أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد كشكولي - حوار المؤلف والقارئ والنص في الأدب














المزيد.....

حوار المؤلف والقارئ والنص في الأدب


حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)


الحوار المتمدن-العدد: 7999 - 2024 / 6 / 5 - 16:17
المحور: الادب والفن
    


إنّ الأدب رحلة حوارية عميقة بين الكاتب والقارئ، تنطلق من كلمات الكاتب لتلامس شغاف قلب القارئ وتُشعل فتيل أفكاره.
يُصيب باحث ألماني كبد الحقيقة حينما يُشبّه القراءة بمسرحٍ يلتقي عليه الكاتب والقارئ. فالقارئ ليس مُتلقيًا سلبيًا للنص، بل هو شريك فاعل في إبداعه وإكماله. وإنّ ما يطرحه الكاتب في نصه هو بمثابة نصف الحكاية، والنصف الآخر ينتظر قارئًا يُفسّره ويُثريه بتجاربه الخاصة. من هنا ينبع ثراء القراءة وتنوعها، فكل قارئ يُجسّد النص بطريقته الخاصة، ويُغنيّه برؤيته الفريدة.
كما يُمكن للقارئ أن يتماهى مع أفكار الكاتب، أو يختلف معها، أو حتى يُبدع نصًا مضادًا يُعبّر فيه عن وجهة نظره.
كما قال أحدهم، كلّ كتاب هو بمثابة آلة تفكير تُحرّك عقل القارئ وتدفعه نحو آفاقٍ جديدة. فلا تقلّ أفكار القارئ التي تُثار خلال القراءة أهمية عن أفكار الكاتب. فهي تُمثّل ردود فعله على ما قرأه، وتُعبّر عن تجاربه و رؤيته للحياة.
في النهاية، إنّ حوار الكاتب والقارئ هو أساس المعرفة وتبادل الأفكار. فمن خلال هذا الحوار، نُثري عقولنا ونُوسّع آفاقنا ونُصبح أكثر فهمًا للعالم من حولنا. وإن القراءة رحلةٌ لا تنتهي، رحلةٌ مليئة بالحوارات والاكتشافات والتجارب الفريدة.
تُشكل القراءة رحلة تفاعلية بين الكاتب والقارئ، حيثُ يُقدم الكاتب نصه حاملًا أفكاره ورؤيته، بينما يشارك القارئ بتجاربه الخاصة وخلفيته الثقافية لفهم واستيعاب النص.
يُقدم الكاتب أفكاره ورؤيته من خلال النص، لكن يبقى نصف النص الآخر معلقًا بانتظار تفاعل القارئ. فمع كل قراءة، يُعيد القارئ بناء النص وتفسيره بطريقته الخاصة، مُتأثرًا بخبراته وخلفيته. وهذا ما يجعل من الأدب تجربة شخصية وفريدة لكل قارئ. ولا تقتصر القراءة على استيعاب أفكار الكاتب فحسب، بل هي أيضًا رحلة لاكتشاف الذات. فمع كل نص نقرأه، نُثير أفكارًا جديدة ونُوسع آفاقنا ونُعيد النظر في معتقداتنا. وقد تُلهمنا القراءة أيضًا لاتخاذ خطوات جديدة في حياتنا أو تغيير وجهة نظرنا تجاه العالم.
ولا تنتهي رحلة القراءة مع انتهاء الصفحة الأخيرة. فالنصوص الأدبية تبقى حية في ذاكرتنا وتُثير حوارًا داخليًا مستمرًا. وقد تدفعنا بعض النصوص للنقاش مع الآخرين حول أفكارها ومضامينها.
يُقدم الكاتب من خلال نصه بوصلة تُرشد القارئ في رحلة استكشاف الذات والعالم. فباستخدام خياله وإبداعه، يُمكن للكاتب أن يُنير لنا جوانب جديدة لم نكن لنُفكر بها بمفردنا.
لا يعني تفاعل القارئ مع النص أنه مُطالب بالموافقة على كل ما يطرحه الكاتب. بل على العكس، يجب على القارئ أن يُمارس التفكير النقدي وأن يُقيّم النص بمنظوره الخاص. فالنصوص الأدبية ليست حقائق مُطلقة، بل هي دعوة للحوار والنقاش.
وإنني أرى أن حوار الكاتب والقارئ هو جوهر التجربة الأدبية. فمن خلال هذا الحوار، يزداد النص ثراء ويُصبح ذا معنى شخصي لكل قارئ. وكلما زاد تفاعل القارئ مع النص، زاد إثراء التجربة الأدبية ككل.
إنّ هذه العلاقة التفاعلية بين الكاتب والقارئ هي ما يجعل الأدب تجربة ثرية ومتجددة، تتخطى حدود الكلمات المكتوبة لتشمل مشاركة القارئ وإسهامه الفاعل في إثراء النص وتفسيراته.
إن الأدب حوار قديم عن هذه الموضوعات الإنسانية الكبرى. فالنصوص الأدبية عبر العصور لم تكن مجرد سرديات أو قصص، بل كانت بمثابة تأملات عميقة في ماهية الوجود، وتجارب الحياة بمشاعرها المتنوعة، وتساؤلات حول الموت والغيب، وبحث عن المعنى الحقيقي للحياة.
تُجسّد تشبيه "خشبة المسرح" دور كل من المؤلف والقارئ بشكل رائع. فالمؤلف يقدم النص كسيناريو، بينما يلعب القارئ دور الممثل الذي يُحيي هذه الكلمات ويُضفي عليها تفسيراته الخاصة. فالنص المكتوب لا يكتمل إلا بتفاعل القارئ وهذا مفهوم جوهري لفهم طبيعة الأدب. فالنص المكتوب هو بمثابة بذرة تحمل في طيّاتها إمكانيات متعددة للتأويل والتفسير. وعندما يتفاعل القارئ مع هذه البذرة، ويُغنيها بتجاربه وخلفياته، تُزهر وتُثمر معاني جديدة لم تكن موجودة في النص المكتوب لوحده.
كل قارئ يعيش تجربة فريدة مع النص، ممّا يُثري حوار المؤلف مع العالم. فلكل قارئ خلفياته وثقافته وآماله ومخاوفه، ممّا ينعكس على فهمه للنص وتفاعله معه. وإن القراءة ليست مجرد استهلاك سريع للكلمات، بل هي رحلة عميقة لاكتشاف الذات وفهم العالم. ويمكن تشبيه الكتاب بماكينة تفكير إذ إن للكتب قدرة على تحفيز العقل وإثارة الأفكار الجديدة.
وإن النص الأدبي لا يُصبح ذا قيمة حقيقية إلا عندما يتفاعل معه القارئ ويُضفي عليه أفكاره وتجاربه.



