغير من الصباح المبكر يصحيني ويفك قيدني وامضي في رحلة التحميل بين المساومة والمطلقات والمترفات وخدمة سياسي الصدفة وسدنة يتكاثرون وقتلة ملثمين ... وباعة ضجرين وطلبة كسالى من الدرس ومتفقهين فارغين ... هنا تعرضت لمرجل تموز و لسعات البرد ... وكلما تعطلت احد عظامي يصلحوني فاعود لصخب الاسواق .الجياد والحمير استراحت واتى دوري انه عصر العولمة .. ولقد قبلت بكل شيء لكن لماذا على وجهي مكبلة اظل ., مثل خنفسانة قلبت على ظهرها وعز على ارجلها ان تستعيد الارض .
ذات يوم اتت الى السوق , عينان فيروزيتان وبياض وشعر مذهب طويل ورشاقة ... ومضيت معها لندخل قصرا مهيبا ,يقودني صاحبي الصبي...تئن احشائي من الوان الفواكه واللحوم والمكسرات والخضار وعلب عديدة اجهل استخدامها ومعقمات وملابس داخلية احس بنعومتها ..واكياس ملئت بالمكياج وكتابان مجلدان باناقة :(كيف تعرف المرأة لها علاقة فراشية ليست من زواج ): و(كيف تسقطبين الرجال بمهارة النظرات ).
يشك باظافره , يرسلني لاهلي ويخابر بالدقائق عليّ... غير مسموح اغادر بيت اهلي حتى مع اخي او ابي او امي ...
طعام وملبس وفير اموال تملأ البنوك... ما الفائدة ... يسوطني كل ليلة بكل قسوة ويسب ويركل طيلة النهار , ويعاشر العشرات , يتلفن لهن امامي .. وهذا ابوه زاخر بالسفالة وسلعة وحيدة متوفرة ... هكذا اصبحت افتح له لابيه انا استمتع ثأرا وابوه ليرسخ سفالته ومستنقعه .
____________

(ليقنعها بالزواج باحدهم )

- لا عمي لكنه في الاربعين وانا خمسة وعشرون
- (( لا يضر فهو دكتور وبيته له وحده وسيدللها )) قالت خالتها ازهار
- وتداخل مع الصوت هذا صوت امها (ان عينه مملوءة واراه مناسبا لها.)
- اختها المتزوجة اقتربت بتحريض خالتها وقالت (استحي ) فشجعتها فالقت التحية بصوت مرتجف خجول وصل عبر الهاتف ...
- واختلطت الاصوات الام والاخت وهي وخالتهن .. معا يتكلمن حتى لم اعد اميز النبرات او المعنى .. حجج للاقناع من قصص مختلفة ومصائر البنات واحاديث عن عزوف الشبان عن الزواج وعن بحثهم عن اخريات غير زوجاتهم ..واثر الفيسبوك السلبي ..... وتحدثن عن جور العمات ومعاناة الفتاة ان اقترنت بزوج له عائلة ثقيلة او سيئة ... وعن ندرة الوظائف وفرص العمل وتكلفة الايجار ان اختار الزوج ان ينفرد ببيت لوحده ليتخلص من اعباء الشجارات ... وعن كثرة المطلقات والمتخلفات عن الزواج والاعداد الغفيرة لمن تجاوزهن قطار الاقتران .. الشقراوات والجميلات والغنيات والمحتشمات ...وتكلمن عن حرية المراة بعد الزواج : من سفر وشراء وتدليل ان كانت قسمة طيبة وعن الكبت الذي تعاني منه ميسون فهي عدا الكلية نادرا ما تغادر البيت او ترى الشمس .
ولتهشيم الغرور قالت لها خالتها ازهار (انت حقا وجه جميل لكن وزنك اكثر من 90 كيلو وقد تكون الفرص امامك شحيحة .)
كان صوت الفتاة خافتا ونادرا ما تعلق كأنما بدات اسلحة دفاعها تتكسر ...
تواجهت الواقعية مع الخيال والتعقل مع تعملق روح الشباب التجربة الغنية مع الفتية , سوط الحذر ضد الروح المتمردة ..
قال لها (( الاهم لدى المراة الامان والاهتمام .... الم تسمعي بتلك الممثلة الشهيرة قالت بعد ان جربت < احتاج لرجل يضمني بحنان بين يديه ويهتم بي لو كان قردا >)). واتى صوت الام دافقا بحماس (اقترنت بابيك رغم انه يكبرني ورغم سمرته ولقد حاولن تنفيري منه لانه يشرب الخمر .. لكني فكرت بالمستقبل. بكم .. قلت سيقولون عنكم <اولاد الدكتور >.
ان تكلمت النساء , وحده الجدار من يصغي ... معا تتدفق الكلمات وتندلع ضجة المداخلات , كأن كل واحدة تتكلم لنفسها او لمصغ يقظ .
(سهى تزوجت وهي في الثانية كلية القانون , <هل تسمعينني >, لكن عائلة زوجها تتكون من سبعة عشر فردا , فهي تنام جالسة او واقفة من شدة الاجهاد .. اما انت فستكونين وحدك لا عمة تزعج ولا اهل يتدخلون ).
وتداخلت الاصوات منهن ثانية: (الشبان هذه الايام كمازة نكازة ... لا يتمكن من قيادة او ضبط نفسه فكيف يقود عائلة ... لو ان لها عشيقا لقلنا لها عذر لكن مبايلها مطروح للجميع ولا علامة .. ان فاتتها الفرصة فيتعذر تعويضها .. اخوك لا يحترمك .. ويقسو.. الاهم نفسه )
وقال (اسمعي :علمت ان الدكتور خريج بريطانيا وهناك يعلمونهم على النظام ويرسخون فيهم احترام المرأة ... وربما تسافرين هناك )
استغرقت ضجة الاقناع لاكثر من ساعة ..
بعد عشر سنوات التقيتها مع زوجها الدكتور وطفليها , كانت مرحة متفتحة ... القت التحية علي وقالت لزوجها مبتسمة ( هذا الرجل سبب زواجنا ).
___________






(عرق السواحل أو حجر القنفد)

..جمانة بعد اربعة اطفال اصبح زوجها عاطلا عن العمل ويتعاطى الخمر وحبوب الكبسلة ... تحملت منه الاغتصاب والتوحش في التعامل معها والاهمال .
"أفضل فترة للحصول على عرق السواحل هي فترة الربيع، وهي فترة التزاوج للقنافذ فننتظر إلى أن تلد الأنثى من القنافذ صغيرها وهنا المرحلة الحساسة، فبعد الولادة يذهب الذكر للبحث عن الطعام ويكون قد وضع حجر لسد الجحر في ذهابه وعند العودة يكون قد حمل في فمه عرق السواحل ليرميه على باب الجحر ليفتح الجحر المغلق، وعندها يرمي العرق باتجاه باب الجحر مما يؤدي لكسر الحجر مباشرة لشدة قوة عرق السواحل، وهنا يجب أن تلتقط العرق قبل أن يتبول عليه الذكر للقنفذ فيبطل مفعوله مباشرة، إذا علينا سحب العرق مباشرة عند رميه".
احمد الاسمر تمكن من سرقته فقد وضعته جارتهم ام موسى على طبلة بصندوق خشبي صغير مخرم من الصاج جوار بخور هندي ثمين و كتب ادعية ولطميات وقرآن ومسبحات .. لم ينتبه لفارس بترت كفاه كتب على اللوحة (كفيل زينب )... كسر الصندوق بيد هاون ووضعه بجيب دشداشته وخرج.
ولم يكن احمد الاسمر مهتما بفوائد العرق العشرين حسبه (محبة النساء والفتيات فهو ذو قوة ربانية هائلة في هذا الامر)
ولم يكن الاسمر مهتما بروحنة عرق السواحل لتقويته بقراءة
– سورة الملك مرة وسورة فاطر مرة فقط وان القراءة تكون في اول اسبوع من الشهر العربي ولايجوز القراءة بشكل دائم فقط في اول اسبوع من الشهر العربي وتكون القراءة في غرفة لوحدك ومتوجه للقبلة وطاهر البدن والثياب....
هذه الافكار لا تعني احمد الاسمر انه يتقطر شوقا لينال (جمانة ) . ارسل لها نساء ليقنعنها ورسائل .. قدم الهدايا لكنها كانت تصفه ساخرة (انفه مقزز ومؤخرته لا يستريح عليها بنطلون .).
تحدثت لقارئة فألها يوما (انا انام بفراش رجل اخر تزوجني متعة مقابل نصف مليون دينار ..) فقالت لها <ليس هكذا المتعة وان افضل توصيف لحالتك هو الزنا > فاجابتها (يطبه مرض ... خي ولّي هذا الجبان اني اتقزز من وجوده ونادمة لاني تزوجته هذا السكير المتوحش.. ولعلمك تزوجت اخر بعد ان هجرني الاول مقابل 100 دينار لم يعطني غيرها ... شبع مني واختفى ... وانا الان افتح لاخرين مقابل المال وتحت شروط المتعة ) ..
ثلاثة ايام بالاسبوع كان احمد الاسمر يقتاد جمانة مثقلة بشعر كثيف اسود ينسدل حتى قدميها وتحجب عباءتها صدرا منتقما لم يذقه طفل ولا هدّلته الاصابع او العمر , فيجتاز بها وقت الفجر زقاقا طويلا ضيقا متربا في قرية ويعبربها جوقة الكلاب المفترسة واخاديد النمل والبعوض في سبات , ومكامن العقارب .. وظلال النخيل يتدلى من سعف ناضج وثمر ارجواني ...
البيت شبه فارغ الا من اناء ماء وطاسة فافون وشقوق الطين والعالم السري من الحشرات والديدان التي تختبيء فيها وسرير من عيدان السعف فيضع نهدها بالطاسة ويضيف اليه عرقا لاذعا ويشرب ثم يغتصبها في طست ماء نحاسي وعلى الشباك وهي مقيدة وفي المرحاض صارخة , وعلى السرير وهي ساجدة بعد ان يخلف على جسدها اثار عصا الخيزران .
بعد كل ملحمة جسدية يحتفظ بملابسها الداخلية ويرجح الوقت قبيل الغروب فيجمّرها بصينية ويسكر من رائحتها الممزوجة بالبخور وشيء من الكرب وعرق السوس .فتعطيه مبلغا ويغادران .
من مجموعتي (بائع الجنائز ).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفيل ( الحجاب )

