السيسي: أنا ومن بعدي الطوفان

كاظم فنجان الحمامي

الحوار المتمدن-العدد: 7918 - 2024 / 3 / 16 - 04:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لم يكن ما قاله السيسي في خطابه الأخير زلة لسان، أو مجرد كلام عابر، أو هفوة خطابية غير مقصودة، فالرجل كان يتحدث بعمق وبكامل وعيه وإدراكه في الندوة التثقيفية لضباط الجيش. .
وحتى نتوخى الدقة في التحليل والتفسير لابد من استعراض ما جاء في كلمته من دون تحريف أو تزييف. وهذا نصها:
(أنا مش بكلم كل الناس كده، رغم أن فيه كتير مننا ما يخدوش بالهم، وبيبصوا على الكلام ده …. يعمل إيه… تصوروا لو أنا هكسب نتيجة اللى أنا بعملو، مش أنا.. مش أنا…. أنا راجل بشتغل يعني… بس من ضمن .. احتمالات اللي بعملو ده. ان البلد دي تتخرب. . الفلوس بره وأنا هسافر بعدها على طول، وما فيش مشكلة يعني). . هذا ما قاله حرفيا. وكأنه يقول للشعب المصري: أنا ومن بعدي الطوفان. تلك المقولة التي قالتها مدام دي بومبادور عشيقة ملك فرنسا لويس الخامس عشر في محاولة لرفع معنوياته المنهارة بعد خروجه مدحورا من معركة روسباخ، بدعوتها إلى عدم التفكير في العواقب الكارثية. .
يمنحنا السيسي من وقت إلى آخر نافذة على عقله الباطن، فيكشف لنا أسراره المكبوتة من خلال فلتات لسانه وسقطات كلامه، فهو مخبوء دائما تحت طي لسانه. يتحدث بمنتهى الوضوح وبمنتهى الصراحة، ويتنصل عن مسؤولياته التقصيرية بأعذار ومبررات يعبر فيها عن أنانيته واهتمامه بنفسه وأسرته، حتى لو جاع الشعب المصري كله، وذلك في ضوء نظريته الجديدة المعبرة عن الهلاك المعيشي: (الحاجة اللي تغلى ما تشتروهاش)، وهو اول زعيم في الكون جاء بهذه النظرية بعد الملكة الفرنسية ماري أنطوانيت، التي قدمت نصيحتها للجياع بصيغة مماثلة لكلامه: (إذا لم يجدوا الخبز، فليأكلوا البسكويت). .
فعلى يد السيسي تعرضت مصر للإفلاس من دون ان تخوض حرباً، وانحسرت مياه النيل بسببه، واصبحت سيناء ساحة مفتوحة لمن هب ودب من غير حرب، وضاعت الجزر من غير حرب، واصبح مضيق العقبة بحيرة اسرائيلية من غير حرب، واعلن عن بيع الشواطئ والسواحل من غير حرب. وانخفضت في زمنه ايرادات قناة السويس، وانهارت العملة المحلية من غير حرب. ومع ذلك ظل المنافقون يصفقون له حتى لو كان يشتمهم ويلعنهم وحتى لو كان ينعتهم بأبشع النعوت والأوصاف. وحتى لو قال لهم: (مصر مش دولة. مصر أي حاجة)، وحتى لو قال لهم انه هيخربها ويهجرها ويقلب عاليها سافلها. وحتى لو قال لهم: أنا ومن بعدي الطوفان. .

#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات