محمود حمدون
الحوار المتمدن-العدد: 8050 - 2024 / 7 / 26 - 00:59
المحور:
الادب والفن
" بوس الايدين "
=====
نقطة اللقاء عفوية, أو غير مقصودة, أو كما أكد آخرون من أنها وقعت دون ترتيب. على العموم ليست مهمة المترادفات أو المسميات, بقدر وقوفنا شهود على لحظة فارقة لم نمر بها من قبل.
سيارة أجرة " سرفيس" تحمل فوق طاقتها من الركاب, اندلع بينهم وبين السائق شجار حول الأجرة الجديدة بعد رفع أسعار الوقود, تطايرت خلالها شتائم, سباب, طال آباء وجدود الكل, سرعان ما تطوّرت الخناقة إلى نزال بالأيدي والأرجل بعدما توقفت العربة أمام مقهى يتوسط شارع الورشة.
غير أن الخناقة تاهت وسط شجار آخر أكثر عنفًا كان قد نشب قبل دقائق على استحياء بين روّاد المقهى, بين أنصار الأهلي, مشجعي الزمالك. اتهامات, تعاير بين البوابين والبقالين, تحقير هنا, تصغير هناك, ثم اشتعل الموقف, تطايرت الأكواب, تكسّرت الفناجين, أصاب الشاشة الكبيرة كرسي طائر, أحدث فجوة في منتصفها, على رغم ذلك ظلت تعمل, تنقل المباراة الدائرة وإن انبعجت الصورة قليلًا, تحشرج الصوت كثيرًا.
خناقتان ارتفعتا لعنان السماء, الكل يلعن الكل, لكن لم يتطرق أحد إلى سبب المشكلة, لم يقتربوا ولو مسافة شبر ممّن أذاقهم العذاب والهوان. ما دعا ذلك السماء أن تصم آذانها عنّا, تغلق أبوابها دوننا.
فقط بعثت لنا برسالة بخط ثُلث جميل لم يخل من التشكيل حتى لا نؤوّل المعنى على خلاف المقصود, قرأناها بوضوح بين السحب, على حوائط غرف النوم الغارقة في الإضاءة الخافتة, حتى طغت على الآهات المتصاعدة بتأثير السيلدينافيل.
كذلك رأيناها في أحلامنا القليلة, كوابيسنا التي تصحبنا مع حلول الظلام حتى الصبح من كل يوم, كانت تطن في آذان العميان منّا, كما سمعها من يجهل القراءة والكتابة, جملة مقتضبة فرضت نفسها على الجميع, لم يهرب من عنفوانها أحد.. عبارة واحدة تقول: " بوسوا ايديكم وش وضهر "
#محمود_حمدون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