لم يكن يعلم ــ حينما اشار اليه بيده على بعد اربعة امتار فيما كان يجلس قرب صديقه وصاح : <تعال > بلهجة حادة ــ بانه كان يخفي مسدسا في حزامه .
حين مر على زميلته الرسول قالت له ( اين ) فاستغرب لانه توجه في الموعد المقرر تماما .. وقبل ان يرمي استفساره قالت < لقد كشف زوجها الرسالة >..
الشفتان الزاخرتان بالثرثرة اللتان لا تعرفان الانطباق , شهيتان ,محمرتان بلا لون زينة يزيدهما اغراء شامة في طرف احداهما وابتسامة تراق بين التوترات .. تخّصر فتاك وحوض مكتمل التكوين .. ونهدان منتفضان وان انحنا قليلا حتى ان حاملة الصدر تحتار بضمهما العصي .
كل صبح وهو يتوجه الى عمله يراها متلفعة بعباءة سوداء تضيء بشرتها الشمس... كلها كيان جميل متوتر .. تضع امامها على كارتون من الورق المقوى بيضا والوانا من الاجبان وعلب سجائر قرب باب منزلها .
قال لزوجها ( انت تزوجت امراة نبيلة عفيفة وتلك رسالة ارسلتها لها لتوصلها لانسانة جارتكم احد صمم يقترن بها .. وليس لها ).. ورغم ان كلامه غير مقنع وان في الرسالة وصفا للبسطة وشباكهم الذي حولوه مدخلا لدكان .. الا ان الرجل قال له < الاهم ان لا تمر بهذا الشارع بعد اليوم >, مكتفيا بهذا الاخطار سترا للفضيحة .
كان اكبر دجال صادفه , في القفر قال لهما انظروا ان شهبا تمر في الافق وهي جان يخطف .. كان بدينا يلتحي اشعث بعينين واسعتي وجبين متغضن.
في غرفته المنخفضة الوان من كتب السحر وانواع من الادعية وسبع عيون وقرون الثور وذيول الماعز وكم من الدهون الهندية والبخور المزكم وعظام الهدهد وكل ما يكمل شخصية الدجل ويكثف تاثيرها ..
قال له ( لا اؤمن بكل ما تفعله فان اسطعت فبرهن ). .. فتناول ورقة قرا عليها وبدا يتلو جملا مبهمة وقال له ابسط يمناك وبعد ربع سأله اين احسست بخدر فاجابه بسبابتي فقال ( انا اثرت عليها ) .
فساله هل تصف من احب وكان يقصد فتاته الفيل الحجاب .. فتناول ورقة وطلب منه ان يمسك بها واخذها منه وبسطها بورقة اخرى واضرم فيها عود ثقاب للحظات ثم استخرج الورقة التي في الاسفل ( انظر اليست هي ) فاجابه لا فابتسم وقال له لا تخجل ولا تقلب الحقائق ( اليست هي من تنظر شزرا ) الحقيقة هناك شبه بين صورتها واقعا وصورة وجهها على الورقة خاصة بالنظرات التي تنظر من من الزوايا دون تحريك الرأس . مع هذا قال للساحر ( لست اؤمن بما تقول ).
يوما ما دعاه زميل ان يبات معه قرب بسطته جوار المنزل على بعد خمسين مترا من منزل الفيل الحجاب ورغم ان التهديد مضى عليه عام الا انه ما يزال قائما لكن البسطة تحجب وقد لا يكتشفه زوجها . فنام هناك مناجيا وحالما وشعور يتملكه بانه عاد ثانية قريبا منها .
دعته بعد سنة ونصف على التهديد بان يدرس نجلها فعلم بانها رتبت الامر مع زوجها واقنعته بانه كان واهما فقصد دارهم واعتلى والطفل السطح وهناك شرع بتعليمه القراءة لثلاثة ايام قبل ان ترفده .
كانت تقول لطفلها حين رفض التعلم باول يوم ( ساقطعك بالسكين ) فشعر بجحيم عصبيتها من خلال حركة يديها الزبد . في الليل يدعوها باحلام يقظة فيتمتع بها بنهدين كافرين وشفتين بسوى قبلة لا تعرفان الانطباق . وفي النهار يردد (تربص بها ريب المنون لعلها تطلق يوما او يموت حليلها ) .
النساء فضحت عنقود عنب ولاديا صغيرا كونه الوحم على صدرها .. الاخرون نقلوا عن شجار متواصل مع زوجها لمجاملاتها البريئة معهم وربما انزلاق لم يتم التاكد منه صديق نقل عنها بانها تسخر منه
...واستغرب وهو يتذكرها بعد ربع قرن مع صديقه الذي اختار لها الاسم الانكليزي للحجاب وهو الفيل في مقهى روادها فهود متحفزة انه يتربص بها ريب المنون .. وانه قال له بعد ان اكتشفت بعلها رسالته ( تحفز فان اتوك بخناجرهم فلا عليك سوى ان تخوض معركة دموية ) .
تطوى السنون كالبرق لكن عنقود العنب الصبي على نهدها الايسروقولها لاحداهن بان زوجها ثقيل عليها ليلا لم يمح من ذاكرته
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( جثتان بخنجر معكوف ورصاص )

كانت معركة دموية وقاسية وفوارة .. لكن سكينته لم تسقط من يده حتى غرزها في عنقها عميقا .
فتاتها الصغرى الخمرية , بدوية الحسن والطبع واجهت موتا سريعا وجميل التنفيذ .. ثلاثون رصاصة من طليقها الاسود لم تفلت منها الا رصاصة واحدة اخترقت الجدران واستقرت في ثلاجة جارها ..
دعوه اصدقاؤه ليستمتع بامرأة فلما دخل البيت عرف بانها اخته فغض بعيون جادحة وخرج سريعا...
كان زوجها المسن يصرخ كل مساء < الهي انتقم منها اسقها الحنظل كما تسقيني ... > والناس في الزقاق الضيق المكتض يسمعونه بلا مبالاة , حتى ما عادوا يهتمون بصراخه .
كان يعمل مزيت سكك ابواب بدهن اسود ويستجدي ..امرأة ناضجة الجسد , شرسة ومرنة الروح ومبتسمة للهواء ان مر, ومسن من اعماق التاريخ .. محنط يسعى ..بدشداشة ممزقة وسخة وكوفية زرقاء يزيت الابواب منذ الصباح في ازقة ام البروم .. يكرمه الحلاق الذي ينتف شعرك وهو يزينك لان يديه ترتجفان .. حلاق يتعذر عليه ان يرى الواقع الا وهو ثمل في الخامسة والخمسين من عمره .. قنينة العرق الثقيل لا تفارق يديه الا ان جاء زبون ونادرا ما يجيء.
تكرمه فنانة مصرية شهيرة , استاجرت منزلا خلف الملهى الذي تعمل فيه ..
المرأة تعود في الشتاء الممطر بعد المنتصف محملة بانواع الفواكه والهدايا, سكرى ومتسخة منهم . تضع الكثير من الفاكهة على اسيجة جيرانها بارتفاع متر ونصف حيث يضعون البطيخ ليبرد.
لكنها راضية بظلمتها ومستنقعها , فان صدح <غفة رسمك بعيني من الصبا لليوم >.. تشهق للسماء وترقص وان جمد الجسد حتى تسمعه < ما ظنيت .. ما ظنيت عشكك عشك ليلة ليلة ليلة ويوم ,.. ليلة ويوم > عندها تتفجر مشاعرها ويختلط الكحل مع الدموع .
حين اعتقل جارها الشاب , هي الوحيدة التي زارته في المعتقل محملة باشهى المأكولات في جلة على رأسها وجاملت الشرطة والمفوضين ليعتنوا به فهو ابن المرأة الخالصة الايمان التي تخاطبها ابدا ب < ام الورد > حين تمر عليها وهي تفترش التراب بظل باب المنزل .
وحين دعته بنتها الجميلة الكبرى بعد طلاقها ليقترب منها في منزلها رفض الشاب ذلك بحدة وقال لها <ساشرح لك يوما السبب >.. وفشلت كل محاولاتها لاستدراجه لدروس وسخه .
في غروب صيف ساخن مر عليها ( هل تاتين معي نتفسح ) , كان يمزح , ولم يتوقع انها بعد لحظات تلفعت بعباءتها وتمشت معه في ازقة قمامة , مكتضة , وعيون مترعة بالاستغراب والفضول ...
هنالك قال لها (( موقف امك معي في السجن نبيل وانساني .. الجميع من مؤمنين وفاسقين .. واضحين ومقنعين .. اصدقاء وجيران مقربين .. جميعا .. كلهم لم يجرؤا الا امك فقد زارتني في السجن وجعلتني اتحمل سلاسله وايامه المريرة ... اخر ما يحدث في الكون ان اختلي بك فانت بنت انسانة نبيلة)) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( بقطع ساقه صار غنيا )

