أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصار يحيى - على أوتار الطوفان يعزف غسان الجباعي، أنشودة مدينة ثكلى، صدأت بها سنوات الخريف..















المزيد.....

على أوتار الطوفان يعزف غسان الجباعي، أنشودة مدينة ثكلى، صدأت بها سنوات الخريف..


نصار يحيى

الحوار المتمدن-العدد: 8041 - 2024 / 7 / 17 - 22:16
المحور: الادب والفن
    


كانت السحاب تنحني للحروف، عندما احتضنت ريشة فنان، اسمه جفان؛ إحدى الشخصيات المروي عنها وعن نفسها، ستزور الكاتب في غرفة نومه، تسافر به إلى هناك إلى فروع الأمن وسجن تدمر الصحراوي..
داهم عري النهار هند، قذفت بنفسها وفستانها الابيض، الى القبو المعتم في داريا المصلوبة على رأسها، قدماها مشرعة الى الصمت: هل كان هناك سقف درج هُتكَ به، لطالما همستْ تلك الأزرار: أنها فقدتْ عورتها!؟
يحبو فرج "عَرسا"، على أرصفة غرف التحقيق ومفترق الزنازين.
ولدَ من أكثر من "أبٍ"، تُغتصب أمه، تموت بعد قليل من ولادته..في مكان آخر من النسيج، يقال أن أمه كانت حامل بشهرها السابع..ولدته هناك، قبل ان تراه كانت روحها تذهب بعيداً..
ينادوه"عرسا"، بتهذيب عالي الشدة تخفيفا لـ "عرصا". يضعونه بين أحضان السجينات النساء، يصبحن كأم له، عندما يبدأ النطق يخاطبهُن"مه" ولهؤلاء الآباء "السجانين" ب "به"..تخيل هذه الطفولة..تعجز المفردات عن لملمتها حتى كلمة لقيط، تخرجُ هاربة إلى الحواري المعتمة.
"عَرسا" تطلق عليه كبيرة السجينات اسم فرج الله..
بعد خروجه من السجن مع أحد أصدقائه، يعود به "المنفى" لا هوية ولا حنين وطن ولا بكاء على الأطلال..وحده شيخ جامع يتلقفه ويدعه ينام هناك، إنما قبل ذلك يسميه: فرج عبد الله..لكن للجامع طقوس قهرية، تطلب منه الولاء والطاعة والانتماء للمعتقد، لم يكن يتوقع الشيخ، أن فرج تعلم القراءة في السجن، تعلم اللغات الاجنبية من خلال معلمه (جفان)، والاهم من ذلك تعلم أن يمشي في حارات تنفتح على آفاق أخرى؛ كان معتقلاً مع الإسلاميين، تمرد عليهم، ترك الصلاة: اعتقوني..هكذا صرخ إنما بصوت حفيفٍ..
لم يكن بامكانه حتى ان يرى ظله؛ الأضواء صفراء في تلك السراديب..
جفان الفنان التشكيلي، العاصي على الحياة وعصية به، يقوده مصيره الى المعتقل، لإنتمائه اليساري المعارض..
هناك في أقبية الزنازين، كان يسمع حفيف حبو الطفل "عرسا".. جفان في العقد الثاني، (عرسا/ فرج) في السنة الثانية..
بعد سنوات عجاف يُرّحلان الى سجن تدمر. إنما في مهجعين مختلفين: جفان عند رفاقه الشيوعيين..فرج بمهجع الإسلاميين؛ رافقته التهمة قبل أن يولد، أمه رهينة عن زوجها المنتمي للإخوان المسلمين..
في صيدنايا حيث "استراحة" المعتقلين القدامى..يلتقيا..من صوته تذكرهُ جفان وكانت هنا الصدمة..حفر الصوت بأعماق جفان..عاد الطفل "عرسا" بصوت جفان..وكانت بداية الانهيار النفسي..اعتكف..صرخ..أطلق مكبوتاته بالشتم الحاد على السجانين واعوانهم واحبابهم، ووصلت به إلى السماء العلا حيث شخص الحاكم..