#حميد_كشكولي (هاشتاغ)       Hamid_Kashkoli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في مذكرات ابنة ستالين- الجزء 2
- قراءة في مذكرات سفيتلانا ستالين- الجزء 1
- تأملات حول -الإسلاموفوبيا-
- التأثير الإيديولوجي على مواقف البلاشفة وماركس وانجلز من أدبا ...
- فيلم -جمعية الشعراء الموتى-: رحلة الشعر و الإبداع والتحرر
- الدين والشعراء والسلطان
- ماركس والنقد الديني
- -قلب الظلام- صراعات النفس البشرية في مواجهة الشرّ
- إعادة تشكيل الذات بين سارتر وماركس
- المديرون التنفيذيون في السويد نبلاء العصر البرجوازي
- بروين اعتصامي - ملكة الشعراء
- ماذا بقي من الاشتراكية الديمقراطية؟
- سمكة القمر
- -أنا- الإنسان: ثنائية معقدة
- رواية -المسخ- علامة فارقة في تاريخ الأدب العالمي
- علم الجمال الماركسي، ما تبقى منه، وتطوره
- النقد الأدبي الماركسي لم يزل منهجا تحليليا مهما، ولكن...
- تراجع الديمقراطية وحقوق الإنسان: تحديات عالمية
- كيف يمكن لحل الدولة الواحدة للإسرائيليين والفلسطينيين أن يشف ...
- تريد شي تعوف شي


المزيد.....




- مصر.. فنانة شهيرة تتقدم بشكوى ضد -مصبغة غسيل-
- تردد قناة الزعيم سينما 2024 نايل سات مشاهدة احدث افلام عيد ا ...
- جبل الزيتون.. يوميات ضابط تركي في المشرق العربي
- شوف ابنك هيدخل كلية إيه.. رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2024 ب ...
- LINK نتيجة الدبلومات الفنية 2024 الدور الأول بالاسم ورقم الج ...
- رسمي Link نتيجة الدبلومات الفنية 2024 برقم الجلوس والاسم عب ...
- مشاهدة مسلسل تل الرياح الحلقة 127 مترجمة فيديو لاروزا بجودة ...
- بتقنية الخداع البصري.. مصورة كينية تحتفي بالجمال والثقافة في ...
- ضحك من القلب على مغامرات الفأر والقط..تردد قناة توم وجيري ال ...
- حكاية الشتاء.. خريف عمر الروائي بول أوستر


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد كشكولي - حوار المؤلف والقارئ والنص في الأدب