غزته مراهقته قبل اوانها فكان في الصف الثالث الابتدائي يحرج معلمته فتزهق منه فقد كان يغرز نظراته المركزة في اجزاء منتقاة من جسدها فترميه بالطبشور وهي تنعته بالفاظ ليس من طبعها .
ولان جاره فارغ الجيب والقلب يضع طقم اسنانه في كأس ماء مملح , يتسلل هذا الطفل المشاكس الى منزله ويتناول الاسنان ويقذفها على السطح المنخفض ويساومه حين يراه يبحث عنها , فيمضي مفتشا ليعيد له الطقم المسروق مقابل مبلغ ,
يكرر ذلك كل يوم.
كان الرجل شديد السمرة وحين تسترسل زوجته التي لا تصنف رجلا او انثى وهي قصبة بشرية كثيرة الحركة بلون الصيان او الطين النتن الحائل يقول لها (اسكتي تتكلمين كانك راديو ) .
ابنه البدين اشد سمرة من امه , خدعه شاب ماكر بان الصابون يجعله ابيض البشرة فظل يقضي ساعات في الحمام مستهلكا كميات من الصابون الابيض.
قطعت ساق نجله الاكبر اثر انفجار صاروخ في شارع المطاعم بالعشار ابان الحرب فانقذ من الفاقة حيث تحول شحاذا يزحف في الاسواق الشعبية .
ان بعض المصائب حل رحيم لنظريات الفقر المركبة .
بعد عقود عرف عن جاره بانه من عشيرة شرسة هذا الرجل الذي لا يتقن ضربة كف ولا لفظة شتم .
في تلك السنوات لم تكن القبيلة تتدخل الا في ضرورات قصوى قبل ان تجنح لاستخدام الراجمات والمقذوفات الثقيلة والمسيرات في النزاع .
حين انتهى الخلفة البناء من تشييد سياج لهم اعطوه بدل النقد مذياعا مستهلكا لكنه يغنّي من صناعة انكليزية فكانوا يستعيدون نظام التبادل السلعي الذي انقرض من عهود طويلة .
ولا ندري هل دفنت معه اسنانه ام احتفظت بها ابنته القصبة المسودة وهي تسح وراءها سبعة اطفال وسخين باعمار متقاربة .
وهم كل ما تبقى من عائلة اطبقت عليها بلا مروءة مخالب النسيان .


( ذ كيم از اوفر)

(اعطي للعائلة مبلغا زهيدا لان اكلي قليل ) وكان يقول لها (هذه كمية من الاوراق وستدفعين لي نقدا حسب عددها استنسخي الورقة بمائة فلس )كانت اجورها زهيدة وخلفها امها المصابة بداء عضال وبحاجة لدواء متواصل ,وحيدتان تقاتلان الوحدة والجوع والمرض و تخشيان من اللصوص واحتمال انهيار السقف المتآكل .
بعد صراع اخلاقي استمر لاشهر اضطرت لاكتشاف الحل ان تشتري اوراقا بيضاء وتنسخ فيها وهي تقاوم الذئاب البشرية المتنمرة وتصون نفسها من قسوة الجمال الذي ابتليت به .
وضع مسدسه جواره وهو على سريره وتدفقت الذكريات ...العشيقات اللواتي غدرن بهن او غدرن بهن سجى التي بذل لاجاها جهود مستكشف قطبي لكنها لم تستجب حتى اذا لمعت على كتفيه كوكبتان اتت اليه باسلحة ماكرة فيما غادر صورتها من سنوات ..
حلمه بان يجتاز كلية الاركان ويتوج بوسامين حمراوين يجعلانه في تميز عن اقرانه ويصنعان له الهيبة والمجد ...
الا ان انفجار قنبلة قربه في خرمنشاه اجهز على حلمه وتركه مقعدا , لسانا ودماغا في حال توقد متواصل ..
تذكر اصدقاءه المقربين الذين فروا عنه ورموه في بودقة النسيان , تذكر المزعجات والطارئات والمسرات وطفولته المرحة ومقاعد الدراسة وقال في نفسه بالانكليزي ( ذ كيم از اوفر ) حقا لقد انتهت اللعبة ان يتحول رجل طموح الى مقعد تساعده امراة ضجرة في دخول الحمام , تلك ليست حياة .
حاول ان يجد حلا بفتح محل للاستنساخ في منزله وحين اتته الموظفة لدى ابيه ( هذا المبلغ فابوك مسافر ) قال لها انتم تستنسخون بسعر مرتفع اجابته ( هي اوامر ابيك ) فقال ( يا للسفالة ).
تذكر الغرفة التي طفحت بدمهما فقد تشاجر اخواه واطلق احدهما النار على الاخر واختفيا من الحياة وكرر قول رامبو ( آه حتى ما من يد صديقة ).
بعدها تناول مسدسه واغمض عينيه واطلق الرصاصة في رأسه .


( بائع الجنائز)
صفّر مديره ثقته به فقد افنى عائلته واقرباءه واصدقاءه جميعا كذرائع ينال بها اجازاته غير المحدودة وفي ذات يوم قصد المستشفى وتكفل بجنازة مجهولة الجذور واتى بتابوت على سقف سيارة وادخلها الى دائرته وخاطب مديره :(جئت بجنازة خالتى والتابوت قربك على السيارة لتصدقنى ) ,كان حزينا ناحبا متسخ الشعر مترب الوجهه …
وشاءت الصدف ان مديره مر قريبا من احد الفنادق الراقية في طور الانشاء بعد ساعة من اجازته وشاهده يوجه العمال على تثبيت المكيفات في الطوابق العليا واقفا في منتصف الطريق العمومي : (هل هناك عذر يا اسماعيل …وين جنازة خالتك )
ــ ( شكله ) قالها مبتسما هازا يديه باشارات سخرية وهو يخاطب المعزين في ماتم مزدحم بعد عقدين من تلك الحادثة
واضاف : (تصوروا مرة كنت ابيع الشوربة انقلها في عربة يقودها حمارموضوعة في قزان كبير وصادفتنا حفرة فتغوط المطي وهو يجتازها . فتدفق خرؤ فى القزان فقلت في نفسي : ( ولك اسماعيل من نص الليل وانت تطبخ ..وتعب ويروح بلاش …فخلطتها بالكرك خلطا اضاف لها لونا رائعا ونكهة متميزة …وصلت ام البروم وواصلت الصياح ـ (توها حلت ….توها حلت ) تصوروا (مخاطبا المعزين الذين تناسوا تمثيل ملامح الحزن في الماتم ) ..(يوميا ثلاثة ساعات وما تخلص الا في ذلك اليوم نفذت في ساعة واحدة ـ توها حلت …..توها حلت وانا امزجها بالكرك .
وتعالت ضحكات تناسوا تمثيل الحزن وردد البعض للاخر <توها حلت > ومضت كلمته مثلا في الحي…بعد سنوات قريبا من موقع الماتم حيث انطلق المثل سيبيع حمدان الموطة ويحرك الاسطوانة صائحا في ظهيرة هاجرة
: (توها حلت … توها حلت )ويبتسم او يضحك من يعرف القصة . لكنه التزم موتى كثر من المشفى : جنائز بلا عائلة يأخذها لسوق مزدحمة : ( اهل الرحم ... نقدا لهذه الجنازة فلا احد لها ..!!) ثم يستلم كيس المبلغ ويتركها مكانها ويمضي ليحتفل في منزله . . او يبيعها جثة لسواه .
في مظهره المتواضع , الرث احيانا , في شكواه الجاهزة ابدا (شكو عدي , بطرك الدشداشة ) ... تتفاجأ وانت تتاكد بانه توفاه الله تاركا ثروة بالقياس لسواه من امثاله هي ثروة متفوقة .


( ورقة اليانصيب )

دشداشة رمادية حائلة لا تستبدل , وجه مصفر صغير يلف جراوية على رأسه يثبت عليها صندوق زجاجي صفت داخله كريات حلوى ( الشكرلمة ).
حين يتعب من الدوران في الازقة يستقر على تخت المقهى في قلب العشار وهو في حال وجوم مستمر لا البيانات رقم واحد تهمه ولا الرؤساء الذين يستبدلون كل سبع سنوات ولا حروب التحرير او الاغاني .
انقضت عشرون سنة وهو يشتري اوراق اليانصيب ولا يتحدث الا بها ( آه , كنت ربحت لولا فرق رقم , فهو ثلاثة وعندي اربعة ) ,وهو يجاور في المقهى المولعون مثله بتلك الاوراق وشغلهم الارقام والحسد للرابحين ( انه الحظ جعله رابحا او قسمة او ارادة الله او هل يستحقها ) , وهم لم يروه ولا يعرفونه ولا يدركون احقا ربح ام هي لعبة للمسؤولين عن اليانصيب .
كان حلمه ان يكون غنيا فحسب وليست لديه احلام واضحة لو صار غنيا .
داهمه الشيب وتجعدت ملامحه , ثقلت حركاته ومفرداته .
كانت تستقبله شاحبه صامتة في بيته القصبي الذي يقطر سقفه من البواري كلما اشتعل المطر مع جوقة من صغارها .
بلغ خمس وخمسين وهو يجوب الازقة بصدوقه الزجاجي الذي الذي يغري الصغار فيتبعونه او يتجمهرون حوله او يتحسرون .
وحين علم بانه ربح الجائزة في ذلك الضحى الشتوي القابع تحت ظلال شرفات الشناشيل في زق ضيق ظليل ,رمى صندوقه في الشارع وهرع الى البيت وفكر ( ساطلقها , وهل استحق امرأة متخشبة ).
بلغ دارهم واخبرها بالفوز وشرع معها بحرق كل الملابس العتيقة والاثاث المتهالك.
ولم يدرك انه احرق سترته التي خبأ فيها بطاقة اليانصيب الفائزة الا بعد فوات الاوان .

الجراوية (لبس بغدادي وبصري وهو يشماغ ابيض مخطط بالاسود ويبرم ويلف حول العرقجين ) . اختلف المهتمون باصل المفردة .


(اخيرا وجد الحل في الصراع المذهبي )

ثلاثة اخوة يتبادلون ادارة الاسواق الواسعة في احد الارياف.
اوسطهم شاب في العشرينيات بسيط ومتزن وفيه شيء من الانطواء.
يحسده الزبائن فكل شيء متوفر في هذه الاسواق من كرزات ومعجنات وادوات كهربائية وبهارات وقرطاسية وانواع الدجاج واللحوم.
كتابه المدرسي بين يديه يطالعه حتى يأتي زبون فيتبادل معه كلمات مجاملة او مساومة.
لكنه مختنق فلا يسكن روحه درج تتساقط فيه النقود في زمن تعذر فيه على حملة الشهادات الحصول على فرصة عمل وان في البناء.
ينظر الى السلع التي تكدست على الرفوف فيراها تتصارع ( لماذايطلب الناس تلك السلع باستمرار وانا نادرا ما يقصدني احد...الأن محتواها او غلافها اوعلبها اجمل ؟ او هو الحظ ؟ ).

بعد سنتين شوهد يبيع وهو يتلفن ويناقش صديقا منهمكا تماما في حماس حول أراء الطوسي والمفيد وحرب الجمل و احقية الخلفاء بالقيادة. . وبين حرب النهروان وصفين وصراع المذاهب والحوزات العلمية واطروحاتها.
كان يتناول النقود من الزبائن او يحزم سلعهم في اكياس صغيرة دون ان يرفع عينيه اليهم ودون ان يخرج من بودقة التأريخ.
اخيرا اذن تمكن من اكتشاف التحليق بعيدا عن السلع الكئيبة والملل من تسجيل الديون والاختناق من المساومة .


(بعد ربع قرن وفي اللحظة الاخيرة )

حين دنا منها وهي تستقر على دكة خشبية وتتكيء على كيسين من الرز كاد يغشى عليها فبردت يداها وتهاوتا في حجرها , انها ارتعاشة الهيمنة لا تشابه سقوط طير في كمين لان الاجنحة سترفرف , هي قبضة الغريزة على الكيان الانثوي في لحظة مباغتة .
نظر من شباك صغير , حسنا , انهم يغفون في هذه الظهيرة الجحيم .
وبخرس كلي شدها اليه بلحظات خاطفة وسعير سيظل حيا لسنوات في اعمق روحيهما .
مع البراعم الاولى لمراهقته جس انوثتها تحت ظلال السعف وبهجة ازهار الجهنمي .
العيون السود العميقة البارقة ان حدقت والنعسى ابدا , وبحة الصوت التي تذيب النساك , هي القروية التي لم تخط الحياة في سجل روحها سوى حروف الهجاء .
كان ربع قرن يكفي ليدفع تلك الذكريات عميقة الغور الى التثلج .
هي الان وصغيرها اليحبو اتت بها امواج الصدف الى بيته ليمكثوا شهرين .
فقال في نفسه ( خيوط محكمة لشبكة ), وتحرك المغزل الخفي .
بعد شهر وقد انهكه الجري المعمق كانت تقف خلف ستارة وقت الغروب وتمد رأسها خارجها لتستطلع كأبة الزق الذي تثلجت فيه الحركة البشرية , وحين اقترب منها شعرت به فادارت له رقبتها وحصدت منه قبلة خاطفة .

( انت تدري ان اية امراة لا تقاوم مطاردا مصرا , لكني خارج هذا الافتراض ) .
في اخر يوم وقد حزموا حقائبهم ولم يتبق غير ربع ساعة على الرحيل , كان حزينا يمكث في غرفته العلية , فرآها تخطو نحوه مترددة تعصر راحتيها بتوتر وهي في غاية الاناقة والخجل ... فجأة اقتحمت الغرفة والصقته في الحائط واحتلته تماما في عناق ابدي وخطت نحو السلم بصمت .



التوابيت
1 كان يغلي السمك في بيت اقاربه واتاه الصوت من الهاتف ( اسرع فقد تتمكن من رؤية اخيك قبل وفاته او لا تتمكن , نحن في المشفى ).
راى الطبيب يفحصه فادلى اليه بمعلومة طبية فرفع هذا اليه وجها محتقنا وقد توترت جبهته وقال ممتعضا (انت فقط هذا ما تعرفه ).
كان بدشداشته الرمادية ممدودا يحتضر , متخلياعن كل اصراره عن مقاومة المسحقات ولن يستطيع ان يشهد خمس بنات وولدين يحلقون حوله ساعة يعود براتبه الزهيد ولكل مطالبه .
لم يستطيع ان يقول مازحا مرة اخرى ( المراة ان تنام معها ثلاثا ورابعة للاشتهاء ) , سيتوقف عن حديثه الذي لم ينقطع لسنين عن المدفع حين كان يؤدي الخدمة الاجبارية في الجبهة الايرانية او ربايا الشمال .. مرة قال مفجوعا وهو يحاول ان يكسر خشبة ( اين ذهب الحيل , حين كانت الخرسانة تهوي من قوة يدي ).

