أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - خليل الشيخة - الإستعمار سبب تخلفنا














المزيد.....

الإستعمار سبب تخلفنا


خليل الشيخة
كاتب وقاص وناقد

(Kalil Chikha)


الحوار المتمدن-العدد: 8045 - 2024 / 7 / 21 - 19:24
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


الإحتلال والإستعمار والغزو قدر بشري لامفر منه. فقد ذبح البشر بعضهم بعضاً منذ فجر التاريخ المكتوب وغير المكتوب. أنه سلوك حملته البشرية من أسلافها الأقل عقلاً وأكثرها نشاطاً للغرائز. فقد درست الباحثة الإنثروبولوجية البريطانية جين غودال Jane Goodall سلوك الشمبانزي والغوريلا لسنين طويلة واكتشفت أنها تعيش في مجموعات مثل البشر وعندما تقوى جماعة منها، تهاجم جيرانها وتقتل الذكور منهم وتبقي على الإناث. هذا السلوك العدواني غالباً ما كانت تستغرب منه الباحثة. فسّر بعض الباحثين هذا السلوك بأنه موجود في جيناتها يدفعها للقضاء على جيرانها بسبب الصراع على الموارد الطبيعية. هذا حال البشر، لافرق عن هذه الحيوانات البدائية. فقد شكلت الحروب البشرية مانراه اليوم من دول ومجتمعات وابادات بشرية هي كما عرفنا قديمة في صراعها على الموارد الطبيعية والأرض، فقد اختفت حضارات بكاملها واستبدلت مجتمعات بشرية بكاملها. قال أحدهم إذا أردت السلم فاستعد للحرب.
بعد هذه المقدمة اللازمة، نقول أن الحرب والإحتلال جزء من النشاط البشري، وليس هناك دولة على وجه الأرض إلا وقامت باحتلال غيرها أو أحتلت (بضم الهمزة) من قبل غيرها. إذا فهمنا هذا فيسهل علينا فهم مايجري لنا الآن وماجرى لنا في الماضي.
هناك مجتمعات تستفيد حتى من أسوء الظروف التي تمر بها وهناك أخرى عاجزة على ذلك. فقد استفادت كوريا الجنوبية من الإحتلال الإمريكي وأصبحت من الدول المتقدمة على المستوى العالمي، أو باختصار هناك النمور الأسيوية، كانت متخلفة أكثر منا والجميع يلعب بها من قوى أوروبية وغيرها لكنها اجتازت الإحتلال وحسنت من وضعها واقتصادها.
حتى اليابان، كانت دولة في غاية التخلف في القرن الثامن عشر، فقد وقف جنرال البحرية الأمريكي ماثيو بيري على شواطئها مهدداً إذا لم تقبل عقد معاهدة مع بلاده. واستعرض اسطوله المزود بالمدافع الحديثة ووقف فرسان الساموراي مشدوهين وهم يلوحون بسيوفهم. لكن أدركت قيادتهم أنه لامجال للإنتصار بين فروسية السيف وحمم المدافع، فرضخت اليابان لطلب الولايات المتحدة صاغرة، ثم استفادت وأدركت الهوة الواسعة بينها وبين الغرب. وعندما تحضرت وقوي عودها رجعت لسابق عهدها باحتلال جيرانها والاستفادة من ثرواتهم. لكن لاشك أن الأقوى والمستعد للحرب سيربح، فأخضعتها الولايات المتحدة مرة أخرى بعد مجزرة مرعبه في مدينتين، وأدركت اليابان مع المانيا أنه لامفر من الاستسلام والرضوخ للأقوى. وأكاد أن أقول أن الحروب هي التي صنعت التاريخ البشري قديماً وحديثاً.
ومجرد مقارنة بسيطة، فقد فعل نابليون ذات الفعل عندما وقفت قواته على شواطئ مصر، ورقص وتقافز المماليك في سيوفهم ظناً منهم أن الرجولة والفروسية هي التي تقرر النصر. لكن كانت مدافع نابليون هي التي حسمت الحرب. هل استفادت مصر من نابليون، نعم، فقد أسس محمد علي مايسمى بالدولة الحديثة وحاول منافسة الدولة العثمانية المريضة، لكنه فشل في حربه ضد العثمانيين، لأن اوروبا كانت أقوى منه ومن الدولة العثمانية. فقد حجّموه وسارت مصر في ازدهار بعصره وكانت مؤهلة لتكون مثل اليابان، لكن مع الأسف لم تصبح مثل اليابان، وانحدرت أكثر فأكثر بعد الانقلابات العسكرية المتتالية.
خلاصة القول أن الإحتلال والغزو وأطماع البشر هو جزء لايتجزء من النشاط البشري، فإذا لم تستطع مواجهة الموجة الهائجة، فعليك أن ندعها تمر بأقل الخسائر.