"يمسكُ عصا المسّاحة يطلق النار منها.."
يكتمل المشهد السريالي بأبعاده الذهانية الناطقة بانفصام كلي عن الواقع.
يخرجان من السجن..بصدفة يلتقيان من جديد ..يصبح فرج هو المرشد والمنقذ لجفان..يعاودان متعتهما العتيقة بالرسم؛ كان فرج قد تعلم من جفان الكثير ومنها الرسم..في قبو منهمك الأضلاع في داريا القريبة من دمشق..صار مرسمهما..تتراكم اللوحات..جفان اعتكف الصمت..يخرج عاليا ويرمي بنفسه..يقال أن آثار انفجار ما قد فتكَ به..
-لطالما تتسلل حالة داريا المدمرة، بزمن جديد مستطيل، لسنوات خلتْ، عندما كان جفان نزيل سجن تدمر مع ثمانينات القرن الماضي..-
هل كان بإمكان السردية هنا أن تتوقف عند انتحار جفان كما هو منسجم مع شخصيته؟
دعونا نتخيل أن جفان وصل الى مرحلة اللاجدوى من كل شيء، الى الخواء. لربما داعبه الشعور بأنه منسيٌّ، مما قد أفضى به للحظة القفز الى هناك الى الموت. هل وصل إلى الغثيان، كما بطل سارتر (روكنتان)، حيث الشعور بالغثيان:
لا جدوى لا من الكتابة ولاغيرها..جفان كان يستعين بالرسم..
-ينتبه قارئ آخر أن هكذا نهاية، قد لامست طريقة انتحار نسيم، رواية القوقعة/ مصطفى خليفة..-
دعني لا اوافق هذا التناص..وايضا ليس المهم انه شخصية متخيلة من خيالات (هند/ طهران..). نُسجت الشخصية بخيوط من نول استمد عناصره من تجربة معاشة، قد التحمت مع تجربة الكاتب السجنية (غسان الجباعي).
هند ..ميساء..طهران زهر تابان..
يختلج السرد بأبعاده التجريبية، بإيجاد شريك للسارد الروائي..تتناوب هذه الشخصية النسائية بتعدد أسمائها الثلاثة (هند، ميساء، طهران زهر تابان)..
هند العاشقة للفنان..ميساء زوجة الجنرال..طهران الاسم الحقيقي لهند، عندما اعترضتْ على الروائي: أنا اسمي طهران زهر تابان..يحاول الراوي إخبارنا عن مدلولات هذا الاسم هل يمكن أن يكون من طهران العاصم الايرانية..أم من الطهر..طهران بكنيتها هذه يحيلنا الى لغة أخرى، هل هي فارسية؟
.أصل تابان فارسي بمعنى اللامع والمضيء..
من اللحظات الأولى للسرد تظهر هند / طهران، بصيغتها الغاضبة:
"لا ياسيدي الكاتب، ليس حلماً ولا كابوساً..لم أكتشف أني عارية..حياتي هي الكابوس..
أسميتني هند وأنا طهران زهر تابان..تزعم أنكَ تعرفني..تجعلني أزور ذاك القبو (المرسم) في داريا وأنا بفستان أبيض..لم ألبس بحياتي فستان ..يكتمل وصفكَ: "..من سوء حظها علق قضيب حديدي بذيل فستانها..انشق الفستان الابيض.."
تتجرأ وتتهمه أن هذا السرد عنها، إنما تعبير عن رغبات مكبوتة دفينة لرجل شرقي، ليس الوحيد هو وأمثاله من الكتاب العرب، يخاتلون نصوصهم كي يعبروا عن مكنوناتهم..هل يمارسون الاغتصاب؟
مثلهم كمثل الجنرال وأعوانه، في تلك السراديب المعتمة، حيث النساء المعتقلات، اللاتي اتهمن بصرخة الحرية، أو أنهن رهينات عن أخ أو زوج او جار مرّ من تحت نافذة بيوتهن..