كانت امه تنام على التراب لان ولدها في الجبهة على التراب .
وكانت نذرت عندما يساق للخدمة العسكرية ستهلهل وهوما حدث فحين مروا تتقدمهم جوقة اطلقت هلهولتين ثم بدأ العويل .
نشأ مريضا تمر به حالات صرع وقالت امه كان جميلا وبدينا وهو بعامه الاول وكنا نحممه في طست واتت امراة لم تصل على النبي فسحرته بعين حاسدة .
تجمدت ملايين الذكريات البارقة والمفجعة انه الان يكاد لا يسمع شهقاتهم على السرير .
اخيرا سيستريح .
بعد ساعة فارق الحياة وذهبوا لاحضار التابوت من الحسينية القريبة وصادف وجود فتيات جميلات ووسخات يتلفعن وظهر من لهجتهن انهن من عوائل انحدرت من الاهوار ورجونهم ان يصحبوهن لانهن ذاهبات للحسينية ايضا .
في الطريق عرفوا بانهن يقصدن منطقة بذات الاسم تبعد ثلاث كيلوات عن موقع التوابيت, وكن يتضاحكن لانهن يقصدن منزل مسن توفي ليلة الدخلة على عروسه .
2 كان الرجل البدين البسيط الكريم ميكانيكيا ماهرا.
في السبعينيات قصد الكويت والامارات وفتح محلين لتاهيل العجلات وتمكن من جمع ثروة .
وعندما سحق الحصار الناس وبدؤوا يتغذون على طحين شحيح ممزوج بالرمل او ياكلون الاعشاب في العراق لعشر سنوات كان يضع المال في اكياس كبيرة احدها وضعه امانة لدى احدى بناته .
كان حاتميا فقد منح قطع اراض ومبالغ بلا مقابل لاقربائه .
قال له الطبيب اخيرا لو حركت مفكا سيقضى عليك فقلبك لا يتحمل ابسط جهد .
طلقت ثلاثة من بناته كل واحدة عادت برضيع او صغار صاخبين ونفذت ثروته اثر دفع ديتين لقبيلتين تسبب بهما نجلاه .
قال لصاحبه ( كنت اسافر كثيرا لبلدان عربية وهناك اعمل لاطيل من سفري ولذتي وفي العمل يطلق عليّ الثعلب , اتدري مرة قصدت المغرب وقصدت نجارين واقنعتهم باني استطيع انجاز بعض الدواليب , لم تكن لي خبرة واضحة لكن الاصرار ساندني فعملت لديهم , بعدها وجدت عملا افضل فساله صاحبه فاجاب ( انه نجارة التوابيت, كان عملا مدرا وسهلا ).
يقبع الان وحيدا مع زوجة بدينة بعد رشاقة كئيبة وتزدحم فها الامراض المزمنة , وعندما يحتاج شراء رغيف من فرن يبعد نصف كيلوعنه , يسخر منه احفاده الصغار ( نحن لدينا دراسة ولا نستطيع ) .
لقد شهد ثمن طيبته وادرك لكن بعد فوات الامان فما الذي يجدي ان تكتشف فداحة الخسارة بعد فوات الامان .
3 انها خالته من ام اخرى رآها وهو مراهق وهي في الريعان ونسيها, عاد زوجها من الاسر بعد خمسة عشر عاما , زاخرا باقسى الامراض وجفاه الاهل والناس . ان تخوض وتنجو من محرقة الحرب وتعود كبعير معبد تسح كيس التبول المثبت في جسدك فتلك كارثة .
بعد اربعين عاما سكنت جوارهم انها الساعة مستقرة في التابوت .
علم وهو في الشارع بالخبر فقصد دارهم .
كان التابوت وسط الدار وجمهرة تتكاثر وهن جالسات يحتضننه مشعثات ومعولات يلطمن على العيون ويطرقن بالقبضات على التابوت واقترب بقاطه النيلي وعطره ورباطه الاحمر واستقر واقفا واجما امامه , فجاة رفعت راسها بنتها الصارخة وامسكته من الرباط وسحبته بعنف مع صرخات مدوية .
ظل لربع قرن يفكر بالحادث ولم يتمكن من تفسيرالحالة , لماذا سحبته من الرباط حتى كادت تخنقه , قال ربما هي شبيهة بهياج الثور من اللون الاحمر .
4 في المغيسل كانوا يسكبون الماء على رجل مسجى ويعاملون الجثة بالكافور فغادرهم ليتنفس خارج رائحة الموت في الجامع .
رأى اهراما من التوابيت السود الفارغة على ضفة نهر آسن تنبثق منه الروائح النتنة وتشيعه رائحة الموت .
كانت صورة تدعو للفزع , كانت التوابيت اعصارا غير مرئي للمنايا المتراكمة , تابوت يعلو تابوتا وتابوت ينحرف عن اخر مشكلات هندسة فوضوية , كتلة من الاجل الاسود , كتل ظلامية في ظهيرة ساطعة .
من هو صاحب الحظ السعيد الذي سيسكنها لثماني ساعات بعد ان يتوج بالرفع على الاكتاف في موكب يصدح ( لا اله الا الله ) , حيث يستقر في مصير يستحيل على أي احد ان يخمنه .
واذا حملت الى القبور جنازة فاعلن بانك بعدها محمول .
5 كانت ذات انفة نادرة تقطع كيلوات ولا تطلب طاسة ماء من احد في ظهيرة تموز الصاهرة ( سيمنون عليّ يوما ) , كانت تقول .
خمس من بناتها لا بد لهن من عفة وسد رمق ذلك كان الامتحان الذي عليه ان تجتازه وقد اكرهت زوجها ان يطلقها بعد ان اقترن باخرى .
انها الان تستقر مع علب بسيطة والوان من البهارات وعلك المر ومكانس من الخوص , تقبع امام محل صانعي التوابيت تحيط بها الفاقة ورائحة المنايا .
انهم يعملون باجتهاد في انتظار الموتى .
منذ الصغر فكر ان الانسان كما تسحق نملة فتموت سيموت , الفرق ان النملة لا احد ينوح عليها او ينصب لها سردقا او يقصدها معقّلون برايات واهازيج واسف كاذب , بلا مآتم تقام ولا احد يستمع للتلاوة , اونائحات .
لكن جمهرة بعد ان حمل فقيدهم من التابوت ليمكث في ظلامه وحفرته رآهم يتشاجرون مع الدفان , وكان شجارا طاحنا , وتدخل حكماء ومصلحون حتى انزل الميت في قبره .


اشلاء القنبلة اليدوية

لا احد يستثنى من المدنيين .. مضت ست سنوات والحرب طاحنة .
حين فتحت الباب اثر طرق مرعب كان يمسك رقبة المختار بساعده وذراعه وفي اليد الاخرى قنبلة .
على بعد امتار تتجمهر البدلات الزيتونية .. قال اريد ماء فسارعت وعدت بطاسة ما وسقيته بيدي ربعها اما المختار فقد شرب البقية كلها ..وهو يتلوى من الالم ويحتضر من الرعب .
احيانا يطوقون حيا سكنيا قبيل الفجر مشكلين دائرة من البنادق فيما يفتش الاخرون البيوت كلها بحثا عن مدنيين لم يلتحقوا بالجيش الشعبي .. احيانا ياتون زمرة قليلة يصحبون المختار ويطرقون في منتصف الليل وفي حالات اخرى تراهم يتقافزون من سطح لسطح ولا يستثنون من التفتيش موقعا حتى المنهولات والتنانير.
مرة سكر ابو عدنان المعروف بشراسته ومضى الى بعض بيوتهم وهو يحمل سكينة كبيرة وخاطبهم ( ان كررتم محاولاتكم لاعتقالي وزجي في الحرب فساقطع رؤوسكم ..)
ربما كان ابو عدنان الوحيد الذي استثنوه لكن جهات حزبية من خارج منطقته تمكنت من اصطياده ومضوا به الى موقع التجنيد بابو صخير شمال البصرة لكنه تمكن من الهرب في الهزيع الاخير .
لا احد ينجو فالحرب قاضمة نهمة للاجساد المتعبة .
قلت له ( لا تتهور وسانقذك ) وخاطبتهم ( ساعيد لكم مختاركم حيا شرط ان تلتزموا الهدوء .. سانقله بسيارة لمسافة شرط ان تتفرقوا ).. وعلى بعد امتار حيث كنت اركن سيارتي لاقلهما , تهور شاب يرتدي بدلة مرقطة وهجم عليه فصرخ بهم ( ابتعدوا سافجرها ) .. وما هي الا لحظات حتى تكوروا ثلاثتهم اشلاء على بعضهم .. لكنه لم يمت بسرعة البرق كالمختار والمرقط .. ظل ينزف فقالوا ( اتركوه حتى يموت ولا تسعفوه ).
قالوا بعد ذلك لي هو من اختارك لتحسم القضية .
لقد كانوا يبحثون عن المتخلفين عن المطحنة في الجحور والقبور واسس البناء وفي عقارب الساعات وتحت ظلال العجلات .ونفذوا قطع الآذان ووشم الجبهات بكلمة ( جبان ).. وكانت فرق الاعدام متأهبة لاطلاق الرصاص على أي متراجع .
وربما نجا احد فقط حفر قبرا في منزله واحاطه بسرية حتى بردت الحرب .


