أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الذي يكون والذي لا يكون














المزيد.....


الذي يكون والذي لا يكون


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7920 - 2024 / 3 / 18 - 14:23
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
العودة المحزنة لبلاد اليونان
٦٨ - صعوبة قراءة النصوص القديمة


موريس ساشو، باحث ومتخصص في اللغة اليونانية القديمة قام بدراسة متعمقة لقصيدة بارمينيدس نشرتها جامعة ستراسبورغ سنة ٢٠١٦، أثارت الكثير من النقاش في الأوساط المتخصصة في دراسة بارمينيدس، نظرا للأفكار الجديدة، والطريقة الغير معهودة لقراءة القصيدة والتي يحتويها هذا البحث. فمن المتعارف عليه كما ذكرنا سابقا، وجود العديد من الفقرات المتناقضة والأخرى غير المفهومة والتي لا يمكن إلغائها من النص نظرا للإتفاق والإجماع على صحتها منذ القدم، مثل الشذرة الثالثة المعروفة من جميع المترجمين بغموصها:
‏τὸ γὰρ αὐτὸ νοεῖν ἐστίν τε καὶ εἶναι
والتي تترجم عادة بأنه لشيءٌ واحد التفكير والكينونة. وإفلاطون هو أول من أدرك صعوبة هذا النص رغم قربه الزماني من بارمينيدس ولغته اليونانية ذلك الوقت، حيث كان يخشى، ليس فقط عدم فهم كلماته، ولكنه كان يخشى أن تكون الأفكار التي يفكر فيها أثناء نطقه بهذه الكلمات تكون أكثر عمقا مما تدل عليه هذه الكلمات. وموريس ساشو أراد أن يقرأ النص من هذه الزاوية، أي كيف ينطق بارمينيدس هذه الكلمات، لأن الكتابة في ذلك الوقت كانت تفتقر للأدوات العديدة المتوفرة حاليا لجعل الكلمات أكثر دقة في المكان الذي تحتله من الجملة، مثل الفواصل والنقاط والشرطة وأدوات الإستفهام والأقواس المتعددة، بإختصار كل ما يسمى بعلامات الترقيم وعلامات التشكيل، وأن القراءة الشفوية للنص تكون أكثر دقة نتيجة لإمكانية القاريء إستعمال النبرة الصوتية والتوقف والصمت .. إلخ، للتأكيد على الكلمات وفصلها عن بعضها البعض أثناء الحاجة. ونظرا لأننا لا نمتلك تسجيلا صوتيا لبارمينيدس وهو يقرأ قصيدته، فليس هناك سوى النص المكتوب، وعلينا إذا التمحيص والتدقيق في كل الكلمات بطريقة جديدة، وهو ما جعل موريس ساشو يركز على ما يسمى بالـ "الأوتونيم" وهي الكلمات التي ترجع إلى ذاتها والتي تدل على نفسها داخل الجملة.
ففي جملة "الكلب حيوان أليف"، على سبيل المثال، الكلب كلمة تدل وتشير إلى الكائن الحقيقي، الكلب الذي ينبح ويعض ويحرك ذيله. بينما في جملة " الكلب إسم مذكر"، كلمة كلب تشير إلى ذاتها ككلمة في داخل الجملة في عالم اللغة العربية.
‏τὸ γὰρ αὐτὸ νοεῖν ἐστίν τε καὶ εἶναι "إن التفكير والوجود هما نفس الشيء"
إن ترجمة هذه الجملة الوحيدة في الشذرة الثالثة من النص هي الترجمة القياسية التي تتفق مع الفكر اليوناني عموما، والتي أتفق عليها أغلب المترجمين، مما يجعل بارمينيدس كمؤسس للمثالية حيث يتساوى الفكر مع الموجودات أو الكائنات الحقيقية. المترجم الوحيد الذي أعترف بعجزه عن فهم هذه الجملة هو لامبروز كولوباريتسيس المتخصص في الدراسات المتعلقة بأرسطو والفلسفة اليونانية عموما واللاهوت المسيحي.
لو أن هذه الفقرة القصيرة هي كل ما تبقى من القصيدة فإنه لامفر من ترجمتها بالطريقة المتعارف عليها للترجمات، ولكن بدون أن يصبح بارمينيدس مأسسا للمثالية لأن هذا التفسير لا يدل على أي شكل من أشكال المثالية: إذا كان الفكر بالنسبة للفرد هو النشاط الذي يشكله بشكل أساسي والذي يجب أن يتحكم في كل ما يفعله، فمن الممكن أن نقول أن “التفكير و"الكينونة هو نفس الشيء." ومن ثم سيتم فهم "الكينونة" بمعنى الوجود، الموجود حقًا بالنسبة لإنسان .. التكافؤ ليس بين "التفكير" و"الكينونة" كما يعتقد الجميع، ولكن بين "أن نفكر ’يكون’"، و"أن يكون". والترجمة التي ينبغي أن تعطى إذن هي التالية: "نفس الشيء هو "التفكير في "الكينونة" و"الكينونة""، نظرا لأن الكينونة مفهوم مجرد وليست هذا الكائن أو ذاك، فالكينونة ليست كائنا كما أنها ليست مجموع الكائنات. يمكننا أن نفهم أن القارئ، لعدم وجود علامات التشكيل، لم يتم التنبيه على ما يمكن تسليط الضوء عليه. ويؤكد موريس ساشو في بحثه على حقيقة جديدة وهي أن بارمينيدس لم يكن يبحث عن بناء صرح أنطولوجي، وإنما كان فيزيائيا يبحث عن طريق للبحث العلمي يوصله إلى الحقيقة الفيزيائية التي لا يمكن التشكيك في مصداقيتها، أي بناء علم المعرفة أو الإيبيستيميلوجيا على قانون عام للحقيقة الفيزيائية وهو "يكون" و"لايكون" وذلك واضح كل الوضوح في الجزء الأول من القصيدة.
وها هي قائمة من الكلمات المكونة لفعل الكينونة والتي وجدها موريس ساشو تتكرر عشرات المرات في القصيدة بأوضاع مختلفة أحيانا بمعنى الفعل أو الإسم وأحيانا كـ "أوتونيم" أي تدل على ذاتها ككلمة يونانية. وهي كينونة، كون، كائن، يكون، لا يكون، لاكائن .. إلخ