تقول له: "تتخيلني عارية..هل تشعر بمتعة وأنتَ تصفني كيف أتلمس أعضائي..ماذا تريد أن أفتح ساقاي وأمارس لذة أمامكَ.."
-دقيقة غير صامته..يتراءى للقارئ فلة أبو عناب إحدى الشخصيات في رواية وليمة لأعشاب البحر/ حيدر حيدر -
تُعاود الصرخة: "هل سئمتَ من أدب السجون..؟".
يشعر الكاتب بأنه تخلى عن هؤلاء المعتقلين بين عصري (الآب والابن)، ينتابه تأنيب ضمير عالي الشدة..
يوحي لها؛ هي الشريكة في السرد، أن تكتب عبر رسائلها، كي تكتمل تلك الدورة، على بساط عود أبدي يتكرر..
كما مر معنا أعلاه، بحبشت في دفتر مذكراتها فوجدت تلك التفاصيل، عن جفان وفرج الطفل الذي وُلد هناك، لا أب ولا أم إنما السجانين آباؤه والسجينات أمهاته..
فرج الله: اعتادت لغتنا المحكية التي تراعي الخوف أمام مصادر الرعب، وحينما تتكالب عناصر الموت المعمم، اعتادت القول : الله يفرجْ..جملة حيادية يقولها صاحبها وهو "مرتاح الضمير" لن يأتي زائر ليلي ويسأله ماذا تقصد؟
فرج الله هل يشبه معقل عند هبة دباغ بروايتها (خمس دقائق فحسب..)؟..أيضا هل تعرفّ فرج على الطفل الذي تكلم عنه ميشيل كيلو الذي ولد بأحد الفروع..؟
هند / طهران..رافقت الطفل في شتى مراحله العمرية، لخروجه ناضجا يحاول مساعدة جفان في الخروج من أزمته النفسية..بهذا المعنى انفردت قمل العانة بلسان الساردة أو الكاتب (غسان) على التمايز، بحيث تشكلت لدينا هوية من نوع ما: سيقول الراوي على لسان "الشريكة" الساردة: رغم هذا الشقاء، وتلك الطفولة التي لامثيل لها في الحياة، ستصبح أحد أهم المنقذين لجفان..لكنها لم تستطع إنقاذ جفان من نهايته المأساوية..
هل تدخل الكاتب هنا بشكل سياقي، كي يقول أن هذا الطفل / الشاب فرج عبدالله، باتَ شخصية متوازنة ومؤهلة أن تكون فاعلة في حياتها..
لن يقف الكلام عن أدب السجون عن الماضي (جفان وفرج الله)، سيتم الاستغراق بالتفاصيل، عن الاقبية التي تزامنت مع داريا الثكلى؛ رمز الحراك الذي حصل في سوريا (2011)..
تظهر شخصية جديدة اسمها ميساء أخت هند/ طهران..تتزوج الرائد الارمل، هي بعمر الثامنة عشر، ترتقي الرتبة تصل للعميد مع الانتقال الى أعلى مركز قرار (رئيس فرع أمن)..العميد لايريد أطفالٌ جدد، لديه أولاد "ولله الحمد"، كل وسائل المنع استعملا، باءت بالفشل، لم يبقَ الا "تعقيم الرحم" الذي يعني موتا بين شظايا البيوض..هذا الذي سيسبب لها سرطان الثدي..ميساء الشاهد الحاضر الغائب، على شخصية الجنرال، لديه رهاب الفئران والصراصير..
علاقته بها علاقة اغتصاب من اللحظات الاولى "لشهر العسل" اللا جميل..يكتمل الاغتصاب عندما ينقل لها ذاك القمل؟
إنه قمل العانة يعشش بين الشعيرات، ينتقل عبر النشاط الجنسي..