ها هو يسعى وليس مسجى

قال الجيران انها قبل ليلة حاولت فقد سمعوا بعد منتصف الليل صرختها المدوية ولكنها قضت في الليلة الثانية بعد ان تناولت كمية كبيرة من الزرنيخ .
وقيل ان اختها هي من دسته لها في طعام العشاء , قبل الليلة التي خطبها من ابيها لعشيقها جارهم المعلم .
بعد مصافحة وقدح شاي وابتسامة ثبتت بمسامير على وجه بالغ السمرة بعينين صغيرتين تنضح بساطة وطيبة وشعر مجعد قال له وهو يستخرج مسبحته المصنوعة من العقيق المزيف ( انا اوافق شرط ان تقبل امها ساتلفن لها في لبنان فان لم تعترض كما اتمنى فطلبك متحقق بأذنه وقدومك موضع فخر واعتزاز ).
لا احد حتى الكهنة وقراء المستقبل واخطر المحللين النفسانيين يستطيع تفسير ما حدث بين غروب ليلة ومنتصف ليلة الموت التالية .
هل هي بنفسها ام ان اختها مزجت الزرنيخ لها في العشاء منفذة ما كانت تصرح به لها غيرة او حقدا على عشيق اختها الذي فضلها عليها رغم كل معاركها الاغرائية معه .
او ان امها رفضت الرجل , وهل رفضته كرها بالشاب او حقدا على امه او عائلته او ان لها عريسا اخر او تطمح بخاطب له مواصفات هي كانت تحلم بها .
وهل تنصل الشاب من عهده وارسل لها بانه يرفض الزواج منها .
ستبقى عشرات ال هل بلا اجوبة .
عائلة ساكنة , اختان واب بسيط لم يسمع لهما صوت ولا باغتهم احد في شجار , موهبة زقاقهم الراسخة , استاجروا البيت فكان ابوهما يجلس على عتبة الدار بدشداشة حائلة يقلب عينيه يمنة ويسرى لا يتقن الا قتل الوقت يضع كوفية زرقاء بلا طاقية على رأسه او يكون شعره المجعد حسيرا .
الجميع مشغول فلم يتبرع احد ان يستنطقه عن حياته والفتاتان بين الجدران لا تزوران ولا تزاران , انها عائلة الاسرار المغلقة .
لكن اخطر صفة للحب هو الظهور من اشد الانفاق ظلمة وعمقا فانتشرت شظايا الاشاعة , ان جارهم الوسيم بشكل غير معقول, يعشقها ولم يعر الناس اهتماما لهذا النبا فلا احد يصدق حتى في الخيال ان رجلا يمتلك مثل ذلك الجمال الساحر يقترن بشابة متواضعة الشكل جامدة السلوك .. ابدا تتلفع بثوب اسود على بشرة شديدة السمرة ولم تكن تملك جسدا انثويا ثائرا ليكون سببا مقنعا .
بعدما تم تشييع الفتاة من مكان مجهول او ارسلت فورا للنجف بلا تشييع كانت ردة فعل اختها وهي تلتفت على بعد خمسين مترا من بيت الشاب حيث يقطنان ( انذال انتم قتلتم اختي )
لم يكن صوتا مدويا يناسب الفاجعة كان اقرب للخطاب الانفعالي العادي انها من عائلة تشربت بالخجل وتغذت بمشاعر السلام ولم تتقن الشراسة حتى في اشد اللحظات فتكا .
وعندما قصده جاره المعلم ليعزيه غروبا بعد سبع ساعات من تابوتها كان ابوها السيد مذهولا وقال (لا ادري ماذا حدث) قال بحركات راس قلقة وعيون بلا دموع وايد متوترة ( لقد وافقت امس حين قصدتني فما الذي حدث )
لم يعلم بان بنته الكبرى اخبرت اختها, ان لم تموتي سما فانا ساسمك , لن تتزوجيه .
اما هو او الموت حكاية تحتاج مجلدات لكن السرية التامة هي التي منعت الالسن من الانشغال لحظويا بهذه الحكاية .
في سريرهما المتلاصقين تفكر الصغرى ليلا بانفاسه قربها وحرارة جسده وتحلم الكبرى بوجهه الزهري وجبة للتماسيح في لحظة تتحول الامواج الى نافورة دم .
لقد كانت تغلي من حكايا اختها الوحيدة عنه حتى تضخم في كيانها بركان الحقد الاعمق فمضت بعد سنة من دفن اختها في يوم زفاف العشيق الوسيم لبيت جارتها التي اقيمت فيه الوليمة وقبل ان تدس السم في طعام المحتفلين وتقتل العشرات تم اكتشاف تواجدها فهرعت عائلة الشاب وطردتها مع مقذوفات من الشتم والازدراء والسخرية والاهانة وتم تعقيم القدور الواسعة بعناية شرسة .
لكنها بلغت الشماتة بعد سنة من زفافه حين خر مضرجا على اسفلت فوار برصاصة اشتباه ورغم ان التحقيق اكد ان الرصاصة من ذخيرة لا يملكها الا قناص بريطاني مر في رتل تعرض لاختناق مروري ,الا ان ملف القضية ارسل الى دولاب المهملات والجنح العقيمة في نفس الساعة من الضحى الذي احتوى فيه التابوت اختها العاشقة .
بعد اشهر غلف الناس هذه القصة ومرت كاي حجر وقع في بركة ارتجت ثم استقرت , كاي جملة من ملايين الكلمات التي نقذفها يوميا ونتناسها في اليوم اللاحق .
بعد اشهر امتهن ابوها التعليم الخصوصي بمنزله ولم يكن تربويا مختصا قيل درس القانون لكنها صفة لم يتاكد احد من صحتها , ونجح في مهنته لانه يتقاضى مبلغا بسيطا ولديه مقدرة على سلق الدروس على نار فوارة فينجحون .
صار يقصده المئات من فتيات وشبان فاشترى منزلا خصصه للدروس .
بعد عشرين سنة من الحادث .. في ذلك الصباح المبكر وفيما كان جاره المعلم الذي خطب فقيدته لجارهم الوسيم يهم بدخول الزقاق اتاه شبه راكض والدموع تنهمر من اسفل نظارته الطبية وعانقه بحرارة ( انت حي اخي الغالي الحمد لله , سألت ابن اخيك من لحظات فاخبرنى بانك مت ) , فرفع هذا رأسه ليرى بن اخيه يضحك على بعد عشرين مترا .







مقابر يصنعها الصغار

سدرة قزمية واحدة تختبيء خلف شجيرات واطئة وقصب حي ونبتات شوكية واعشاب استطالت , خلفها حاجز بستان من الاسلاك الشائكة .. نادرا ما يقصدها احد .. كانت تسلية لنا ايام حصار الكورونا .. اقصدها مع حفيدي قبيل اذان الافطار في رمضان نلتقط قليلا من ثمرها ونعود ..
( انت افضل من سواك ) قال جارنا الفلاح حين شكوت من الحصار الذي فرضه الوباء .. لم افهم ما قصد الا بعد اشهر ( تتسلى ببقايا بستان وتصطاد في النهر ).
آثار لنهيرات طمرت وبقايا احجار من بنكلات الهنود ايام الاحتلال البريطاني مطلع القرن العشرين .
هناك رايت طابوقا رتب بشكل مربعات وشواهد قبور من الورق المقوى كتب عليها اسماء الشهداء واعلام العراق صغيرة .. وهناك على حجر كتب بخط بدائي ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا ..)
بعد استقصاء لايام عرفت من اسس هذه المقبرة الطفولية واجابني بن جارنا المؤسس في الخامس الابتدائي ( انهم شهداء العراق ضد داعش ).
بعد ايام سمعت هذا الطفل يحدث اقرانه عن معركة الجمل وجيشي يزيد والامام الحسين ويشرح لهم من كان على حق من الجيشين .
انه عنيد هذا بن عمتي الصغيرة بدات تحدث جدها عن الحكاية قرب قفص كبير لطيور الحب في اول صبح من سبتمبر ..الرياح شمالية راكدة لكنها رحمة من جحيم صيف تخطى نصف درجة الغليان .
نادرا ما وقفت استطلعه فلم يكن وجودهن وصخبهن يثيرني خلافا لاهتمامي بجراء الكلاب الصغيرة والقطط .
لكني وقفت ذات يوم لنصف ساعة اراقبهن تلك طيور الكناري حيث يبذل الذكر كل جهد ويستكشف طرقا للاغراء لاجل حيازة انثى .. يمشط ريشها بمنقاره حتى يدنيها من النعاس يطاردها حتى تتخلى عن اسلحتها الدفاعية .
حدثتني حفيدتي عن عناده ان اراد شيئا .
وحين وجد طير حب ميتا اراد دفنه فاخرجوه من القفص ووضعوه بتابوت من الورق المقوى وشيّعوه مطلقين ( لا اله الا الله ) وهم يحملونه ثم اودعوه في القفص فاحاطت به الطيور وصوتت ووقفت على التابوت .. بعدها اخرجوه من القفص ومضوا به لحديقة خلف المنزل وحفروا له قبرا ..
كل ذلك جرى وهم يصورون عملية التشييع والدفن بهواتفهم والطفل العنيد يمثل دور النائح الباكي ويعدل من نظارته السوداء وكوفية الحزن التي اخذها من خاله .


( صدمة الدرس الصامت )
لقد خمد ...انسلخت عن ذلك الاشتعال الذي نهشها لسنوات , لا احد الا السماء يدرك تلك اللحظات .. حيث كانت تحت جحيم الجذوة ... انها الان تفتت الايام بضمير مستقر .
مبللا دخل المنزل تشع منه فروسية الجسد وهو يحمل حقيبة الادوات المعلقة على كتفه بشريط جلدي .. لحظتها لم يعد البرق ولا صوت الرعد اللذان يخترقان الاغصان المرتعدة وينهمران هزات متتالية في جسدها ... انه هنا بساعديه اللذين سيذيبانها ..
ارتعدت تماما .. لكنها سيطرت على الحريق .
وراته يحتويه الصمت منشغلا عنها بتاهيل الانابيب .. فبدأت تنسج شبكة الاغراء .. لم يلتفت اليها .. وكلما تغاضى ابتكرت لعبة انثوية اخرى .. انها الان مصنع للكمائن كاي انثى متوهجة تواجه صخرية الرجل .
تتعملق الثواني وتخسر هي الميدان معركة بعد معركة ... فتخطت لغة التلميح والايحاء وكشفت... لكنه منشغل بالانابيب .. فدعته للتوجه للحمام ليصلح انابيب غير معطلة فدخل فاغلقت عليه الباب بالمفتاح , ومضت لزينتها , ثم تعرت وقصدته ...
لا احد !!
نظرت الى الشباك فصعقتها الهزيمة .

¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬

في انتظار الطبيب
بعد ليلة اتخمتها اصوات السعلات..منغمة حسب العمر والشدة..صحبتهم ثلاثتهم ودخلنا المجمع قبيل التاسعة صبحا..وكلما دخل احد قلت هل هو هذا او مشتبه..فللاطباء طبع معروف..في الخط والمظهر..كان المحاسب صارما..لا يتمكن شمبازي من اضحاكه ..ومع وجه شديد السمرة ولون ملبس غامق وصبغ الميز الذي يظهر بعضه منه..فهمت نصف توجيهه وانا اطالبه برقم واضافتي للسجل ..على يساري فتاة نحيله تظهر كمن اصيبت بمرض.. قربها امها.. تتلفتان بحدقات كسيرة قلقة..اتى ! قلت < ربما هذا طبيبي >..شاب لطيف الهندام ابيض البشرة. واخذ يتحرك حول المحاسب..ورقبته لا تستقر..قلت لقد اخترت الطبيب الخطإ ان ظهر هو طبيبي..بعد لحظات فتح باب غرفة المختص. ثم زحزح عنها مكتبا صغير ..مسحه قليلا وثبت السجل اعلاه..فتقدمت نحوه واعطاني الرقم <٢>..جوار الفتاة النحيلة وامها كتبت لافتة ..اسم طبيبة وحروف بالانكليزية ثم عبارات تعكس عشرات الاختصاصات..
اتت تتنقل بلحمها المضغوط بالجاكيت الخمري والبنطلون ساترة نفسها بحجاب ..القت التحية عليهما مع شبه ابتسامة رسمية وغطست بعيادتها..اعقبها رجال يدخلون المجمع ويخرجون ولا احد منهم طبيبي!! ترى هل الفتاة النحيلة هي المريضة او اخوها الصغير..كشف اللغز حين وضعت فمه بكيس نايلون اسود ويدها على رإسه..كان يتقيإ ويبادلني النظرات وهي تضغط رإسه متوترة وتنظرنى..الطفل حزينا ينظرني وهو يتقيإ كمن يقدم اعتذارا او يداري خجلا.. كنت اضحك في سري وانا اتخيلني اخاطب الطبيب مازحا( اتيتك بكومة مرضى بفصيل من سعال..هه.).المضمد صارم قاط اسود وجسم طويل مكتنز..تقدم نحو المحاسب وقف خلف مكتبه منهمكا بمبايله يبتسم بخفوت او يركز او يقلبه بجزع..او تسكن حركاته ومشاعره انه خارج التغطية كأن لا احد من العشرات وجلهم نساء موجود..فجإة اشرق وجهه وكاد يقهقه..واستدار للمحاسب واراه مقطعا وهو يضحك بخفوت...ويظهر ان المقطع كان طريفا لدرجة ان المحاسب بدإ يسرق ابتسامات..وتخلى وجهه عن صرامته فاشرقت في الوجه الداكن ابتسامات انتصرت قليلا على الوجوم..وقليلا قليلا تبددت فعاد الوجه ينقل عينيه في السجل محركا حاجبيه مقلصا او مفرجا عينيه..لكن اين طبيبي..اتى رجل خمسيني وقور منتصب القامة تزينه خصلات مفضضة وحين اقترب قال السلام عليكم خافضا رإسه رافعا يده..اخيرا!!..ودخل الغرفة التي حجزت منها..الطفل المتقيء دخل اولا وبعد لحظات قليلة دخلت..< دكتور - وانا ابتسم- تحملنا لطفا فقد جئتك بقطيع من المصابين..ورإيته متعجلا قلت دكتور بامكاني ان اقتني اكثر من باص فقال مبتسما( لا عليك استاذ واعرض الحالات فقد اعتدت السرعة بالعمل..) قلت بضميري هذا رجل شبيه بالخلفات المعتقين.
..____________________







ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نجاة من دهس واختطاف

تخطيت الخامسة والستين وسجلت نفسي كاخر ظل تبقى من شجرة العائلة,
اتوقع انهم سيذكروني كثيرا بعد رحيلي فقد اترعتهم ضحكا وحكايا ومواقف لا يمكن ان تجتازها ذاكرتهم .
وعلمت انهم سياتون لقبري ينوحون ويلطمون ويذرفون ويشعلون البخور ويريقون ماء الورد ويمضون مثقلين بالاسى , لكني حلفتهم ان ياتوا مبتسمين لاني بقبري نجوت من المحرقة التي اتوقع القبر اهون منها ..
اريدهم ياتون بلا مبخرة او دموع وتكون زيارتهم طقسا للافراح ومهرجانا للطرائف التي اسمعتهم صحيح فرهدت الطيبة ثلثي عمري لكني رحلت بضمير نقي ويد بيضاء فطوال فوضى الحروب والانتفاضات والانفلات عصمت فيها نفسي من التلوث ., فلم اخسر الا نزيف اضطرابي من خشية عليهم .
عند قبري قدموا قدح شاي ساخن ثخين لان شعاري ( ما دام جاي وتتن كل الامور تهون ) .
تلفنت احداهن الى اختها ( اين عمي ؟ )فاجابتها غادرنا من ساعة واتوقع وصل اهلي فتلفنت هذه للاهل فابلغوها اني لم اصل .. فاحترق الجوبين اخوات اربع وامهن وكان بيت كل واحد في قضاء ناء عن منزل الاخرى بقضاء اخر فاشتغلت التاويلات ( ربما عطش فمات حرقة ) قالت الاخرى ( ربما قضى وهو يصيد وكان متارقا في الليلة البارحة ) الثالثة فسرت وهي تنوح ( لا .. دهسته عجلة فسوا ق اليوم لا عيون لهم ).
ولان هاتفي خارج التغطية فقد طلبن من ازواجهن ان يتصلوا بي عبر الشريحة وكل واحدة سجلت بصمة زوجها وهو يهاتفني ليطمئن دليلا على صدق الاتصال وقوة الاهتمام لكن نغمة هاتفي بوضع صامت فلم الحظ 20 مكالمة ما اشعل قلقهم ..
فكروا بمراجعة المستشفيات وثلاجات التشريح ..
خلالها كنت منهمكا بعدد الصيد والوان حباله وجمال حديث العامل الودي الذي غادرته لحظة رفع الاذان .
نحن الذين نخلد انجازاتنا في غربيل ونبيع اثارنا بسوق الخردة ونجمد تاريخنا لننحر العبر ..
وضعنا دساتير من الحبر مع هذا انتصر الجهل والفاقة وعدنا نستانف التهجي لنتعلم بناء دولة .
فلهذا ابد بحاجة للقراءة الخلدونية التي شوهنا جمالها ودقتها.
فماذا افعل وكل اسلحتي قلم تحاصره الكواتم وتجافيه العقول التي تتصدرها الغريزة
ستهتمون بصوري اشهرا او سنتين ثم تخنق في صندوق صديء او تلقى في سلة المهملات
فتعودون لانشغالاتكم وتنسون قبري لكنكم ستمرون بحكم الموروث كل سنة بماء الورد والعيون المجمّرة ثم تعودون لحياتكم . وبعد سنوات سيندر مروري في ذاكرتكم المرهقة بعدها يتقدم وحش جرافة صفراء عملاقة فتدرس قبري وقد اتحول جزيئة نسق في شجيرة اوجزء من اساس في بنايات سكنية .
الخلود بانصهارك اللحظوي ان ساندتك موهبة عميقة
لكن الخلود طرفة يتداوله سكارى .
ان تكون منحوتة في شارع رئيس او اسم شارع او علامة في عقار طبي مقابل حياة فاتكة يا لها من مهزلة
ان شهرصفاء روحي يعادل الف خلود .
هل انت سعيد لان لديك ابار نفط يحرسها نهابون وتتصارع لاجله العواصم والناس في القمامة
وحين تمر بك شريط العشيقات اللواتي انتصرت او اخفقت والاصدقاء جفاء او وفاء والاف الجلسات الجدلية العقيمة وخمسة وثلاثين رئيسا وتلمس اثار السياط والشظايا التي اخترقت بدنك والمجلدات التي جعلت دماغك في اختناق مروري والحقائق التي هزمتها حقائق اصفى ومئات المهرجانات التي حضرتها حتى ارتميت في عزلة كلية وارحت العظام ...
فلا يسعدك انهن مررن باعلى مراتب القلق لانك تاخرت في سوق قديمة لمدة ساعة ولكنك شاركتهن مهرجان الضحكات بعد عودتك وهن يسمعنك البصمات حولك بهواتفهن وتحليلهن الفلسفي لامر تافه
وذكرتهن بان يزرن قبرك ضاحكات مع قوري شاي وعلبة تبغ لانك واثق في قبرك ستكون لك اهتمامات اخرى ولن تستمتع باشهى مائدة يحملنها اليك وربما لا تتذكرهم .
تخطيت الخامسة والستين وسجلت نفسي كاخر ظل تبقى من شجرة العائلة,
اتوقع انهم سيذكروني كثيرا بعد رحيلي فقد اترعتهم ضحكا وحكايا ومواقف لا يمكن ان تجتازها ذاكرتهم .
وعلمت انهم سياتون لقبري ينوحون ويلطمون ويذرفون ويشعلون البخور ويريقون ماء الورد ويمضون مثقلين بالاسى , لكني حلفتهم ان ياتوا مبتسمين لاني بقبري نجوت من المحرقة التي اتوقع القبر اهون منها ..
اريدهم ياتون بلا مبخرة او دموع وتكون زيارتهم طقسا للافراح ومهرجانا للطرائف التي اسمعتهم صحيح فرهدت الطيبة ثلثي عمري لكني رحلتبضمير نقي ويد بيضاء فطوال فوضى الحروب والانتفاضات والانفلات عصمت فيها نفسي من التلوث ., فلم اخسر الا نزيف اضطرابي من خشية عليهم .
عند قبري قدموا قدح شاي ساخن ثخين لان شعاري ( ما دام جاي وتتن كل الامور تهون ) .
تلفنت احداهن الى اختها ( اين عمي ؟ )فاجابتها غادرنا من ساعة واتوقع وصل اهلي فتلفنت هذه للاهل فابلغوها اني لم اصل .. فاحترق الجوبين اخوات اربع وامهن وكان بيت كل واحد في قضاء ناء عن منزل الاخرى بقضاء اخر فاشتغلت التاويلات ( ربما عطش فمات حرقة ) قالت الاخرى ( ربما قضى وهو يصيد وكان متارقا في الليلة البارحة ) الثالثة فسرت وهي تنوح ( لا .. دهسته عجلة فسوا ق اليوم لا عيون لهم ).
ولان هاتفي خارج التغطية فقد طلبن من ازواجهن ان يتصلوا بي عبر الشريحة وكل واحدة سجلت بصمة زوجها وهو يهاتفني ليطمئن دليلا على صدق الاتصال وقوة الاهتمام لكن نغمة هاتفي بوضع صامت فلم الحظ 20 مكالمة ما اشعل قلقهم ..
فكروا بمراجعة المستشفيات وثلاجات التشريح ..
خلالها كنت منهمكا بعدد الصيد والوان حباله وجمال حديث العامل الودي الذي غادرته لحظة رفع الاذان .
نحن الذين نخلد انجازاتنا في غربيل ونبيع اثارنا بسوق الخردة ونجمد تاريخنا لننحر العبر ..
وضعنا دساتير من الحبر مع هذا انتصر الجهل والفاقة وعدنا نستانف التهجي لنتعلم بناء دولة .
فلهذا ابد بحاجة للقراءة الخلدونية التي شوهنا جمالها ودقتها.
فماذا افعل وكل اسلحتي قلم تحاصره الكواتم وتجافيه العقول التي تتصدرها الغريزة
ستهتمون بصوري اشهرا او سنتين ثم تخنق في صندوق صديء او تلقى في سلة المهملات
فتعودون لانشغالاتكم وتنسون قبري لكنكم ستمرون بحكم الموروث كل سنة بماء الورد والعيون المجمّرة ثم تعودون لحياتكم . وبعد سنوات سيندر مروري في ذاكرتكم المرهقة بعدها يتقدم وحش جرافة صفراء عملاقة فتدرس قبري وقد اتحول جزيئة نسق في شجيرة اوجزء من اساس في بنايات سكنية .
الخلود بانصهارك اللحظوي ان ساندتك موهبة عميقة
لكن الخلود طرفة يتداوله سكارى .
ان تكون منحوتة في شارع رئيس او اسم شارع او علامة في عقار طبي مقابل حياة فاتكة يا لها من مهزلة
ان شهرصفاء روحي يعادل الف خلود .
هل انت سعيد لان لديك ابار نفط يحرسها نهابون وتتصارع لاجله العواصم والناس في القمامة
وحين تمر بك شريط العشيقات اللواتي انتصرت او اخفقت والاصدقاء جفاء او وفاء والاف الجلسات الجدلية العقيمة وخمسة وثلاثين رئيسا وتلمس اثار السياط والشظايا التي اخترقت بدنك والمجلدات التي جعلت دماغك في اختناق مروري والحقائق التي هزمتها حقائق اصفى ومئات المهرجانات التي حضرتها حتى ارتميت في عزلة كلية وارحت العظام ...
فلا يسعدك انهن مررن باعلى مراتب القلق لانك تاخرت في سوق قديمة لمدة ساعة ولكنك شاركتهن مهرجان الضحكات بعد عودتك وهن يسمعنك البصمات حولك بهواتفهن وتحليلهن الفلسفي لامر تافه
وذكرتهن بان يزرن قبرك ضاحكات مع قوري شاي وعلبة تبغ لانك واثق في قبرك ستكون لك اهتمامات اخرى ولن تستمتع باشهى مائدة يحملنها اليك وربما لا تتذكرهم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


.
الفهرست

1 بيت الجمل
2 مذكرات العربة اليدوية
3 ليقنعها بالزواج
4 عرق السواحل او حجر القنفذ
5 الفيل الحجاب
6 جثتان بخنجر معكوف ورصاص
7 بقطع ساقه صار غنيا
8 ذ وذر كيم
9 بائع الجنائز
10 ورقة اليانصيب
11 اخيرا وجد الحل في الصراع الطائفي
12بعد قرن وفي اللحظة الاخيرة
13التوابيت
14اشلاء القنبلة اليدوية
15 ها هو يسعى وليس مسجى
16 مقابر يصنعها الصغار
17 صدمة الدرس الصامت
18 في انتظار الطبيب
19 نجاة من دهس واختطاف



#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاريع الرجل الضرير مجموعة قصصية
- الزواج من المتزوجة
- التصويت على الدستور لا يمنحه شرعية ان لم يكن عن وعي.
- كتابي البريكان مجهر على الاسرار وجذور الريادة ورقيا
- المعاجم لا تضيء دلالة المفردات
- كتاب المعرب للجواليقي معجم رائد
- بعد اكثر من ستين عاما قانون الاحوال الشخصية يصاب بنكسة .
- اعز من الابلق العقوق
- دور الكلمة في اللغة لاولمان
- كتاب الوجوه والنظائرفي القران الكريم
- تحقيق ديوان بن الاسلت
- العلامة السنهوري واضع الدساتير لدول عربية عدة
- الكاودائية ديانة تجمع الاديان
- تاريخ الضرائب العراقية
- البصرة عهد المغول الاليخانيين ج1
- كتاب الحوادث الجامعة والتجارب النافعة
- كتاب القبيلة الثالثة عشرة ويهود اليوم .
- مقاومة المجاعة بغزة بالشتلات
- بلا كهرباء ولا تكنولوجيا طائفة الاميش بامريكا
- لغة الجسد النفسية لجوزيف ميسنجر


المزيد.....




- سيارة توم كروز في فيلم -أعمال محفوفة بالمخاطر- قد تباع بـ1.4 ...
- اقتصادي يضع عدة تحديات للعراقيين الراغبين بالسكن في الاقليم: ...
- منهجية الاستبداد في تخريب التعليم الشرعي وتدمير الكليات الشر ...
- مهرجان لوكارنو يكرم شاه روخ خان لمساهمته -في إعادة تعريف الس ...
- كيف تتباين الروايات الغربية والإيرانية حول طريقة اغتيال هنية ...
- بصمات روسية مضيئة
- العاصمة الروسية تتحضر لمهرجان -يوم الرياضي في موسكو-
- فنان مصري يتصدر التريند بعد امتلاكه سيارة سعرها تخطى الـ100 ...
- منتزه فورونتسوفو يشهد العرض الأول للمسرحية الموسيقية -كنوز ا ...
- الـ (المدى).. رعاية استثنائية للثقافة العراقية


المزيد.....

- ديوان قصَائدُ لَهُنَّ / ياسر يونس
- مشاريع الرجل الضرير مجموعة قصصية / كاظم حسن سعيد
- البحث عن الوطن - سيرة حياة عبدالجواد سيد / عبدالجواد سيد
- Diary Book كتاب المفكرة / محمد عبد الكريم يوسف
- مختارات هنري دي رينييه الشعرية / أكد الجبوري
- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - بائع الجنائز مجموعة قصصية