أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الخليج والموت والمرأة في رواية -الطريق إلى بلحارث- جمال ناجي














المزيد.....

الخليج والموت والمرأة في رواية -الطريق إلى بلحارث- جمال ناجي


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 7810 - 2023 / 11 / 29 - 21:30
المحور: الادب والفن
    


الخليج والموت والمرأة في رواية
"الطريق إلى بلحارث"
جمال ناجي
هناك العديد من الروايات العربية تناولت السفر إلى الخليج العربي للعمل، لكن الموت كان يترصد بالمسافر، أعتقد أن رواية "رجال في الشمس" لغسان كنفاني تعد حد أهم الشواهد على هذا الأمر، جمال ناجي في روايته "الطريق إلى بلحارث" يؤكد هذا الأمر، فهناك موت الطفل "فجر" الذي يموت بعد أن يولد على الطريق إلى بلحارث، وهناك موت "منصور" الذي يصاب بالحمى ولا يفلح الممرض الباكستاني في إعطاءه ما يلزم فيموت قبل أن يحصل على "ظفرة" التي كان يشهيها.
"عماد" يروي أحداث الرواية من ألفها إلى يائها باستثناء أربع صفحات جاءت على لسان "نادية" من خلال رسالة بعثتها لحبيبيها "عماد"، وهذا ما جعلت الرواية تأتي من خلال صيغة أنا الراوي.
دوافع السفر إلى الخليج
دائما الدافع الاقتصادي هو الأهم لكل من يذهب للعمل في الخليج، وهذا ما أكده "علي" الذي مات ابنه "فجر" بعد أن وصل بلحارث: "ـ كما تعلم كنت هنا منذ خمس سنوات في عطلة السنة الأولى عدت إلى عمان، وحاولت شراء قطعة أرض، كي أبني عليها بيتا، لكنني وجدت بأن المبلغ الذي جمعته هنا، لا يكفي سوى لشراء أمتار معدودة، قلت في السنة القادمة سيتضاعف المبلغ، ووجدت أخيرا بأنني أركض وراء سراب لن أمسك به" ص84، هنا إشارة إلى الدافع الاقتصادي، وأيضا إلى وهم الوصول إلى الكتفاء الذاتي وتحقيق أسس الحياة العادية/السوية.
ونجد دوافع "عماد" لا تختلف عن دوافع "علي" فهو يريد أن يخلص أمه من فقرها، ويريد تأمين مهر "لنادية" التي يحبها: "هكذا! دفعة واحدة! عربون وستشتري والدتي ثلاثة أثواب بيضاء تطرزها عند أفضل خياطة، وسترمي تلك الأثواب الحاسرة المنكبة التي مللت من رؤيتها على جسدها...لماذا لا أشتري سيارة؟ فالسيارات هنا رخيصة جدا، لكن.. نادية، إذا اشتريت سيارة، فلن أتمكن من خطبتها في الصيف القادم" ص30، إذن، السفر ليس حبا بالخليج، لأنه يبعد المسافر عن أهله، عن أحبته، عن وطنه، كما أن ظروف الحياة صعبة، لما فيها من اختلاف في البيئة الاجتماعية.
الوطن والغربة
الحنين للوطن يبقى مؤثرا في المسافر، وهذا يشير إلى عدم الانسجام المسافر في الخليج "عماد" يقدم صورة عن الغربة بقوله: " القنفذة، مدرسون فرباء، بسراويل متسخة، وقمصان مفتوحة عن صدورهم، وجوههم متعبة، هنا لا وقت لتصفيف الشعر، فالمسافة شاسعة بيننا وبين فتيات عمان، اليوم الثالث على فراق نادية والوجد يشعل النار في صدري، تتسع المسافة بيننا، وتغيب عمان، لماذا أتركك يا عمان؟" ص38، هذه المشاعر كافية لتأكيد حالة عدم الانسجام مع بيئة الخليج.
الموت
هناك حالتين من الموت، موت المولد الجديد "فجر" وموت "منصور" وقد أحدث موت الأول هزة في "علي" حتى انه استعادة وعيه وعرف أن الخليج ما هو إلا سراب، والبقاء فيه يعني الضياع: "ـ تتحدث وكأنك ولدت من جديد؟
ـ الواقع أن موت فجر هو الذي بعثني من القبر،
في صباح اليوم التالي، دخل علي من باب المدرسة رأسا إلى المدير، وسلمه كتاب الاستقالة من التدريس" ص 85، رغم أن هناك موت، إلا أنه جاء كباعث للحياة، الحياة في الوطن وليس في وهم.
أما موت "منصور" فقد دفع "عماد" ليعود إلى "عمان" تاركا الخليج لأنه يمثل الموت والحرمان، الحرمان حتى من ممارسة الحيا العادية، فكان يمكن "لمنصور" أن يتزوج ويجد من هي أشهى من "ظفرة"، وكان يمكن له أن يجد من يعالجه من الحمى التي أصابته، وأن لا يفنى بسبب عدم وجود طبيب في "بلحارث": "ماتت في جسده تلك الرغبة الجارفة الزاحفة إلى كل أعضائه وأحلامه وهواجسه، لو تعلمي يا طفرة، لماذا يخبئ السكون في جثة هذا الغريب، لكنه مات، منصور مات، وتلك الأمنية الخارقة، خبت في جسده" ص107، اللافت في هذا المشهد أنه يقدم الخليج على أنه مكان للموت، موت كل ما هو إنساني، موت للحب، للرغبة، للشهوة، حتى أنه انعكس على "عماد": "ماذا سأقول لنادية حينما أعود لها بجثتك؟ هل سأستطيع مواجهتها؟" ص110، من هنا يمكننا فهم قصيدة السياب غريب في الخليج.
