أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابتسام لطيف الموسوي - وجوه - الحافلة -














المزيد.....

وجوه - الحافلة -


ابتسام لطيف الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 8059 - 2024 / 8 / 4 - 08:33
المحور: الادب والفن
    


"1"
لا أدري لما أجد في ركوب الباص متعة، ربما لأن في رؤية بعض الوجوه العابرة قد تمنح الفرد نوع من الهدوء والسكينة، وربما لأن الرحلات ليست مكلفة ولا تستغرق الكثير من الوقت.
في بعض الرحلات تتحول الرحلة الى عرض سينمائي، تجري أحداثه بلا ترتيب مسبق أو حتى حفظ للأدوار، شخصيات العرض ليست سوى أجساد بشرية لها عالمها الخاص، بعضهم كتاب مفتوح يسهل قراءته، والبعض الآخر صناديق مغلقة لا تخبر الناظر عما بداخلها، وبعضها تُرى من النوافذ فقط، نلمحها عندما يسير الباص الى مقصده.
"2"
القليل من تلك الوجوه كانت محملة بمعالم السعادة، تنثر على الطرقات بعض البهجة، كذلك الوجه الصغير الذي يجلس في أحضان أمه مبتهجاً باستكشافه العالم.. كنت أجلس بعيداً عنه، أفكر في إحساسه بما يجري حوله، والذي ربما لا يساوي شيئاً بالمقارنة مع أنامله الصغيرة، فتارة تكون مادة للتذوق، وتارة أخرى يتحول لمسها الى دافع للاستكشاف، لكن بعض الأحداث قد تثير انتباهه لبعض الوقت.
اقتربت وجلست بالقرب منه عندما سنحت لي فرصة في الجلوس خلفه، ونجحت في إثارة اهتمامه لأبدأ بملاعبته قليلاً، لأنه وقع ضحية غفوة عانقته في ظل فوضى رحلات الباص، وما هي إلا دقائق حتى غادرت تلك الأم مع طفلها ذو الوجه الجميل، ليجلس في مكانها رجل عجوز، يصارع كل قوانين الفيزياء للقيام بأيّة حركة، وعلى وجهه بسمة بنكهة من الحزن، وكأن حاله يقول " لا زلت حياً.. لكنني انتظر الرحيل".
"3"
كل الوجوه العابرة لم تكن تلتزم الصمت إلا ظاهراً، فالكلمات المسجونة كانت تهرب عبر العيون لتترك أثرها على تقاطيع الوجه.. النظر في تلك التفاصيل الصغيرة يجلب متعة الاستماع الى حكايا حدثت في الماضي الذي كان بإمكانه أن يكون أفضل، وكان بمقدوره ان يتناغم مع الأحلام والأماني التي لم تجد لها وسيلة لتتحقق، لكن بعض الحكايا تثير في النفس مشاعر أخرى تدفعني لمشاركة الآخرين حزنهم، وربما هذا ضريبة الفضول الذي  يدفعني للنظر في الوجوه.
"4"
فجأة ، جلست بجانبي سيدة عجوز، والتفتت نحوي قائلة "يبدو أنك مثلي.. تركبين الباص لمراقبة الناس فقط، كُنت مثلك في الماضي، لكنني مللت من تكرار الحال، فالكثير من الوجوه تتشابه حتى في حكاويها، ولأني فضولية مثلك، جربت تغيير الأساليب لعلي أجد ذات المتعة الأولى، وللأسف لم أحصل عليها حتى اهتديت صدفة لما سأخبرك به"، ولم تنتظر مني رداً، إذ سارعت الى إكمال حديثها" وقبل ان أتحدث.. أريدك ان تغمضي عينيك وانظري بقلبك لما حولك... حاولي ان تسمعي ما خلف الأصوات.. فليست كل الكلمات تعني ما نعرفه من معنى، لا تخبريني بما ستسمعين، فكري فقط.. وانتظري سماع أحدهم "
لا أنكر أنني احتجت لبعض الوقت قبل ان أتمكن من سماع أصوات من حولي، لكن الأمر نجح في آخر المطاف، إذ بدأت أرى وجوه مختلفة عن تلك التي عرفتها مبصرة، وبدأت أسمع نبض القلوب وهي تتحدث عن أسرار لا يمكن ان تروى لأحد. وعندما فتحت عيني لأخبر تلك السيدة بنجاح التجربة، وجدت انها قد اختفت وجلس في مكانها فتى، اعتقد انه قد ظن بأنني مجنونة.



#ابتسام_لطيف_الموسوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاولة للكتابة - 27-
- محاولة للكتابة - 25-
- محاولة للكتابة - 26-
- الى تلك الزهور التي قتلت غدراً
- محاولة للكتابة - 24-
- محاولة للكتابة - 23-
- محاولة للكتابة - 22-
- محاولة للكتابة - 21-
- محاولة للكتابة - 20-
- محاولة للكتابة - 19 -
- محاولة للكتابة - 18 -
- محاولة للكتابة - 16 -
- محاولة للكتابة - 17 -
- محاولة للكتابة - 14 -
- محاولة للكتابة - 15 -
- محاولة للكتابة - 13 -
- محاولة للكتابة - 12 -
- محاولة للكتابة - 11 -
- محاولة للكتابة - 10 -
- محاولة للكتابة - 9 -


المزيد.....




- متاحف قطر تفتتح معرض -الفكر الأولمبي: قيَمٌ وقمَم-
- بعد غياب 6 سنوات.. كاظم الساهر يشعل مسرح قرطاج
- ما مستقبل العلاقة بين الغرب الإمبريالي والثقافة الدينية؟
- “لينك فعال” نتيجة الثانوية العامة قسمي العلمي والأدبي 2024 ف ...
- نادي الترجمة في اتحاد الأدباء يخرج بتوصيات لتفعيل نشاطه
- درنة بين البحر والسدين.. حكايا ذاكرة مبللة لمدينة رماها الما ...
- لِمَ العرف يقضي بارتداء الكوميديات أزياء محتشمة على خشبة الم ...
- بالاسم ورقم الجلوس …رابط نتائج الثانوية العامة في اليمن العل ...
- مؤشرات تنسيق الثانوية الازهرية لكليات العلمي والأدبي 2024
- -البيوت الروسية- حول العالم تبدأ بعرض فيلم -التاريخ المختصر ...


المزيد.....

- مشاريع الرجل الضرير مجموعة قصصية / كاظم حسن سعيد
- البحث عن الوطن - سيرة حياة عبدالجواد سيد / عبدالجواد سيد
- Diary Book كتاب المفكرة / محمد عبد الكريم يوسف
- مختارات هنري دي رينييه الشعرية / أكد الجبوري
- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابتسام لطيف الموسوي - وجوه - الحافلة -