تشعر بالحكة..يتراءى لها تلك القصص عن اغتصابهن في أقبية الفرع..لم تكن تصدق أن هذا القمل سيذهب إليها طائعا مطواعا..بعد جهد جهيد اكتشفت أصل البلاء، تصرخ باعلى صوتها: "وجدتها". كما صرخة (أرخميدس) الشهيرة.
كانت قد وجدت "سربٌ" قمليٌ، يتنقل بين حاجبه للعميد، يشعر باللذة من امتصاص دمه..لربما كانت تلك القملات، تقول له: كما فعلتَ بالأخريات من النساء، إننا نحن معشر القمل ننتقم لهؤلاء اللاواتي فعلتَ بهن العجائب..
عود على بدء
تختلط ضمائر السرد بينه (الكاتب) وبينها (هند)..في مقطعه الأول؛ الرواية تتألف من تسعة مقاطع.
يبدأ بالسرد عنها..كيف ذهبت الى القبو (مرسم جفان) في داريا..يسترسل بالوصف..نتفاجئ بمزدوجتين، مما يضعنا أمام تسلل هادئ من الساردة (هند): "أنا لا أخاف شيئاً كما أخاف الفئران..جفان كان يرفض قتلها.."
صوتٌ صارخٌ من القبو: اطلعوا لبرا..كان جفان عارياً محشواً في فراغ ضيق..مقيد اليدين..وجهه يشبه وجه فأر..بدت أعضاؤه التناسلية نافرة جداً..لم يكن عضواً تناسلياً ..فأراً حقيقياً سميناً..يختبئ بين ساقيه..
تتحرك اللوحة، فرج يستغرب أن ذلك من خيال وأوهام هند..تعاود الأسطورة القديمة حكايتها: بنجامليون ولوحته الشهيرة جالاتيا..تأتي في سياق حوارهما الكاتب وهي (هند). يحتج بشار بن برد قائلاً: طال في هند عتابي واشتياقي..
يسألها: "هل ستكونين من لحم ودم، أم خرافية من زجاج كما تلك اللوحة (جالاتيا)؟".
لم تحرْ جواباً..تستكمل: "..هل تجيد القنص والغوص في أعماق النفس البشرية، كما فعل دوستويفسكي؟
وسؤال آخر: هل تتحرك الأشياء داخل اللوحات؟
تعود هي لتنتبه أنه في مكان ما، أشار ألى لوحة (جالاتيا للنحات بجماليون). هذا النحات الذي كان يكره النساء..دفعته رغبته بعد أن رسم تلك "المرأة من عاج"، أن يجعل منها موضوعه الوجداني، والجنسي؛ إلامَ ذهبَ الكبتُ إلامَ!؟
استحضار هذه القصة الأسطورية اليونانية، تكرر كثيرا مع الأعمال الادبية في القرن الماضي: برناردشو 1912. توفيق الحكيم 1942..ثم سنجدها عند الكاتب الإيراني الوجودي صادق هدايت بقصته الدمية ..
ومن الملاحظ أن كل منهم جعلها نموذج مختلف عن القصة الاصلية.
يهمنا هنا استحضارها بقمل العانة؟
سوف أذهب بعيدا في الغور النفسي، نحو طرقٍ أخرى وعرة ببعض الحصى:
هند، طهران، ميساء. ترسمُ لوحة متحركة بداخلها جفان الحبيب المشتهى، لطالما تلك العلاقة المغتصبة الشرعية مع الجنرال، جعلها تطفو مع استيهامات جنسية، "جالاتيا" إنما اسمه جفان..
ذاك الزواج الشرعي، وضَعها بمكان هي من سيغتصب " القضيب أو "العزيز" بلغة الرواية، يغتصب "كرسيه" فأرأً كبيراً..
هل هي تثأر لنفسها كامرأة أُعتصبت ْ عديد المرات، ابتداءا من ليلة الدخلة مرورا بتعقيم رحمها، وانتهاءا بلك القملات البلهاء اللاتي انتشرنْ على عانتها..