- eimi, εἰμί, être
- einai, εἶναι (autonyme)« être »
- einai, εἶναι (non autonyme), être
- emménai, ἔμμéναι (autonyme), « être »
- emmén, ἔμμεν (non autonyme), être
- esti(n), ἔστι(ν) (autonyme), « “est” est »
- esti(n), ἔστι(ν) ou ἐστί(ν) est
- ouk esti(n), οὐκ ἔστι(ν) (autonyme), « n’est pas »
- ouk esti(n), οὐκ ἔστι(ν) (non autonyme), n’est pas
- eisi(n), εἰσι(ν), sont
- éasi, ἔασι, sont



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرصاصة ورقصة الغجرية
- أوليس وقوة الخداع
- أليس وأوليس
- عودة إلى ظاهرة الإرهاب
- الشعر وفلسفة التكوين
- الفكر والخيال واللغة
- المقص يأكله الصدأ
- تجار الحشيش وشيوخ النفط
- إنتحار الكلمات
- محمود درويش والحصار
- آخر أبطال الأوديسة
- طاعون الهزيمة
- مربعات الكآبة
- رحلة بارمينيدس
- الجرح الأنطولوجي
- فلسفة التكوين
- إشكالية نص بارمينيدس
- بقية الإحتمالات
- خطايا الآلهة
- في الطبيعة، النص المتبقي


المزيد.....




- -أرض العجائب الشتوية-.. قرية ساحرة مصنوعة من كعكة الزنجبيل س ...
- فيديو يظهر ضباط شرطة يجثون فوق فتاة ويضربونها في الشارع بأمر ...
- الخارجية اليمنية: نعتزم إعادة فتح سفارتنا في دمشق
- تصفية سائق هارب اقتحم مركزا تجاريا في تكساس (فيديو)
- مقتل 4 أشخاص بحادث تحطم مروحية تابعة لوزارة الصحة التركية جن ...
- -فيلت أم زونتاغ-: الاتحاد الأوروبي يخطط لتبنّي حزمة العقوبات ...
- مقتل عنصر أمن فلسطيني وإصابة اثنين آخرين بإطلاق للنار في جني ...
- بعد وصفه ضرباتها بـ-الوحشية-... إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب ...
- أكاديمي إسرائيلي: بلدنا متغطرس لا تضاهيه إلا أثينا القديمة
- كيف احتمى نازحون بجبل مرة في دارفور؟


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الذي يكون والذي لا يكون