أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامح عسكر - عمر وياسمين..قصة قصيرة














المزيد.....

عمر وياسمين..قصة قصيرة


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 8017 - 2024 / 6 / 23 - 02:39
المحور: الادب والفن
    


في قلب غزة، وسط الدمار واليأس، عاش صبي صغير اسمه عمر، كانت عيناه البريئتان تحملان عمقًا يتناقض مع سنواته الرقيقة من فرط ما رآه من أهوال الحرب.

كانت حياة عمر مليئة بالفرح والضحك، كان يلعب مع أصدقائه في الشوارع النابضة بالحياة، ويداه الصغيرتان تمسكان بكرة قدم مهترئة، كان منزله ملاذاً مليئاً بدفء عائلته المحبة.

لكن كل ذلك تغير في إحدى الليالي المصيرية عندما بدأت الغارات الجوية الإسرائيلية، انفجرت السماء في هدير يصم الآذان، وتناثرت الشظايا والحطام على غزة، لقد انهار منزل عمر وتحول إلى غبار، ودفنت عائلته تحت الأنقاض، وفي لحظة تغير العالم في عيون الصبي..

عندما انقشع الغبار، خرج عمر من بين الحطام وجسده يرتجف، كان يبحث بشكل محموم عن أحبائه، لكن صرخاته قوبلت بالصمت، أصبحت الشوارع التي كانت مألوفة ذات يوم أرضًا قاحلة مقفرة، مليئة ببقايا المباني والحياة المحطمة.

عمر يتجول بلا هدف، وقلبه مثقل بالحزن، لقد عثر على أنقاض مدرسة كان قد قضى فيها ساعات لا تُحصى في التعلم واللعب، أما الآن فقد أصبح هيكلاً عظمياً متفحماً، شهادة على الدمار الذي حل بغزة.

وبينما كان واقفاً هناك، ضائعاً ووحيداً، وقعت نظرة عمر على دفتر صغير ممزق وسط الحطام، لقد كان دفتر صديقه كريم، المليء بخربشات الطفولة وأحلامها، لقد رحل كريم رفيقه المقرب، وسكتت ضحكته إلى الأبد.

التقط عمر الدفتر وقلب صفحاته، فاختلطت دموعه بالحبر الباهت، حيث أثارت كل صفحة ذكرياتهم ومغامراتهم المشتركة وأسرارهم الهامسة، لقد اجتاحته موجات من الحزن الذي لا يطاق عندما أدرك أن طفولته قد سُرقت إلى الأبد.

تحولت الأيام إلى ليال بينما كان عمر يتجول في شوارع غزة المدمرة، كان الجوع ينخر في بطنه، والبرد يخترق عظامه، لكن عذابه الأكبر يكمن في الوحدة التي أكلته، حيث كان يشتاق إلى دفء الأسرة، وضحك الأصدقاء، لكن كل ما بقي كان فراغًا.

في إحدى الأمسيات، بينما كان عمر يجلس بين أنقاض مسجد تعرض للقصف، سمع صوتًا خافتًا، رفع رأسه ورأى فتاة صغيرة هزيله تخرج من الظل، كانت عيناها مليئة بنفس الألم واليأس الذي كان يحمله بداخله.

ببطء اقترب عمر من الفتاة وقدم لها قطعة خبز، فترددت للحظة قبل أن تأخذها، وكانت عيناها مليئة بالامتنان والشكر، وبينما كانوا يجلسون معًا في صمت، شعر عمر ببصيص من الأمل وسط الظلام، فتشجع عن سؤالها عن اسمها، فقالت: أنا ياسمين..

لقد واجهوا معًا التحديات التي كانت تنتظرهم، لقد بحثوا عن الطعام والمأوى، وقدموا لبعضهم البعض العزاء والدعم، وفي خضم معاناتهم وجدوا رابطة غير قابلة للكسر، ألا وهي رابطة الحب والرحمة التي هي شهادة على مرونة الروح الإنسانية وقدرتها الإعجازية على التكيف مع كوارث الطبيعة..

ومع مرور الوقت، أصبح عمر وياسمين معروفين في جميع أنحاء غزة كرمزين للأمل والرحمة، وقاموا بتنظيم توزيع المواد الغذائية، وأنشأوا مدارس مؤقتة للأطفال ولمن هم في عُمرهم، قدموا الراحة لأولئك الذين فقدوا كل شيء، لقد جلب وجودهم شعاعاً من الضوء إلى الظلام، مذكّراً سكان غزة بأنه حتى في مواجهة الشدائد يمكن للإنسانية أن تنتصر.

ومع ذلك، وعلى الرغم من الجهود التي بذلوها، ظلت ندوب الحرب محفورة بعمق في قلب عمر وياسمين، كانا يتوقان إلى حياة خالية من العنف والخوف، حيث يستطيع الأطفال اللعب وتحقق الأحلام، كان عمر يعلم أن الطريق إلى السلام طويل وشاق، كان يعلم أن التخلص من نير الاحتلال وظلم الصهاينة صعب جدا ولكنه ليس مستحيلا، ومع استغراقه الشديد في مستقبله كان مصمماً على السير فيه أيا كانت النتيجة، من أجل عائلته وأصدقائه الذين سقطوا، ومن أجل الأجيال القادمة في غزة.



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا ينتشر التطرف عبر الإنترنت؟
- كيف تقرأ شخصية الكاتب من مقاله؟
- لماذا يخاف التكفيريون والمتشددون من مركز تكوين؟
- حول تأثير ووزل في علم الحديث
- الإخوان جماعة تتآكل ذاتيا
- مظاهرات الجامعات ضد إسرائيل..ومستقبل أمريكا
- جرائم إسرائيل بين الوصف والمعنى
- الحيلة المكشوفة ونذالة الشيخ..قصة قصيرة
- الخروج من النار..قصة قصيرة
- ويسألونك عن الصهيوني العربي
- خطر التيار الكيمتي على الأمن القومي المصري
- خطأ أوسلو..ورهان المقاومة..ومصالح أبو مازن
- مفهوم النصر والهزيمة في غزة..من المنتصر ومن المهزوم؟
- الاستشراق كضرورة معرفية للتنوير
- حول مشروع نتنياهو بالتغيير الثقافي في غزة
- خطاب حسن نصر الله والدور المتوقع لحزب الله في حرب غزة
- قراءة في الانتخابات الرئاسية المصرية
- معنى الحاجة للاحتفال بالمولد النبوي
- حقيقة سلطة المحتسب وجماعات المطاوعة..القرآن يرد عليهم
- العرّاف توفيق عكاشة بين الواقع والخرافة


المزيد.....




- بوتين يستضيف قمة في قازان لإظهار عدم عزلته المفروضة من الغرب ...
- محمد بن زايد يدون باللغة الروسية: الإمارات مهتمة بتعزيز العل ...
- لماذا ينبغي على الأطفال مشاهدة التلفاز مع الترجمة النصية؟
- طفل روسي يلقي التحية ويتحدث باللغة العربية مع الشيخ بن زايد ...
- روسيا تدخل اللغة العربية إلى امتحان الدولة الموحد
- السنوار.. أديباً ومؤلفاً ومترجماً وفناناً!
- “عيش مع الطبيعة” تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك نايل سات 2024 ...
- الفنانة ميرنا بامية تقدّم معرض -حامض- في باريس
- -قازان- من أقدم وأجمل المدن الروسية.. إليكم جولة على أهم معا ...
- الفيلسوف إيمانويل تود الذي يتنبأ بهزيمة الغرب كما تنبأ بسقوط ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامح عسكر - عمر وياسمين..قصة قصيرة