/ مشهد سريالي يرخي لنفسه العنان؛ "علينا أن نتذكر أن الكاتب يخاطب الساردة بأكثر من مرة: هل أنتِ مسرنمة?
كما هو معروف المسرنمة، من السرنمة السير أثناء النوم.
. هل تذكرتَ صديقي القارئ: رواية المسخ لكافكا، وكيف تحول بطل الرواية (جريجور سامسا)، إلى صرصار. كان المسكين يحضّر نفسه إلى الذهاب إلى عمله
في أكثر من مكان في سردها، تحاول (هند) تعريف الرجولة بمفردات خارج سلطة "العزيز" المطلقة:
"الرجولة لافي الخصيتين ولافي تيك الزائدة "القضيب/ العزيز"..جفان لم يكن رجلاً كان رساماً.."
يا قملَ العانةِ اطلق لجامَ غضبكَ:
كلمة القمل هي جمع قملة المؤنثة، ولا يلغي ذلك جمعها بالقملات. {جمعاً مؤنثاً سالما خاليا من الشوائب والفضلات}
تتضايف مفردتي قمل مع العانة بصيغتها الذكورية، هي من يغتصب العانة المؤنثة..تكتمل دائرة الاغتصاب، بانها لن تكتفي بنسائها الضحايا، إنما أيضا للمغتصبْ الذكر صاحب "الرجولة" الرعناء..هل تثأر القملات لضحاياها؟
أما وقد اقتربت النهاية:
لابد من الوقوف مع هذا النمط التجريبي من الكتابة
في البدء كقارئ يجذبني كثيرا الكاتب الذي يخرج عن المألوف، عن صيغته التي اعتادها..
الجديد في هذا السرد (قمل العانة)، هو هذه الثنائية المتخيلة بين الراوي وتلك المرأة (هند)، التي تَعرفَ إليها بالصدفة عن طريق الرسائل..
استطاع الكاتب الروائي غسان، أن يقنعنا كقراء بهذا النسيج المشترك، لدرجة أنكَ تستحضر بينك وبين نفسكَ، رواية عالم بلا خرائط.
تلك التي اشترك بها جبرا إبراهيم جبرا وعبد الرحمن منيف.
بهذا المعنى وصل المتخيل السردي إلى مصداقيته الروائية.
في أكثر من مكان حاولت قمل العانة، إخبارنا أن هناك بعض "العثرات" في تعدد أسماء هند:
في سؤاله عن شخصية ميساء المفترضة.."أعرف أنها كانت وحيدة -قاصداً هند- على لسانها كنت وحيدة أمي وأبي..كيف تمكنتْ من اختراع اسم ميساء..؟
لا تتقن الرواية الكذب..لأن العين التي تكتبها واحدة، أما العيون التي تقرأها فهي أكثر بآلاف المرات..".
هذا التمييز بين القراءة والكتابة مهم جدا، لكن هل كان عليه أن يشرح لنا هذه "الغمامة"؟
اتركني كقارئ أعيش لحظات التيه، شطر اللاجهات، أرسم ملامح الشخصية وفق لحظة اندهاشي...
هل كان بإمكانه أن يتركها، فجوة سردية، تدعو القارئ أن يطوف حولها؟
ربما الراوي هنا مسكون بهاجس آخر: أن هذا ليس إلا "تخييل" من قبلها.. وحرصه الدائم على إيصال رسالة: ليس هناك أي إيهام فني؛ خيط عتيق..تشتتَ بضعة طرقات..عاد إلى السرد.. همسات عتيقة من مسرح بريخت التغريبي: لا إيهام فني ولا من يحزنون.
بعض الختام:
الرواية عبارة عن تسعة مقاطع، دون عنوانين إنما فقط أرقام متسلسلة..صادرة عن دار شامة 2020
يعرف عن نفسه الكاتب: "أنا كاتب متفائل، أحب إشعال الشموع..كلما قتلوا شاعراً ورثتُ دمه، كلما قتلوا امرأة ورثتُ رحمها، كلما قتلوا طفلاً ورثتُ براءته وألعابه.."
من تلك العتبات التي "هسهس" بها، أوحى لنا بمدى مصافحته لهذا الموت المعمم؛ إشارة أكثر من ترميز لحالة القتل والموت المعمم، للمقتلة التي تدور من حوله (الدم السوري المتسلسل).
على لسانها شريكته في السرد (هند)، كان هناك بعض الغمز واللمز من الكتاب العرب، ومقارنة مع كتاب عالميين (فوكنر، استورياس، وتشيخوف). والنتيجة لصالح هؤلاء الكتاب العالميين.
الكتاب العرب: "تافهون..لديهم عقدة اضطهاد مزمنة..منافقون غير مهنيين ولا موهوبين.."
لم أستطع "دوزنة" مثل هذه الأحكام، شعرتُ أنها في المنطقة الادنى من السرد.
هناك شخصية الأب اليساري، الرافض في البد لزواج ابنته (هند / ميساء) من الجنرال، بعد عام يوافق، لا بل يدخل لعبة الفساد، يدمن على شرب الويسكي، كلما شرب أكثر، كلما عاوده الشعور بأنه "مخصي"، عاجز عن الفعل..ينتحر..
من الطبيعي أن تشهدَ شخصية الأب هذه التحولات.
لربما هناك تساؤل مشروع كيف لها أن تنتهي هذه النهاية؟
همسات أخيرة
بتصرف من رسالة هند الخاتمة: تخبره أنها هي من رسمت اللوحة التي تتحرك بها الفئران..ذهبت الى قبو داريا (المرسم)، كي تسترد لوحة رسمها جفان وهي عارية..وضعت اسم ميساء بديلا عنها؛ لتقول ما أعجز عن قوله.
عليكَ أن تنشر الرواية باسمك يا غسان..
شكراً يا غسان..التوقيع: هند / باريس / آذار 2019
تنتهي الرواية: غسان الجباعي 2019.



#نصار_يحيى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دردشات مع روايتين: نيغاتيف، روزا ياسين حسن/ خمس دقائق وحسب، ...
- قراءة على رواية الشرنقة/ حسيبة عبد الرحمن
- من الصعب / بدر زكريا
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ...
- رحلة تحت ضوء الغسق إلى قصر شمعايا/ رواية علي الكردي
- رواية الحي الشرقي / منصور منصور
- حوار المساء مع رواية القوقعة/ مصطفى خليفة
- قراءة لرواية وليمة لاعشاب البحر للروائي حيدر حيدر
- هي مديح الكراهية / خالد خليفة
- شذرات.. مع جورج طرابيشي
- منمنمات تاريخية للكاتب السوري سعد الله ونوس


المزيد.....




- نقيب الفنانين بمصر: واقعة وفاة الفنان تامر ضيائي قيد التحقيق ...
- خالد زهراو: ورش صناعة الصورة والأفلام تهدف لتطوير مهارات الش ...
- «ثبتها الان» استمتع الآن بمشاهدة الأفلام الحصرية تردد روتانا ...
- القصة الكاملة لوفاة الفنان تامر ضيائي بعد صفعة من فرد أمن.. ...
- من يوبا الأول إلى السلطان إسماعيل العلوي.. عاطفة الأمس تثري ...
- فيضانات تورنتو تُغرق منزل مغني الراب دريك
- أديل تخطط لـ-استراحة كبيرة- من الموسيقى: -خزانتي فارغة تمامً ...
- وفاة فنان مصري شهير بعد صراع مع المرض
- جامعة كوفنتري تمنح الفنان ضياء العزاوي الدكتوراه الفخرية 
- بعد مشادة عنيفة.. وفاة الممثل المصري تامر ضيائي في مستشفى لع ...


المزيد.....

- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصار يحيى - على أوتار الطوفان يعزف غسان الجباعي، أنشودة مدينة ثكلى، صدأت بها سنوات الخريف..