نحن بكل أسف شعوب لها ذاكرة الأسماك، أو بلا ذاكرة، فما إن بنينا شبه دول حتى نشطت عندنا الإنقلابات العسكرية والصراع المميت على السلطة. وأثبتنا أننا شعوب تحمل الكثير من العدوانية. ولأننا لانستطيع تحويل هذه العدوانية ضد الغير من الشعوب بسبب ضعفنا، حولناها ضد بعضا البعض. فأنظر ماذا يحدث في السودان وسوريا واليمن والعراق. فكل مايحدث ليس صدفة، بل هو مستمد من ثقافة عدوانية مرعبة نحملها في داخلنا.
هل أستفادت دولة عربية واحدة من الإستعمار أو الإنتداب الغربي وبنت دولتها وبلدها وعملت من أجل أوطانها. بل على العكس، فإن النزعة الفردية العدائية وثقافة الغنيمة مازالت سائدة. تماماً كما قال المفكر المغربي محمد عابد الجابري أن الغنيمة والقبيلة أساس من أسس العقل العربي، وهذا أهم الأسباب التي لم نستطع فيها بناء أوطان أو دول صحيّة لأن من أصغر موظف إلى أكبر مسؤول لايفكر إلا بالهبش والغنيمة خلال وجوده في السلطة
. هي ثقافة تتوالد وتؤثر في صياغة عقولنا. لذلك، فهو مضر جداً أن نرمي فشلنا وفسادنا على الإستعمار والإمبريالية، لأن العيب فينا، أو كما يقول المثل السوري (دود الخل منه وفيه).

أخيراً، أريد أن اورد قصة في غاية الأهمية لفهم سلوكنا وفشلنا كشعوب وأنظمة. عندما كان الدكتور بشير العظمة السوري وزيراً للصحة في الجمهورية العربية المتحدة أيام الوحدة بين مصر وسوريا، قام الرجل مع معاونه بجولة ميدانية على المشافي في أطراف القاهرة. وجد أول مشفى مغلقاً، فسأل البواب فرد أن الدكتور لايأتي حتى الساعة الحادية عشر ظهراً، ثم سأل أهل البلدة عن الخدمات التي يعطيها المركز الطبي فقال أحدهم أنهم أعطوا دواءّ للجاموسة، فماتت بعد يوم وعالجوا طفلاً بمرض بسيط فمات بعد يومين. ثم زار مشفى معروفاً فوجد القذارة والوساخة منتشرة في أرجاء المشفى. أما المرضى فقد جمعوهم في غرفة واحدة بجانب بعضهم كأنهم في سجن، والبعض الآخر نائم على الأرض. عندما أجتمع مع حبيب الملايين عبد الناصر بعد أسبوع روى له ذلك الفساد والتسيب في المشافي، فرد عليه: هذا كلام غير صحيح أنا شفت هذه المشافي منذ شهر وكانت كلها على مايرام، فقال له العظمة: ياسيادة الرئيس الزيارات الميدانية مسبقة المواعيد دائماً ماتكون كاذبة وخادعة.

أي عوضاً عن مكافأة الرئيس للوزير على اجتهاده في كشف الفساد وتقويمه، يغطي على الفساد. أما أنا فمتأكد أن كل منا لديه قصة طويلة أو قصيرة عن الفساد في بلده.



#خليل_الشيخة (هاشتاغ)       Kalil_Chikha#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غوركي: بين الناس
- من غشنا ليس منا
- غوركي وطفولة النكد
- رمزية بلد العميان
- جرة الماء والسقا مات
- ذكريات المعرجلانة
- زيارة إلى مصر
- الجبنة المدوّدة ومحاكم التفتيش
- الشيوعية إلحاد وزندقة
- المعذبون في الأرض
- فنون التسوّل
- صندوق العجائب
- في التشحير والتجريس
- معرض القرد والضبع
- علي الخليلي والفجر الأدبي
- قمة عربية اسلامية مباركة
- نادي الصداقة العربي الأمريكي
- القدس عروس عروبتكم
- توتي وفروتي
- صطّوف ولطّوف


المزيد.....




- انسحاب بايدن: هاريس تتأهب لـ-الفوز- بترشيح الديمقراطيين وسط ...
- بعد انسحاب بايدن.. كيف سيختار الديمقراطيون مرشحهم الجديد؟
- هل تنافس ترامب بعد انسحاب بايدن.. من هي كامالا هاريس؟
- مشهد يحبس الأنفاس.. سقوط فتاة من الطابق الـ13 في نوفوسيبيرسك ...
- إعادة تشغيل خط قطار الشحن الدولي بين إيران والصين
- بعد قرار تاريخي من بايدن.. ما حظوظ هاريس أمام ترامب وأبرز تح ...
- محللان: الحوثيون سيردون على إسرائيل باستهداف مراكز إستراتيجي ...
- العديد من الديمقراطيين يدعمون هاريس في السباق الرئاسي.. و-ال ...
- البدلاء المحتملون لبايدن بعد انسحابه من السباق الرئاسي
- في أول تعليق على انسحاب بايدن.. جي دي فانس يهاجم هاريس


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - خليل الشيخة - الإستعمار سبب تخلفنا