أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثامر عباس - من لا يقرأ بجد لا يحق له النقد !














المزيد.....

من لا يقرأ بجد لا يحق له النقد !


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7860 - 2024 / 1 / 18 - 10:21
المحور: الادب والفن
    


لو كان الذي يمارس فعل (النقد) يعلم جيدا"خطورة هذه الممارسة وفداحة عواقبها ، ليس فقط على من يكون موضعا"للنقد فحسب ، وإنما – بالدرجة الأولى – على فاعل النقد ذاته معرفيا"وأخلاقيا"كذلك ، ما كان لكل من هب ودب أن يشرع بانتهاج هذا الضرب من النشاط الذهني المجرد ، وما تجاسر على الخوض في غمار هذا المعترك المعرفي المركب . أي بمعنى ان (الناقد) الذي لا يمتلك مقومات هذه الفاعلية الفكرية ، ولا يحسن توظيف أدواتها المنهجية بجدارة ، ولا يراعي متطلبات التزاماتها الأخلاقية ، سيكون هو أول الضحايا الذين يفرطون بسمعتهم المناقبية ، ويفضحون هشاشتهم المعرفية ، ويخسرون وظيفتهم الاجتماعية .
ولعل من مساوئ (نقاد) المناسبات والمجاملات والاخوانيات في هذه الأيام ، الذين لم تبرح أعدادهم تتناسل وتتضاعف دون ضابط – كما في نبات الفطر - على حساب العمق المعرفي والغنى المنهجي والثراء اللغوي ، هي ان ممارستهم لعملية (النقد) عادة ما تستوحي سرديتها من خزين (الانطباعات) الشخصية التي كونها فاعل النقد ومنتجه ، عبر سيرورة علاقاته الشكلية وتصوراته السطحية وتواضعاته التقليدية ، وليس بالاحتكام الى (فيصل) الواقع المعيش المشحون بالتناقضات والتفاعلات والصراعات ، والذي هو – أصلا"- من هيأ للكاتب - (منتج النص) - فرصة الالتحام بمكوناته والاصطدام بمعطياته والاندغام بتفاعلاته ، حيث يستنبط الأفكار ويستخلص الآراء ويبلور الاستنتاجات ، وبالتالي يثر شجون – وفي بعض الأحيان جنون – النقاد ويستدر ملاحظاتهم واعتراضاتهم .
ورغم كل الدراسات الأكاديمية وغير الأكاديمية التي أكد أصحابها على حقيقة أن عملية (النقد) لا تكون ذات جدوى أو نفع إلاّ في حالة واحدة وهي ؛ وضع (عازل / فاصل) معرفي بين ما يمور به النص من معان ودلالات ظاهرة أو مضمرة من جهة ، وبين ما تجيش به سيكولوجية (الناقد) من (خواطر) و(مشاعر) و(انفعالات) من جهة أخرى . بحيث يفترض أن يبقى الأول (النص) بمنأى عن تدخلات ميول الثاني (الناقد) ، مثلما ينبغي على هذا الأخير اجتناب التلاعب بمضامين ما يقرأ استنادا"لقناعاته واستجابة لاعتقاداته ، وبالتالي فرض ما يرغب أو يشتهي من رؤى وتصورات غالبا"ما تكون (مجاملة) أو (متحاملة) . ذلك لان أي إخلال أو تجاهل لهذه القاعدة – المعيار قمين بإبطال وإفشال عملية النقد برمتها .
ولما كان الإنسان بطبيعة تكوينه البيولوجي والسيكولوجي أكثر ميلا"لترجيح مرجعياته الأصولية ، وأشدّ تعلقا" بمسلماته الذهنية ، وأسرع استجابة لإيحاء تمثلاته المخيالية ، فان من الصعوبة بمكان تصور انه بات بمنجى عن تأثيرات تلك المرجعيات والمسلمات والإيحاءات ، لمجرد انخراطه بممارسة أنشطة تتعلق بموضوعة (النقد) . ولذلك يحسن بهذا الفاعل (النقدي) - إذا رغب أن يكون على قدر من الموضوعية المعرفية والتجرد الأخلاقي حقا"وفعلا"- أن يكون على مستوى عال من الحيطة والحذر إزاء إغراءات الدوافع الذاتية والنوازع الفئوية المطمورة تحت وهاد بنيته السيكولوجية ، والتي من شأنها حمله على خلط الذاتي بالموضوعي والشخصي بالاجتماعي والأناني بالإنساني والواقعي بالخيالي .