نادية
ضمن هذه الأجواء القاسية كان لا بد ن وجود مخفف/مهدئ لقسوة الأحداث، فكانت "نادية" تلك الوردة التي نُشر جمالها على فصول الرواية، فكان الحديث عنها هو الأجمل، السارد "عماد" لم يترك حدثا إلا وجعل "نادية" حضرة من خلال تذكرها، حتى أنه ذكرها في اكثر من عشرين صفحة: " ـ يا ولد يا قهوجي، اتجهت إليه رأسا، فسمعت صوتا مألوفا، أدرت وجهي ناحيته الصوت، فقفزت صورة نادية إلى مخيلتي على الفور، أنه منصور شقيقها منصور، لم أصدق، ..كان وجهه أكثر حرارة من لهيب الصحراء، ضممته إلى صدري بقوة، تشبثت به، كما لو أن نادية بين يدي، ..رأيت فيه نادية، فأصابتني السعادة" ص15، بهذا المشهد يؤكد "عماد" الأثر الجميل الذي تتركه "نادية" ليس عليه فحسب بل على المتلقي أيضا الذي يفرح لفرح "عماد" الذي تجاهل لهيب الصحراء وقسوة السفر عندما التقى بشقيق حبيبته "نادية"
"ظفرة"
كما أن حديث "منصور" عن "ظفرة" التي وجد فيها الأنثى التي يريدها ساعد على تخفيف شيئا من قسوة الخليج: "وظفرة، تضرب عرض الحائط بكل تقاليد القنفذة، ظفرة دائمة الفرح، تقاطع وجهها عن فرح مثبت كالوشم" ص32، وهذا يؤكد أن حضور المرأة دائما له لمسة ناعمة في الأدب حتى لو كانت قليلة الجمال، وسوداء، ومطلقة، كحال "ظفرة"، فهي المهدئ لواقع القاسي.
الرواية من منشورات رابطة الكتاب الأردنيين، عمان، الطبعة الثانية 1983.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلاقة بين الكاتبة والساردة في رواية -إلى أن يزهر الصبار- ر ...
- السرعة وتساع الزمن والجغرافيا في -أي صديقي- جميل طرايرة
- فلسطين، دور العقل والخلق في معركة التحرير- وصفي التل
- الغضب في -إلى أصحاب النذالة- جميل حمادة
- التجريب الشعري في كتاب -سرّ الجملة الاسمية-
- الجغرافيا والسياسية والمنطقة العربية
- الواقعية والحرب في رواية -آه يا بيروت- رشاد أبو شاور
- الإيحاء والواقع في قصيدة -رسالة إلى يشجب بن يعرب- محمد سلام ...
- الانكسار الرسمي العربي في ديوان -الخروج من الحمراء- المتوكل ...
- الانكسار الرسمي العربي في ديوان -الخروج إلى الحمراء- المتوكل ...
- الرمزية في رواية -الهمج- عبد الرحيم عباد
- تأثر الكاتب -في داخلي- الحسن اوموج-
- شارون والمجازر الصهيونية في كتاب -قلب الحمار- عبد الرحيم الش ...
- الحرب في رواية -أحزان حزيران- سليمان فياض
- استنهاض المتلقي في قصيدة -وستنتهي مثلما اتفق- عبد الله عيسى
- الحركة في ومضة -في كل صباح- سمير البرقاوي
- أثر الألم في ومضة -سنجمع أشلاءهم- سميح محسن
- حكمة التمرد في قصيدة -الغيوم المثقلة- محمد داود
- رواية الشمس تولد من الجبل محمد البيروتي وموسى الشيخ
- كلمة الحق يجب أن تقال


المزيد.....




- علاء مبارك يهاجم ممارسات فنانين مصريين
- وزير الثقافة التركي: يجب تحويل غوبكلي تبه الأثرية إلى علامة ...
- فيلم -استنساخ-.. غياب المنطق والهلع من الذكاء الاصطناعي
- بردية إدوين سميث.. الجراحة بعين العقل في مصر القديمة
- اليمن يسترد قطعة أثرية عمرها أكثر من ألفي عام
- -قره غوز.. الخروج من الظل-.. افتتاح معرض دمى المسرح التركي ف ...
- لقطات -مؤلمة- من داخل منزل جين هاكمان وزوجته وتفاصيل مثيرة ح ...
- من السعودية إلى غزة.. قصة ’فنانة غزية’ تروي معاناة شعبها بري ...
- سفير روسيا في واشنطن: الثقافة يجب أن تصبح جسرا بين الدول
- شطب سلاف فواخرجي من نقابة الفنانين السوريين -لإنكارها الجرائ ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الخليج والموت والمرأة في رواية -الطريق إلى بلحارث- جمال ناجي