ولكي نكون أقرب الى الإنصاف منه الى الإجحاف ، فان الواجب يقتضي ألاّ نحمل (النقاد) وحدهم كل الأوزار والأرزاء التي يمكن لنا كيلها لهم ، وإنما ينبغي – بالمقابل - أن نوجّه أصابع الاتهام والإدانة أيضا"لأولئك (الكتّاب) الذين لا يطربون فقط لألحان عبارات (المديح) و(التسبيح) التي يغدقها (النقاد) على أعمالهم فحسب ، وإنما – وهنا أدعى للسخرية - (يتواطئون) ضمنيا"مع نقادهم المزعومين ، عبر استعذابهم لغة (الثناء) واستلطافهم عبارات (التقريظ) التي تسبغ عليهم حقا"أو باطلا". وهو الأمر الذي يعمي بصيرتهم ويشوه إدراكهم ويسطح وعيهم ، بحيث لم يعودوا يطيقون أي تلميح أو تصريح من هذا الناقد أو ذاك ، ينم عن قراءة (نقدية) لسردياتهم من شانها أن تصدّع صورتهم لدى قرائهم ، وتثلم مكانتهم بين أقرانهم ، وتقلل اعتبارهم في مجتمعهم .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقدة الهاجس الأمني لدى الشخصية العراقية
- التباس وعي (النخبة) العراقية بين خوانق التاريخ وشرانق المجتم ...
- دلالات مفهوم الانقراض بين الثقافة والمثقف
- نرجسية أنا (الأوحد) لدى المثقف العراقي !
- عرض موجز لكتاب ( أثريات الانتلجنسيا : الموروث التقليدي لدى ا ...
- أسباب انتكاسة التيار (المدني) في الانتخابات المحلية
- العرب وسيكولوجيا الأزمات !
- الفساد الأكاديمي ومأسسة الجهل المعرفي !
- الجامعات الأهلية وانحطاط المستوى العلمي
- هل نجحت (البوتقة) العراقية في صهر مكوناتها ؟
- معوقات تعافي المجتمع العراقي
- القبيلة والقبلية .. في التخادم البنيوي والمؤسسي
- تفتيت الذاكرة العراقية .. من وعي الذات الى غربتها !
- الحسّ المشترك .. ادراك ما قبل الوعي
- الديموقراطية وشرط الوعي السياسي
- الانثروبولوجيا والخاصية الفسيفسائية للمجتمع العراقي
- خطاب المثقف واستقطاب المجتمع
- انتعاش السرد التاريخي في المجتمعات المتصدعة : دليل أزمة أم م ...
- مصائر بلاد الرافدين : ماذا لو جفّت أنهار العراق ؟!
- الاستحالة الحضارية : من الكنية الى الكينونة


المزيد.....




- رحيل الممثلة البريطانية ماغي سميث عن 89 عاماً
- طارق فهمي: كلمة نتنياهو أمام الأمم المتحدة مليئة بالروايات ا ...
- وفاة الممثلة البريطانية الشهيرة ماغي سميث
- تعزيز المهارات الفكرية والإبداعية .. تردد قناة CN العربية 20 ...
- بسبب ريال مدريد.. أتلتيكو يحرم مطربة مكسيكية من الغناء في ال ...
- إصابة نجمة شهيرة بجلطة دماغية خلال حفل مباشر لها (فيديو)
- فيلم -لا تتحدث بِشر- الوصفة السحرية لإعادة إنتاج فيلم ناجح
- قناة RT Arabic تُنهي تصوير الحلقات القصيرة ضمن برنامج -لماذا ...
- مسلسل حب بلا حدود 35 مترجمة الموسم الثاني قصة عشق 
- نضال القاسم: الأيام سجال بين الأنواع الأدبية والشعر الأردني ...


المزيد.....

- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثامر عباس - من لا يقرأ بجد لا يحق له النقد !